شهدت الدول العربية في العقد الماضي فجوات كبيرة ومستمرة بين الجنسين على صعيد المشاركة في الحياة الاقتصادية، بحيث لم يصل معدل مشاركة المرأة العربية في القوى العاملة 18.4 في المائة، وهو المعدل الأدنى في العالم مقارنة بالمتوسط العالمي الذي يبلغ 48 في المائة[1]. ومن دون شك فإن هناك أسباب تقف وراء ضعف مشاركة المرأة في الحياة الاقتصادية وعدم تواجدها في سوق الشغل، كالأعراف والقوالب النمطية، والتحرش في مكان العمل، وتدني الأجور، والافتقار إلى مرافق رعاية الأطفال، والقيود القانونية المفروضة على حقوق العمال.
وبالنظر إلى الأدوار
الطلائعية التي باتت تلعبها المرأة على مختلف المستويات والأصعدة، فإن الإقرار
بحقوقها الأساسية والنهوض بأوضاعها الاقتصادية، أصبحا يشكلان انشغالا حقيقيالمختلف
الدول والحكومات، إذ تشير مختلف الدراسات إلى أن المساواة بين الجنسين يسهم بشكل
كبيرفي النهوض باقتصادات المجتمعات ويعزز فرص التنمية المستدامة، مما يضمن حياة
أفضل للنساء والرجال والمجتمع على السواء.
ومن هذا المنطلق، بات اهتمام المجتمع
الدولي بالأجراء من كلا الجنسين في تزايد مستمر، إيمانا منه بالأدوار البالغة
الأهمية التي تلعبها هذه الفئة في حفز التنمية الاقتصادية والاجتماعية، وهو ما
أسفر عن ميلاد مجموعة من الاتفاقيات الأممية الرامية إلى
حماية حقوق الأجراء سواء من حيث شروط ممارسة العمل وظروفه، أو من حيث حفظ الصحة
والسلامة والمساواة في العمل بين الجنسين دون أي شكل من أشكال التمييز.
وبما أن
المساواة بين الأجراء من ذوي الجنسين تعد إحدى الركائز الأساسية الداعمة لكل تطور
تنشده البشرية في مختلف المجالات،
فإن مختلف الدول تسعى في
الوقت الراهن إلى التصدي للتحديات التي تواجه المرأة في عالم الشغل، وتعمل على
توفير كافة الشروط القانونية التي تكفل حمايتها ومساواتها بأخيها الرجل، عبر تبني سياسات اجتماعية واقتصادية تعزز المساواة بين الجنسين
وتضمن تكافؤ الفرص في مكان العمل.
والمشرع
المغربي لم يشذ عن هذه القاعدة، إذ سعى كغيره من البلدان إلى تحقيق المساواة بين الجنسين ومحاربة التمييز في المجالات
الاجتماعية والاقتصادية، واعتمد بالتالي آليات قانونية منصفة ترنو صون كرامة
المرأة ومنع استغلالها في العمل. وهو ما تجسد فعلا من خلال مصادقته على مجموعة من الاتفاقيات الدولية التي تزكي
توجهه نحو التكافؤ والإنصاف وعدم التمييز في العمل، وكذلك من
خلال المقتضيات القانونية المقررة في مدونة الشغل والتي أكد عليها دستور
المملكة لسنة 2011، والتي تروم التأكيد على تمتع النساء والرجال بنفس الفرص والحقوق
والواجبات في جميع نواحي الحياة، والموازنة بين الحياة العملية والحياة الأسرية.
وبالاطلاع
على الدستور الحالي للمغرب نجده نص على غرار الدساتير
السابقة على ضمان حق الشغل لجميع المواطنات والمواطنين بدون تمييز بينهم بسبب
الجنس أو غيره، وهو ما تم التأكيد عليه في مدونة الشغل والتي نصت صراحة في مادتها
التاسعة على أنه: "يمنع كل تمييز بين الأجراء من حيث السلالة أو اللون
أو الجنس أو الحالة الزوجية والذي يكون من شأنه الإخلال بمبدأ تكافؤ الفرص في مجال
التشغيل".
وعلى الرغم من
الإصلاحات القانونية والمؤسساتية التي باشرها المغرب في العقد الأخير من الزمن،
فإن الإحصائيات تؤكد أن المرأة لا
زالت تعاني الغبن في مكان العمل،وأن نسبة اشتغالها تبقى أقل من الرجل، بحيث تُغيب المرأة في بعض القطاعات المهمة ويتمركز عملها غالبا في بعض الأنشطة التي ليست لها قيمة كبيرة في سوق
الشغل، وهو ما يجعلها ضحية للتمييز على مستوى الأجور؛ إذ يقل في الغالب أجر المرأة عن نظيرها
من الرجال ممن يؤدون نفس العمل. وهناك عقبات كثيرة تقف عائقا أمام المساواة بين
الجنسين، على الرغم من تجريم التميز بمقتضى نصوص قانونية صريحة[2].
وتهدف هذه الورقة العلمية
إلى تحليل مفهوم عدم التمييز وتعزيز المساواة بين الجنسين في مكان العمل، قصد تحقيق التمكين الاقتصادي للمرأة العاملة. مع الوقوف على العقبات التي تعيق مشاركة المرأة
في سوق الشغل، وإعطاء بعض الحلول التي تعزز المشاركة الاقتصادية للنساء، من قبيل زيادة الوعي إزاء المساواة في الأجور بين الجنسين في القطاعين
العام والخاص، ومراجعة التشريعات القائمة، وبناء وتعزيز قدرة مؤسسات القطاع الخاص
على فهم وتوفير حلول تزيد الفرص الاقتصادية للمرأة، وزيادة ونشر الوعي بشأن
العوائق الهيكلية التي تحد من فرص دخول المرأة إلى سوق العمل.
ويحظى
موضوع المساواة في العمل بين الجنسين بأهمية بالغة على المستوى النظري، وبشكل خاص
على المستوى العملي؛ فعلى المستوى النظري تكمن أهميته في كون أن تبني المشرع
المغربي لمقتضيات الاتفاقيات الدولية الرامية إلى حماية المرأة العاملة وإدراجها
في القانون الداخلي، من شأنه أن يعزز الترسانة القانونية المغربية في المجال
الاجتماعي، ويؤسس لتبني مبدأ المساواة بين المرأة والرجل في ميدان الشغل باعتباره
من مفاتيح التنمية. وعلى المستوى العملي تكمن أهمية الموضوع في كون أن تفعيل
المقتضيات الرامية إلى تعزيز المساواة بين الجنسين في ميدان العمل، من شأنه أن
يقوي المشاركة الاقتصادية للمرأة ويزكي مساهمتها في التنمية، مما يعود بالنفع على
الاقتصاد الوطني برمته.
في ضوء ما
سبق يطرح
الموضوع إشكالية مركزية، بالإضافة إلى مجموعة من التساؤلات الفرعية، وتتحدد
الإشكالية الرئيسية فيما يلي:
إلى أي حد استطاع المشرع المغربي حظر التمييز في
العمل بين الجنسين، وتعزيز المساواة الاقتصادية بين النساء والرجال،وضمان
فعاليتهما على أرض الواقع؟ ولتعزيز الإشكالية المركزية، نطرح
التساؤلات الفرعية التالية:
ما هي
المعايير الدولية المعتمدة لتعزيز المساواة ومكافحة التمييز في العمل بين الجنسين؟
وما مدىتوافق التشريعات المغربية مع هذه المعايير الدولية؟وما هي أشكال التميز
التي تعاني منها المرأة في مجال العمل؟ وهل تجد كل المقتضيات التي رسمها مشرع
العمل المغربي طريقها إلى التطبيق داخل المقاولة المغربية وتتمتع بها المرأة بشكل
فعلي؟ وحتى تتحقق الغاية العلمية من البحث، فإننا سننطلق في معالجته معتمدين عل
المنهج التحليلي النقدي، من خلال فرضية أساسية، تتمثل في كون أن انخفاض نسبة
المشاركة الاقتصادية للمرأة جراء عدم مساواتها بأخيها الرجل يؤثر على التنمية برمتها.
وفي
سبيل الإجابة عن الإشكالية المركزة والتساؤلات الفرعية التي يطرحها الموضوع فإننا سنعمل على مقاربته من خلال مبحثين
رئيسيين، نخصص المبحث الأول للحديث عن حظر التمييزفي
الاتفاقيات والمواثيق الدولية وأثره على القانون الداخلي، على أن نخصص المبحث
الثاني للحديث عن بعض تجليات قصور الحماية المخولة
للمرأة العاملة في القانون الداخلي.
المبحث الأول: حظر التمييز في الاتفاقيات والمواثيق
الدولية وأثره على القانون الداخلي
لقد حظيت علاقات الشغل بشكل عام وعمل المرأة على وجه
الخصوص بتنظيم واف من قبل المجتمع الدولي، إذ تم إصدار العديد من الاتفاقيات
والمواثيق الدولية الرامية أساسا إلى بلورة معايير دولية تصون كرامة المرأة
العاملة وتنهض بأوضاعها المهنية، وتجعل من مساواتها بأخيها الرجل وعدم التمييز
بينهما من صميم حقوق الإنسان والعدالة الاجتماعية (مطلب أول)، وقد عملت مختلف
التشريعات الداخلية للدول ومن بينها المغرب، على ملائمة قوانينها مع مقتضيات
الاتفاقيات والمواثيق الدولية الرامية إلى ضمان المساواة بين الرجل والمرأة في
ميدان العمل (مطلب ثان).
المطلب الأول: حقوق المرأة العاملة في القانون الدولي
شكلت المواثيق الدولية الصادرة عن منظمة الأمم المتحدة
(فقرة أولى)، والاتفاقيات الصادرة عن منظمة العمل الدولية (فقرة ثانية)، الحجر
الأساس واللبنة الأولى في الاعتراف بالحقوق الأساسية والمساواة بين الجنسين وإلغاء
جميع أشكال وصنوف التمييز ضد المرأة العاملة.
الفقرة الأولى: الشرعة الدولية لحقوق الإنسان
يعتبر مبدأ المساواة واحدا من أهم
الأركان التي تقوم عليها حقوق الإنسان بشكل عام، فهو الذي يضمن لجميع المواطنات والمواطنين نفس الحقوق
والواجبات أمام القانون، بحيث يتمتع الجميع بهذه الحقوق على قدم المساواة دونما
تمييز على أساس العرق أو الجنس أو العمر أو اللون أو الرأي السياسي أو اللغة أو
الدين، كما يعد هذا المبدأ من صميم العدالة الاجتماعية؛ فهو أساس الديمقراطية
وأساس دولة القانون، وهو شرط لا غنى عنه للاعتراف بالحقوق الأساسية الأخرى، وهو
بمثابة مؤشر أساسي لتقييم احترامها الفعلي[3].
وفي ذات الاتجاه، أكد ميثاق الأمم المتحدة سنة 1945 على
ضرورة احترام حقوق الإنسان والحريات الأساسية على أساس عالمي لجميع الرجال والنساء
على قدم المساواة، ولم تكتف الأمم المتحدة بما اشتمل عليه هذا الميثاق من المبادئ
والحقوق الأساسية المكفولة للجميع دون أي شكل من أشكال التمييز، بل عمدت إلى إصدار
مجموعة من الاتفاقيات الدولية التي ترمي إلى حماية حقوق الإنسان وحرياته الأساسية[4]، وتأتي
في مقدمة هذه النصوص ما يعرف بالشرعة الدولية لحقوق الإنسان، والتي تشمل الإعلان
العالمي لحقوق الإنسان لسنة 1948، والعهدين الدوليين الخاصين بالحقوق المدنية
والسياسية، والحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية لسنة 1966.
وقد شكل صدور الإعلان العالمي لحقوق الإنسان،
النواة الرئيسية لحظر التمييز وضمان المساواة في العمل، إذ نص في المادة 23،على أن
لكل شخص الحق في العمل، وله حرية اختياره بشروط عادلة، وكذلك لكل فرد دون أي تمييز الحق في أجرمتساو للعمل.
وهو ما أكده العهد الدولي الخاص بالحقوق
الاقتصادية والاجتماعية والثقافية، حيث نص في المادة 6 على أن الدول الأطراف تقر
بالحق في العمل الذي يتضمن حق كل فرد في أن تكون أمامه فرصة كسب معيشية عن طريق
العمل الذي يختاره أو يقبله بحرية، وتتخذ هذه الدول الخطوة المناسبة لهذا الحق.
وما ينبغي
التأكيد عليه، هو أن
الأنشطة التجارية تُخلف مجموعة واسعة من الآثار السلبية على حقوق الإنسان، ويمكن
أن تشمل الآثار التجارية الإيجابية على هذه الحقوق، التوظيف وتعزيز المهارات،
والمساهمة في التنمية الاقتصادية على المستويين المحلي والوطني؛ فعلى سبيل المثال
عندما تشغل المقاولة النساء[5]فإنها
تساهم في ضمان المساواة، وعندما تقوم بدفع الضرائب فإنها تساهم في الإيرادات
الحكومية، ويمكنها بالتالي دعم تحقيق أهداف التنمية الوطنية.
وتجدر الإشارة، إلى أن
الأطر القانونية المتعلقة بالقانون الدولي لحقوق الإنسان والتي تضم بيئة الأعمال[6]،
تشمل بالإضافة إلى الإعلان العالمي لحقوق الإنسان، الاتفاقية الدولية للقضاء على
جميع أشكال التمييز العنصري لسنة 1965، العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية
والسياسية لسنة 1966، العهد الدولي الخاص بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية
والثقافية لسنة 1966، اتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة لسنة 1979،
اتفاقية مناهضة التعذيب وغيره من ضروب المعاملة أو العقوبة القاسية أو اللاإنسانية
أو المهينة لسنة 1984، اتفاقية حقوق الطفل لسنة 1989، الاتفاقية الدولية لحماية
حقوق جميع العمال المهاجرين وأفراد أسرهم لسنة 1990، الاتفاقية الدولية لحماية
جميع الأشخاص من الاختفاء القسري لسنة 2006، اتفاقية حقوق الأشخاص ذوي الإعاقة
لسنة 2006.
ولقد حظيت الحقوق المدنية والسياسية باهتمام
كبير من طرف الكتاب والمفكرين،باعتبارها محورقضايا حقوق الإنسان[7]، في حين تعرضت الحقوق الاقتصادية
والاجتماعية والثقافية للتهميش على مدى حقبة طويلة من القرن العشرين، وقد بدأ
التركيز يتحول في السنوات الأخيرة إلى الاهتمام بالحقوق الاقتصادية و الاجتماعية[8]،
باعتبارها حقوقا ًأساسية ومحورية لنتستقيم دونها ممارسة الحقوق السياسية والمدنية؛
إذ إن ضعف أو قصور منظومة الحقوق الاقتصادية والاجتماعية يؤثر تأثيرا بالغا على
ممارسة الحقوق السياسية والمدنية بشكل كامل وفعال، على اعتبار أن توافر الحد
الأدنى من الحقوق الاقتصادية والاجتماعية يؤدى إلى تحصين وزيادة فعالية التمتع
بالحقوق السياسية و المدنية في أي مجتمع من المجتمعات[9].
وبعد فترة
طويلة من الإهمال النسبي، حدثت تطورات مهمة في ميدان الحقوق الاقتصادية
والاجتماعية والثقافية في السنوات الأخيرة، بحيث تزايد الاهتمام بها بشكل كبير
سواء داخل الأمم المتحدة، أو كنتيجة لدمج هذه الحقوق في العديد من الدساتير والنظم
القانونية الوطنية بوصفها معايير قانونية. وقد تفاعلت العديد من الدول بشكل إيجابي
مع مبادئ العهد الدولي الخاص بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية، كما هو
الشأن بالنسبة لفرنسا التي عمدت إلى تعيين سفير لحقوق الإنسان سنة 2000، وتعيين
سفير للمسؤولية الاجتماعية للشركات سنة 2008، وتعيين وزير خاص بحقوق المرأة سنة
2012[10].
وبالرجوع إلى
الإعلان العالمي لحقوق الإنسان، نجده يركز على مسؤوليات الدول في حماية وتعزيز حقوق الإنسان، لكنه يشير أيضًا إلى
أنها مسؤولية مشتركة بين أعضاء المجتمع، وهنا وجب الحديث عن الشركات المتعددة
الجنسيات، التي لا تعتبر أجهزة اقتصادية فحسب؛ بل هيأيضا أجهزة سياسية واجتماعية
للمجتمع العالمي، يقع على عاتقها مسؤولية مجتمعية، وقد أكدتالمادة 23 من الإعلان
العالمي لحقوق الإنسان ذلك، عندما نصت على أن لكل فرد يعمل، الحقفي مكافأة عادلة ومرضية،
تكفل له ولأسرته عيشة لائقة بالكرامة البشرية، بيد أن سلوك معظمالشركات في البلدان
النامية، وفي سعيها لتحقيق أقصى قدر من الأرباح، ينتهك المادة 23 السالفة الذكر،
وينتهك المادة 7 من العهد الدولي الخاص بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية
التيتؤكد على المساواة في العمل بين الجنسين[11].
ويكفي في هذا الصدد، أن نشير إلى أن عائدات الشركات عبر
الوطنية، تتجاوز
الناتج المحلي الإجمالي لبعض البلدان التي تعمل فيها، بحيث إن عائدات شركة
"وولمارت"[12]
تتجاوز في الوقت الراهن إجمالي الناتج المحلي في 170 دولة[13].
ومن جهته ينص
العهد الدولي الخاص بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية، الذي اعتمد في سنة
1966، على الحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية المكرسة في الإعلان العالمي
لحقوق الإنسان؛ لكن بصيغة أكثر تطورا وعلى نحو ملزم قانونا،ومع أن الحقوق
الاقتصادية والاجتماعية والثقافية، توصف بأنها حقوقا جديدة، أو تصنف ضمن الجيل
الثاني من الحقوق[14]، فإنها
حظيت بالاعتراف منذ قرون؛ فقد تضمن كلا من إعلان الحقوق الأمريكي، وإعلان الحقوق
الفرنسي في أواخر القرن الثامن عشر، مفاهيم من قبيل السعي لتحقيق السعادة
والمساواة والإخاء، والحق في إنشاء النقابات العمالية، وفي التفاوض الجماعي، وظروف
العمل الآمنة[15].
وفي سبيل
تحقيق المساواة الكاملة بين الرجل والمرأة على مختلف المستويات والأصعدة، اعتمدت
الجمعية العامة للأمم المتحدة في 18 ديسمبر 1979 اتفاقية القضاء على جميع أشكال
التمييز ضد المرأة، حيث خصصت المادة 11 للحديث عن التدابير الواجب اتخاذها للقضاء
على التمييز ضد المرأة في ميدان العمل على أساس تساوي الرجل والمرأة في نفس
الحقوق، كالحق في العمل، والحق في التمتع بنفس فرص التوظيف، والحق في حرية اختيار
المهنة، والحق في المساواة في الأجر، والحق في الضمان الاجتماعي والسلامة والصحة
في العمل، ومنع التمييز ضد المرأة بسبب الزواج أو الأمومة...الخ.
الفقرة الثانية: منظمة العمل الدولية وتكريس المساواة
وعدم التمييز
تهدف منظمة
العمل الدولية إلى تعزيز
العدالة الاجتماعية وحقوق الإنسان، وزيادة حظوظ النساء والرجال في الحصول على فرص
العمل والدخل اللائق[16]، بحيث تمثل الاتفاقيات والتوصيات الصادرة
عنها مصدراًأساسياًلحماية
الأشخاصالعاملين في كافة أرجاءالعالم[17].
وقد جعلت منظمة العمل الدولية منذ تأسيسها سنة 1919، من
مسألة القضاء على التمييز في مكان العمل إحدى مهامها الأساسية.وهو ما تم تكريسه في
إعلان فيلادلفيا لعام 1944، وإعلان المبادئ والحقوق الأساسية في العمل سنة 1998،
وإعلان منظمة العمل الدولية بشأن العدالة الاجتماعية من أجل عولمة عادلة سنة 2008،
والميثاق العالمي لفرص العمل سنة 2009[18].
وتعتبر منظمة العمل الدولية[19] مؤسسة
ثلاثية متخصصة تابعة لمنظمة الأمم المتحدة، تجمع ما بين الحكومات وأرباب العمل
بالنسبة للدول الأعضاء، في عمليات مشتركة من أجل تعزيز وضمان العمل اللائق عبر دول
العالم من خلال تبني المبادئ التالية:
- القضاء على تشغيل الأطفال[20]؛
- حضر كل أشكال التمييز في العمل[21]؛
- إزالة كل أشكال العمل الجبري أو الإلزامي القسري[22]؛
- حرية تكوين الجمعيات والاعتراف بحق التفاوض الجماعي[23].
إن
المبادئ والحقوق الأساسية في العمل، مكرسة في دستور منظمة العمل الدولية، إضافة إلى
أن هذه المبادئ و الحقوق الأساسية واردة في الاتفاقيات الأساسية الثمان، وفي عدد
من المعايير الأخرى لمنظمةالعملالدولية.
وتجدرالإشارة في هذا السياق بشكل خاص، إلى
الاتفاقيات الثمانية التي تتعلق بالمبادئ والحقوق الأساسية في العمل، على النحو
الذي اعترف بها في إعلان منظمة العمل الدولية، المتعلق بالمبادئ والحقوق الأساسية
في مجال العمل ومتابعته وهي كالتالي[24]:
- الاتفاقيتان
رقم 87 و98 بشأن الحرية النقابية والاعتراف الفعلي بحق التنظيم والمفاوضة
الجماعية؛
- الاتفاقيتان
رقم 29 و105 بشأن القضاء على جميع أشكال العمل القسري أوالجبري[25]؛
- الاتفاقيتان
رقم 138 و182 بشأن القضاء الفعليعلىعملالأطفالوحظرأسوأأشكالعملالأطفال؛
- الاتفاقيتان
رقم 100 و111 بشأن المساواة في الأجر والقضاء علىالتمييزفيالاستخدام والمهنة.
وقد
صدرت عن منظمة العمل الدولية مجموعة من الاتفاقيات الخاصة بحظر التمييز في ميدان
العمل، لعل من أبرزها الاتفاقية رقم 100 بشأن مساواة العمال والعاملات في الأجر عن
عمل ذي قيمة متساوية[26]،
والاتفاقية رقم 111 بشأن التمييز في الاستخدام والمهنة[27] والتي
نصت في المادة الثانية، على أنكل دولة عضو تسري عليها الاتفاقية،تتعهد بصياغة
وتطبيق سياسة وطنية ترمي إلى تشجيع تكافؤ الفرص والمساواة في المعاملة في
الاستخدام والمهنة، باتباع نهج يناسب الظروف والممارسات الوطنية، بغية القضاء على
أي تمييز في هذا المجال. كما أقرت هذه الاتفاقية التمييز الإيجابي تجاه فئات خاصة؛
إذ أكدت في مادتها الخامسة على أنه لا يعتبر من قبيل التمييز، مراعاة الاحتياجات
الخاصة لأشخاص يحتاجون إلى حماية أو مساعدة لأسباب ترجع إلى الجنس أو السن أو
العجزأو المسؤوليات العائلية...الخ.
ودائما
في إطار الحماية الدولية المكفولة للمرأة العاملة، صدرت عن منظمة العمل الدولية
الاتفاقية رقم 89/148 سنة 1919 بشأن عمل النساء ليلا[28]، والتي
أقرت من خلالها الحظر الكلي لتشغيل النساء ليلا، إذ نصت في المادة 3 على أنه: لا
يجوز تشغيل النساء، أيا كانت أعمارهن ليلا في أي منشأة صناعية عامة كانت أو خاصة،
أو في أي من فروعها، وتستثنى من ذلك، المنشآت التي لا يستخدم فيها سوى أفراد من
نفس الأسرة. ولا يمكن تشغيل النساء
ليلا حسب المادة 4 من الاتفاقية إلا في حالات القوة القاهرة، عندما يحدث في أي
مؤسسة توقف عن العمل لم يكن في المستطاع التنبؤ به وليس من طبيعته أن يتكرر، وكذا الحالات التي يقتضي العمل فيها
استعمال مواد أولية أو مواد في طور المعالجة وتكون عرضة للتلف السريع، وكان هذا
العمل الليلي ضروريا للمحافظة على المواد المذكورة من خسارة محققة.واستكمالا لحماية المرأة العاملة
أصدرت منظمة العمل الدولية سنة 1935 الاتفاقية رقم 45 بشأن استخدام المرأة للعمل تحت
سطح الأرض في المناجم بمختلف أنواعها[29]،
والتي نصت في مادتها الثانية على أنه لا يجوز استخدام أي امرأة أيا كان سنها للعمل
تحت سطح الأرض في أي منجم. واستثنت من ذلك النساء اللاتي تشْغَلن مناصب في الإدارة
ولا تؤدين أعمالا يدوية، والنساء العاملات في الخدمات الصحية وخدمات الرعاية، أو
اللاتي يقضين أثناء دراستهن فترة تدريب، أو من يتعين عليهن النزول تحت سطح الأرض
لأداء عمل غير يدوي (المادة 4).
وإدراكا
من المنتظم الدولي للوضعية الخاصة للأجيرة العاملة، سارع إلى إقرار مجموعة من
الاتفاقيات الدولية التي تراعي هذه الخصوصية. وفي هذا الصدد، عمدت منظمة العمل
الدولية سنة 1919 إلى تبني اتفاقية خاصة بحماية الأمومة، منحت بموجبها للأجيرة
الحق في التوقف عن العمل إذا قدمت شهادة طبية تثبت من خلالها إمكانية حدوث الوضع
في غضون الستة أسابيع الموالية، كما قضت الاتفاقية بتمتيع المرأة بفترة راحة
إجبارية خلال الأسابيع الستة التي تلي فترة الوضع، ومنحهابعد ذلك الحق في نصف ساعة
من الراحة مرتين يوميا خلال ساعات عملها من أجل التفرغ لإرضاع طفلها، مع منع
المشغلمن اتخاذ أي قرار يقضي بفصل الأجيرة خلال فترة الحمل أو الولادة. وقد تم
تأكيد هذه الضمانات بموجب الاتفاقية رقم 103بشأن حماية الأمومة لسنة 1952 والتي
عدلت الاتفاقية السابقة، وكذا بموجب اتفاقية العمل الدولية رقم183المتعلقة بحماية الأمومة[30] والتي
تمت مراجعتها سنة2000، وبموجب توصية منظمة العمل الدولية
بشأن حماية الأمومة للسنة ذاتها.
المطلب الثاني: حقوق المرأة العاملة في القانون الداخلي
عمل المشرع المغربي على ملائمة قانونه الداخلي مع
مقتضيات الاتفاقيات والمواثيق الدولية، بحيث عمد إلى النص صراحة على حظر كل تمييز
ضد المرأة الأجيرة في ميدان العمل (فقرة أولى)، وأقر مجموعة من الضمانات الحمائية
التي تكفل للمرأة الأجيرة حقها الكامل في التمتع بكافة الحقوق التي يتمتع بها
الرجل (فقرة ثانية).
الفقرة الأولى: حظر التمييز ضد الأجيرة
عمدت مختلف المواثيق الدولية العامة منها والخاصة إلى سن
العديد من المقتضيات الحمائية التي تروم في مجملها حماية المرأة العاملة وحفظ
كرامتها، وقد سعت مختلف تشريعات العمل الداخلية إلى مواكبة قوانينها الداخلية مع
ما جادت به مختلف الأوفاق الدولية من ضمانات لصالح المرأة الأجيرة. والمغرب لم يكن ليشذ عن هذه القاعدة؛ إذ حرص
على سن العديد من المقتضيات القانونية التي تنسجم وتتماشى مع المعايير الدولية
التي تتفق جميعها على نبذ كل تمييز قائم على الجنس.
وتظهر
بجلاء معالم مسايرة المشرع المغربي لمختلف الاتفاقيات والمواثيق الدولية، من خلال
دستور المملكة لسنة 2011 والذي نص في الفصل 6 على أن السلطات العمومية تعمل على
توفير الظروف التي تمكن من تعميم الطابع الفعلي لحرية المواطنات والمواطنين،
والمساواة بينهم، ومن مشاركتهم في الحياة السياسية والاقتصادية والثقافية
والاجتماعية"، كما نص في الفصل 19 على أنه: "يتمتع الرجل والمرأة، على
قدم المساواة، بالحقوق والحريات المدنية والسياسية والاقتصادية والاجتماعية
والثقافية والبيئية، الواردة في هذا الباب من الدستور، وفي مقتضياته الأخرى، وكذا
في الاتفاقيات والمواثيق الدولية كما صادق عليها المغرب، وكل ذلك في نطاق أحكام
الدستور وثوابت المملكة وقوانينها". كما ينص الفصل 31 على أن الدولة
والمؤسسات العمومية والجماعات الترابية، تعمل على تعبئة كل الوسائل المتاحة،
لتيسير أسباب استفادة المواطنات والمواطنين، على قدم المساواة، من الحق في الشغل
والدعم من طرف السلطات العمومية في البحث عن منصب شغل، أو في التشغيل الذاتي.
وفي نفس السياق، سعى المشرع المغربي من خلال مدونة الشغل
إلى إقرار العديد من الضمانات الحمائية للمرأة العاملة، عبر تكريس مبدأ المساواة
بين الجنسين وحظر أي تمييز على أساس الجنس في علاقات العمل، فأكد من خلال المادة 9
على أنه يمنع كل تمييز بين الأجراء من حيث السلالة، أو اللون، أو الجنس(...)، وهو
ما يترتب عليه بصفة خاصة، حق المرأة في إبرام عقد الشغل؛ وحقها متزوجة كانت أو غير
متزوجة، في الانضمام إلى نقابة مهنية، والمشاركة في إدارتها وتسييرها. ولضمان
التطبيق الفعلي لهذه المقتضيات الحمائية،عمد المشرع إلى معاقبة المشغلين والأجراء
على السواءعن مخالفة أحكام المادة السالفة الذكر[31].
ومن دون شك فإن إقرار المساواة وحظر التمييز بين الأجراء يعتبر من أهم الإنجازات
التي قام بها المشرع الاجتماعي المغربي؛ وهي مكتسبات يجب العمل على تثمينها من
خلال التصدي بحزم لكل المخالفات،والتطبيق الصارمللعقوبات المرتبطة بالانتهاكات[32].
ومن أجل ضمان تكافئ الفرص في الولوج إلى الشغل، حرص
المشرع المغربي على إقرار ضمانات حمائية للمرأة حتى لا تذهب ضحية التمييز وعدم
الإنصاف في المعاملة بالمثل، فنص في المادة 478 من مدونة الشغل على أنه يمنع على
وكالات التشغيل الخصوصية كل تمييز يقوم على أساس (...) الجنس...الخ، من شأنه المس
بمبدأ تكافؤ الفرص والمعاملة في ميدان التشغيل.
ومن جهتها اعتبرت المادة 36 من مدونة الشغل على أن
الجنس، أو الحالة الزوجية، أو المسؤوليات العائلية...الخ، لا يمكن اعتبارها من
المبررات المقبولة لاتخاذ العقوبات التأديبية أو فصل الأجيرة من الشغل، ودائما في
إطار مواكبة المشرع المغربي لمقتضيات الاتفاقيات الدولية ولمعايير العمل الدولية
التي تحظر كل تمييز بين المرأة والرجل بسبب الشغل، تم منع كل تمييز قد يمس أجر
العاملة، بحيث تبنى المبدأ الأساسي الذي صاغه دستور منظمة العمل الدولية والتي
أكدته اتفاقية المساواة في الأجر،إذ نص في المادة 346 من مدونة الشغل على أنه يمنع
كل تمييز في الأجر بين الجنسين، إذا تساوت قيمة الشغل الذي يؤديانه[33].
وعموما، فإن المشرع المغربي بتجريمه للتمييز القائم على
الجنس، كان منسجما إلى حد كبير مع ما تضمنته المعايير العالمية بهذا الخصوص، والتي
تتفق جميعها على نبذ كل تمييز بين المرأة والرجل في ميدان الشغل.
الفقرة الثانية: بعض تجليات الحماية التشريعية للمرأة
العاملة
يتوفرالمغرب على إطار قانوني وطني يكرس مبدأ المساواة
بين المرأة والرجل في عالم التشغيل، يضمن من خلاله الحماية اللازمة للمرأة
العاملة، ويمنع كل أشكال التمييز
ضدها وفق اللمعايير الدولية المتعارف عليها، وهكذا فقد
عمل المشرع المغربي على تنظيم العمل الليلي للنساء، إلا أنه لم يجعل للمشغل الحرية
المطلقة في تشغيل النساء ليلا؛ بل جعل ذلك مقيدا بمراعاة حالتهن الصحية ووضعهن
الاجتماعي، مع مراعاة الاستثناءات التي ترد على ذلك بعد استشارة المنظمات المهنية
للمشغلين والمنظمات النقابية للأجراء الأكثر تمثيلا. كما ألزمت المادة 174 صاحب
العمل بمنحفترة راحة للنساء بين كل يومين من
الشغل الليلي، لا تقل عن إحدى عشرة ساعة متوالية.
وفي السياق ذاته، خصصت مدونة الشغل
فصلا خاصا بحماية الأمومة وعملت على تحسين التدابير المتعلقة بها، وأدرجت عددا من العناصر التي أكدت عليها
الاتفاقية رقم
183 لمنظمة
العمل الدولية، بحيث تم تمديد إجازة الأمومة من 12 إلى 14 أسبوعا، مع إمكانية
تمديد هذه الإجازة عند حدوث مرض نتيجة الحمل أو النفاس،على ألا تتعدى ثمانية
أسابيع قبل التاريخ المفترض للولادة وأربعة عشر أسبوعا بعد تاريخ الوضع(المادة 154).
كما تم منح الأم الأجيرة الحق في الاستفادة من توقفعقدها لمدة 90 يومًا بعد نهاية إجازة
الأمومة الأصلية،
والاستفادة من عطلة غير مدفوعة الأجر لمدة سنة قصد التفرغ لتربية مولودها (المادة 156)، كما تم منحها حرية عدم استئناف
العملبشرط إشعار مشغلها قبل انتهاء فترة توقف عقدها بخمسة عشر يوما
علىالأقل(المادة 157)؛ كما يمكن للأجيرة الحامل إذا أثبتت حملها بشهادة طبية أن
تترك شغلهادون إخطار، ولا يلزمها تأدية تعويض عن عدم الإخطار، ولا عن إنهاء العقد
للمشغل (المادة 158)، ويعتبر باطلا كل إنهاء من طرف المشغل لعقد شغل الأجيرة التي
ثبت حملها سواء أثناء الحمل أو بعد الوضع، أو أثناء فترة توقفها عن الشغل بسبب نشوء حالة مرضية
عن الحمل أو النفاس مثبتة بشهادة طبية.إضافة إلى منحالحق للأم الأجيرة في الاستفادة من
استراحة خاصة مدفوعة الأجر، مدتها نصف ساعة صباحا ونصف ساعة ظهرا، على مدى اثني
عشر شهرا قصد التفرغ لإرضاع مولودها
(المادة 161).
وعلى العموم، فإن المشرع المغربي حاول ملاءمة قانون
الشغل مع مقتضيات الاتفاقيات الدولية، وأقر حماية خاصة للأجيرة تتمثل بالإضافة إلى
ما سبق، في حظر تشغيل المرأة في أنشطة معينة قد تضر بصحتها وسلامتها وأخلاقها،
وجعل التحرش الجنسي المرتكب ضد الأجيرة بمثابة أخطاء جسيمة[34]،كماتولى تحديد ساعات الشغل وأوقاته،
والراحة الأسبوعية، والعطلة السنوية المؤدى عنها، والإجازات المرضية، ونظام الأجور
والتعويضات...الخ، وكل ذلك في إطار من المساواة بين المرأة الأجيرة والرجل.
المبحث الثاني: حظر التمييز في القانون
الداخلي: مبادئ حماية لكن تنطوي على نواقص
على الرغم من الترسانة القانونية المهمة التي يتوفر
عليها المغرب، والتي حاول من خلالها مواكبة الاتفاقيات الدولية وما تمنحه من
ضمانات للمرأة الأجيرة، فإن تشريعنا الاجتماعي لا زالت تعتريه العديد من الثغرات
والنواقص، ولا زالت المرأة تعاني من التمييز وعدم المساواة على مستوى ظروف الشغل
(مطلب أول)، وأيضا على مستوى التمثيلية والحماية الاجتماعية (مطلب ثان).
المطلب الأول: أشكال التمييز ضد المرأة في عالم الشغل
هناك
عدة أسباب تجعل حصول المرأة على عمل مأجور مسألة بالغة الأهمية، من ذلك تحقيق
الاستقلال
الاقتصادي
والمساهمة في تنمية الأسرة؛ إلا أن ولوج النساء لسوق الشغل قد تعتريه بعض المشاكل
المرتبطة أساسا بتعرضهن للتمييز، وقد تكون المرأة ضحية التمييز
وعدم المساواة قبل ولوجها لميدان العمل (فقرة أولى)، وأيضا داخل المقاولة بحيث
تتعرض الأجيرة وهي بصدد القيام بعملها لمجموعة من أشكال التمييز وعدم المساواة
(فقرة ثانية).
الفقرة الأولى: التمييز ضد المرأة قبل الالتحاق بالشغل
إن حصر الاستفادة من مقتضيات قانون الشغل والضمان
الاجتماعي على العمل التابع المأجور، يجعل الفئات النشيطة غير المرتبطة بعقد
شغلوالتي تتشكل أغلبيتها من النساء لا تحظى بأية حماية اجتماعية، وهي من بين
الأسباب الرئيسية لعدم المساواة التي تؤثر على أكثر الفئات ضعفاً من الناحية
الاقتصادية والاجتماعية[35]، ذلك
أنعدد الرجال المرتبطين بعقد شغل قد فاق عدد النساء في الدول العربية بشكل كبير، لدرجة أن النسبة المسجلة في هذه
المنطقة فاقت بكثير الاتجاهات العالمية[36].
وتتعد الأسباب التي تقف حائلا أمام
ولوج المرأة لميدان العمل، ذلك أن عدم إتاحة مرافق معقولة التكلفة لرعاية الأطفال
خارج الأسرة، يقف حائلا أمام العديد من النساء للانخراط كليا ًفي الحياة المهنية.
ومن دون شك، فإن الافتقار إلى مثل هذه الخدمات
لايصب في مصلحة الأجيرات ذوات المسؤوليات العائلية ويحد من مجموعة الوظائف التي
يمكن أن يشغلنها[37].
وتجدر الإشارة، إلى أن المغرب لم يوقع
على الاتفاقيةرقم
156 الصادرة
عن منظمة العمل الدولية بشأن المعاملة المتساوية للعمال من الرجال والنساء منذ وي
المسؤوليةالعائلية[38]،مع
العلم أن مدونة الأسرة أقرت بشكل واضح المسؤولية المشتركة للأبوين وجعلت من غايات
الزواج إنشاء أسرة مستقرة برعاية الزوجين، وعليه فقد كان من المفروض المصادقة على
هذه الاتفاقية وتطبيقها انسجاما معالمقتضيات التي أقرها قانونالأسرة في هذا الصدد.
وقد سجل
معدلالبطالةحسب الجنسووسط الإقامة 24.1% سنة 2019 بالنسبة للنساء
في الوسط الحضري، و3.1%في الوسط القروي،و 15.3%على المستوى الوطني؛في حين بلغ معدل
البطالة بالنسبة للذكور 11,2% في الوسط الحضري، وفي
الوسط القروي 4.5%، و%8.5 على المستوى الوطني،كما تعد نسبة النساء
المشتغلات في القطاع غيرالمهيكل مرتفعة، بحيث بلغت سنة 2013 إلى %20.1 في مجال الصناعة، وفي
التجارة %6.7، و%13.7 في قطاع الخدمات[39].
وعلى العموم، فإن الإحصائيات
والدراسات بينت وجود تباينات ملحوظة بين الجنسين في الولوج إلى سوق الشغل، الشيء
الذي يؤثر بشكل ملحوظ على التغطية الاجتماعية للمرأة الأجيرة، وعلى الرغم من أن
التشريعات الوطنية للشغل لا تميز بين النساء والرجال، إلا أن الواقع العملي يؤكد
أن التمييز ضد الأجير في الولوج للشغل لا زال مستشريا بشكل كبير، مما يتوجب معه
وضع استراتيجيات على المدى القريب والمتوسط تسهل عملية ولوج المرأة العاملة لسوق
الشغل.
الفقرة الثانية: التمييز ضد الأجيرة العاملة
على الرغم من توفر المغرب على ترسانة
قانونية مهمة تكرس مبدأ المساواة بين الجنسين في عالم التشغيل، إلا أن
هذهالترسانةالقانونية تظل غير ناجعة، فيظل غياب آليات التتبع والتنفيذ،سيما وأن
المقاولات لا تحترم دائما المقتضيات القانونية المفروضة وتعمل على تجاوز التزاماتها
الواردة في قانون الشغل، بل إن الدراسات تؤكد على أن الكثير من المؤسساتالصغيرة
تشتغل في ظل ظروف غير قانونية[40]، وأن
الأجيرات غالبا ما يقبلن الاشتغال في ظل هذه التجاوزات ولا يعمدن إلىتبليغ مفتشية
الشغل،خوفا من فقدان عملهن في حالة التنديد
والتبليغ.[41]
والملاحظ
أن الأحكام القانونيةالخاصة بالتحرش الجنسي سواء الواردة في القانون الجنائيأو في
قانون الشغلتبقى غير كافية، ويجب تعزيزها لتشمل بوضوح التحرش الذي يرقى إلى مستوى
الابتزاز الجنسي والذي يتخذ شكل بيئة عمل معادية[42]،
كما يلاحظ غياب تدابير وقائية ملموسة ضد الأعمال الانتقامية التي يمكن أن تتعرض
لها الأجيرة المتحرش بها. وعلى الرغم من تجريم التحرش[43]، فإن
غالبية المتحرش بهن يفضلن الصمت، ونادرا ما يتم مواجهة المشغل لاعتبارات اجتماعية،
كما أن اعتبار التحرش الجنسي بمثابة أخطاء جسيمة يتطلب إثبات واقعة التحرش، وهي
حقيقة لا تشجع المتحرش بها على اللجوء للتقاضي بالنظر إلى صعوبة تقديم أدلة على
الانتهاكات المرتكبة ضدها،مما يستوجب عكسعبءالإثبات.
وغير
خاف حجم الضرر الذي يسببه التحرش الجنسي للأجيرات، فبالإضافة إلى أنه يؤثر على
نفسيتهن بسبب عدم قدرتهن على البوح خوفا من الضغوط والتهديدات الممارسة عليهن،
يدفع الكثيرات منهن إلى ترك عملهن ورفض فرص العمل خشية الوقوع ضحية التحرش من
جديد.
وقد يتخذ التحرش أنواعا متعددة،بحيث يصل إلى المساس
بالحرية الشخصية وبالسلامة البدنية للأجيرة، وفي هذا الإطار اعتبرت محكمة النقض أن
نظام الشغل داخل المقاولة، لئن كان يفرض على الأجراء وضع قبعة واقية على الرأس،
فإن تقيد الأجيرة بما فرض عليها، مع ارتدائها أيضا سترة للرأس التزمت بها كطريقة
خاصة في لباسها، لا يشكل إخلالا بذلك النظام، ومن تم فإن مطالبتها من طرف المشغل
بإزالة الحجاب الموضوع على رأسها يعد مساسا بحريتها الشخصية...، وأنه أمام تمسك
الأجيرة بممارسة حريتها في لباسها، فإن مغادرتها لعملها إن تمت من قبلها أمام
إصرار المشغل على موقفه، تعتبر طردا مقنعا من عملها، تستحق معه التعويضات التي
يخولها قانون الشغل عن الفسخ التعسفي لعقد الشغل[44].
وفي ذات الاتجاه، قضت محكمة النقض الفرنسية، بنقض القرار
الصادر في 27 أكتوبر 2011 عن محكمة الاستئناف في فرساي، وأشارت إلى أن مبدأ العلمانية الذي تنص عليه المادة
1 من الدستور الفرنسي، لا تنطبق على العاملين في مؤسسات القطاع الخاص التي لا تشرف
على تقديم خدمات عامة للمواطنين، واعتبرت أن فصل السيدة التي تشتغل كمدرسة
للأطفال، وتقوم في نفس الآن بمهمة المديرة المساعدة لدار الحضانة من عملها بحجة
ارتدائها للحجاب، يعد طردا تعسفيا يستوجب التعويض[45].
كما يظهر التمييز ضد المرأة الأجير على مستوى الفصل من
العمل، بحيث تشير الدراسات إلى أن النساء أقل التزاما بالعمل وأكثر ميلا إلى ترك وظائفهن
مقارنة مع الرجال بسبب مسؤولياتهن الأسرية[46]؛
ذلك أن النظرة النمطية التقليدية تجاه المرأة تجعل جميع المهام المتعلقة بتنظيم
ورعاية الأسرة والبيت (الطبخ، التنظيف، رعاية الأطفال وكبار السن، جلب الماء
والحطب...الخ)، من صميم اختصاصات المرأة، في حين تجعل من المهام المتعلقة بالحياة
الاقتصادية والسياسية والاجتماعية، وبالأنشطة الإنتاجية التي لها قيمة سوقية
وتنطوي على ممارسة السلطة من صميم اختصاصات الرجل[47].
وتشير
الدراسات الإحصائية أن معدل
الشغل لدى النساء البالغات 15 سنة فما فوق بلغ سنة 2019 في الوسط الحضري14,5%، وفي الوسط القروي 26,3%، وعلى المستوى الوطني18,6%، في حين بلغ معدل الشغل
لدى الذكور 59,70% في الوسط الحضري، و75,00% في الوسط القروي، و65,5% على المستوى الوطني[48].
وبخصوص
العمل الليلي للمرأة، يلاحظ أن اتفاقية منظمة العمل الدولية رقم 89 منعت العمل
الليلي على النساء إلا من بعض الاستثناءات، بيد أن الملاحظ عدم مسايرة التشريع
الاجتماعي المغربي لمقتضيات هذه الاتفاقية، بحيث جعل من العمل الليلي للنساء هو
الأصل، بل سمح للمرأة بالاشتغال ليلا دون مراعاة الاستثناءات المنصوص عليها إذا
تعرضت المؤسسة لظروف استثنائية، مع العلم أن العمل الليلي يعرض المرأة لمخاطر
تعرضها للتحرش الجنسي في ظل منظومة اجتماعية وقانونية عاجزة عن توفير الحماية لها.
وعلى الرغم من المجهودات المبذولة على
المستوى الوطني من أجل تعزيز المساواة بين المرأة والرجل، فإن التقديرات الدولية
في مجال التفاوت في الأجوربين النساء والرجال، تشير إلى أن المغرب يحتل المرتبة 130 وراء بلدان عربية كقطر والكويت
والبحرين وتونس، وبلدان إفريقية مثل السينغال، كما أن المغرب يحتل المرتبة 133 من أصل 142 بلدا على صعيد المشاركة
الاقتصادية للنساء[49].
وحسب البرنامج الوطني المندمج للتمكين
الاقتصادي للنساء، فإن نسبة فجوة الأجور بلغت %17سنة 2016
بين النساء
والرجال الذين
يؤدون نفس الوظيفة بمؤهلات متساوية[50]، بحيث
تقل أجور النساء في القطاع الخاص بنسبة
25 بالمائة
في المتوسط عن نسبة أجورالرجال[51]، إضافة
إلى أن الغالبية من النساء يتمركزن في القطاعات والأنشطة ذات التأهيل الضعيف، وذات
المردودية والقيمة الضعيفة في سوق الشغل، ويشتغلن بعقود عمل محددة المدة، بحيث لم
يتجاوز عدد الأجيرات اللواتي يتوفرن على عقد عمل غير محدد المدة 5.37 بالمائة
فيالوسط الحضري، و 8.7 بالمائة بالوسط القروي[52]،
وهو رقم هزيل يجعل البون شاسعا بين ما تقره النصوص القانونية من حقوق وضمانات
للمرأة العاملة، وبين واقعهن في سوق الشغل، كما أن تعويل المشرع الاجتماعي على
مؤسسة مفتشية الشغل لإخراج بنود المدونة إلى أرض الواقع وتطبيقها التطبيق السليم،
يبقى أمرا صعب المنال، خصوصا في ظل النقص المهول في عدد مفتشي الشغل، وهو ما يصعب
من مهمتهم في مراقبة تطبيق المقتضيات المتعلقة بالقضاء على كل أشكال التمييز التي
تنص عليها المدونة، كما يظهر التمييز بين النساء والرجال على مستوىمفتشيالشغل
أيضا؛ بحيث لم يتجاوز العدد سنة 2019 بالنسبة للنساء %30،
في حين بلغ عدد المفتشين الذكور%70 بمجموع 317 مفتش ومفتشة
شغل.
المطلب الثاني: أوجه القصور على مستوى تمثيلية الأجراء
والحماية الاجتماعية
تؤكد جل الدراسات على أن تمثيلية المرأة الأجيرة داخل
المقاولات الخاصة تبقى ضئيلة جدا مقارنة بتمثيلية الرجل (فقرة أولى)، كما يلاحظ أن
هناك تفاوت كبير بين المرأة الأجيرة والرجل في الولوج إلى الحماية الاجتماعية
(فقرة ثانية).
الفقرة الأولى: التميز ضد الأجيرة على مستوى تمثيلية
الأجراء
تظل نسبة
النساء التي تحتل مركز القرار في القطاع الخاص ضئيلة جدا، ذلك أن نسبة النساء اللواتي يتوفرن على
تمثيلية في المقاولات الخاصة التي تعمل في مجال التجارة والصناعة والخدمات لاتتعدى 0,1 بالمائة، وفي هيئات الحكامة داخل
المقاولات لا تمثل النساء سوى 11 بالمائة فقط من نسبة مديري الشركات الكبيرة، كما
أن تمثيلية المرأة ضعيفة جدا على صعيد
تمثيل الأُجراء والأنشطة النقابية إذ تقل عن 1 بالمائة، بحيث تعتبر شبه غائبة على
مستوى الهرم النقابي.
ونفس الأمر ينطبق على تمثيلية النساء في الغرف
التجارية، والجمعيات، والفدراليات المهنية ؛فعلى
الرغم من التطور الذي عرفته تمثيلية النساء على هذا المستوى في السنين
الأخيرة، إلا أن نسبة هذه التمثيلية في الغرف المهنية تكاد تصل إلى 5 بالمائة، ويبقى الاستثناء هو انتخاب
امرأة على رأس الكونفدرالية العامة لمقاولات المغرب سنة 2012، وهي المرة الأولى
التي يتم فيها انتخاب امرأة على هذا المستوى بالمغرب[53].
وتجدر الإشارة إلى أن بعض الدول
قطعت أشواطا مهمة بشأن تمثيلية النساء في المقاولات كإسبانيا وفنلندا
والنرويج...الخ، وفي هذا الصدد أقر البرلمان الإسباني في يونيو 2007 قانونًا بشأن
المساواة بين الرجل والمرأة في الأحزاب السياسية والمقاولات، بحيث تم الاتفاق على
منح شارة أو علامة المساواة، للشركات التي تحترم معيار الحضور المتوازن للمرأة
والرجل في الهيئات الإدارية للمقاولات[54].
ومن دون شك فإن هنالك مجموعة من
الأسباب التي تقف وراء ضعف تمثيلية المرأة في المقاولات، تأتي في مقدمتها، الصورة
النمطيةتجاه المرأة التي غالباً ما يُنظر إليها على أنها سلبية وخجولة ومحدودة
العطاء بسبب مسؤولياتها الأسرية؛ إضافة إلى صعوبة التوفيق بينالمهام المهنية
والعائلية بسبب عدم تحمل الزوج لمسؤولية رعاية البيت، مما يدفع المرأة للتخلي عن
الشغل من أجل تكريس المزيد من الوقت لرعاية الأسرة، زيادة على عدم الرضا
الوظيفي.مع العلم أن الدراسات تؤكد على أنالمقاولاتالتيتتواجد بها
تمثيليةأكبرللنساء فيمجالسهاالإدارية،تسجلعوائد مالية أفضل في المدى المتوسط،
وتكون أكثر استقرارا وأشد مقاومةأمامتقلبات السوق.
الفقرة الثانية: التمييز على مستوى الحماية الاجتماعية
إن الهدف من مخططات الضمان الاجتماعي هو توفير الوصول
إلى الرعاية الصحية وتأمين الدخل بما يحقق سبل العيش الكريم؛ أي ضمان حد أدنى من
الدخل للفئة المحتاجة، وبدل تعويضات معقولة لأولئك الذين ساهموا بما يتناسب مع
دخلهم طيلة فترات شغلهم[55].وقد أكدت المادة11 مناتفاقية القضاء
على جميع أشكال التمييز ضد المرأة على ضرورة اتخاذ جميع التدابير المناسبة للقضاءع
لى التمييز ضد المرأة في ميدان العمل، لكي تكفل لها على أساس المساواة بين الرجل
والمرأة، نفس الحقوق وعلى وجه الخصوص: الحق في الضمان الاجتماعي، ولا سيما في
حالات التقاعد والبطالة والمرض والعجز والشيخوخة
وغير ذلك من حالات عدم الأهلية للعمل، وكذلك الحق في إجازة مدفوعة الأجر.
وتؤكد جل الدراسات على أن أغلب الأجيرات يعملن بدوام
جزئي في وظائف غير آمنة تكون في الغالب محددة المدة، كما أن غالبية النساء يحصلن
على أجور أقل مقارنة بباقي الأجراء، وهو ما يجعلهن في وضع اقتصادي غير
متوازن،وكنتيجة حتمية لذلك فإن المعاشات التقاعدية ستتضرر بسبب ضعف المساهمات مما
يهدد الحماية الاجتماعية لهذه الفئة من الأجيرات[56].
ويرجع هذا التمييز الذي يوسع الفجوة
بين الرجل والمرأة في الاستفادة من
الحماية الاجتماعية إلى عدم المساواة في الولوج للشغل، ونوعية العمل الذي تؤديه
المرأة، وتدني مستوى العمل الرسمي المدفوع الأجر، بحيث تشتغل المرأة ساعات وسنوات
أقل منا لرجل، وكنتيجة لهذه الفجوات بين
الرجل والمرأة في العمل، فإن التغطية القانونية والفعلية المحسوبة في المعاش
التقاعد يتكون أقلم ماهي عليه بالنسبة إلى الرجال[57].
وعموما فإن التواجد الكبير للمرأة في سوق الشغل في
العقود الأخيرة، بات يفرض على المشرع توفير مجموعة من الشروط التي تحفظ للمرأة
كرامتها في ميدان الشغل، وإحاطتها بمجموعة من الضمانات التي توفر لها الحماية
اللازمة، وتأخذ بعين الاعتبار طبيعتها الخاصة باعتبارها أمًّا وزوجة وربة
بيت.
خاتمة:
قطع المشرع المغربي أشواطا مهمة في سبيل تمكين المرأة
اقتصاديا، إذ عمل على ملائمة قانون الشغل مع مقتضيات الاتفاقيات الدولية، سعيا منه
إلى منح المرأة الأجيرة مجموعة من الضمانات التي تكفل لها التمتع بنفس الحقوق التي
يتمتع بها الرجل في ميدان العمل، ومع ذلك لا زالت هنالك مجموعة من النواقص
والثغرات التي يجب العمل على تجاوزها وأخذها بعين الاعتبار، من قبيل تقوية تمثيلية
المرأة الأجيرة داخل المقاولة، وزيادة أعداد مفتشات الشغل، وضمان الحماية
الاجتماعية اللازمة للمرأة العاملة...الخ. كما أن الحاجة باتت ملحة لمصادقة المغرب
على مجموعة من اتفاقيات منظمة العمل الدولية، وخاصة الاتفاقية رقم 156 بشأن العمال
ذوو المسؤوليات العائلية انسجاما مع روح قانون الأسرة.
[1] - راجع موقع منظمة
العمل الدولية، المكتب الإقليمي للدول العربية، المساواة بين الجنسين وعدم
التمييز، متوفر على الرابط التالي: https://www.ilo.org/beirut/areasofwork/equality-discrimination/lang--ar/index.htm تم الاطلاع عليه
بتاريخ: 01/06/2022.
[2] - لا بد من الإشارة
إلى أن غالبية مؤسسات القطاع الخاص لا تحترم المقتضيات القانونية الواردة في
مدونة الشغل، وهو ما يجعل المرأة عرضة لكثرة الإيحاءات الجنسية
والتحرش الجنسي الذي لا زالت تعاني منه الأجيرات على نطاق واسع. أضف إلى ذلك أن
المرأة الأجيرةتواجههامجموعة من العقبات التي تقف حائلا بينها وبين الوصول إلى
مناصب القرار...إلخ.
[3]- La responsabilité sociale de
l’entreprise : les aspects relatifs au travail,Confédération Générale des Entreprises du Maroc CGEM, Mai
2009, p.56.
[4]- حسين عبد المطلب الأسرج، حقوق الإنسان
الاقتصادية والحق في التنمية في الدول العربية، 2007، ص 3، متوفر على الرابط
الإلكتروني التالي: https://mpra.ub.uni-muenchen.de/2764/1/MPRA_paper_2764.pdf تم الاطلاع عليه بتاريخ: 03/03/2022.
[5] - نصت المادة 23 من
الإعلان العالمي لحقوق الإنسان على أن "لجميع الأفراد دون تمييز الحق في أجر
متساو عن العمل"، بحث ساوى هذا الإعلان تماما بين المرأة والرجل في حق العمل،
فلفظ الأفراد لا يقتصر معناه على الرجال فقط، بل يتسع ليشمل النساء أيضا.
[6] - لإلقاء لمحة عامة عن جميع الاتفاقيات
والبروتوكولات الإضافية لحقوق الإنسان، يرجى الرجوع إلى العنوان التالي:http://www.ohchr.org/FR/ProfessionalInterest/Pages/CoreInstruments.aspx تم الاطلاع بتاريخ 06/02/2022.
[7] - اعتمد العهد الدولي
الخاص بالحقوق المدنية والسياسية، وعُرض للتوقيع والتصديق والانضمام، بموجب قرار
الجمعية العامة للأمم المتحدة المؤرخ في 16 دجنبر 1966، وبدأ تاريخ نفاده في23
مارس 1976 وفقا لأحكام المادة 49. وهو يلزم الدول الأطراف باحترام الحقوق المدنية والسياسية
للأفراد، بما في ذلك الحق في الحياة، وحرية الدين، وحرية التعبير، وحرية التجمع والحقوق الانتخابية،
وحقوق إجراءات التقاضي السليمة والمحاكمة العادلة وغيرها.
[8] - لقد تمثلت الحماية العالمية الرئيسة للحقوق
الاقتصادية و الاجتماعية والثقافية باعتماد العهد الدولي الخاص بهذه الحقوق من
جانب الجمعية العامة للأمم المتحدة بموجب توصيتها ذات الرقم 200 ألف الصادرة بتاريخ 16 دجنبر 1966،وهي التوصية ذاتها التي أقر
بمقتضاها العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية. واستلزم الأمر
بعد إقرار هذا العهد انتظار عقد من الزمن كي يغدو نافذًا، فلم يدخل العهد الدولي
الخاص بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية حيز النفاذ إلا بتاريخ 3 يناير 1976 بعد إيداع وثيقة التصديق ذات الرقم 35.
[9] - محمود عبد الفضي، " إعمال الحقوق
الاقتصادية والاجتماعية في العالم العربي، إشكاليات الواقع واستراتيجيات المستقبل
"، أعمال الندوة العربية حول تفعيل العهد الدولي للحقوق الاقتصادية
والاجتماعية والثقافية، نشر المنظمة العربية لحقوقالإنسان، الدار البيضاء،
الطبعةالأولى، 2003، ص 47.
[10] -Cf. Rapport du gouvernement de la république française sur la mise
en œuvre du pacte international relatif aux droits économiques, sociaux et
culturels, Quatrième rapport périodique présenté par la France en vertu des
articles 16 et 17 du Pacte, conformément aux programmes établis par la
résolution 1988/4 du Conseil économique et social, Mai 2013, p. 6.
[11] - D. RABET, “Human Rights and Globalization: The
Myth of Corporate Social Responsibility?”, Journal of Alternative Perspectives
in the Social Sciences, Vol. 1, No. 2, 2009, p. 471.
[12] - وول مارت بالإنجليزية Wal-Martهي شركة بيع بالتجزئة أمريكية تعد أكبر شركة في العالم من حيث الإيرادات، تملك أكثر من 10900 متجر حول العالم، منها 4092 في
الولايات المتحدة، والبقية متفرقة بين 27 دولة من أبرزها كندا، المكسيك، بريطانيا وألمانيا، تسيطر عائلة والتون على الشركة مما أهل أفرادها لاحتلال المراتب الأولى
في لائحة مجلة فوربس لأغنى أغنياء العالم،
وتتعرض الشركة لانتقادات كبيرة من الجمعيات الأهلية الأمريكية بسبب سياساتها
الاجتماعية إزاء موظفيها ولتسببها في إغلاق مئات المتاجر الصغرى. للمزيد أنظر
الموقع الإلكتروني التالي:
https://ar.wikipedia.org/wiki/%D9%88%D9%88%D9%84_%D9%85%D8%A7%D8%B1%D8%AA
تاريخ الاطلاع:
12/02/2022.
[13] - F. SARAH,
"Genocide Studies and Corporate Social Responsibility: The Contemporary
Case of the French National Railways (SNCF)," Genocide Studies and
Prevention: An International Journal, Vol. 11, Iss. 2, 2017, p. 14.
[14] - يتحدث
المهتمون بحقوق الإنسان على ثلاثة أجيال من الحقوق: الجيل الأول: ويضم الحقوق المدنية
والسياسية، وهي حقوق فردية كحرية التعبير والتفكير والمعتقد والصحافة والتجمع
والتنقل والهوية والجنسية...إلخ؛ الجيل الثاني: ويضم الحقوق الاقتصادية
والاجتماعية والثقافية، وهذه الحقوق تتأسس على مبدأ المساواة، ومن بين هذه الحقوق
نجد الحق في الشغل والتعليم والأجر العادل والضمان الاجتماعي والمأكل والمسكن
والصحة...إلخ؛ حقوق الجيل الثالث: وتضم الحق في التنمية والبيئة السليمة
والسلم…إلخ، وهي حقوق تضامنية بين الأفراد والجماعات .
[15] -منظمة
العفو الدولية، " حقوق الإنسان من أجل كرامة الإنسان: وثيقة تمهيدية بشأن الحقوق
الاقتصادية والاجتماعية والثقافية "، مطبوعات منظمة العفو الدولية، الطبعة
الأولى 2005، ص 8.
[16] - M. OBADA, « la responsabilité sociale des
entreprises : vers un modèle d’audit social, Revue Marocaine
d’Administration Locale et de Développement, N°. 122-123, mai-Aout 2015, p.110.
[17] - محمد
عرفان الخطيب، " مبدأ عدم
التمييز في تشريع العمل المقارن الحماية القانونية "، مجلة جامعة دمشق للعلوم
الاقتصادية والقانونية ، المجلد 25، العددالثاني، 2009، ص 9.
[18] -
Marie-Thérèse Chicha, Inégalités de genre et pratiques d’entreprise au Maroc,
Programme pour la Promotion de la Déclaration sur les Principes et Droits
Fondamentaux au Travail, Document de travail, DECLARATION/WP/69/2013, Bureau international du Travail Genève,Novembre 2013, p.1.
- [19]أكدت
منظمة العمل الدولية في ديباجة دستورها بأنه لاسبيل إلى إقامة سلامع الميدائ مإ لا
إذا بنيعلى أساس من العدالة الاجتماعية، وبأن لجميع البشر، أياً كان عرقهم أو
معتقدهم أو جنسهم ،الحقفي العمل ضمن ظروف توفر لهم الحرية و الكرامة وتكافؤ الفرص،
وتضمن لهم الأمن الاقتصادي والرفاهية المادية و التقدم الروحي،مع التأكيد على أن
العمل ليس سلعة ، وأن الفقر في أي مكان يشكل خطراً على الرفاه في كل مكان.
[20]- اتفاقية رقم 182 لسنة 1999 بشأن حظر أسوأ أشكال
عمل الأطفال والإجراءات الفورية للقضاء عليها،اعتمدت من طرف المؤتمر العام لمنظمة
العمل الدولية في 17 يونيو 1999 وبدأ نفاذ هذه الاتفاقية في 19 نوفمبر 2000.
[21] -الاتفاقية
الدولية للقضاء على جميع أشكال التمييز العنصري، اعتمدت وعرضت للتوقيع والتصديق
والانضمام بموجب قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة 2106 ألف (د-20) المؤرخ في 21
ديسمبر 1965، تاريخ بدء النفاذ: 4 يناير 1969، وفقا للمادة 19.
[22] - اتفاقية العمل الجبري هي الاتفاقية المتعلقة بالسخرة والعمل الإجباري وهي إحدى اتفاقيات منظمة
العمل الدولية الأساسية الثمانية لمنظمة العمل الدولية. اعتمدت
الاتفاقية في جنيف 28 يونيو 1930 ودخلت حيز التنفيذ في 1 مايو 1932.
[23] الاتفاقية رقم 154 لسنة 1981 بشأن تشجيع
المفاوضة الجماعية.
[24] - حاتم قطران، "دليل الحقوق
الاقتصادية والاجتماعية والثقافية: العهد
الدولي الخاص بالحقوق
الاقتصادية والاجتماعية والثقافية"، المعهد العربي
لحقوق الإنسان، تونس، 2004، ص 20.
[25] - تعّرف منظمة العمل الدولية، في اتفاقيتها رقم
29 لسنة 1930 العمل الجبري كما يلي: "كل
أعمال وخدمات تغتصب من شخص تحت التهديد بأي عقوبة ولم يتطوع هذا الشخص بأدائها
بمحض اختياره (المادة الثانية ) ،ويشير الصك الأساسي الآخر لمنظمة العمل الدولية
في هذا الصدد، ألا وهو اتفاقية إلغاء العمل الجبري رقم 105 لسنة1957 إلى أن العمل
الجبري لا يمكن استخدامه لأغراضا لتنمية الاقتصادية، أو كوسيلة للتوجيه السياسي أو
التمييز، أو لفرض الانضباط على الأيدي
العاملة أو كعقاب على المشاركة في الإضرابات (المادة الأولى).
[26] - بدأ نفاذ هذه
الاتفاقية في 23 مايو 1953، وقد صادق عليها المغرب سنة 1979. وقد
نصت هذه الاتفاقية في مادتها الأولى على أن عبارة مساواة العمال والعاملات في
الأجر عن عمل ذي قيمة متساوية، تشير إلى معدلات الأجور المحددة دون تمييز قائم على
الجنس.
[27] - اعتمدها المؤتمر العام لمنظمة العمل الدولية
في 25 يونيو 1958 ودخلت حيز التنفيذ في 15 يونيو 1960. وقد صادق عليها المغرب سنة
1963.
[28] - تمت مراجعة هذه
الاتفاقية سنة 1934 وسنة 1948.
[29] - بدأ نفاذ هذه
الاتفاقية في 30 مايو 1937.
[30] - اتفاقية العمل الدولية 183 بشأن حماية
الأمومة، (مراجعة) لسنة 2000 والتي صادق عليها المغرب سنة 2011.
[31]
- تنص المادة 12 من مدونة الشغل على ما يلي: يعاقب
المشغل عن مخالفة أحكام المادة 9 أعلاه بغرامة من 15.000 إلى 30.000 درهم. وفي
حالة العود، تضاعف الغرامة المذكورة أعلاه.
عند مخالفة الأجير لأحكام الفقرة الأولى من المادة 9 أعلاه، تتخذ في
حقه عقوبة التوقيف لمدة 7 أيام. وفي حالة تكراره لنفس المخالفة خلال السنة، تتخذ
في حقه عقوبة التوقيف لمدة 15 يوما.
وفي حالة تكراره لنفس المخالفة للمرة الثالثة، يمكن فصله نهائيا عن
الشغل.
[32]- Fairouz
NAJI et Mariem LIOUAEDDINE, Égalité professionnelle femmes-hommes : la reforme
juridique a l’épreuve de la réalité du marché du travail en France et au Maroc,
Revue Économie, Gestion et Société, N°13 décembre 2017, p 12.
[33] - دأب القضاء بدوره في
مجموعة من المناسبات على حماية أجر الأجيرة من كل تمييز، وفي هذا الصدد جاء في قرار صادر عن المجلس الأعلى سابقا، عدد 135 بتاريخ 07/02/2007، في
الملف الاجتماعي عدد 915/2006 (قرار منشور). أن مطالبة الأجيرة برفع أجرتها إلى
الحد الأدنى للأجور ومغادرتها لعملها بسبب عدم الاستجابة لطلبها يعد أمرا مشروعا،
إذ الأجر يعتبر من أهم أركان عقد العمل وأن التخفيض منه إلى أقل من الحد الأدنى
للأجور المقرر قانونا يعد إجراء يتسم بطابع التعسف.
[34] -Malika
BENRADI, Prospective « Maroc 2030 », dynamique sociale et évolution des statuts
des femmes au Maroc, Rapport Haut-Commissariat au Plan, Décembre 2006, p. 71.
[35]- Rachid Filali Meknassi, Étude sur
la règlementation du travail et la participation des femmes au marché du
travail au Maroc, RapportIntégration Économique des Femmes –MENA, Aout
2012, p. 5.
[36] - منىفريدبدران، تحقيق المساواة بين الرجل
والمرأة في المنطقة العربية في وسط عالم
العمل المتغيّر، الاجتماع العربي الثلاثي حول مستقبل العمل، منظمة العمل الدولية،
بيروت، 2017، ص 3.
[37] - المساواة في العمل: التحدي المستمر، التقرير
العالمي بموجب متابعة إعلان منظمة العمل الدولية بشأن المبادئ والحقوق الأساسية في
العمل، مؤتمر العل الدولي، الدورة المائة، مكتب العمل الدولي، الطبعة الأولى، جنيف
2011، ص 19.
[38] - اعتمدتها منظمة العمل الدولية في 23 يونيو
1981.
[39] - نشرة المساواة، واقع المساواة بين النساء
والرجال في أرقام، وزارة التضامن والتنمية الاجتماعية والمساواة والأسرة، المرصد
الوطني للمرأة، العدد الأول 2020، ص 51.
[40] - ساعات عمل مبالغ فيها،أجور تقل عن الحد
الأدنى المقرر قانونا، مستخدمون غير مصرّح بهم لدىا لصندوق الوطني للضمان
الاجتماعي، ساعات إضافية غير مدفوعة الأجر، تسريح العاملات بسبب الحمل
والنفاس...الخ.
[41] - أنظر تقرير المجلس الاقتصادي والاجتماعي
والبيئي، النهوض بالمساواة بين النساء والرجال في الحياة الاقتصادية والاجتماعية
والثقافية والسياسية، إحالة ذاتية رقم 18/2014، ص 18.
[42]
Malika BENRADI, Prospective « Maroc 2030 », dynamique sociale et évolution des
statuts des femmes au Maroc, op.cit., p.72.
[43] - لم تعط مدونة
الشغل تعريفا دقيقا
للتحرش الجنسي، كما يلاحظ أن القانون
الجنائي المغربي أورد تعريفا
زجريا،
بحيث اكتفى بتعداد عقوبة التحرش الجنسي(الفصل 1-503).
[44] - قرار صادر عن المجلس الأعلى سابقا، محكمة
النقض حاليا عدد 1016 صادر بتاريخ 9 دجنبر 2010 في الملف الاجتماعي عدد
600/5/1/2009، منشور بنشرة قرارات المجلس الأعلى، السلسلة 2، الجزء 7، 2011، ص 35.
[45] - Arrêt
n° 536 du 19 mars 2013, N° de pourvoi : 11-28845, Cour de
cassation, Chambre sociale, ECLI:FR:CCASS:2013:SO00536, (Publié au
bulletin).
[46] -Julie
Magne, Étude de dimensions personnelles, relationnelles et attitudinales dans
l’intention de quitter un emploi traditionnellement féminin : quelle place
accorder au sexe et aux stéréotypes de genre, Thèse de doctorat, Psychologie,
Université de Bordeaux, 2016, p. 78.
[47]
Guide sur l’Intégration Transversale de l’Égalité de Genre dans les politiques
publiques, projet initié par le Ministère de la Solidarité, de la Femme, de la
Famille et du Développement Social (MSFFDS) et soutenu par le gouvernement
fédéral allemand, Maroc, 2014, p. 14.
[48] - نشرة المساواة، واقع المساواة بين النساء
والرجال في أرقام، مرجع سابق، ص 20.
[49] - تقرير المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي،
مرجع سابق، ص 19.
[50] - نشرة المساواة، واقع المساواة بين النساء
والرجال في أرقام، مرجع سابق، ص 20.
[51] - تقرير المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي،
مرجع سابق، ص 18.
[52] - المرجع نفسه، ص 16.
[53] نفس المرجع، ص 20.
[54]
L’accès et la représentation des femmes dans les organes de gouvernance
d’entreprise, Institut Français des Administrateurs, France, Septembre 2009, p.
8.
[55] - BIT,
Sécurité sociale Questions, défis et perspectives, Conférence internationale du
Travail, Rapport VI, 89e session, Genève, 2001, p. 9.
[56]Hayat Zirari, Droits des
femmes au Maroc : bilan et perspectives, Société et culture | Développement et coopération, 2010, p.290.
[57] - منى فريد بدران، تحقيق المساواة بين الرجل والمرأة في المنطقة العربية في وسط عالم العمل المتغيّر، مرجع سابق، ص 4.