آليات القانون الدولي الإنساني في مكافحة الإرهاب
حامس هرمس
باحث بسلك
الدكتوراه تخصص العلوم القانونية والسياسية
بجامعة
محمد الخامس -كلية العلوم القانونية والاجتماعية
السويسي-الرباط
ملخص: تناولت الدراسة موضوع الإرهاب في القانون الدولي الإنساني من خلال التعرف على مشكلة الدراسة المتمثلة في ماهية الإرهاب الدولي متتبعة تاريخ الإرهاب وتطوره تحت مظلة القانون الدولي الإنساني بعملياته المختلفة، وأيضا تناولت الدراسة الاختلاف الجوهري بين القانون الدولي الإنساني والقانون الدولي لحقوق الإنسان في مفهوم الإرهاب، تمثلت أهمية الدراسة في لفت النظر والاهتمام بتلك الظاهرة الخطيرة والتي تهدد الأمن الدولي، وتهدف الدراسة ايضا لتحفيز القانون الدولي الإنساني مجابهة هذه الظاهرة بكل السبل، كما افترضت الدراسة أنه من المتتبع والدارس لمواضيع الإرهاب أنه لا يوجد تعريف واضح متفق عليه لهذه الظاهرة الخطيرة مما يشتت مستخدمي القانون الدولي في معالجة هذه الظاهرة، استخدمت الدراسة المنهج القانوني والمنهج التحليلي الوصفي في طرحها هذا، كما توصلت الدراسة لعدة نتائج منها أن القانون الدولي لحماية الإنسان أشمل في تعامله مع الإرهاب الدولي من القانون الدولي لحقوق الإنسان وتوصلت الدراسة أيضا لعدد من التوصيات منها مراجعة وتنقيح.
Abstract : This
study focused on the issue of the terrorism in the international public law
through the identification of the problem of the study depending
on the definition of Terrorism and following the history of Terrorism and its
development under the umbrella of the humanitarian
international law, including its various types and operations. The study also
revealed the essential difference between the
humanitarian international law and the international human rights law regarding
the Terrorism definition, hence the study importance stems from the draw of the
attention of the international community for the need to pay attention to this
serious phenomenon which threaten the international security. Also the study
aimed to stimulate the international human rights law to face this problem by
all means to protect the international peace and the security of civilians.
The study hypotheses that searching and tracking
of the Terrorism issues, find that there is no specific and clear definition
for this serious phenomenon agreed upon, which distracts the thoughts of those
who are supposed to apply the international law in processing this phenomenon.
مقدمة:
شهد العالم تغيرات سياسية واقتصادية واجتماعية وقانونية مذهلة، في حين أن واقع
النزاعات المسلحة وآثارها لم يطرأ عليها تغيير بكل أسف، فلا تزال معاناة الإنسان
والموت والتشوه والدمار وفقدان الأمل تمثل الآثار المباشرة وطويلة الأمد للحروب على المجتمعات والأفراد الذين
يكتوون بنارها، وفض ًلا عن النزاعات المسلحة الدولية وغير الدولية أصبح العالم
يواجه مؤخرا تصاعد لأعمال الإرهاب الدولي التي تفاقمت في عصرنا هذا، عصر العولمة
وثورة المعلومات التي ساهمت في سرعة الحركة والاتصال وابتكارا أساليب جديدة في
التخطيط للعمليات الإرهابية وتنفيذها . فقد أصبحت ظاهرة الإرهاب تشكل أحد تحديات
النزاعات المسلحة المعاصرة التي تواجه القانون الدولي الإنساني، هذا الإرهاب الذي
خرج من ثوبه التقليدي وأصبح عاملا واسع النطاق قد يمارس من افراد وجماعات وحتى
الدول، والذي اعتبر احيانا بديلا عن الحروب التقليدية وأحيان ًا أخرى أسلوب ًا من
أساليبها. الواقع أن الساحة التي تصارعت فيها المبادئ الدولية لحقوق الإنسان مع
التهديدات الإرهابية التي تعرضت لها عدد من دول العالم الثالث ومع ضرورات الحفاظ
على الأمن القومي ضد أخطار واردة تمثل في حد ذاتها مشهدا مليئا بالإثارة يبين في
أحد جوانبه كيف تمتزج دعاوي الشراعية الوطنية والدولية باعتبارات السياسة ومصالحها
الآنية والانتهازية في ذات الوقت. يحتل موضوع الإرهاب حيزا كبيرا من اهتمام فقهاء
القانون الدولي والقانون الجنائي لما تشكله هذه الظاهرة من خطر جسيم على المجتمع
بما يخلفه من ضياع للأمن وتدمير للممتلكات وانتهاك للحرمات وتدنيس للمقدسات وقتل
وخطف للمدنيين الآمنين وتهديدا لحياة الكثير منهم. وثمة مبدأ أساسي في القانون
الدولي الإنساني يقض ي بأن من واجب الذين يشاركون في نزاع مسلح ان يميزوا في كل
الظروف بين المدنيين والمقاتلين وبين الأهداف المدنية والأهداف العسكرية ومن
المتعارف عليه أن مبدأ التمييز يعد حجر الزاوية للقانون الدولي الإنساني. ويعتبر
القانون الدولي الإنساني ملزم لجميع الأطراف في النزاع فهو يحظر التدابير والأعمال
الإرهابية في حالات النزاع المسلح الذي يمكن أن يكون بين دولتين أو أكثرا أو بين
دولة وحركات التحرر الوطني وهذا في حالة النزاع المسلح الدولي، أما النزاع المسلح
غير الدولي إما يكون بين دول وجماعات مسلحة أو قوات متمردة. فاستفحال هذه الظاهرة
زاد من قلق واهتمام المجتمع الدولي بهذه الظاهرة التي تخطت الصعيد الوطني إلى الدولي،
ومع انتشارا التنظيمات الممولة للإرهاب بشكل كبير والقادرة على التخطيط والتنفيذ
للأعمال العدائية والإرهابية.
إشكالية الدراسة:
الإرهاب الدولي أصبح خطر يستفحل يوما بعد يوم، بل
أصبح بديلا للحروب في كثير من الأحيان، حيث أضحى الإرهاب يحصد أرواح الملايين من
البشر ويتسبب في إزهاق الأرواح وإصابة المدنيين وغيرهم الذين لا علاقة لهم بالحروب
فضلا عن إتلاف وتدمير الممتلكات العامة والخاصة، بل ذهب إلى أكثر من ذلك، عليه
جاءت مشكلة هذه الدراسة متمثلة في السؤال التالي:
ما هو الدور الذي قام به القانون الدولي الإنساني
في مواجهة الإرهاب؟
أهمية الدراسة:
تنبع أهمية الدراسة من مدى الاهتمام بالإرهاب
الدولي وكيفية محاربته لما له تأثير على أمن الأفراد والدول.
أهداف الدراسة:
تهدف الدراسة إلى تحفيز القانون الدولي الإنساني
لمزيد من الاهتمام بالظاهرة وسن مزيد من القوانين لمحاربتها وبالتالي تطويرها.
خطة الدراسة:
للإجابة عن إشكالية الدراسة تم الاعتماد على التصميم التالي :
المطلب الأول: حظر الأعمال الإرهابية في القانون الدولي الإنساني
المطلب الثاني : آليات القانون الدولي الإنساني في مكافحه الإرهاب.
المطلب الأول: حظر الأعمال الإرهابية في القانون الدولي الإنساني
عند الحديث عن الإرهاب كنشاط مجرم بموجب القانون الدولي عامة والقانون
الدول خاصة نصطدم بالخلط الكبير في الخطوط الفاصلة بين النزاع المسلح كمجال
للقانون الدولي الإنساني و الأعمال الإرهابية لذلك سنعمل في هذا المطلب وفي سبيل
استقراء ما أفرده القانون الدولي الإنساني لحظر الأعمال الإرهابية على وضع حدود
فاصلة بين الإرهاب و النزاع المسلح
الفرع الأول : مفهوم الإرهاب .
منذ ظهور بشكله المعاصر لم يتمكن التشريع الدولي من الاتفاق على تعريف واضح
له ، إذ ظل مجالا للمزايدات السياسة والإيديولوجية بسبب التناقضات السياسية بين
الدول الغربية والمعسكر الشرقي وكذلك بسبب اختلاف المعتقدات الدينية لدى دول
العالم ، لذلك اتجهت المحاولات بدلا من وضع تعريف واضح للإرهاب إلى التمييز بين
إرهاب مشروع وأخر غير مشروع ما أدى إلى ظهور مصطلحات متداخلة ومتباينة ك إرهاب الفرد / إرهاب الدولة ، الإرهاب المنظم /
العنف الثوري وغيرها من المصطلحات التي ضاعفت من صعوبة الاتفاق على تحديد واضح
لعناصر جريمة الإرهاب[1] ، كما زاد التطور السريع الذي عرفه الإرهاب سواء
في صوره وأساليبه من صعوبة الأمر ، في هذا الصدد بين اتجاهين في محاولة تعريف
الإرهاب .
ينطلق الاتجاه الأول في تمييز العمل الإرهابي بكونه عمل يستند على أساس ايدولوجي فنجد إريك دافيد عرفه بكل " عمل من أمال
العنف المسلح الذي يرتكب لتحقيق أهداف سياسية او فلسفية أو أيديولوجية أو دينية
"[2] في نفس الاتجاه ذهب لوتز بالقول بأنه كل "
استعمال للقوة لأغراض سياسية أو دينية " خلاصة القول أن الاتجاه الأول يعرف
الإرهاب انطلاقا من دوافعه الاجتماعية /الثورية والعرقية/القومية و الدينية[3].
يعتمد الاتجاه الثاني في تعريف للإرهاب لا على أساسه بل نتائجه وجسامته
يقول سوطي " الإرهابي يرتكب أفعالا شديدة الخطورة لا تتوافق نتائجها مع
الوسائل المستعملة فيها " حيث يتميز الإرهاب وفقا لهذا الاتجاه بكونه غير
تمييزيا ،فالإرهابي لا يهمه أشخاص ضحايا وعددهم بقدر ما يهمه نتائجه أفعاله التي
يمكن وصفها بإحداث رعب عام لدى المستهدف من الفعل[4] .
المحاولات الدولية لتعريف الإرهاب
:
- محاولات
الأمم لمتحدة :
عرفت الأمم المتحدة في اتفاقيتها لقمع تمويل الإرهاب بأنه " أي عمل
يهدف إلى التسبب في موت شخص مدني أو شخص أخر أو إصابته بجروح بدنية جسيمة عندما
يكون هذا الشخص غير مشترك في أي أعمال عدائية في حالة نشوب نزاع مسلح وعندما يكون
غرض هذا العمل بحكم طبيعته أو في سياقه موجها لترويع السكان أو لإرغام حكومة أو
منظمة دولية على القيام بأي عمل أو الامتناع عنه[5] "، وارتباطا
بكون العمل الإرهابي يستند في أغلبه على أساس إيديولوجي اعتبر مجلس الأمن أن
الأعمال التي تعتبر إرهابية لا يمكن تحت أي ظرف من الظروف تبريرها بأي اعتبارات
ذات طابع سياسي أو فلسفي أو عقائديا و عنصري[6] وفي نفس الاتجاه
ذهبت الجمعة العامة للأمم المتحدة إلى كون الأعمال الإرهابية أعمال إجرامية يقصد بها أو يراد بها
إشاعة حالة من لرعب بين عامة الناس أو جماعة من الأشخاص لأغراض سياسية [7].
- محاولات
لجنة القانون الدولي :
في خضم اشتغال لجنة القانون الدولي سنة 1954 حول مشروعها ضد السلام وأمن
الإنسانية جاء مصطلح الإرهاب كجزء من
تعريف مفهوم العدوان باعتبار قيام دولة ما باتخاذ أو تشجيع أنشطة إرهابية في دولة
أخرى أو سماحها بأنشطة منظمة أهدافها ارتكاب أعمال إرهابية في دولة أخرى عملا من
أعمال العدوان التي يعتبر القيام بها انتهاكا للقانون الدولي ، كذلك رفت الجنة الدولية الجريمة الإرهابية
بأنها "أي عمل عنف خطير أو تهديد به يصدر عن فرد ، سواء كان يعمل بمفرده أو
بالاشتراك مع أفراد آخرين ويوجه ضد الأشخاص أو المنظمات أو الأمكنة أو أنظمة النقل
او المواصلات أو أفراد الجمهور العام بقصد تهديد فعاليات هذه المنظمات الدولية أو
التسبب في إلحاق خسارة أو ضرر أو بهدف تقويض علاقات الصداقة بين الدول أو مواطني
الدول المختلفة أو ابتزاز الدول ، كما
التآمر على ارتكاب و الاشتراك في ارتكاب الجرائم يشكل جريمة إرهاب دولي [8]"،
ولتدارك الفصل بين التعريفين الذين يفرقان بين إرهاب دولة ضد أحرى و
الإرهاب الفردي ، حيث عرفت الإرهاب هو " الأفعال الإجرامية الموجهة ضد دولة
أخرى أو ضد سكان دولة أخرى والتي من شأنها إثارة الرعب لدى شخصيات أو مجموعة من
الأشخاص أو الجمهور [9]".كذلك اعتبرت لجنة القانون الدولي أعمال
العنف التي تعد من قبيل الإرهاب الدولي كل الأفعال التي تحتوي على عنصر دولي والتي
تكون موجهة ضد مدنيين أبرياء أو ممن يتمتعون بحماية دولية ، ويكون من شأنها انتهاك
قاعدة دولية بغرض إثارة الفوضى و الاضطراب
في بنية المجتمع الدولي ، سواء ارتكبت هذه الأفعال في زمن السلم أو في زمن
الحرب ، وتتميز عن الجرائم التقليدية بأنها ضد السلم وضد الإنسانية ، وبالتالي فإن
قمعها يصبح مسألة ذات اهتمام دولي ، أما إذا انعدم عنصر الدولية فإن جميع لأفعال
تعالج على نحو ملائم من قبل كل دولة بنفسها ووفقا لقوانينها[10] .
- محاولات
إقليمية لتعريف الإرهاب :
الاتفاقية الأوربية لقمع الإرهاب[11] :
كما أسلفنا بأن جريمة الإرهاب يتداخل فيها المحلي والدولي ، الفردي
والجماعي بشكل لا يترك أيا من الدول أو التكتلات الدولية في منأى عن الاكتواء
بنارها ، لهذا السبب سارع المجلس الأوربي
الإتحاد الأوربي حاليا إلى عقد
اتفاقية لقمع الإرهاب اشتملت على ستة أفعال تشكل جريمة إرهاب :
الاستيلاء غير المشروع على الطائرات[12] .
الأعمال غير المشروعة الموجهة ضد سلامة الطيران المدني [13].
الأعمال الموجهة ضد الأشخاص من ذوي الحماية الخاصة والدبلوماسية .
الاستعمال غير المشروع للقنابل والوسائل المفخخة ضد سلامة الأفراد .
الخطف والاحتجاز غير المشروع للأفراد والاعتداء على حياة وسلامة الأفراد.
المساعدة والاشتراك في الجرائم السابقة .
من الملاحظ أن الاتفاقية الأوربية اقتصرت على حصر الأعمال التي يشكل
ارتكابها عملا إرهابيا دون محاولة إيراد تعريف وضح وصريح لمفهوم الإرهاب .
الاتفاقية العربية لمكافحة الإرهاب[14] :
على غرار المجلس الأوربي عملت الدول العربية على عقد اتفاقية إقليمية تحت
مظلة جامعة الدول العربية لمكافحة الإرهاب ، وعلى عكس اتفاقية لمجل الأوربي وضعت
الاتفاقية الدولية تعريفا لمفهومي الإرهاب والجريمة الإرهابية :
الإرهاب : في الفقرة الثانية من المادة الأولى عرفت الاتفاقية الإرهاب ب
" كل فعل من أفعال العنف أو التهديد به أيا كانت بواعثه أو أغراضه ، يقع
تنفيذا لمشروع إجرامي فردي أو جماعي ويهدف إلى إلقاء الرعب بين الناس أو ترويعهم
بإيذائهم أو تعريض حياتهم أو حريتهم أو أمنهم للخطر أو إلحاق الضرر بالبيئة أو
بأحد المرافق العامة أو الخاصة أو احتلالها أو الاستيلاء علها أو تعريض أحد
الموارد الوطنية للخطر ".
الجريمة الإرهابية : وقد عرفتها الاتفاقية في الفقرة الثالثة من المادة
الأولى ب " هي أي جريمة أو شروع فيها ترتكب تنفيذا لغرض إرهابي في أي من
الدول المتعاقدة أو على رعاياها أو ممتلكاتها ومصالحها يعاقب عليها قانونها
الداخلي ....".
الفرع الثاني : حظر الأعمال الإرهابية في القانون الدولي الإنساني
كما هو متعارف عليه أن القانون
الدولي الإنساني لا يهدف إلى منع النزاعات
المسلحة لكنه يرمي إلى وضع ضمانات للحد من أثارها و توفير الحماية والمساعدة
للأشخاص الذين لا يشاركون في القتال أو أصبحوا غير قادرين على المشاركة فيها وتمتد
تلك الضمانات أيضا لتشمل الممتلكات التي لا تشكل أهدافا عسكرية كما يرمي إلى تقييد
وحظر استخدام وسائل وأساليب معينة في القتال؛ وذلك في سعيه إلى إعلاء القيم
الإنسانية على ضرورة الحرية[15]، إضافة إلى تحديد المسؤولية الجنائية لمرتكبي الجرائم والأعمال الإرهابية ضد سلامة
الأشخاص المحميين بموجب اتفاقيات جنيف الأربعة لعام 1949. و تقديمهم للمحاكم
المختصة سواء على مستوى الدولي أو الوطني.
وهذا ما سوف يتم توضيحه في هذا الجزء من الأطروحة بتبيان كل ما يتعلق
بمسألة حظر القانون الدولي الإنساني لظاهرة الإرهاب سواء
في شقيها الدولي أو الوطني إضافة إلى ترتيب
المسؤولية الجنائية على مرتكبي هذه
الجرائم.
حظر الأعمال الإرهابية و مكافحتها في النزعات المسلحة :
يحظر القانون الدولي الإنساني التدابير والأعمال الإرهابية في حالات النزاع
المسلح الذي يمكن أن ينشب بين دولتين أو
أكثر أو بين دولة وهذا في حالات النزاع المسلح الدولي، أو النزاع المسلح الغير
الدولي حين يكون بين دولة ما وجماعات
مسلحة أو قوات متمردة.[16].
سنتناول في هذا الفقرة الأحكام
الواردة في مصادر القانون الدولي الإنساني التي تحضر الإرهاب والأعمال الإرهابية
بالنزاعات المسلحة الدولية والغير الدولية والتي تشكل اتفاقيات جنيف الأربعة لعام
1949 وبروتوكولاتها الإضافية الملحقة لسنة 1977 المصادر الرئيسية لهذا القانون.
أولا: الإرهاب في النزعات المسلحة الدولية
تدخل النزاعات المسلحة الدولية ضمن نطاق تطبيق قواعد القانون الدولي
الإنساني حيث تنص الفقرة الأولى من المادة الثانية المشتركة بين اتفاقيات جنيف
الأربعة لعام 1949 على أن هذه الاتفاقيات "تطبق في حالة حرب معلنة أو أي نزاع
مسلح أخر ينشب بين طرفين أو أكثر من
الأطراف السامية المتعاقدة حتى و إن لم
يعترف أحدهما بحالة حرب". فهذا النص
يوضح أن أي نزاع بين دولتين أو أكثر حتى
ولم تكن أحدى الدول نزاع طرفا في
الاتفاقيات جنيف فإن الدول الطرف فيها تبقى ملتزمة بها.
و ارتقى البروتوكول الإضافي الأول بحروب التحرير الوطني التي تناضل بها
الشعوب ضد تسلط الاستعمار أو الاحتلال إلى
مرتبة النزاع المسلح الدولي وهذا ما جاءت به الفقرة الرابعة من المادة الأولى من البروتوكول الإضافي الأول الخاص بالنزاعات
المسلحة الدولية والتي نصت على: "النزاعات المسلحة التي تناضل بها الشعوب ضد
تسلط الاستعماري والاحتلال الأجنبي ضد الأنظمة العنصرية وذلك في ممارستها لحق
الشعوب في تقرير المصير، كما كرسه ميثاق الأمم المتحدة والإعلان المتعلق بمبادئ
القانون الدولي الخاص بالعلاقات الودية بين الدول طبقا لميثاق الأمم
المتحدة".
الأعمال الإرهابية في اتفاقيات جنيف الأربع لعام 1949
تعد اتفاقيات جنيف الأربعة حجر الأساس القانون الدولي الإنساني من أجل
حماية الفئات الأكثر تعرضا للأذى في
النزاع المسلح كالمدنين وأفراد القوى المسلحة
المعادية الذين يسلمون أنفسهم بمجرد انتهاء مقاومتهم بالإضافة إلى إفراد
حماية خاصة للجرحى والمرضى والغرقى
وكذلك وحماية الأسرى، أي الفئات التي كفت على المشاركة في النزاع.
يتمثل حظر الأعمال الإرهابية في القانون الدولي الإنساني في أحد المبادئ
الأساسية التي جاء بها القانون الدولي العرفي ألا وهو مبدأ التمييز بين المدنيين
والمقاتلين الذي وسبق التطرق له في الفصل
الأول من هذه الأطروحة [17]،
التمييز الذي نجده غائبا ف الأعمال الإرهابية التي تراعي هذا التمييز .
كرست اتفاقية جنيف الرابعة لعام 1949 حكما وحيدا يستخدم مصطلح الإرهاب
والذي نصت عليه في المادة 33 من هذه الاتفاقية " انه لا يجوز معاقبة أي شخص
محمي عن مخالفة لم يقترفها هو شخصيا ، تحضر العقوبات الجماعية و بالمثل جميع
تدابير التهديد أو الإرهاب" في تكريس لحظر العقاب الجماعي الذي تكرسه قواعد
القانون الدولي الإنساني العرفي [18]،
كما يحيل نص المادة ضمنيا إلى وضعية الأشخاص الواقعين تحت سلطة العدو سواء عن طريق
احتلال الإقليم بالنسبة للمدنيين أو الأسر بالنسبة للمقاتلين ، ذلك أن ممارسات
الدول فيما سبق كانت تهدف من العقاب الجماعي إلى قمع أي شكل من أشكال المقاومة
المشروعة عوض العمل على الوقاية من الهجمات ، حي ترهيب المدنيين والمقاتلين
السابقين[19]
يهدف لدفع المحاربين إلى وقف اعتداءاتهم
في مخالفة صريحة لكل اعتبارات
الإنسانية والعدالة .وقد جاءت هذه المادة مكملة لما نصت عليه المادة 27 من
نفس الاتفاقية في حكمها بوجوب تتميع من يقعون تحت سلطة أي طرف بالحماية التي
يكرسها القانون الدولي الإنساني [20]،
كما ويمكن ربط المادة 33 بما ورد في المواد
34 بخصوص أخذ الرهائن و 33 الخاصة بأعمال السلب [21]، بفعل التطور
الذي عرفه الإرهاب سواء على المستوى النظري أو العملي في الوقت الحالي نكتشف محدودية معنى الإرهاب في
اتفاقية جنيف الرابعة[22] .
حظر الإرهاب في البروتوكول الإضافي الأول لسنة 1977
كما هو معلوم أنا البروتوكول الإضافي الأول لسنة 1977 جاء بغية تأكيد أحكام
اتفاقيات جنيف الأربعة وتوسيع نطاقها ، حيث يتكون هذا البروتوكول من 102 مادة تشمل
مجموعة من الأحكام والنصوص التي تتعلق بحماية المدنيين والأعيان المدنية بالإضافة إلى الأحكام المتصلة كذلك بأساليب
ووسائل القتال وكذلك القواعد الخاصة بحروب التحرير الوطنية و العصابات ، وإن كانت
لائح لاهاي للحرب البرية عرضت لحماية
المدنين أحكاما مقتضبة ، فإن البروتوكول الإضافي الأول أفرد لهذا الموضوع مقتضيات مفصلة فنجد المواد
48 إلى 67 المشكلة للقسم الأول من الباب الرابع تحت إسم " الحماية العامة من
اثار القتال" تمتع المدنين والأعيان المدنية بحماية عامة ضد الأخطار الناجمة
عن سير العمليات العسكرية مكرسة لنفس المبدأ الأساسي القاضي بالتمييز بين المدنيين
والمقاتلين فنجد المادة 48 تنص على " تعمل أطراف النزاع على التمييز بين السكان
المدنيين والمقاتلين وبين الأعيان المدنية والأهداف العسكرية، ومن ثم توجه
عملياتها ضد الأهداف العسكرية دون غيرها، وذلك من أجل تأمين احترام وحماية السكان
المدنيين والأعيان المدنية" ، وتكريسا لحماية أكبر للمدنين من العمليات
العشوائية التي تشترك بشكل واضح مع الأعمال الإرهابية في عدم التميز بين
أهدافها نصت المادة 51 على :
يتمتع السكان المدنيون والأشخاص المدنيون بحماية عامة ضد الأخطار الناجمة
عن العمليات العسكرية ويجب، لإضفاء فعالية على هذه الحماية مراعاة القواعد التالية
دوماً بالإضافة إلى القواعد الدولية الأخرى القابلة للتطبيق. - لا يجوز أن يكون السكان المدنيون بوصفهم
هذا وكذا الأشخاص المدنيون محلاً للهجوم. وتحظر أعمال العنف أو التهديد به الرامية
أساساً إلى بث الذعر بين السكان المدنيين. -يتمتع الأشخاص المدنيون بالحماية التي
يوفرها هذا القسم ما لم يقوموا بدور مباشر في الأعمال العدائية وعلى مدى الوقت
الذي يقومون خلاله بهذا الدور.
تحظر الهجمات العشوائية، وتعتبر هجمات عشوائية : أ تلك التي لا توجه إلى هدف عسكري
محدد، ب أو تلك التي تستخدم طريقة أو وسيلة للقتال
لا يمكن أن توجه إلى هدف عسكري محدد، - ج أو تلك التي تستخدم
طريقة أو وسيلة للقتال لا يمكن حصر آثارها على النحو الذي يتطلبه هذا الحق
"البروتوكول"، ومن ثم فإن من شأنها أن تصيب، في كل حالة كهذه، الأهداف
العسكرية والأشخاص المدنيين أو الأعيان المدنية دون تمييز.
تعتبر الأنواع التالية من الهجمات، من بين هجمات أخرى، بمثابة هجمات
عشوائية
: الهجوم
قصفاً بالقنابل، أياً كانت الطرق والوسائل، الذي يعالج عدداً من الأهداف العسكرية
الواضحة التباعد والتميز بعضها عن البعض الآخر والواقعة في مدينة أو بلدة أو قرية
أو منطقة أخرى تضم تركزاً من المدنيين أو الأعيان المدنية، على أنها هدف عسكري
واحد، -والهجوم الذي يمكن أن يتوقع
منه أن يسبب خسارة في أرواح المدنيين أو إصابة بهم أو أضراراً بالأعيان المدنية،
أو أن يحدث خلطاً من هذه الخسائر والأضرار، يفرط في تجاوز ما ينتظر أن يسفر عنه
ذلك الهجوم من ميزة عسكرية ملموسة ومباشرة. - تحظر هجمات الردع ضد السكان المدنيين أو
الأشخاص المدنيين. -لا يجوز التوسل بوجود السكان
المدنيين أو الأشخاص المدنيين أو تحركاتهم في حماية نقاط أو مناطق معينة ضد
العمليات العسكرية ولاسيما في محاولة درء الهجوم عن الأهداف العسكرية أو تغطية أو
تحبيذ أو إعاقة العمليات العسكرية. ولا يجوز أن يوجه أطراف النزاع تحركات السكان
المدنيين أو الأشخاص المدنيين بقصد محاولة درء الهجمات عن الأهداف العسكرية أو
تغطية العمليات العسكرية. -لا يعفي خرق هذه المحظورات
أطراف النزاع من التزاماتهم القانونية حيال السكان المدنيين والأشخاص المدنيين بما
في ذلك الالتزام باتخاذ الإجراءات الوقائية المنصوص عليها في المادة 57".
في نفس الاتجاه جاءت المادة 52 لإفراد نفس الحماية المقررة تفصيلا المادة
51 والتي يمكن للأعيان المدنية ، وعلى ذكر
المادة 57 من نفس الوثيقة والمشار إليها في نهاية المادة 51 توسع نطاق الحماية المقررة للمدنيين لتشمل جميع
الأشخاص الواقعين تحت سلطة أحد أطراف النزاع والذين لا يتمتعون بأي حماية خاصة
بموجب اتفاقيات أخرى من اتفاقيات القانون الدولي الإنساني في تدارك لما تغافل عنه
في اتفاقية جنيف الرابعة ، وإذا كان
البروتوكول قد أفرد الحماية بشكل مباشر
للمدنيين والأعيان المدنية فإننا نجد أنفسنا أمام سؤال يطرح نفسه، هل يوفر القانون
الدولي عامة والبروتوكول الإضافي الأول حماية للمقاتلين من الأعمال الإرهابية ؟
خصوصا وأنهم مشاركين فعليين في العمليات العسكرية مع ما يعني ذلك من اعتبارهم
أهدافا عسكرية مشروعة ، في الحقيقة لا يوجد جواب واضح وصريح عن هذا السؤال ، إلا
أن القيود الواردة في المادة 35 من نفس الوثيقة على حرية الأطراف في اختيار وسائل
وأساليب القتال بنصها على " -1إن حق
أطراف أي نزاع مسلح في اختيار أساليب ووسائل القتال ليس حقاً لا تقيده قيود. - 2يحظر استخدام الأسلحة والقذائف والمواد
ووسائل القتال التي من شأنها إحداث إصابات أو آلام لا مبرر لها.3- يحظر استخدام وسائل أو أساليب للقتال, يقصد بها أو
قد يتوقع منها أن تلحق بالبيئة الطبيعية أضراراً بالغة واسعة الانتشار وطويلة
الأمد " يعتبر بشكل ضمني حماية للمقاتلين من العمليات العسكرية التي قد تشتمل
على عنصر من العناصر المميزة للعلميات الإرهابية [23] ، كذلك فيما نصت
عليه المادة 37 من نفس الوثيقة والتي تحظر الغدر أثناء القيام بعمليات عسكرية ضد
العدو ، الغدر الذي يعتبر صفة مميزة للأعمال الإرهابية ، مع ما يترتب عن ذلك من
الارتباك و الشعور بانعدام الثقة لدى الخصم تجاه كل من يمت بصلة للطرف النزاع
الغادر حتى المدنيين منهم .وتجدر لإشارة هنا الى وجوب التمييز بين الغدر كأسلوب
محظور في النزاعات المسلحة والخداع الحربي كضرورة حربية والذي لا يخل بأي قاعدة من
قواعد القانون الدولي الإنساني[24]
، وفي اتجاه حظر الأفعال التي تشترك في سمة من سماتها مع النشاط الإرهابي ، جاءت
المادة 40 لتحظر الأمر بعدم الإبقاء على قيد الحياة أو الإعلان عن القتل العشوائي
باعتباره سمة شائعة في العمل الإرهابي[25] ، إن الحظر
المفروض على وسائل وأساليب الحرب يهدف بدرجة أولى إلى تمتع المدنيين بحماية مطلقة
ضد الأعمال الإرهابية زمن الحرب ، من جهة أخرى فإن إلزام أطراف النزاع باحترام
حدود معينة أثناء سير العمليات العسكرية وإلا اعتبرت أعمال إرهابية [26]،
يمكن تفسيره على أنه حماية للمقاتلين من الأعمال الإرهابية .
تعتبر أحكام اتفاقيات جنيف الأربعة والبروتوكول الإضافي الأول الملحق بها
في مجملها تؤطر للنزاعات الدولية المسلحة
وتخاطب الدول ملزمة إياها بالامتناع عن اللجوء إلى الإرهاب وأن تبذل ما في وسعها
لمنع الأفراد والهيئات الواقعين تحت سيطرتها من ارتكاب الأعمال الإرهابية [27].
ثانيا : الإرهاب في النزاعات المسلحة غير الدولية .
باعتبار الاتفاقيات الدولية وعلى رأسها الاتفاقيات التي تشكل لقواعد
الأساسية للقانون الدولي الإنساني يتم
التوافق عليها والتوقيع عليها من طرف الأشخاص السامية للقانون الدولي ، فقد ركزت
بشكل كبير على مخاطبة الدول وإفراد الالتزامات عليها ، وإن كان هذا الأمر مقبولا
في سياق النزاعات المسلحة الدولية ، فإن الأمر لا يمكن تقبله في سياق النزاع
المسلح الداخلي أو النزاع المسلح غير الدولي حيث أحد الأطراف على الأقل ليس دولة
سواء كان هذا الطرف حركة تمرد تسعى للانقلاب على السلطة الشرعية للدولة أو جماعة منشقة تهدف للاستقلال بجزء من إقليم
الدولة[28] . لهذا الأساس جاءت اتفاقيات
جنيف الأربعة خصوصا المادة 3 المشتركة والبروتوكول الإضافي الثاني لإفراد الحماية
والحد من العنف في المنازعات المسلحة غير الدولية ، بما في ذلك الأعمال التي يمكن
اعتبارها أعمالا إرهابية .
المادة الثالثة المشتركة بين الاتفاقيات جنيف الأربع لعام 1949.
أولا لا بد من الإشارة إلى كون قواعد القانون الدولي الإنساني ،وعلى رأسها
القواعد الواردة في اتفاقيات جنيف الأربعة التي تنطبق على النزاعات المسلحة
الدولية هي نفسها القواعد التي تنطبق على
النزعات المسلحة غير الدولية بما في ذلك القواعد التي تحظر الأعمال الإرهابية
أثناء سير العمليات العسكرية[29]
، وقد جاءت المادة الثالثة المشتركة لاتفاقيات جنيف الأربعة مكرسة لهذا لأمر حيث
جاءت: " في حالة قیام نزاع مسلح لیس لھا طابع دولي في أراضي أحد الأطراف السامیة المتعاقدة، یلتزم كل طرف في النزاع بأن یطبق كحد أدنى الأحكام التالیة :
الأشخاص الذین لا یشتركون مباشرة في الأعمال العدائیة، بمن فیھم أفراد القوات المسلحة الذین ألقوا عنھم أسلحتھم، والأشخاص العاجزون عن القتال بسبب المرض أو الجرح أو الاحتجاز أو لأي سبب آخر، یعاملون في جمیع الأحوال معاملة إنسانیة، دون أي تمییز ضار یقوم على العنصر أو اللون، أو الدین أو المعتقد، أو الجنس، والمولد أو الثروة أو أي معیار مماثل آخر.
ولھذا الغرض، تحظر الأفعال التالیة فیما یتعلق بالأشخاص المذكورین أعلاه، وتبقى محظورة في جمیع الأوقات والأماكن :
الاعتداء على الحیاة والسلامة البدنیة، وبخاصة القتل بجمیع أشكاله، والتشویه، والمعاملة القاسیة، والتعذیب،أخذ الرھائن، الاعتداء على الكرامة الشخصیة، وعلى الأخص المعاملة المهينة والحاطة بالكرامة، إصدار الأحكام وتنفیذ العقوبات دون إجراء محاكمة سابقة أمام محكمة مشكلة تشكیلاً قانونیاً، وتكفل جمیع الضمانات القضائیة اللازمة في نظر الشعوب المتمدنة.
2. یجمع الجرحى والمرضى ویعتني بھم.
ویجوز لھیئة إنسانية غیر متحیزة، كاللجنة الدولیة للصلیب الأحمر، أن تعرض خدماتھا على أطراف النزاع.
وعلى أطراف النزاع أن تعمل فوق ذلك، عن طریق اتفاقات خاصة، على تنفیذ كل الأحكام الأخرى من ھذه الاتفاقیة أو بعضھا.
ولیس في تطبیق الأحكام المتقدمة ما یؤثر على الوضع القانوني لأطراف النزاع". وعلى
رغم من الاقتضاب في صياغة المادة 3 المشتركة وعدم استعمالها لمصطلح الإرهاب بشكل
مباشر ، إلا أنها فتحت بشكل لا ريبة فيه المجال الاعتبار الأعمال الإرهابية
المحظورة في النزعات المسلحة الدولية محظورة في النزاعات المسلحة غير الدولية أيضا
، فنجدها كرست التمييز بين المدنيين والمقاتلين ،ووجوب معاملة الأشخاص غير
المشاركين أو توقفوا عن المشاركة في الأعمال العدائية معاملة إنسانية ، وحظر القتل
العمد والإيذاء الجسدي والتعذيب وغير ذلك من ضروب المعاملة غير الإنسانية وضمان
المحاكمة العادلة و توفير العناية الصحية[30] .
و بهذا يمكن القول أن المادة الثالثة المشتركة بين اتفاقية جنيف الأربعة
أشارت إلى مكافحة الإرهاب بطريقة غير مباشرة عبر تحديد جل آثار السلبية التي تترتب
عن حدوته ، و هذا يشمل جميع نزاعات سواء الدولية او الوطنية[31].
أحكام البروتوكول الإضافي الثاني لعام 1977
يحتل البرتوكول الإضافي الثاني مكانة مهمة في مجال حظر ومكافحة الأعمال
الإرهابية في النزاعات المسلحة غير الدولية ، حيث جاءت بمقاييس لإفراد الحماية
اللازمة للأشخاص ووضع قواعد سير العمليات العسكرية سواء من قبل الدول أو الجماعات
المسلحة ، وبعد مرور أكثر من عقدين على توقيعها ، صارت جزءا رئيسيا من القانون
الدولي العرفي ، وملزمة لجميع الأطراف ومخالفة أحكامها انتهاك لقواعد القانون
الدولي[32]
.
نجد الفقرة الأولى من المادة الأولى في البروتوكول الإضافي الثاني لعام
1977 تسع من نطاق تطبيقه على كل النزاعات المسلحة ، عكس ما جاء في المادة الثالثة المشتركة بين اتفاقية جنيف
الأربع لعام 1949 والذي يسري فقط في
النزاعات المسلحة الداخلية أي بين القوة المسلحة لدولة ما و قوة مسلحة منشقة أو
جماعات نظامية مسلحة أخرى.
كما أن البروتوكول الإضافي الثاني الخاص بحماية ضحايا النزاعات المسلحة غير
الدولية ، أعاد تأكيد القواعد المتضمنة في المادة 3 المشتركة بين اتفاقية جنيف
الأربع و طورها، وتوسع في نطاق الحماية ، حيث أكدت المادة الرابعة منه التي جاءت بعنوان الضمانات
الأساسية من الباب الخاص بالمعاملة الإنسانية من جديد على المحظورات المشار إليها
في المادة الثالثة المذكورة، حيث تنص في فقرتيها الأولى و الثانية على أنه:
يكون لجميع الأشخاص الدين لا يشتركون بصورة مباشرة أو الذين يكفون عن
الاشتراك في الأعمال العدائية سواء قيدت حريتهم أم لم تقيد الحق في أن يحترم
أشخاصهم و شرفهم و معتقداتهم و ممارستهم لشعائر الدينية و يجب أن يعاملوا في جميع
الأحوال معاملة إنسانية دون أي تمييز مجحف، و يحظر الأمر بعدم إبقاء أحد على قيد
الحياة.
تعد الأعمال الموجهة ضد الأشخاص المشار إليهم في الفقرة الأولى محظورة حالا
ومستقبلا وفي كل زمان ومكان، وذلك دون
الإخلاء بطابع الشمول الذي تتسم به الأحكام السابقة :
"
الاعتداء على الحياة الأشخاص و صحتهم و سلامتهم البدنية أو العقلية و لاسيما القتل
و المعاملة القاسية كالتعذيب و التشويه أو أية صورة من صور العقوبات البدنية .
-
الجزاءات
الجنائية .
-
أخد الرهائن .
-
انتهاك الكرامة الشخصية و بوجه خاص المعاملة
المهنية و المحطة من قدر الإنسان و الاغتصاب و الإكراه على الدعارة و كل ما من
شأنه خدش الحياء .
-
الرق و تجارة الرقيق بجميع صورها.
-
السلب و النهب
-
التهديد بارتكاب أي من الأفعال المذكورة".
تعزز حظر أعمال العنف التي تروم ترويع وإرهاب المدنيين بحظر أوسع لأعمال
الإرهاب ، خاصة وأن الحظر الصريح للأعمال الإرهابية الوارد في الفقرة الثانية من
النص المادة يكتسي أهمية خاصة، على اعتبار أنها المرة الثانية التي تظهر كلمة
الإرهاب فيها بصراحة في الصك من صكوك القانون الدولي الإنساني[33]. والتي تعتبر
مستوحاة من المادة 33 من اتفاقية جنيف الرابعة لعام 1949 ، وتعتبر الصيغة النهائية
التي تم تبنيها والتي تتمثل في حظر الأعمال الإرهابية بدون إشارة أخرى لا تغطي فقط
الأعمال الموجهة ضد الأشخاص، وإنما كذلك
الأعمال الموجهة ضد الأعيان المدنية والمنشآت التي تحدث عرضا ضحايا مدنيين [34].
بعد أن كانت نقطة البداية مع الحماية المكفولة للجرحى، فالمرضى فالأسرى
فالمدنيين الذين يقعون في قبضة العدو، أخذت أحدث التطورات في تدوين القانون الدولي
الإنساني تتجه نحو كفالة الحماية لجميع الأشخاص الذين لا يشتركون أو الذين كفوا عن
الاشتراك في الأعمال القتالية ، وإن كانت بوادرها الأولى موجودة في مدونات قانونية
سابقة[35].
المطلب الثاني : آليات القانون الدولي الإنساني في مكافحه الإرهاب.
بعد محاولتنا الإحاطة بأهم ما جاء به القانون الدولي الإنساني من قواعد
دولية تحظر الأعمال الإرهابية ، ومحاولة
استقراء تعريف مرجعي للإرهاب والعمل الإرهابية ، لابد من تحديد الآليات
التي عمل القانون الدولي الإنساني على إرسائها أو التوسل بها في سبيل التطبيق
الأمثل لقواعده ،وضمان متابعة الأشخاص
المتهمين بخرق مقتضياته .
الفرع الأول : المحكمة الجنائية الدولية
آلية مكافحة من جريمة الإرهاب.
عند استقراء أحكام نظام روما الأساسي[36] خصوصا المادة
الخامسة منه و الرجوع للنقاش الدولي الذي سبق وصاحب إنشاء المحكمة الجنائية ، نجد أن رأي المشرع الدولي استقر على استبعاد
جرائم الإرهاب الدولي عموما و الأعمال الإرهابية إبان النزاعات المسلحة - رغم كونها جرائم خطيرة تهدد الأمن والسلم
الدوليين – من لائحة الجرائم التي تختص المحكمة بالنظر فيها ، والتي تم حصرها في
جريمة الإبادة الجماعية والجرائم ضد الإنسانية وجرائم الحرب وجريمة العدوان [37] وهي الجرائم التي يشكل ارتكابها انتهاكا جسيما لقواعد القانون الدولي الإنساني . لذلك
سنعمد في هذا الجزء من الأطروحة إلى البحث عن إمكانية متابعة مرتكبي جرائم الإرهاب
أثناء النزاعات المسلحة ، من خلال الربط بين الجرائم الدولية التي تختص المحكمة
بالنظر فيها والبحث عن السمات المشتركة بينها وبين الإرهاب والعمليات لإرهابية[38]
.
قد يكون من المقبول استبعاد الجرائم الإرهابية البسيطة والمحدودة من اختصاص
المحكمة الجنائية الدولية ، و إحالته على محاكم أقل درجة منها ، لكن الإرهاب خصوصا
في الوقت المعاصر وفي سياق النزاعات المسلحة ينطوي على عناصر تجعل منه جريمة دولية
ولو حمل الفعل المجرم اسما قانونيا أخر[39]
بالرجوع لاختصاص المحكمة وفق
نظامها الأساسي سواء اختصاصها الموضوعي أو الشخصي أو المكاني أو الزماني ، نجدها
تحصر المتابعة في القيادات التي خططت وأصدرت الأمر بتنفيذ الجرائم الدولية التي
تختص بالنظر فيها ، أو القيادات الميدانية التي أشرفت على تنفيذ هذه الجرائم دون
أن يشمل ذلك المرؤوسين المساهمين في
ارتكاب هذه الجرائم [40].
لذلك يتيح إدراج صفة جريمة الإرهاب الدولي تحت وصف قانوني أخر وفق
المنصوص عليه في قواعد القانون الدولي الإنساني ، إمكانية متابعة المسئولين
عن ارتكابها أمام المحكمة الجنائية الدولية بض النظر عن جنسيته وصفته داخل دولته
أو منظمته[41].
1) جريمة الإرهاب الدولي كجريمة
إبادة جماعية .
في تعريف نظام روما الأساسي لجريمة الإبادة الجماعية بمادتها السادسة بأنه
كل :قتل أفراد الجماعة.وإلحاق ضرر جسدي أو عقلي جسيم بأفراد الجماعة.و إخضاع الجماعة عمداً لأحوال معيشية يقصد بها
إهلاكها الفعلي كلياً أو جزئياً.و فرض تدابير تستهدف منع الإنجاب داخل الجماعة. ونقل أطفال الجماعة عنوة إلى جماعة أخرى ،
أي الأفعال التي يقصد بها إهلاك جماعة
قومية أو أثنية أو عرقية أو دينية لصفتها
، وهي أفعال درجت جرائم الإرهاب الدولية على ارتكابه كلا أو جزءا ، كما مرتكب
جريمة الإبادة الجماعية يبث الرعب والفزع في صفوف الجماعة مستهدفة ما يعتبر سمة
أساسية في جرائم الإرهاب الدولي وفق القانون الدولي الإنساني[42] .
2) جريمة الإرهاب الدولي كجريمة حرب
.
في قرار مجلس الأمن سنة 1999 تحت رقم 1269[43] بخصوص الإرهاب
أشار إلى " أنه من الضروري تعزيز التعاون الدولي الفعال لمكافحته وخاصة في
مجال القانون الدولي الإنساني " في إحالة واقعية لحدوث جرائم الإرهاب زمن
الحرب ما يفرض إدراجه تحت طائلة هذا القانون [44]، ومرد هذه
الإشارة في قرار مجلس الأمن أن الإرهاب وفق القانون الدولي الإنساني له معنى أضيق
مما عليه الأمر في القانون الدولي للسلم [45]، فالإرهاب في حد
ذاته لا يعتبر نزاعا مسلحا ، إذ يشترط النزاع المسلح وجود طرفين محددين ومعلنين ،
الشئ الذي لا يتوفر في أغلب الجماعات
الإرهابية التي تعمل سرا ، وليس لها
علامات مميزة ولا تحمل الأسلحة علانية ، وهي الشروط الواجب توفرها في الجماعات
المسلحة للسماح لهم باستخدام العنف في حدود معينة أثناء الحرب ، ما يحرمهم
بالتبعية من اعتبارهم أسرى حرب في حال اعتقالهم [46]. مما سبق يمكن
اعتبار الجرائم الإرهابية جرائم حرب تختص المحكمة الجنائية الدولية بالنظر فيها
إذا وقعت أثناء النزاع المسلح وبمناسبته ، وأن يقع الفعل ضد المدنيين أو من يدخل
في حكمهم [47].
إضافة إلى ذلك فإن استقراء ما يعتبره نظام روما الأساسي جرائم حرب[48]
يشمل مجموعة من الأعمال التي تعتبر سمة أساسية للجرائم الإرهابية الدولية ،كنشر
الرعب استهداف المدنيين العزل[49]
.
3)
جريمة الإرهاب الدولي
كجريمة ضد الإنسانية
بعد نهاية الحرب العالمية وتنصيب الحلفاء لمحاكم نورمبورغ[50] العسكرية لمحاكمة قيادات الحزب النازي الألماني
على جرائمهم أثناء الحرب ، حيث عرفت الجرائم ضد الإنسانية هي القتل والإبادة
والاسترقاق ، وكل فعل أخر غير إنساني يرتكب ضد المدنيين قبل و أثناء الحرب ، وكذلك
الاضطهاد المبني على أسس عرقية أو دينية ....[51].وهي أفعال تنطوي على سمات العمل الإرهابي مذبحة دير ياسين، أزمة الروهينغا في مينمار ،
الأزيديات بالعراق ، نفس التأطير القانوني
ذهبت إليه كل من لائحة المحكمة العسكرية في طوكيو والنظامين الأساسيين لمحكمة الجنائية الدولية ليوغسلافيا السابقة[52] و المحكمة الجنائية لرواندا [53]، بل وأضافت انتهاكات المادة 3 المشتركة في
اتفاقيات جنيف والبرتوكول المضاف لها [54]، هذه الانتهاكات حسب ما سبق ذكره تعتبر أفعال
إرهابية .
في سياق أخر جاءت المادة 7 من نظام
روما الأساسي في تعريفها للجريمة ضد الإنسانية في
بصيغة " متى ارتكب في إطار هجوم واسع النطاق أو منهجي اي موجه ضد
مجموعة من السكان المدنيين ، وهي عناصر
تتوفر في مجموعة من الأنشطة
الإرهابية المعاصرة.
الفرع الثاني : القرارات الدولية لمكافحة الإرهاب .
لمواجهة التحديات التي يطرحها الإرهاب الدولي سواء وقت السلم أو الحرب ،
عملت الأمم المتحدة عن طريق أجهزتها إلى إصدار العديد من القرارات كآلية دولية لمكافحة الإرهاب الدولي ، وهو ما سنعرض
له في هذا الفرع من الأطروحة .
قرارات مجلس الأمن :
بحتل مجلس الأمن بموجب ميثاق الأمم المتحدة ، موقع الريادة بين أجهزة الأمن
بفعل الصلاحيات الواسعة والمعتبرة التي منحها الفصل السابع من الميثاق فنجد المادة
39 منه منحته سلطة تكييف الحالات المهددة للسلم و الأمن الدوليين ، إضافة إلى سلطة
اتخاذ التدابير اللازمة بناءا على هذا التكييف ، بما فيها استخدام القوة العسكرية
والإحالة على المحكمة الجنائية الدولية وفرض العقوبات الدولية ، وذلك بإصدار
قرارات ملزمة لكل الأطراف .
فيما يلي سنعرض بعض قرارات مجلس الأمن فيما يخص مكافحة لإرهاب :
-
القرار 1269 الصادر في 19 أكتوبر 1999 ، والذي جاء
لإدانة الإرهاب الدولي بصفة عامة ، نظرا لتزايد الأعمال الإرهابية في جميع أنحاء
العالم .
-
القرار 1373 الصادر في 12 نوفمبر 2001 ، والذي
ارتقى بالأعمال الإرهابية الدولية إلى مرتبة التهديد الخطير للأمن والسلم الدوليين
.
-
القرار 1456 الصادر في 20 يناير 2003 ، والقاضي
بتشديد التدابير والضوابط المفروضة على المواد النووية والبيولوجية والكيميائية ،
منعا لوقوعها بيد الجماعات الإرهابية .
-
القرار 1270 لسنة 2014 ، بشأن فرض عقوبات على
جماعة داعش وجماعة النصر واعتبارهما جماعتين إرهابيتين .
-
القرار 2253 لسنة 2015 ، القاضي بتجميد الأصول
وحظر السفر وتوريد لأسلحة على داعش وما يرتبط بها من تنظيمات .
جدير بالذكر أن مجلس الأمن فعل قراراته بشكل حازم ضد التنظيمات الإرهابية ،
ما يدل على جديته في مواجهة خطر الإرهاب.
قرارات الجمعية العامة .
بموجب ميثاق الأمم المتحدة ، تحتل الجمعية العامة موقعا مركزيا بوصفها
الهيئة الرئيسة للتداول ورسم السياسات الدولية [55]، لذلك فقراراتها فيما يخص مكافحة الجرائم
الإرهابية تحتل مكانة ذات أهمية كبرى على الصعيد الدولي ، خصوصا دعواتها للدول من أجل عقد وتطوير
الاتفاقيات الدولية :
-
قرار الجمعية العامة تحت رقم 3034 الصادر في 18
دجنبر 1972 والذي طالب الدول بالإسراع في عقد الاتفاقيات الدولية لمواجهة ظاهر
الإرهاب
-
قرار الجمعية العامة رقم 39/159 الصادر في 7 دجنبر
1984 ، القاضي بإدراج بند تكميلي يعالج تجريم ارتكاب الدول للأعمال الإرهابية بغرض
تقويض السلم والنظم الاجتماعية والسياسية لدولة أخرى .
-
قرار الجمعية العامة رقم 40 /61 الصادر بتاريخ 9
دجنبر 1985 ، بشأن تعريف الإرهاب واقتراح آليات مكافحته وتوضيح طبيعة العمل
الإرهابي وفاعله ومكان الفعل .
-
القرار رقم 49/60 بمثابة إعلان عن التدابير
الرامية إلى القضاء على الإرهاب الدولي .
الفرع الثالث : اللجنة الدولية لصليب الأحمر .
تعد اللجنة الدولية للصليب الـحمر حجر الزاوية في تفعيل أحكام القانون
الدولي الإنساني ، فهي أقدم وأكبر منظمة للإغاثة الإنسانية تأسست سنة 1863 [56].
في سبيل قيام اللجنة الدولية
بمهامها في تقديم المساعدة الإنسانية
وحماية الحياة وكرامة الإنسان وفق مبادئ الإنسانية والقانون الدولي الإنساني ،
تتعامل اللجنة بشكل متزايد مع قضايا الإرهاب الدولي خصوصا أثناء النزاعات المسلحة[57] ويمكن إجمال دور اللجنة الدولية للصليب الأحمر في
مكافحة الإرهاب فيما يلي :
حماية الأشخاص المتأثرين بالإرهاب: تلعب اللجنة الدولية للصليب الأحمر
دورًا مهمًا في حماية الأشخاص المتأثرين بالإرهاب، بما في ذلك الأشخاص الذين قد تم
احتجازهم أو تعرضوا للعنف نتيجة للنزاعات المسلحة والأعمال الإرهابية. تعمل
المنظمة على ضمان احترام حقوق الإنسان والقوانين الدولية في معاملة هؤلاء الأفراد
وتقديم المساعدة الإنسانية لهم.
زيارة السجون ومراكز الاحتجاز: تقوم اللجنة الدولية للصليب الأحمر بزيارة
السجون ومراكز الاحتجاز حول العالم بهدف التحقق من معاملة السجناء والمعتقلين
وضمان أنها تتوافق مع المعايير الدولية. يعمل هؤلاء الزائرون على تحسين ظروف
الاحتجاز وضمان حقوق السجناء.
توعية الأطراف المتصارعة: تعمل اللجنة الدولية للصليب الأحمر على توعية
الأطراف المتصارعة بأهمية احترام القانون الدولي الإنساني وحقوق الإنسان في مكافحة
الإرهاب. تسعى المنظمة إلى تعزيز الوعي بأن هناك حدودًا لا يمكن تجاوزها حتى في
حالات مكافحة الإرهاب.
تقديم المساعدة الإنسانية: بالإضافة إلى دورها في الحماية والتوعية، تقدم
اللجنة الدولية للصليب الأحمر المساعدة الإنسانية للمتضررين من النزاعات والعنف
المرتبط بالإرهاب. تشمل هذه المساعدة توفير الرعاية الصحية والمأكل والمأوى والدعم
النفسي للضحايا.
التعاون مع الجهات المعنية: تعمل اللجنة الدولية للصليب الأحمر بشكل وثيق
مع الحكومات والمنظمات الدولية الأخرى والجمعيات الإنسانية لضمان تعاون فعال في
مكافحة الإرهاب وتقديم المساعدة الإنسانية.
كما أن اللجنة الدولية للصليب الأحمر تدين الأعمال الإرهابية، سواء على
المستوى الدولي أو الوطني.
يتبين لنا مما سبق أن دور اللجنة الدولية – باستثناء دورها في توعية
الأطراف – يعمل أساسا على التخفيف من أثار
الأعمال الإرهابية أثناء النزاعات المسلحة،
الشيء الذي ينسجم مع مبادئها ووضعها في المنظومة القانونية الدولية.
خلاصة عامة:
-
في ختام تناولنا لهذا الموضوع وبعد استعراض مختلف الجوانب الخاصة بالإرهاب
في القانون الدولي الإنساني، أمكن ذلك الخروج بعدة نتائج منها:
-
ستبقى ظاهرة الإرهاب من المشكلات الدولية حتى نجد الطريق الذي يقودنا إلى
وضع تعريف جامع من ناحية التعرف على الإرهابيين وشخصياتهم وهويتهم ومن ثم يظل
مستمرا داخليا ودوليا هنا وهناك وفي شتى أنحاء العالم، وكذا توضيح القانون المطبق
واحترامه.
-
إن أعمال الإرهاب قد تحدث أثناء النزاعات المسلحة أوفي وقت السلم، وعند
رجوعنا للإطار الخاص بالقانون الدولي الإنساني لاحظنا أنه لا يتوافق أي عمل إرهابي
مع هذا القانون المطبق في النزاعات المسلحة، وتعد الأعمال الإرهابية خرقا جسيما
لهذا القانون الذي يمنع ويلزم الدول بالامتناع عن اللجوء إلى الإرهاب وسن
التشريعات المحلية الملائمة لتأمين احترام القانون الدولي العام، وبذل كل مقدورها
لمنع الأفراد من ارتكاب الأعمال الإرهابية.
-
تواجه اتفاقيات القانون الدولي الإنساني صعوبات في مناهضة الإرهاب تحكمها
ظروف مختلفة، ففي العمليات العسكرية مثلا التي تهدف لوقف الأنشطة الإرهابية تنزع
القوات المناهضة للإرهاب إلى انتهاك القيود القانونية الأساسية، ويتعرض السجناء
لسوء المعاملة والتعذيب وقد يساهم في بعض الحالات إفراط ومغالاة الحكومة أو القوات
الدخيلة في تفاقم الحملات الإرهابية ضدها.
-
القانون الدولي الإنساني أشمل في طبيعته القانونية لحماية الأفراد والدول
من القانون الدولي لحقوق الإنسان.
محمد
عبدالمحسن سعدون ، مفهومالإرهاب وتجريمه في التشريعات الجنائية الوطنية والدولية ،
منشورات المعهد التقني بالنجف ، العراق ، 2008[1]
[2] Eric David, Le
terrorisme en droit international, in Réflexions sur la définition et la
répression du terrorisme,
Actes du Colloque de l’Universite Libre de Bruxelles, 19 et
20 mars 1973, Bruxelles,
ed. de l’Universite de Bruxelles, 1974 ,p.125.
[3] Noëlle Quénivet, The World after September 11: Has It Really Changed?,
EJIL,
Vol.
16 no.3, 2005,p563.
[4] Jean – Marc Sorel ,Some Questions About The Definition Of Terrorism And
The
Fight
Against Its Financing, EJIL, Vol 14 ,N 2, 2003, p 370.
[5] الفقرة لثانية من امادة الأولى من اتفاقية الامم المتحدة لقمع تمويل
الارهاب الصادرة في 9 ديسمبر 1999.
[7]قرار الجمعية
العامة للأمم المتحدة 40/60 الصادر في يناير 2006.
[8] مشروع
لجنةالقانون الدولي لإتفاقية موحدة بشأن الرقابة القانونية للإرهاب الدولي ،1980.
[9] مشروع الجرائم
المخلة بالسلم وامن الإنسانية 1985.
[10] يحيى أحمد
البنا ، الإرهاب الدولي ومسؤولية شركات الطيران ، منشأة المعارف ، الإسكندرية ،
1994، ،ص . 2
[11] الإتفاقية الأوربية لقمع الإرهاب الصادرة عن المجلس الأوربي سنة
1967 ، ودخلت حيز التنفيذ في غشت سنة 1978 .
[12] كما وردت في إتفاقية لاهاي
لسنة 1970 الخاصة بقمع الستيلاء غير المشروع على الطائرات .
[13] كما وردت اتفاقية مونتريال
الصادرة سنة 1971 والخاصة بأعمال العنف والتخريب الموجهة إلى سلامة الطيران المدني
.
[14] الاتفاقية العربية لمكافحة
الإرهاب الصادرة عن جامعة الدول لعربية،
بقرار من مجلسي وزراء العدل والداخلية
العرب في إجتماعهما المشترك بمقر الأمانة العامة بتاريخ 22 أبريل 1998 ، ودخلت حيز
التنفيذ في يوم 7 ماي 1999
[16]سلمى عثمان السيد احمد الشيخ، امجد اسماعيل عبد
العزيز غندور ، نفس المرجع السابق الصفحة 342
[17]جون ماري
هنكرتس و لويز دوزوالدبك، " القانون الدولي الإنساني العرفي "، المجلد
الاول : القواعد اللجنة الدولية للصليب الأحمر، القاهرة، 2007، ص 3
شريف عتلم ، مدلول القانون الدولي الإنساني
وتطوره التاريخي ونطاق تطبيقه ، اللجنة الدولية للصليب الأحمر ، الطبعة 6 القاهرة
2002[18]
المادة الرابعة من نفس الاتفاقية تحدد نطاقها الشخصي في " الأشخاص الذين
تحميهم هذه الإتفاقية هم أولائك الأشخاص
الذين يجدون أنفسهم في لحظة ما .... تحت سلطة طرف في النزاع ليسوا من رعاياها
".[19]
[20] المادة 27 من اتفاقية جنيف
الرابعة ، مصدر سابق .
[21]زيدان قاسم
مسعد عبد الرحمان، الإرهاب في ضوء القانون الدولي ، دار الكتاب القانونية، مصر المجلة الكبرى ، 2007 ،ص288
[22]جاسر هانز بيتر
، الأعمال الإرهابية ، و " الإرهاب و القانون الدولي الإنساني، دراسة في
القانون الدولي الإنساني ، دار المستقبل العربي ، الطبعة الأولى 2000 ، ص 125.
[23] جاسر هانز
بيتر، حظر الأعمال الإرهابية في القانون الدولي الإنساني، ص 9 ، مرجع سابق.
[24] فريتس كالسهوقن واليزابيت
تغفليد ، ضوابط تحكم خوض الحرب ، اللجنة الدولية للصليب الأحمر 2004 ، ص 113
ماركو ميلانوفيتش ، دروس حول حقوق الإنسان والقانون الدولي
الإنساني في الحرب على الإرهاب ، مختارات اللجنة الدولية للصليب الأحمر المجلد 89
، العدد 866 ،ص 110 ،2007 [25]
[26] شكري عزيز محمد و أمل يازجي ، الإرهاب الدولي والنظام العالمي الراهن
، الطبعة 1 ، دار الفكر ، دمشق ، ص 133 ، 2002 .
يلينا بيجيتش ، المبادئ والضمانات الإجرائية
المتعلقة بالاحتجاز و الاعتقال الإداري في النزاعات المسلحة وغيرها من حالات العنف
، مجلة الصليب الأحمر، العدد 808 ، ص 85 ، 2005[27]
[28]اللجنة الدولي للصليب احمر، تقرير عن القانون الدولي
الانساني والتحديات النزاعات المسلحة المعاصرة المؤتمر الدولي الحادي والثلاثون
للصليب الاحمر والهلال الاحمر اكتوبر 2011 صفحه 10.
[29]جاسر هانز
بيتر، الأعمال الإرهابية، مرجع سابق ص 127
[30] عمر سعد الله ، القانون الدولي الانساني ، وثائق
وأراء ، الطبعة الرابعة ، مطبعة الشرق ،
مصر ،الصفحة 260 ، 2011
[31]عطو محمد،
تطبيق القانون الدولي الإنساني و حقوق الإنسان في اطار مكافحة الإرهاب، مرجع سابق
ص 136
[32] دانيال أودنيل ، المعاهدات الدولية لمناهضة الإرهاب واستخدام الإرهاب أثناء
النزاعات المسلحة ومن قبل القوات المسلحة ، مختارات من مجلة الصليب الأحمر ،
المجلد 88 ، العدد 864 ، ص 2000 ، 2006
[33]دانيال اودونيل
ص 212.
[34] لمادة الرابعة من البروتوكول الإضافي الثاني لاتفاقيات جنيف
الأربعة ، مرجع سابق.
[35]د. زهرة
الهياض، القواعد الاساسية لحماية ضحايا النزاعات المسلحة المعاصرة، مرجع سابق، ص 147.
[36] نظام روما الأساسي بمثابة النظام الأساسي
للمحكمة الجنائية الدولية المعتمد بروما
في 17 يوليو 1998، دخل حيز التنفيذ في واحد يوليو 2002.
[37]أنظر المادة 05
من نظام روما الأساسي ، المرجع السابق .
[38] زرقط عمر ، اختصاص المحكمة الجنائية
الدولية في نظر جرائم الإرهاب لدولي ،
مجلة الحقوق والعلوم الإنسانية ،
العدد 25، جامعة يحيى فارس ، الجزائر، ص
125، 2015 .
عبدالجبار رشيد الجميلي ، جرائم الإرهاب الدولي
في ضوء اختصاص المحكمة الجنائية الدولية، الطبعة الأولى ، منشورات الحلبي الحقوقية ، ص 76
، 2004.[39]
[40]فريجه محمد
هشام ، دور القضاء الدولي الجنائي في مكافحه الجريمة الدولية، مطروح لنيل شهادة الدكتوراه العلوم في الحقوق تخصص القانون الجنائي الدولي، جامعه محمد غيدر بسكره كليه الحقوق والعلوم
الإنسانية، سنه2014/2013
، ص252.
[41] عبدالجبار رشيد الجميلي ، مرجع سابق ، الصفحة 74 .
بارعة القدسي ، المحكمة
الجنائية الدولية وموقف الولايات المتحدة
الأمريكية واسرائيل منها ، مجلة جامعة دمشق للعلوم القانونية ، المجلد 20 ، العدد
الثاني ، ص 136 ، 2004 .[42]
قرار مجلس الأمن رقم 1269 الصادر بتاريخ 19 أكتوبر 1999 والمتعلق
بمسؤولي مجلس الأمن عن صون السلم والأمن الدولية .[43]
[44] زرقط
عمر ، اختصاص المحكمة الجنائية الدولية في
نظر جرائم الإرهاب لدولي ، ص 127 ، مرجع سابق.
[45] عبدالجبار رشيد الجميلي ، مرجع سابق ، الصفحة 77 .
[47] Marco Sassioli, Terrorism and war Journal of International Criminal
law, V.4, No. 5 November 2006, p 917
[48] نظر المادة 08 من نظام روما الأساسي ، المرجع السابق .
[49] Antonio Cassese, the Multifaceted Criminal nation of Terrorism,
International law, Journal of International Criminal Justice, V.4, No. 5, 2006,
p 933 etc.
سلسلة محاكم عسكرية
أنشاءها الحلفاء بعد الحرب العالمية بموجب ميثاق لندن في 8 غشت 1945 لمحاكمة مجرمي
الحرب في المحور الأوربي [50]
[53] أنظر ر المادتين 2 و 3 من
النظام الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية لروندا .
سوسن تمر خان بكة ،
الجرائم ضد الانسانية في ضوء النظام الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية ، منشورات
الحلبي ، لبنان ، ص 43، 2006[54]
[56] غزل العشاوي،
غزل العشاوي ، وعد العشاوي ، جريمة الإرهاب كأحد ابرز
التحديات عمل اللجنة الدولية للصليب الاحمر كفاعل اساسي في القانون الدولي الصفحة 413
[57] كريستوفر
هارلاند ، أنشطة مكافحة الإرهاب لابد أن تحترم الحماية التي يكفلها القانون الدولي
الإنساني، بيان أمام اجتماع اللجنة السادسة للجمعية العامة حول" تدابير
القضاء على الإرهاب الدولي " ، 10 أكتوبر 2019، تم الاطلاع عليه بتاريخ
18/07/2021