خصوصية المسؤولية المدنية البيئية
باحث بسلك الدكتوراه
في القانون الخاص
كلية العلوم
القانونية والاقتصادية والاجتماعية فاس.
الملخص: أدت التطورات التي عرفها العالم بفضل التطور التكنولوجي والعلمي إلى تزايد الأضرار الناتجة عن تهديد المحيط البيئي، التي تتمثل أساسا في الاحتباس الحراري والتغيرات المناخية ، وتدهور الغطاء النباتي ونفوق الأسماك والكائنات الحية، وارتفاع نسبة التلوث في مياه الأنهار والبحار والمحيطات.....، وكان نتيجة لذلك أن ترتب عن هذه الأضرار إنشاء تشريعات لمساءلة المخالفين للالتزامات والواجبات المتعلقة بحماية البيئة، وهو ما يسمى بالمسؤولية المدنية عن الأضرار البيئية، هاته الأخيرة تختلف عن غيرها من الأضرار العادية سواء على مستوى خصائصها، أو على مستوى الأساس الذي تقوم عليه، أو في ما يخص التعويض عنها.
الكلمات
المفتاحية: البيئة _ الضرر البيئي _
المسؤولية المدنية _ التعويض.
مقدمة:
تعد
المسؤولية المدنية[1]
من أهم الموضوعات القانونية التي اهتم بها الفقه والقضاء من بداية القرن العشرين
ولازال هذا الاهتمام في تزايد مستمر نتيجة تجدد وتفاقم المخاطر التي يتسبب فيها
الإنسان بفعله أو بفعل الأشياء التي في حراسته[2].
حيث أدت التطورات التي عرفها العالم بفضل
التطور التكنولوجي والعلمي إلى تزايد المخاطر الناتجة عن تهديد المحيط البيئي،
التي تتمثل أساسا في الاحتباس الحراري والتغيرات المناخية ، وتدهور الغطاء النباتي
ونفوق الأسماك والكائنات الحية، وارتفاع نسبة التلوث في مياه الأنهار والبحار
والمحيطات[3]،
وكان نتيجة لذلك أن ترتب عن هذه المخاطر إنشاء تشريعات لمساءلة المخالفين
للالتزامات والواجبات المتعلقة بحماية البيئة، وهو ما يسمى بالمسؤولية المدنية عن
الأضرار البيئية، هاته الأخيرة تختلف عن غيرها من الأضرار العادية في مجموعة من
النقط.
ولما كانت فعالية أي نظام قانوني تتوقف
على توقيع الجزاء على كل سلوك أو تصرف من شأنه أن يترتب عليه ضرر، فإن المسؤولية المدنية تعتبر من أهم الجزاءات التي
يرتبها القانون بصفة عامة وذلك بهدف التعويض عن المساس بالحقوق والإخلال
بالالتزامات، وفي المجال البيئي فإن المسؤولية المدنية على غرار المسؤولية
القانونية بأنواعها المتعددة يمكن أن تقوم بدور فعال في تسوية النزاعات الناشئة عن
الأضرار البيئية[4].
إلا أن أدق إشكال يمكن أن يثار في هذا الصدد هو تحديد أساس المسؤولية المدنية
عن الضرر البيئي وخصائصه، وكذا الآثار والجزاءات المترتبة عن تحقق هذه المسؤولية؟.
هذا ما سنحاول الإجابة عنه من خلال التصميم
التالي:
المحور
الأول: أساس المسؤولية المدنية عن الضرر البيئي وخصائصه
المحور
الثاني: الجزاءات المترتبة عن تحقق المسؤولية المدنية عن الضرر البيئي
المحور الأول: أساس المسؤولية المدنية عن الضرر البيئي
وخصائصه
إن أي
نشاط يؤدي إلى الإضرار بالبيئة أو الاعتداء على عناصرها، فإن محدثه يعد مسؤولا
أمام القانون عن تصرفاته الضارة بالموارد البيئية، وما يمكن ملاحظته هو أن خصوصية
الأضرار البيئية تطرح عدة صعوبات في تحديد أساس المسؤولية في هذا المجال، وعليه
سوف نتحدث عن أساس المسؤولية المدنية عن الضرر البيئي الفقرة الأولى، على أن نعالج
خصائص الضرر البيئي الفقرة الثانية.
الفقرة الأولى: أساس المسؤولية المدنية عن الضرر البيئي
مما لا
شك فيه أن جرائم تلويث عناصر المحيط البيئي تتمتع بخصوصية تميزها عن باقي الجرائم
الأخرى العادية، ومن ثم لا يتسنى إخضاعها لأحكام المسؤولية المدنية التقليدية التي
تنهض على عناصر ثلاثة الخطأ والضرر والعلاقة السببية بينهما[5].
حيث أدت
التطورات التي حدثت في المسؤولية المدنية إلى حدوث اهتزاز كبير في المكانة التي
تحتلها هذه الأخيرة[6]،
فقد صاحب التقدم العلمي الذي شهده العصر الحالي ظهور العديد من الاختراعات والآلات
الميكانيكية والمؤسسات الضخمة التي تشكل إضرارا بالمجال البيئي وكذا اتخاذ الأضرار
البيئية لأشكال جديدة لم تكن معروفة من قبل، الأمر الذي يتعذر معه إثبات قيام
العلاقة السببية بين السلوك والتلوث الذي ترتب عنه، وأيضا صعوبة تحديد المتضرر
المباشر من الانتهاكات البيئية، وهو ما يستوجب إعادة النظر في الأساس الذي تقوم
عليه هذه المسؤولية[7]،
فالقانون يجب أن يكون مسايرا للتطورات التي تحدث في المجتمع، وأن يستجيب لما يطرأ
فيه من تغيرات ومتطلبات جديدة[8].
ترتيبا على ذلك ثار جدال واسع حول تحديد الأساس القانوني للمسؤولية المدنية عن
الأضرار البيئية بين توجهين أساسين، التوجه الأول يتبنى فكرة المسؤولية الخطئية،
وحسب هذا التوجه فالخطأ يعد شرطا ضروريا للمسؤولية، بل هو الأساس الذي تقوم عليه،
ويستوي في ذلك أن يكون هذا الخطأ واجب الإثبات، كما في حالة المسؤولية الناشئة عن
العمل الشخصي، أو يكون خطأ مفترضا، كما في حال المسؤولية الناشئة عن فعل الغير وعن
الأشياء[9]، وقد لوحظ أن المسؤولية التي تقوم على الخطأ
الواجب الإثبات في مجال المسؤولية عن الضرر البيئي يعتبر تطبيقها في غاية الصعوبة
بالنسبة للمتضرر، الذي يتوجب عليه أن يثبت وقوع الخطأ من المسؤول، وحتى في حالة الخطأ المفترض يجب عليه أن يثبت العلاقة السببية بين الخطأ والضرر الذي
أصابه، وهو أمر على قدر كبير من التعقيد إذ أن الكثير من الدعاوى البيئية ترد لعدم
تمكن المدعي من إثبات الخطأ أو العلاقة السببية بين الخطأ والضرر، وبالتالي حرمان
المضرور من الحصول على التعويض[10].
أما
التوجه الثاني فهو التوجه الذي يقوم على توفر عنصر الضرر دون التعرض لمسألة الخطأ،
أي المسؤولية الموضوعية[11]،
هذه الأخيرة تقوم على عدة أسس لعل أهمها فكرة تحمل التبعة أو ما يعرف بنظرية
المخاطر، ومبرر تبني هذه الفكرة ما يجنيه صاحب المشروع من أرباح، فلما كان هذا
الأخير هو المستفيد من الخطر الذي يحدثه نشاطه، فإنه يتعين عليه أن يتحمل تبعة هذا
النشاط ويجبر الأضرار التي تتخلف عنه، لأنه من غير المقبول أن يستفيد صاحب المشروع
من نشاطه ويجني أرباحه ويتملص من تبعاته[12].
هذا
وتقوم المسؤولية المدنية الناشئة عن تحمل التبعة على قواعد مختلفة، منها قاعدة
الغرم بالغنم، مؤدى هذه النظرية أن من يستفيد من مشروع معين عليه أن يتحمل مغبة
الأضرار التي تلحق بغيره، ثم قاعدة العدالة التي تقتضي الموازنة بين مساءلة محدث
الضرر وجبر الضرر دون حاجة إلى البحث عن عنصر الخطأ، بالإضافة إلى قاعدة الخطر
المستحدث[13].
وقد أخذ
المشرع المغربي بهذا التوجه الأخير في القوانين البيئية الجديدة، حيث جاء في
المادة 63 من قانون 11-03 المتعلق
بحماية واستصلاح البيئة، على أنه يعتبر مسؤولا دون الحاجة إلى إثبات خطأ ما، كل
شخص مادي أو معنوي يخزن أو ينقل أو يستعمل محروقات أو مواد مضرة وخطيرة، وكذا كل
مستغل لمنشأة مصنفة كما يحددها النص التطبيقي لهذا القانون، تسببت في إلحاق ضرر
جسدي أو مادي له علاقة مباشرة أو غير مباشرة بممارسة الأنشطة المشار إليها في هذا
القانون.
بالتالي،
يمكن القول أن المسؤولية الأكثر توافقا في هذا المجال والأجدى حماية للمتضررين هي
المسؤولية الموضوعية التي تقوم على ركنين فقط هما الضرر والعلاقة السببية بين
الفعل الصادر من المسؤول وبين ما يلحق الغير من ضرر بسبب هذا الفعل، لاعتبارات عدة
من أهمها أن غياب الخطأ أو تعذر إثباته لا يمكن أن يكون مبررا لحرمان المتضرر من
التعويض، فالمعيار الذي يجب اعتماده لقبول دعوى المسؤولية هو وقوع الضرر وثبوت
علاقة السببية بينه وبين النشاط الذي أحدث ذلك الضرر حتى ولو كان ذلك النشاط
مشروعا ومبررا.
الفقرة الثانية: خصائص
الضرر البيئي
إذا كانت
القواعد العامة في المسؤولية المدنية تقتضي بضرورة أن يكون الضرر محققا وحالا، وقد
يكون مستقبلا ومحقق الوقوع، كما يكون الضرر شخصيا يصيب الشخص الذي يطالب بالتعويض
ويكون مباشرا نتيجة نشاط المسؤول[14]،
فإن الأمر ليس كذلك إذا كنا بصدد المسؤولية عن أضرار التلوث البيئي، فالضرر البيئي
يتميز عن غيره من الأضرار الأخرى في كونه غالبا ما يرتبط بعناصر خارجية، فتلوث
الهواء مثلا يؤدي بفعل الأمطار والرياح إلى تلوث البحار والمحيطات، كما يتميز
الضرر البيئي أيضا بكونه غير مرئي، أي أن الضرر الذي يؤثر على الإنسان وبيئته
يتميز بأنه ضرر لا يمكن رؤيته في معظم الأحيان بالعين المجردة، كما أنه ضرر متغير
ويحدث أثاره بالتدرج مع مرور الزمن[15]،
وهو ضرر منتشر لا ينحصر في مكان معين بل يمتد ليغطي فضاء الكرة الأرضية بأكملها،
وأخيرا يعتبر الضرر البيئي ظاهرة معقدة ومركبة، حيث أن العلم الحديث لم يستطع في
العديد من حالات الضرر البيئي من تحديد الآثار السلبية لهذه الأضرار على النظم
البيئية، والآثار الضارة التي لا تبدأ في الظهور إلا بعد مرور وقت طويل[16]،
فالأضرار البيئية هي أضرار غير مباشرة في معظم الأحيان[17].
الجدير
بالذكر أن المسؤولية المدنية عن الضرر البيئي وأيا كانت الأسس القانونية والخصائص
التي تقوم عليها، فإن تحققها يؤدي إلى الحكم بالتعويض.
المحور الثاني: الجزاءات المترتبة عن تحقق المسؤولية عن
الضرر البيئي
عندما
يحدث التلوث فإنه لا يقتصر على إلحاق الضرر بالأشخاص أو بالأموال المملوكة لهم،
وإنما قد يصيب عناصر البيئة نفسها من هواء وتربة وماء فيما يسمى بالضرر البيئي
المحض، وإذا ما ثبتت مسؤولية الملوث فإنه يقع على عاتقه التزام بإصلاح الضرر الذي
وقع نتيجة التلوث، هذا الإصلاح يتخذ إما صورة التعويض العيني الفقرة الأولى، أو
دفع تعويض نقدي[18]الفقرة
الثانية.
الفقرة الأولى: التعويض العيني
يقصد
بالتعويض العيني الحكم بإعادة الحال إلى ما كان عليه قبل حدوث الضرر، وذلك بالعمل
على إزالة كافة الآثار الناجمة عن سلوك المتسبب في إحداث هذا الضرر، وقد عرفت
اتفاقية لوجانو إعادة الحال بأنها "كل إجراء معقول يهدف إلى إعادة تأهيل أو
إصلاح العناصر البيئية أو تخفيف الأضرار البيئية أو منعها إذا كان من الممكن فيه
توازن العناصر المكونة للبيئة"[19].
ولقد
حرصت أغلب التشريعات البيئية على إلزام المخالف لأحكام التشريع البيئي والمتسبب في
تلويث المحيط البيئي بالعمل على محو أثار هذا التلوث على نفقته الخاصة، ومن هذه
التشريعات التشريع الفرنسي الصادر في 19
يوليوز سنة 1975 بشأن
المخلفات إذ أعطى للقاضي سلطة الحكم على وجه الإلزام بإعادة الحال إلى ما كان عليه
بالنسبة للأماكن التي لحقتها أضرار بسبب مخلفات لم يتم معالجتها وفقا للشروط
المحددة في هذا القانون[20]،
وقد أشار المشرع المغربي لهذا الجزاء المدني في الفصل 35 من القانون
رقم 22-07 المتعلق بالمناطق المحمية حيث جاء فيه
"بصرف النظر عن العقوبات المنصوص عليها في المواد أعلاه، يمكن لقرار الإدانة
أن ينص على إصلاح الأماكن على نفقة المدان ....".
وإعادة
الحال إلى ما كان عليه كجزاء مدني يكون إما بإصلاح الوسط البيئي الذي تعرض للتلوث،
مثل تنظيف المكان الملوث، أو غرس أشجار بدلا من تلك التي هلكت، أو جلب طيور برية
بدلا من تلك التي نفقت، أو قد يكون الإجراء إنشاء ظروف جديدة للأماكن التي تتعرض
لخطر التلوث[21].
وعليه فالتعويض العيني من خلال ما سبق يعد من أفضل
الطرق التي يمكن فيها تعويض المضرور، لأنه يؤدي إلى جبر الضرر تماما وذلك بإلزام
المتسبب فيه بإزالته وعلى نفقته خلال مدة معينة، غير أن ما تجدر الإشارة إليه هو
أن التعويض العيني في مجال الأضرار البيئية ليس بالأمر السهل، خاصة وأن قضايا
التلوث البيئي شائكة ومتعددة الجوانب، لاسيما إذا كان هنالك أكثر من مصدر للضرر،
كأن سقطت ملوثات سامة في نهر وأدى ذلك إلى ما كان عليه، أما إذا كان سقوط الملوثات
من النهر فمن الممكن إزالته عن طريق التنقية، هنا يكون التعويض العيني مقبولا[22]،
هذه الصعوبات تجعل القاضي يلجأ إلى في كثير من الأحيان لأسلوب التعويض النقدي بشأن
أضرار التلوث البيئي.
الفقرة الثانية: التعويض النقدي
يتمثل
التعويض النقدي في الحكم للمتضرر بمبلغ من النقود نتيجة ما أصابه من ضرر، ولا يلجأ
القاضي إلى التعويض النقدي إلا في الحالات التي يكون فيها التعويض العيني غير
ممكن، سواء لأن هناك عقبات فنية تمنع من إعادة الحال إلى ما كان عليه[23]،
كما لو وقع حادث ارتطام ناقلة محملة بالنفط في مياه البحر وأدت إلى القضاء على
جميع الكائنات البحرية، فهنا يصعب إعادة الحال إلى ما كان عليه قبل وقوع الضرر، أو
لأن نفقات التعويض باهظة.
هذا
ويتضمن التعويض النقدي عن الأضرار البيئية ثلاثة عناصر جوهرية تتمثل في مبالغ
استعادة وإحياء واستبدال وإحلال مصادر أخرى للمصادر المتضررة، كما يتضمن المبالغ
المالية التي تفي بالإنقاص من قيمة المصادر المكونة للبيئة لاستعادة وصفها السابق
قبل وقوع الضرر، بالإضافة إلى تضمنه التكاليف والمصاريف الضرورية التي بذلت بهدف
تقدير هذه الأضرار[24]،
وتنقسم طرق التعويض النقدي إلى طريقتين أساسيتين، هما طريقة التقدير الموحد وطريقة
التقدير الجزافي، بالنسبة للطريقة الأولى يتم تقدير قيمة العنصر البيئي بعدة
آليات، منها طريقة حساب القيمة السوقية للعنصر البيئي، إما من خلال قياس منفعة
الاستعمال الآني الحالي للعنصر البيئي، أو من خلال قياس القيمة الاستبدالية للعنصر
البيئي في حالة فقده، أما بخصوص التقدير
الجزافي فيتضمن وضع قوائم أو جداول يقوم بها المختصون في المجال البيئي، يتم من
خلالها تقدير قيمة العنصر الطبيعي بالنقود مسبقا قبل وقوع الضرر، بحيث يتم تقدير
التعويض من قبل المحكمة على أساس هذه الجداول تقديرا جزافيا بحسب العدد أو الوحدة[25].
وتجدر
الإشارة إلى أن التعويض النقدي في مجال الأضرار البيئية لا يخلو بدوره من صعوبات
تحول دون تحقيقه الفعالية المرجوة منه، حيث أن التعويض النقدي عن الأضرار البيئية
الخالصة لا ينهي النزاع بالنسبة للمستقبل، ذلك أن موضوع النزاع الذي كان محل
مطالبة قضائية يبقى قائما، ويصلح لمطالبة جديدة بسبب استمرارية الضرر في الوسط
الطبيعي، الشيء الذي سيجعل من النزاع البيئي غير متوقف على حدود زمنية محددة
ومضبوطة[26].
وبالتالي
يمكن القول أن التعويض العيني يشكل أحد التطبيقات الفعالة لإصلاح الأضرار
الإيكولوجية الخالصة، لأن التعويض النقدي سواء قدم لأفراد أو جمعيات أو هيئات عامة
فإنه يشكل نوعا من الإثراء بلا سبب على حساب العناصر الطبيعية التي لا مالك لها،
ولا يحل مشكلة الضرر البيئي التي تصيب هذه العناصر[27].
خاتمة:
لقد
حاولنا من خلال هذا المقال أن نتحدث عن خصوصية المسؤولية المدنية عن الأضرار
البيئية باعتبارها من الأضرار التي أصبحت منتشرة بكثرة في الآونة الأخيرة، حيث
تبين لنا أن المسؤولية المدنية عن الضرر البيئي يجب أن تكون مسؤولية موضوعية قائمة
على ركنين فقط هما الضرر والعلاقة السببية وذلك في ظل عدم كفاية المسؤولية الخطئية
وهو التوجه الذي تبناه المشرع المغربي في القوانين البيئية الجديدة، كما هو الحال
بالنسبة للقانون رقم 11-03 المتعلق بحماية واستصلاح البيئة، أما عن
التعويض فيمكن القول أن التعويض بنوعيه العيني والنقدي ليس بالأمر السهل، وخلصنا
إلى أن التعويض العيني يعد بحق الآلية المناسبة لإصلاح الأضرار البيئية الخالصة.
لائحة المراجع:
-
عبد القادر العرعاري، مصادر الالتزامات الكتاب
الثاني "المسؤولية المدنية" الطبعة الثالثة 2014.
-
عبد الرحملن الشرقاوي، حدود تأثير قواعد المسؤولية
المدنية البيئية على تنافسية المقاولة، القانون، المقاولات وحماية البيئة، مطبعة
طوب بريس، الرباط، ط: الأولى، 2015.
-
أنور جمعة علي الطويل، المسؤولية المدنية عن
الأضرار البيئية "دراسة مقارنة"، دار الفكر والقانون المنصورة، الطبعة
الأولى 2014 .
-
حسام محمد سامر جابر، الجريمة البيئية، دار شتات
للنشر والبرمجيات مصر، دون رقم الطبعة 2011.
-
بوفلجة عبد الرحمان، المسؤولية المدنية عن الأضرار
البيئية ودور التأمين، بحث لنيل شهادة الدكتوراه في القانون الخاص، كلية الحقوق
والعلوم السياسية، جامعة أبو بكر بلقايد، تلمسان، السنة الجامعية 2016-2015.
-
نور الدين الرحالي، المسؤولية المدنية عن الضرر
البيئي في المغرب،أطروحة لنيل الدكتوراه، كلية العلوم القانونية والاقتصادية
والاجتماعية السويسي، الرباط، السنة الجامعية 2015-2014.
-
وليد عايد عوض الرشيدي، المسؤولية المدنية الناشئة عن تلوث البيئة -دراسة
مقارنة-، رسالة ماجستير في القانون الخاص، جامعة الشرق الأوسط، كلية الحقوق، سنة 2012.
-
وناس يحيى، الآليات القانونية لحماية البيئة
بالجزائر، رسالة دكتوراه في القانون العام، جامعة أبو بكر بلقايد، تلمسان، سنة 2007.
-
المجلة المغربية في الفقه والقضاء، سلسلة الدراسات
القضائية والقانونية المعمقة، رفع الضرر بين ظهير الالتزامات والعقود ومدونة
الحقوق العينية على ضوء الاتجاهات الحديثة في محكمة النقض، ع: 2 ، مطبعة الأمنية –الرباط، ط: الأولى 2017.
-
François terré, « pour une réforme du droit
de la responsabilité civile » édition, Dalloz, 2011.
-
Geneviève Viney, « le déclin de la responsabilité
individuelle » Librairie générale de droit et de la jurisprudence, paris,
1965.
-
Lara Khoury, « une nouvelle révolution
pour le droit de la responsabilité ? La gouvernance du risque biomédical
et l’indemnisation de ses victimes », revue générale de droit, vol. N° 39,
2009.
-
convention sur la
responsabilité civile des dommages résultant d’activités dangereuses pour
l’environnement, Lugano 1993.
[1] تعرف المسؤولية المدنية بأنها المؤاخذة عن
الأخطاء التي تضر بالغير وذلك بإلزام المخطئ بأداء التعويض للطرف المضرور وفقا
للطريقة والحجم اللذين يحددهما القانون. انظر عبد القادر العارعاري،
مصادر الالتزامات الكتاب الثاني المسؤولية المدنية، ط: الثالثة، مكتبة دار الأمان،
الرباط، 2014، ص :11.
[2] عبد القادر العارعاري، المرجع نفسه، ص: 7.
[3] عبد الرحملن الشرقاوي، حدود تأثير قواعد
المسؤولية المدنية البيئية على تنافسية المقاولة، القانون، المقاولات وحماية
البيئة، مطبعة طوب بريس، الرباط، ط: الأولى، 2015، ص: 51.
[4] النزاع البيئي هو ذلك النزاع الناتج عن الضرر
البيئي الذي ارتكبه المخالف هذا المخالف إما أن يكون شخصا طبيعيا أو معنويا للأحكام المتعلقة بحماية البيئة، ويقتضي تطبيق أحد المقتضيات المنصوص عليها
في القوانين ذات الصلة بالمجال البيئي.
[5] جاء في الفصل 77 من ق.ل.ع.م " كل فعل ارتكبه الإنسان عن بينة
واختيار، ومن غير أن يسمح به القانون، فأحدث ضررا ماديا أو معنويا للغير، ألزم
مرتكبه بتعويض هذا الضرر، إذا ثبت أن ذلك الفعل هو السبب المباشر في حصول
الضرر".
[6] François terré, « pour une
réforme du droit de la responsabilité civile » édition, Dalloz, 2011,
p : 73.
[7]Geneviève Viney,
« le déclin de la responsabilité individuelle » Librairie générale de
droit et de la jurisprudence, paris, 1965, p : 208.
[8] François terré,
op. cit, p : 73.
[9] بوفلجة عبدالرحمان، المسؤولية المدنية عن
الأضرار البيئية ودور التأمين، بحث لنيل شهادة الدكتوراه في القانون الخاص، كلية
الحقوق والعلوم السياسية، جامعة أبو بكر بلقايد، تلمسان، السنة الجامعية 20162015، ص:52.
[10] وليد عايد عوض الرشيدي،
المسؤولية المدنية الناشئة عن تلوث البيئة دراسة مقارنة، رسالة ماجستير في القانون
الخاص، جامعة الشرق الأوسط، كلية الحقوق، سنة 2012، ص:
58.
[11] Lara Khoury, « une nouvelle
révolution pour le droit de la responsabilité ? La gouvernance du risque
biomédical et l’indemnisation de ses victimes », revue générale de droit,
vol. N° 39, 2009, p : 76.
[12] حسام محمد سامي جابر، الجريمة البيئية، دار شتات
للنشر والبرمجيات مصر، دون رقم الطبعة 2011، ص:
259.
[13] أدى التطور العلمي الذي
شهده العصر الحالي إلى ظهور العديد من الآلات والمخترعات التي من شأنها أن تلحق
ضررا بالغير، وبالتالي فمن البديهي أن يسأل مستخدم هذه المقتنيات العلمية الحديثة
عن الأضرار التي لحقت بالغير دون حاجة لإثبات عنصر الخطأ.
[14] انظر
محمد العارعاري، م.س، ص: 122وما بعدها.
[15] جاء في قرار لمحكمة النقض رقم 5/703، ملف مدني عدد 2014/5/1/2304 بتاريخ 25 نونبر 2014 على أن " المحكمة لما ثبت لها من خلال اطلاعها على وثائق
الملف وبالأخص المعاينة وجود مصرف للمياه العادمة وبه مياه ملوثة تمر غرب منزل
المطلوب في لنقض وامتدادها من منزل طالب النقض، الذي له إمكانية تصريفها من جهة
أخرى نحو الطريق العمومية، فقضت برفع الضرر بإغلاق المصرف كان قرارها معللا
ومرتكزا على أساس من القانون.
= الضرر الناتج عن المياه العادمة يعتبر من الأضرار
المتغيرة التي لا تستقر على حالة واحدة حتى يتأتى التمسك بكون ضررها
قديم". منشور بالمجلة المغربية في
الفقه والقضاء، سلسلة الدراسات القضائية والقانونية المعمقة، رفع الضرر بين ظهير
الالتزامات والعقود ومدونة الحقوق العينية على ضوء الاتجاهات الحديثة في محكمة
النقض، ع: 2
، مطبعة الأمنية –الرباط، ط: الأولى 2017، ص: 132.
وجاء في قرار
آخر لمحكمة النقض المجلس الأعلى سابقا رقم 3895 في الملف المدني عدد 2008/5/1/2275 بتاريخ 04 نونبر 2009أن " قاعدة الضرر يحاز بما تحاز به الأملاك تتعلق بالأضرار المستقرة
على حالة والتي لا تتغير، والمحكمة لما = =اعتمدت هذه القاعدة رغم أن موضوع النزاع
يتعلق بمزبلة تسبب الروائح وغيرها من النتائج التي تتغير بطبيعتها ولا تستقر على
حال حتى يمكن حساب مدة أقدميتها، يجعل تعليل قراراها فاسدا يوازي
انعدامه". منشور بالمجلة المغربية في
الفقه والقضاء، م.س، ص: 159.
[16] نور الدين الرحالي، المسؤولية المدنية عن الضرر
البيئي في المغرب،أطروحة لنيل الدكتوراه، كلية العلوم القانونية والاقتصادية
والاجتماعية السويسي، الرباط، السنة الجامعية20152014
، ص: 235 وما بعدها.
[17] إن طبيعة وخصوصية الضرر
البيئي أدت إلى صعوبة توافر خاصية الضرر المباشر، وذلك لتدخل عدة عوامل فيه
كالتطور التكنولوجي والصناعي.
[18] تجدر الإشارة إلى أن إعطاء الأولوية للتعويض
العيني أو النقدي يختلف بحسب نوع المسؤولية المدنية، فقد جرى العمل في التشريع
والفقه والقضاء على أن الأصل في حالة الالتزامات العقدية أن يحكم بالتعويض العيني،
فإذا تعذر التعويض العيني يحكم بالتعويض النقدي، أما في حالة المسؤولية التقصيرية
فالأصل في التعويض أن يكون تعويضا نقديا ولا يتم التعويض العيني إلا بطلب من
المضرور، غير أن خصوصية الأضرار البيئية جعلت الكثير من القوانين والاتفاقيات
الدولية تفضل التعويض العيني لما في ذلك من إعادة للمصادر الطبيعية إلى حالتها
الأصلية وحفاظا على البيئة التي تعتبر تراثا مشتركا للإنسانية جمعاء.
[19] « Mesures de remise en état signifie
toute mesure raisonnable visant à ré habiliter ou à retrouver les composantes
en dommages ou détruites de l’environnement. Ou à introduire, si c’est
raisonnable, l’équivalent de ces composantes dans l’environnement le droit
interne peut indiquer qui est habilité à prendre ces mesures ». Art 2 /8 de la convention sur la
responsabilité civile des dommages résultant d’activités dangereuses pour
l’environnement, Lugano 1993, p : 3.
[20] حسام محمد سامي الجابر،
م.س، ص: 263.
[21] أنور جمعة علي الطويل، المسؤولية المدنية عن
الأضرار البيئية "دراسة مقارنة"، دار الفكر والقانون المنصورة، الطبعة
الأول 2014 ، ص: 431.
[22] وليد عايد عوض الرشيدي،
م.س، ص: 98.
[23] حسونة عبد الغني، م.س، ص: 182.
[24] بوفلجة
عبد الرحمان، م.س، ص: 178.
[25] أنور
جمعة علي الطويل، م.س، ص: 595.
[26] وناس
يحيى، الآليات القانونية لحماية البيئة بالجزائر، رسالة دكتوراه في القانون العام،
جامعة أبو بكر بلقايد، تلمسان، سنة 2007، ص: 274.
[27] نور الدين الرحالي، م.س، ص: 274.