مداخل لتأسيس الأجل المعقول للمحاكمة الجنائية العادلة
أنوار غنام
دكتور في الحقوق، تخصص: القانون الخاص
جامعة سيدي محمد بن عبد الله، كلية الحقوق،
فاس
مــقـــدمـــــة:
تعتبر المحاكمة العادلة أحد الأعمدة الأساسية التي تهدف إلى حماية الإنسان من التعسف والشطط في استعمال السلطة والتمييز، وتعد كذلك من أهم مواضيع حقوق الإنسان وهي مؤشر على مدى احترام الدولة لحقوق الإنسان كما هي متعارف عليها دوليا وقياسا أصيل في بناء دولة القانون.
والمحاكمة العادلة تكمن في
سلامة الإجراءات المسطرية التي تباشر عند محاكمة كل شخص ومطابقتها للقانون
بالإضافة إلى تكييف القانون وجعله منسجما مع المبادئ المتفق عليها والتي تضمن
وتصون حقوق الإنسان.
وقد عمل الدستور المغربي
الجديد على وضع مجموعة من المبادئ لتأطير مفهوم المحاكمة العادلة، وعمل على
تقويتها بمجموعة من الضمانات.
ومنه فالمحاكمة العادلة في
القانون المغربي أصبحت تستمد مرجعيتها من الدستور الجديد الذي عمل على تكريسها في
الفصل 23 منه،
والذي ينص على أن قرينة البراءة والحق في المحاكمة العادلة مضمونان، وهذه الضمانة
تم ترسيخها بمقتضى الفصل 120 من
الدستور والذي أكد على أن "لكل شخص الحق في محاكمة عادلة وفي حكم يصدر داخل
أجل معقول".
والدستور المغربي في هذا
الإطار أقر مجموعة من الضمانات، منها ما هو قانوني ومنها ما هو قضائي، وذلك من اجل
تفعيل ناجع لمضامين المحاكمة العادلة.
والهدف من المحاكمة العادلة
هو الوصول إلى الحقيقة بسرعة وفعالية لتحقيق المصلحة العامة، أما ضماناتها فهي أن
يتحقق هذا الهدف على يد قضاء محايد ومستقل.
وموضوع استقلال القضاء شأن
يتجاوز بكثير حدود القضاة أنفسهم، إذ أنه في جوهره وثيق الصلة بقضية العدل وميزان
الحرية في المجتمع، ففي الدول الديمقراطية قيمتي العدل والحرية تتأثران سلبا
وإيجابا بمقدار ما هو متوافر من استقلال للقضاء في كل بلد.
فمهمة القضاء هي تطبيق
القانون بشكل سليم وبما يتوافق ومبادئ العدالة، فلا يكفي لمواجهة الجريمة على نحو
فعال أن يتضمن القانون الجنائي نصوصا للتجريم أو يفرض لها عقوبات رادعة، بل ينبغي
على المشرع أن يؤازرها بالقواعد الإجرائية اللازمة التي تمكن السلطة المختصة من
سرعة الكشف عن الجريمة وضبط الجاني وإدانته في أقرب وقت ممكن.
ولذلك أضحى إنجاز الإجراءات
الجنائية في غضون مدة زمنية معقولة، أحد مرامي السياسة الجنائية المعاصرة، فهو
يكفل حسن سير العدالة الجنائية، لكون العدالة البطيئة نوع من الظلم، فمع مضي مدة
طويلة من وقوع الجريمة يصبح تقييم الأدلة سواء أكانت أدلة إثبات أم أدلة نفي أمرا
شاقا، فالعدالة لا يؤذيها إفلات مذنب من العقاب بقدر ما يؤذيها إدانة شخص قد يكون
بريئا.
علاوة على ذلك فالمصلحة
العامة تقتضي الإسراع في إنجاز الإجراءات الجنائية تحقيقا للردع العام الذي يستلزم
السرعة في توقيع العقاب بعد وقوع الجريمة، فالتأخر في العقاب يؤدي إلى عدم فاعلية
الردع الخاص، ويعصف ببرامج السياسة الجنائية الهادفة إلى إعادة تأهيل المجرم هذا
إلى جانب ما تتكبده الدولة من نفقات بسبب طول الإجراءات أو التأخر في إنجازها.
فإنجاز إجراءات المحاكمة
خلال أجل معقول تبرز فائدته في كونه يهدف أيضا لحماية المصلحة الخاصة للمتهم
باعتباره الطرف الضعيف في الخصومة الجنائية، عن طريق وضع حد للآلام النفسية التي
يتعرض لها المتهم بسبب وضعه موضع اتهام، سيما في ضوء علانية الجلسات.
ومن خلال ما سبق ومن أجل بسط
النقاش حول المرجعيات والأسس القانونية البانية والمكرسة للأجل المعقول للمحاكمة
وإظهار خصائص وأهمية أن تباشر الإجراءات الجنائية من بدايتها إلى نهايتها خلال
آجال معقولة، قررنا طرح الإشكالية التالية:
ما هي الأسس والمبادئ التي يقوم عليها الأجل
المعقول ليكون مدخلا لمحاكمة جنائية عادلة؟
ومن أجل الإجابة عن هذه
الإشكالية والإحاطة بتفاصيلها بهدف الخروج بحلول كفيلة برفع اللبس عن مختلف
المرجعيات التي يتأسس عليها الحق في أجل معقول لمحاكمة عادلة، ارتأينا مناقشة
الموضوع وفق خطة دراسية ثنائية تتحدد في المطلبين التاليين:
المطلب الأول: الأسس والمرجعيات التي يقوم عليها
الحق في المحاكمة خلال أجل معقول.
المطلب الثاني: الأجل المعقول تعزيز لضمانات المحاكمة العادلة.
المطلب الأول: الأسس القانونية لضمان الحق في
المحاكمة خلال أجل معقول
يعتبر الأجل المعقول حقا من
حقوق الإنسان الذي تبنته المواثيق الدولية وأوصت التشريعات الوطنية بتقنينه والسهر
على احترامه في مختلف الإجراءات الجنائية بهدف صيانة الحقوق الإنسانية واحتراما
لمبادئ المحاكمات الجنائية كما هي متعارف عليها دوليا، ولمناقشة ذلك قسمنا هذا
المطلب إلى فقرتين، تعرضنا في الفقرة الأولى لمفهوم الحق في المحاكمة خلال أجل
معقول، وتطرقنا في الفقرة الثانية للأساس القانوني لضمان الحق في المحاكمة خلال
أجل معقول.
الفقرة الأولى: مفهوم الحق في المحاكمة خلال أجل
معقول
يكتسي تحديد مفهوم الأجل
المعقول أولا أهمية بالغة على مستوى حسن سير الإجراءات الجنائية.
ومن خلال إيضاح المفهوم
تتبين خصائص الحق في المحاكمة خلال أجل معقول ثانيا.
أولا: تعريف الحق في أجل معقول للمحاكمة
الأجل المعقول للمحاكمة أو
المحاكمة خلال مدة معقولة كما تناولت ذلك المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان، هو أن
يتم النظر في القضية في وقت قصير ليس فيه إيلام أو إضرار بحق المتهم، ولكن السرعة
لا تعني التسرع كما أشار بذلك الفقه.
تقيم معقولية فترة الاحتجاز
قبل المحاكمة بموجب القانون الدولي في كل حالة على حدة، وبينما يجب على المتهم
إثارة الأمر، فإن عبء الإثبات فيما يتصل بتبرير التأخير يقع على عاتق السلطات.
ويبدأ الإطار الزمني لتقييم
معقولية الاحتجاز قبل المحاكمة عندما يبدأ حرمان المشتبه فيه من حريته، وينتهي على
الأقل لأغراض التقيد بالمادة 9 من
العهد الدولي والمادة 5 من
الاتفاقية الأوروبية، بصدور الحكم عن المحكمة الابتدائية، وخلافا لذلك يمتد الإطار
الزمني لتقييم ما إذا كانت الإجراءات الجنائية قد تمت دون تأخير لا مسوغ له -
بموجب المعايير التي تنطبق على كل شخص متهم بجرم جنائي سواء أكان محتجزا أم لا -
حتى صدور الحكم القطعي، وبما يشمل نتائج أي مرحلة من مراحل الاستئناف[1].
وينبغي الأخذ بعين الاعتبار
كل عامل من العوامل التالية لدى تفحص معقولية طول فترة الاحتجاز السابق على
الحاكمة:
-
مدى تعقيد القضية.
-
ما إذا كانت السلطات قد أبدت "العناية الخاصة" في مباشرة
الإجراءات مع الأخذ بعين الاعتبار تعقيدات التحقيق وسماته الخاصة.
-
ما إذا كانت عمليات التأخير تعود في القسط الأكبر منها إلى سلوك المتهم أم
الادعاء.
-
التدابير التي اتخذتها السلطات لتسريع الإجراءات[2].
تقضي المعايير الدولية بأن
يتم مثول الأفراد أمام قاض على وجه السرعة عقب القبض عليهم أو احتجازهم، وبينما
ترك أمر السرعة ليتقرر بناء على ظروف كل حالة، إلا أن المحكمة الأوروبية قد أوضحت
أن القيود الزمنية التي تقتضيها مسألة السرعة "لا تترك للتأويل سوى القليل من
المرونة"، بينما قالت اللجنة المعنية بحقوق الإنسان إنه "لا يجوز أن
يزيد التأخير على بضعة أيام"[3].
ويشير الحق في المحاكمة دون
تأخير لا مسوغ له ليس فقط إلى الحق في المحاكمة بل يشير أيضا إلى الحق في صدور حكم
نهائي دون أي تأخير غير مبرر، وفقا للجنة الأمم المتحدة المعنية بحقوق الإنسان فإن
الحق في المحاكمة دون أي تأخير غير مبرر "يتعلق ليس فقط بالموعد الذي يجب أن
تبدأ فيه المحاكمة، بل يتعلق أيضا بالتوقيت الذي يجب أن تنتهي فيه بإصدار الحكم
النهائي، وكل مراحل المحاكمة يجب أن تتم دون تأخير لا مسوغ له"، وتبدأ الساعة
في الدوران بمجرد أن يتم توجيه اتهام لشخص في جريمة، وهو ما فسرته المحكمة
الأوروبية لحقوق الإنسان بأنه يعني "من إعطاء إخطار رسمي لفرد عن طريق سلطة
مختصة بارتكاب جريمة أو من أي إجراء آخر ينطوي ضمنا على اتهام كهذا، ويؤثر موضوعيا
في وضع المشتبه به تأثيرا مماثلا"، وقد يشمل ذلك بدء التحقيقات الرسمية مثلما
هو الحال بموجب المادة 94 من
القانون النموذجي للإجراءات الجنائية، أو إلقاء القبض بموجب المادة 170 أو المادة 171 من القانون النموذجي للإجراءات
الجنائية، أو استجواب الشرطة للشخص أو إجراء تفتيش.
وتتوقف الساعة عن الدوران
ويتحقق الحق في المحاكمة دون تأخير غير مبرر عندما يصدر حكم نهائي بالإدانة أو
البراءة، ويجب ألا يكون الحكم نهائيا فحسب، بل يجب أن يتم إطلاع المتهم عليه أيضا[4].
والحق في محاكمة سريعة لا
يعني المحاكمة المتسرعة؛ لأن هذه الأخيرة تأتي بالمخالفة لضمان حقوق الدفاع، وهذا
ما جعل الاتفاقية الدولية تفسر المحاكمة السريعة بالمحاكمة خلال مدة معقولة،
والمعقولية تعني استبعاد التسرع عن اتخاذ الإجراءات وفي نفس الوقت عدم جواز إطالة
المحاكمة على نحو مبالغ فيه.
والفترة الزمنية التي نأخذها
بعين الاعتبار من أجل تحديد المدة المعقولة تبدأ من اللحظة التي يخطر فيها الشخص
بأن السلطات تتخذ خطوات محددة لإقامة الدعوى القضائية ضده؛ أي منذ لحظة توجيه
الاتهام، وهناك من الفقه من يرى بأنها تبدأ منذ فترة الاحتجاز أمام الضابطة القضائية،
وتنتهي عندما تستنفذ جميع سبل الطعن إلى غاية أن يصبح الحكم نهائيا وجاهز للتنفيذ.
من كل ما سبق يمكن تعريف
المحاكمة السريعة وبإيجاز بأنها "حق المتهم بأن يحاكم خلال مدة معقولة ودون
تأخير لا مبرر له"، ونعتبر ان احتساب المدة أو بداية الأجل تكون مع الشروع في
أي إجراء يهم توجيه اشتباه أو تهم للشخص، يعني أنه بمجرد علم الشخص بأنه على صلة
بأي طريقة كانت بجريمة وقعت، وأن هذا الأجل يبقى مستمرا إلى حين صدور حكم بات حائز
لقوة الشيء المقضي به، وقد يتجاوز ذلك إلى مرحلة التنفيذ حسب معطيات كل قضية على
حدة.
ثانيا: خصائص الحق في المحاكمة خلال أجل معقول
يتبين من خلال الوقوف على
تعريف الأجل المعقول للمحاكمة الجنائية أن هناك خصائص للمحاكمة خلال مدة معقولة
أهمها:
1.
الحق في المحاكمة
خلال مدة معقولة من حقوق الإنسان
يأخذ الحق في أجل معقول
للمحاكمة مكانة متميزة في العديد من تشريعات الدول باعتباره حقا من حقوق الإنسان،
فدسرت هذا الحق ورفعت من قيمته القانونية، وهو ما نجده واضحا في الدستور الأمريكي
وبعض الدساتير الأوروبية والميثاق الكندي المتعلق بالحقوق والحريات؛ لأن هذا الحق
يعتبر ركيزة أساسية للمحاكمة العادلة.
كما نجد أن الدستور المغربي
لسنة2011[5] قد أدرج هذا الحق وجعله من أسس المحاكمة الجنائية العادلة من خلال الفصل 120 الذي يؤكد على أنه يجب أن تصدر
الأحكام خلال مدة معقولة، وهو ما يحسب للمشرع المغربي ويجعل من الترسانة القانونية
متطورة، أو يجب عليها أن تتطور لمسايرة المقتضيات الدستورية للمملكة بغية تعزيز
وتكريس ضمانات المحاكمة العادلة، غير أننا نجد أن أغلب الدساتير العربية لم تتضمن
هذا الحق وهو قصور يتعين مراجعته لأنه من غير المقبول أن تنظم العديد من الدول الى
العهد الدولي الذي يتضمن الحق في محاكمة سريعة ولا نجد في دساتيرها ما يترجم ذلك؛
لأن المتفق عليه: "أن العدالة البطيئة نوع من الظلم".
2.
صعوبة تحديد وقت
زمني محدد للمحاكمة في أجل معقول
ينبغي التسليم بأن اختلاف
القضايا وتباين الظروف يجعل من الصعب جدا تحديد مدة زمنية محددة بدقة من أجل مثول
المتهم أمام القاضي أو من أجل الفصل في النزاع القضائي خلال فترة محددة، وبشكل
نهائي، فحتى المعايير الدولية للأجل المعقول سمحت بشيء من المرونة في تأويل بعض
المقتضيات كما أدرجت عبارة "تأخيرا مفرطا"، من أجل تحديد الأجل المعقول
وهو ما ينم عن عدم سهولة تحديد ووضع معيار واضح ودقيق يتم اعتماده من أجل القول
بخرق الحق في أجل معقول للمحاكمة من عدمه.
إلا أنه هناك بعض المعايير
والتي سبق لنا ذكرها يتم اعتمادها من أجل تحديد المدة الزمنية المعقولة للفصل في
القضية، ويبقى كذلك لظروف كل قضية وملابساتها دور مهم ومؤثر على تحديد الأجل
المعقول للبت وإنهاء القضية الرائجة أمام القضاء والتي قد تمر من إجراءات جنائية
متعددة قبل أن تصل مرحلة البت القضائي فيها بشكل نهائي.
3.
إشكالية ربط انتهاك
الحق في أجل معقول للمحاكمة بالجزاء
نصت تشريعات العديد من الدول
على جزاء خرق الحق في أجل معقول للمحاكمة الجنائية، وهو ما تؤكده المادة 1-L141 من قانون التنظيم القضائي
الفرنسي حيث نصت على حق المتقاضي في الحصول من الدولة على تعويض عن الأضرار ...
ومنها التأخير الفاحش في إصدار الأحكام، كما نص قانون المسطرة الجنائية البلجيكي
على أنه يمنح للقاضي إمكانية الحكم "بالإدانة فقط" دون تحديد العقوبة أو
الحكم بعقوبة تقل عن الحد الأدنى القانوني، عندما يتبين له تجاوز أمد الدعوى
العمومية للأجل المعقول للبث فيها.
والملاحظ أن أغلب دساتير
الدول التي نصت على الحق في أجل معقول للمحاكمة لم تضع ولم تحدد الجزاء المترتب
على مخالفته، وهو ما تم تداركه بالتنصيص على هذا الجزاء في القوانين، حيث نجد
الدستور الأمريكي نص على الحق في محاكمة سريعة كأحد أهم مبادئ حقوق الإنسان لكنه لم
يشر إلى الجزاء بل تولى ذلك القضاء الذي جعل الجزاء المناسب لخرق السلطات لحق
الإنسان في محاكمة سريعة هو إسقاط الاتهام[6].
نفس المنهج نلاحظه عند
المشرع المغربي، حيث اعتبر على مستوى الدستور أن الأجل المعقول للمحاكمة الجنائية
مبدأ دستوريا دون التنصيص على جزاء لمخالفة ذلك، غير أنه بالرجوع إلى القانون
التنظيمي المتعلق بالنظام الأساسي للقضاة[7]
نجده ينص في المادة 97 على
أنه "يمكن توقيف القاضي حالا عن مزاولة مهامه إذا توبع جنائيا أو ارتكب خطأ
جسيما.
ويعد خطأ جسيما: - ...
- الإهمال أو التأخير غير المبرر والمتكرر في بدء أو
إنجاز مسطرة الحكم أو في القضايا أثناء ممارسته لمهامه القضائية".
كما نص القانون التنظيمي
المتعلق بالمجلس الأعلى للسلطة القضائية[8]
في المادة 75 منه
على أنه "يراعي المجلس عند ترقية القضاة ... الحرص على إصدار الأحكام في أجل
معقول".
غير أنه وبما أن الأمر يتعلق
بالمحاكمة الجنائية أي الحديث عن سلامة الإجراءات الجنائية في علاقتها بضمانات
المحاكمة العادلة، فكان حريا بالمشرع المغربي أن يضمن مبدأ الأجل المعقول والجزاء
المترتب عن الإخلال به في القانون الجنائي المغربي بشقيه الإجرائي والموضوعي حتى
يساير بذلك الوثيقة الدستورية ويترجم الإرادة الحقيقية في بلوغ هدف الانسجام مع
المواثيق الدولية المصادق عليها، وصيانة حقوق الإنسان كما هي متعارف عليها دوليا،
وتعزيزا لضمانات المحاكمة العادلة.
الفقرة الثانية: الأساس القانوني لضمان الحق في
المحاكمة خلال أجل معقول
سنعرض في هذه الفقرة الأساس
القانوني للحق في محاكمة سريعة من خلال المواثيق الدولية أولا ثم في التشريع
المغربي ثانيا.
أولا: أساس الحق في محاكمة سريعة من خلال المواثيق
الدولية
يتضمن عدد من المواثيق
الدولية والإقليمية لحقوق الإنسان الحق في المحاكمة دون تأخير لا مسوغ له في
القانون، منها على سبيل المثال: العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية المادة
14،
والاتفاقية الأمريكية لحقوق الإنسان المادة 8، والميثاق الإفريقي لحقوق الإنسان والشعوب المادة 7، والاتفاقية الأوروبية لحماية
حقوق الإنسان والحريات العامة المادة 6.
كما أن هذا الحق وارد في المبدأ 38 من مجموعة المبادئ المتعلقة
بحماية جميع الأشخاص الذين يتعرضون لأي شكل من أشكال الاحتجاز أو السجن[9].
فنجد أن هذا الحق مكرس بنص
المادة 9 3 من العهد الدولي في قولها:
"يقدم الموقوف أو المعتقل بتهمة جزائية، سريعا إلى أحد القضاة أو أحد
الموظفين المخولين قانونا مباشرة وظائف قضائية، ويكون من حقه أن يحاكم خلال مهلة
معقولة ...".
يتبين من خلال هذه المواثيق
أن الحق في أجل معقول للمحاكمة حظي باهتمام دولي كبير، كما تعرضت له المحاكم
الإقليمية في عدة مناسبات.
أما بخصوص الاتفاقيات
الإقليمية فنجد أن المادة 7 5 من الاتفاقية الأمريكية كرست
حق المتهم جزائيا في: "أن يقدم للمحاكمة في غضون فترة زمنية معقولة أو يفرج
عنه دون أن يؤثر ذلك في سير الإجراءات ..."[10].
وجدير بالذكر أن النصوص
السابقة باستثناء نص المادة 6 1 من الاتفاقية الأوروبية
متشابهة في الصياغة وتركز على حق المتهم في سرعة إجراءات الدعوى قبل المحاكمة، وهي
بذلك تؤكد على ضرورة تقديم المتهم للمحاكمة دون تأخير لا مبرر له، فالسرعة
المطلوبة فيها سرعة سابقة للمحاكمة، وهذا ما يؤكد أن النطاق الزمني لهذا الحق لا ينحصر
في فترة المحاكمة بل يشمل كذلك فترة ما قبل المحاكمة.
ثانيا: أساس الحق في محاكمة سريعة في التشريع
المغربي والتشريعات المقارنة
اعتبر المؤسس الدستوري أن
السلطة القضائية حامية لحقوق الأشخاص والجماعات وحرياتهم وأمنهم القضائي حسب الفصل
177 من
الدستور المغربي، وهذا المقتضى يعد هاما ومؤسسا للأمن القضائي ليس فقط خلال مرحلة
المحاكمة بل يمتد ذلك ليشمل جميع إجراءات المحاكمة عبر الرقابة التي يمارسها
القضاء على سلامة هذه الإجراءات من الناحية القانونية ومدى احترامها للحقوق
والحريات المنصوص عليها في الوثيقة الدستورية ومختلف القوانين الأخرى وخاصة
المسطرة الجنائية التي تعتبر الوثيقة التي من خلالها نقيم مدى احترام المشرع
لضمانات المحاكمة العادلة وحقوق الإنسان كما هي متعارف عليها دوليا.
وتجدر الإشارة إلى أن
الدستور المغربي لسنة 2011 يصنف
من بين الدساتير التي أولت أهمية كبيرة لحقوق الإنسان وكانت مسايرة في مقتضياتها
للمواثيق الدولية وهو ما يتضح جليا من خلال الفصل 120 من دستور المملكة المغربية الذي ينص على أنه "لكل شخص الحق
في محاكمة عادلة، وفي حكم يصدر داخل أجل معقول"، فهذا المقتضى الدستوري والذي
جعل من الأجل المعقول للمحاكمة مبدأ وحقا دستوريا مسايرا بذلك الصكوك والمواثيق
الدولية بهذا الخصوص، وإنه بذلك تأكيد وتعزيز لانخراط المغرب الفعلي والجاد في
الجهود الدولية، من أجل تضمين الدول للحقوق والحريات في قوانينها الوطنية والسهر
على احترامها.
على الرغم من التنصيص
الدستوري الصريح من خلال الفصل 120 على
الحق في أجل معقول للمحاكمة، إلا أن قانون المسطرة الجنائية لا زال لا يساير هذا
المقتضى ولا نجد من بين مواده ما يؤكد وبشكل صريح المبدأ الدستوري المتمثل في الحق
في أجل معقول للمحاكمة.
لكن هذا الكلام لا ينفي أن
قانون المسطرة الجنائية المغربي حرص على حق المتهم في سرعة تقديمه للمحاكمة حيث
أنه قيد مدة التوقيف للنظر في مجال التحريات الجنائية بمدة "48 ساعة" غير قابلة للتجديد
إلا استثناء ووفقا للشروط المحددة بالقانون حسب ما ورد في المادة 66 من ق.م.ج[11]، وهذا إن
دل على شيء فهو يدل على أن قانون المسطرة الجنائية المغربي حريص على كفالة حق
المتهم في سرعة إجراءات الدعوى الجنائية بصفة عامة.
أما عندما يتعلق الأمر
بالاعتقال الاحتياطي الذي يصدر عن قاضي التحقيق، فإننا نلاحظ أن المدة هناك تكون
طويلة سواء تعلق الأمر بالجنح أو الجنايات وما يزيد الأمر سوءا هو إمكانية تمديد
الاعتقال ورغم أن المشرع قرنه بشروط ووضع له حدودا، إلا أنه ومع ذلك يضل الامر خطيرا
لا سيما إذا ما اعتبرنا أنه السبيل المفضل والسهل الذي يسلكه قضاة التحقيق من أجل
فك لغز الجريمة والوصول إلى الحقيقة والتي غالبا ما يتم الرهان فيها على إضعاف
المتهم وإخضاعه لضغوطات نفسية تجعله يعترف بالجرم المقترف وهو ما يفسر ارتفاع عدد
المعتقلين احتياطيا بسجون المملكة رغم ما عرفته هذه النسبة من تراجع في السنوات
الأخيرة، إلا أنها تبقى مرتفعة لأنها تمس وتهدد الحريات وسمعة وحقوق المتهمين
الخاضعين لهذا الإجراء الذي يعتبر في قانون المسطرة الجنائية إجراء استثنائيا،
وعليه ومن أجل مسايرة المقتضيات الدستورية والتي تؤكد على احترام حقوق الأفراد
وحرياتهم واحتراما لقرينة البراءة وتماشيا مع كفالة الحق في المحاكمة خلال أجل
معقول وجب إعادة النظر في مدد الاعتقال الاحتياطي، كما وجب ترشيد استعماله وجعله
تدبيرا استثنائيا لا يجب اللجوء إليه إلا في أضيق الحالات وبكيفية تراعي الأجل
المعقول المنصوص عليه دستوريا.
المطلب الثاني: الأجل المعقول تعزيز لضمانات
المحاكمة العادلة
إن التنصيص على الحق في
محاكمة خلال أجل معقول من طرف الدستور المغربي يجعلنا نتساءل عن أهم الضمانات
الدستورية الممنوحة للمتقاضي الفقرة الأولى، كما لا بد وأن يكون القضاء مستقلا الفقرة
الثانية؛ لأنه الموكول له تطبيق القانون وضمان حريات الأفراد وحقوقهم.
الفقرة الأولى: أهم الضمانات الدستورية الممنوحة
للمتقاضين
يحق لنا كقانونيين وكمغاربة
أن نفخر بالدستور المغربي الجديد لسنة 2011؛ لأنه
جاء بمجموعة من المقتضيات التي تعتبر مهمة في بناء صرح المجتمع الديمقراطي
والحداثي وكذلك تقوية دولة المؤسسات وجعل القانون فوق الجميع، وعليه وتماشيا مع
طبيعة الموضوع الذي نتناوله قررنا الحديث عن أهم الضمانات الدستورية الممنوحة
للمتقاضي والتي تتجلى في نظرنا بالأساس في قرينة البراءة أولا وأيضا مبدأ المساواة
ثانيا.
أولا: قرينة البراءة
يعتبر أصل البراءة ركيزة
أساسية للشرعية الدستورية في قانون الإجراءات الجنائية، وتتوافق هذه الركيزة مع
الركيزة الأولى للشرعية الدستورية في قانون العقوبات، وهي شرعية الجرائم
والعقوبات، ذلك أن تطبيق قاعدة لا جريمة ولا عقوبة إلا بنص قانوني يفترض حتما
قاعدة أخرى هي افتراض البراءة في المتهم حتى يتبين جرمه وفقا للقانون، والواقع أن
حماية الحقوق والحريات التي كفلها الدستور لكل مواطن تفترض براءته إلى أن تثبت
إدانته في محاكمة عادلة، ولهذا وجب النظر إلى الإنسان بوضعه بريئا ويظل كذلك في
مختلف أطوار الدعوى العمومية إلا إذا قرر القضاء في النهاية إدانته بحكم قضائي
نهائي.
والاعتماد على الحكم وحده
لدحض أصل البراءة يبنى على أن القضاء هو الحارس الطبيعي للحرية، فيملك بناء على
هذا الأصل تحديد المركز القانوني للمحكوم عليه بالنسبة إلى الحقوق والحريات فيكون
الانتقاص من هذه الحقوق والحريات هو الجزاء المترتب على إدانته بالجريمة التي
ارتكبها، ولهذا أصبح أصل البراءة أحد الركائز الجوهرية التي لا تقوم المحاكمة
العادلة بدونها، وأمرا لازما لإدارة العدالة الجنائية إدارة فعالة.
إن الحق في أن يفترض الشخص
بريئا إلى أن تثبت إدانته مبدأ يحكم المعاملة الواجب أن يتلقاها الشخص المتهم خلال
فترة التحقيقات الجنائية وإجراء المحاكمة ولغاية النظر النهائي في وقائع الدعوى
وأثناء ذلك النظر، وتنص المادة 14 2 من العهد الدولي الخاص بالحقوق
المدنية والسياسية والمادة 7 1 من الميثاق الإفريقي لحقوق
الإنسان والشعوب، والمادة 8 2 من الاتفاقية الأمريكية لحقوق
الإنسان، والمادة 6 2 من الاتفاقية الأوروبية لحقوق
الإنسان[12]، جميعها
تضمن حق افتراض البراءة وكذلك العديد من المواثيق والصكوك الدولية أدرجت هذا
المبدأ ضمن مقتضياتها، ونذكر على سبيل المثال المادة 66 1 من
النظام الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية.
وعليه فإن عدالة المحاكمة
تتطلب إعمال مبدأ قرينة البراءة هو الأصل وهو ما يستتبع بشكل أساسي سرعة الفصل في
الدعوى والتي تعد أيضا من أهم مقومات
المحاكمة العادلة، حيث أنها تؤكد وتعضد مبدأ قرينة البراءة، وبعد إجراء المحاكمة
يتم النطق بالحكم الذي قد يؤكد براءة المتهم كما قد ينتهي إلى إدانته في حال ثبوت
التهمة في حقه، فالبطء في إجراء المحاكمة والنطق بالحكم قد يشكل مسا بحقوق المتهم
ونوعا من الظلم الذي يطاله في حال ثبوت براءته.
كما أن من المقتضيات اللصيقة
بمبدأ قرينة البراءة نجد أن الشك يفسر لصالح المتهم، بالإضافة إلى أن عبء الإثبات
يقع على سلطة الادعاء.
وتجدر الإشارة إلى أن هناك
مجموعتان من المعايير التي تقضي بضرورة بدء المحاكمة في غضون فترة زمنية معقولة،
وكلتاهما مقيدة بمبدأ أن المتهم بريء حتى تثبت إدانته[13].
المجموعة الأولى منهما تنطبق
على المحتجزين، وهي تقضي بضرورة تقديمهم إلى المحاكمة في غضون فترة زمنية معقولة
أو الإفراج عنهم، وهذا الحق مصون بموجب الضمانات المحددة في المادة 9 3 من العهد الدولي وغيره من المواثيق الدولية، وينبع هذا الحق من
افتراض براءة المتهم والحق في الحرية الشخصية، الذي يقضي بأن أي شخص يحتجز على ذمة
قضية أن تعطى أولوية لقضيته، وأن تتم الإجراءات على نحو سريع.
أما المجموعة الثانية التي
تنطبق على أي شخص يتهم بارتكاب فعل جنائي سواء أكان محتجزا أم غير محتجز، فتقضي
بضرورة عقد جميع المحاكمات دون أي تأخير غير ضروري، والغرض الأساسي من هذا ألا
يتعرض الأشخاص المحتجزين على ذمة قضية أو بتهمة جنائية للمعاناة من الإحساس بالقلق
لفترة طويلة بلا ضرورة والحيلولة دون ضياع الأدلة أو العبث بها[14].
وبالنظر لأهمية هذا المبدأ،
فقد أدركت القوانين الوضعية اليوم أن طول أمد النزاع لا يمس فقط بحقوق المتهم
وآليات المحاكمة العادلة، بل يكلف خزينة الدولة نفقات أكثر بسبب طول الإجراءات،
كما أدركت أن المبالغة في مدة الفصل في القضية يسبب الآلام الكبيرة للمتهم بحكم
وضعه موضع الاتهام بما ينجم عن ذلك من مساس بشرفه واعتباره وأسرته.
ثانيا: مبدأ المساواة
المساواة هي حق لكل إنسان
أمام المحاكم، ويعني هذا المبدأ العام النابع من سيادة القانون ان لكل إنسان حقا
متساويا في اللجوء إلى المحاكم، وأن تعامل المحاكم جميع الناس معاملة متساوية[15]، وقد ورد
هذا المبدأ في العديد من المواثيق الدولية وأهمها الإعلان العالمي لحقوق الإنسان
في مادته السابعة[16]، والمادة 14[17] من العهد الدولي للحقوق المدنية والسياسية.
ويقصد بمبدأ المساواة كضمانة
لتحقيق المحاكمة العادلة تساوي الجميع أمام القضاء والمساواة أمام القضاء تهدف إلى
ضمان وتكريس حق كل فرد على قدم المساواة التامة مع الغير أمام المحاكم، وعن طريق
هذين الهدفين الأساسيين يتحقق تجرد القضاء كسلطة والقضاة كأشخاص، حيث يتم التعامل
مع كل القضايا والنزاعات على أساس الوقائع وطبقا لمقتضيات القوانين بغض النظر عن
أي نوع من أنواع التمييز كيفما كان الأساس الذي يقوم عليه.
يوفر مبدأ المساواة حماية
لجميع الأفراد حيث يجب ضمان مبدأ المساواة في جميع المراحل السابقة للمحاكمة
وأثناء المحاكمة، من حيث أنه ينبغي أن يكون لكل شخص مشتبه فيه أو متهم الحق في عدم
التعرض للتمييز أثناء التحقيقات التي تجري بشأنه أو المحاكمات التي تجري له أو في
طريقة تطبيق القانون عليه.
ولهذا يعتبر مبدأ المساواة
أمام القانون من المبادئ الدستورية التي تمثل حجر زاوية البناء القانوني لأية
دولة، ولقد تضمنته دساتير الغالبية العظمى من دول العالم، ويشمل هذا المبدأ تأكيد
المساواة بين الرجال والنساء أمام القانون وحظر التمييز المستند إلى العرق أو
اللغة أو الدين أو الجنس أو الوضع الاقتصادي والاجتماعي أو أي سبب آخر مماثل.
لقد تبنى الدستور المغربي
لسنة 2011 مبدأ المساواة وأكد عليه من خلال مجموعة من المقتضيات الدستورية ولعل
أبرزها الفصلين 6 و 19؛ حيث ينص الفصل 6 على أن "القانون هو أسمى
تعبير عن إرادة الأمة، والجميع أشخاصا ذاتيين واعتباريين، بما فيهم السلطات
العمومية، متساوون أمامه، وملزمون بالامتثال له". وينص الفصل 19 منه على أنه "يتمتع الرجل
والمرأة على قدم المساواة بالحقوق والحريات...".
هذا الشمول الوارد في
الفصلين يطبق على كافة الحقوق والواجبات المنصوص عليها في الدستور والتي وردت في
مواضع متفرقة[18] لتثبت
ركائز المحاكمة العادلة؛ حيث نجده ينص في الفقرة الأولى من الفصل 23 أيضا على أنه :"لا يجوز إلقاء القبض على أي شخص أو اعتقاله أو متابعته أو
إدانته، إلا في الحالات وطبقا للإجراءات التي ينص عليها القانون ...، وفي الفقرة
الخامسة يحظر كل تحريض على العنصرية أو الكراهية أو العنف"، كما ينص الفصل 120 من الدستور بشكل واضح على
المساواة تحقيقا للمحاكمة العادلة حين نص أن لكل شخص الحق في محاكمة عادلة، وفي
حكم يصدر داخل أجل معقول، وحقوق الدفاع مضمونة أمام جميع المحاكم.
ولم يقف دستور 2011 عند تكريس أو تقرير مبادئ تهدف
إلى حماية حريات وحقوق الفرد بل أراد أيضا إحاطة هذه المبادئ بجزاءات عن عدم
احترامها وهذا هو الدور المنوط بالمحكمة الدستورية، ومن ذلك قرار 921/2013 القاضي بعدم دستورية تغيير المادة 139 من القانون رقم 01.22 المتعلق بالمسطرة الجنائية،
حيث أن الأمر يتعلق بمقترح قانون رقم 01.129 يقضي بتغيير المادة 139 من ق.م.ج.
هذا المقترح يقضي بعدم تسليم
محاضر الشرطة القضائية وباقي وثائق الملف كليا أو جزئيا إلى محامي المتهم ومحامي
الطرف المدني وعدم انتهائه إلا عشرة أيام قبل بدء الاستنطاق التفصيلي، خصوصا في
القضايا المتعلقة بجرائم الرشوة أو استغلال النفوذ أو الاختلاس أو التبديد أو
الغدر أو غسل الأموال، الأمر الذي يخل بمبدأ التوازن وحسن سير التحقيق وحسن ممارسة
حقوق الدفاع وهذا فيه خرق للفصول 110-117-118 و120 من الدستور المغربي.
وهكذا فقد كرس القانون
الجنائي المغربي مبدأ المساواة في التجريم والإباحة إعمالا لمبدأ عدم التمييز،
ويقتضي مبدأ المساواة امام القانون أيضا المساواة في العقوبة فهي مقررة للجميع،
فالناس متساوون امام القضاء في تحمل العقوبات كيفما كان مركزهم في المجتمع، فلا دخل
ولا اعتبار للمكانة الاجتماعية للأشخاص.
ويتجسد هذا المبدأ من خلال
تمتيع الجميع بالحق في الدفاع والمحاكمة العادلة دون تمييز بسبب الجنس أو الدين أو
اللغة أو العرق أو غير ذلك، من خلال التنصيص على إجراءات مسطرية توافق المعايير
المتعارف عليها دوليا وتحقق مساواة الجميع في التمتع به، ذلك أن القوانين الجنائية
الموضوعية منها والإجرائية، لا تنظر إلى المتهم إلا بهذه الصفة، دون مراعاة
انتمائه إلى جنس أو عرق أو عقيدة معينة.
واحتراما لتلك القواعد يخضع
القانون أعمال ضباط الشرطة القضائية لمراقبة مباشرة من طرف القضاء سواء من طرف
قضاة النيابة العامة أثناء مرحلة البحث التمهيدي أو أثناء مرحلة المحاكمة من طرف
قضاة الحكم الذين يمكنهم إبطال محاضر الضابطة القضائية في حالة خرقها للضمانات
المنصوص عليها في ق.م.ج، فالقضاء بوصفه ضامنا للحقوق والحريات قد يثير من تلقاء
نفسه عدم صحة وسلامة الإجراءات في حالة خرق قواعد الحراسة النظرية بالنظر إلى
الحرمان من الحرية، وذلك تماشيا مع روح الدستور وفلسفة قانون المسطرة الجنائية
المغربي.
والجديد في مسودة مشروع
القانون المتعلق بتغيير وتتميم قانون المسطرة الجنائية، هو أن المادة الأولى منها
قد نصت على مبدأ المساواة الذي يستشف من الفقرة الأولى من المادة الأولى "كل
الأشخاص متساوون أمام القانون ويخضعون لنفس الإجراءات ويحاكمون وفقا لنفس القواعد
القانونية ...[19]"،
لكن ما يلاحظ على هذه الفقرة هو انه إذا كان فعلا جميع الأشخاص متساوون أمام
القانون، فإنهم ليسوا دائما يخضعون لنفس إجراءات البحث والمحاكمة، وذلك كما هو
الشأن بالنسبة لقواعد الاختصاص الاستثنائية المنصوص عليها في المواد 264 وما بعدها، وبذلك كان يتعين أن
تنص الفقرة المذكورة على أن "كل الأشخاص متساوون أمام القانون ويخضعون لنفس
الإجراءات ويحاكمون وفقا لنفس القواعد القانونية، غير أنه فيما يخص إجراءات البحث
والمحاكمة يمكن أن ينص القانون على إجراءات استثنائية، كلما تعلق الأمر بأشخاص
محددين بنص القانون".
الفقرة الثانية: استقلال السلطة القضائية
ارتقى المشرع الدستوري
المغربي بالقضاء إلى مصاف السلط الدستورية للدولة تماشيا مع التوجهات الملكية، إذ
جاء في الفقرة الأولى من الفصل 107 من
دستور المغربي لسنة 2011 أن
"السلطة القضائية مستقلة عن السلطة التشريعية والسلطة التنفيذية..."،
وتعزيزا لاستقلال السلطة القضائية خول الدستور المغربي للمجلس الأعلى للسلطة
القضائية السهر على تطبيق الضمانات الممنوحة للقضاة تعزيزا بذلك لضمانات المحاكمة
العادلة أولا على اعتبار أن استقلال القاضي يساهم في تكريس المحاكمة العادلة ثانيا.
أولا: المجلس الأعلى للسلطة القضائية دعامة
لمحاكمة عادلة
خول الدستور المغربي للمجلس
الأعلى للسلطة القضائية باعتباره الجهة الوحيدة التي أنيط بها السهر على تطبيق
الضمانات الممنوحة للقضاة، وعمل على توسيع صلاحياته لتشمل إصدار التوصيات الملائمة
بصورة تلقائية، كما جعل منه جهة استشارية تبدي آراءها بخصوص كل مسألة تتعلق
بمنظومة العدالة، بالإضافة إلى أن الدستور قام بتغيير تركيبة أعضاء المجلس
باستبعاد وزير العدل الذي كان في ظل دستور 1996 يشغل منصب نائب الرئيس، ليحل محله الرئيس الأول لمحكمة النقض،
ليعكس ذلك سياسة الدولة المغربية في تعزيز استقلال السلطة القضائية وخصوصا الجهاز
المكلف بتدبير وضعية القضاة.
في إطار توطيد استقلال
السلطة القضائية قامت الدولة ممثلة في وزارة العدل بعدة مبادرات من أجل تنزيل
المقتضيات الدستورية وتوصيات ميثاق إصلاح منظومة العدالة ذات الصلة بالسلطة
القضائية، والنظام الأساسي للقضاة لما فيها من تجليات للحكامة على عدة أصعدة يمكن
إجمالها في النقاط التالية:
1- القانون التنظيمي للمجلس
الأعلى للسلطة القضائية
جاء القانون التنظيمي الخاص
بالمجلس الأعلى للسلطة القضائية بمجموعة من المقتضيات كان مصدرها روح الدستور في
مضامينه العامة، إن على مستوى المرجعية والثوابت أو على مستوى الاستراتيجية وإرساء
دولة ديمقراطية أساسها الحق والقانون، مسايرة لمبادئ القانون الدولي والقوانين
الدولية لحقوق الإنسان، وذلك بهدف تكريس التوجه الدستوري في تعزيز استقلال السلطة
القضائية.
وتمثلت أهم المقتضيات التي
أثبتها هذا القانون في:
- تمكينه من التسيير الذاتي ومن الاستقلالية في
القيام بمهامه[20].
- تأكيد استقلاله الإداري والمالي[21].
- مراعاة مجموعة من المبادئ في تدبير الوضعية
المهنية للقضاة[22].
- تخصيصه بمقر خارج بناية وزارة العدل وخارج بنايات
المحاكم[23].
2 -
النظام الأساسي للقضاة
شكل إخراج القانون التنظيمي
المتعلق بالنظام الأساسي للقضاة 13.106 إلى حيز الوجود بتاريخ 24 مارس 2016 قفزة نوعية نحو إعطاء ضمانات حقيقية للقضاة.
ومن أهم المقتضيات التي أتى
بها هذا القانون تكريسا لاستقلال القضاء ما يتعلق بتكريس مبدأ وحدة القضاء، وتدبير
الوضعيات الفردية للقاضي سواء الترقية أو الانتقال أو العزل أو الانتداب، وذلك
بوضع معايير شفافة وموضوعية تعتبر خارطة الطريق لكل تدبير مهني لمسار القاضي منذ
بدء مهامه بالسلك القضائي وإلى غاية نهايتها بما يكرس الحكامة القضائية في نصوص
النظام الأساسي للقضاة.
فالقانون الأساسي جعل
المقتضيات المتعلقة بالمساطر التأديبية وكذا الطعن في القرارات الصادرة بشأنها هي
الضامنة لعدم حصول أي تجاوز أو استغلال للسلطة وذلك في إطار رؤية متكاملة للحكامة
القضائية، بالإضافة إلى ذلك عمل هذا القانون على نقل مجموعة من الصلاحيات من وزير
العدل إلى المجلس الأعلى للسلطة القضائية.
3 – القانون رقم 17.33 المتعلق بنقل اختصاصات السلطة الحكومية المكلفة
بالعدل إلى الوكيل العام للملك لدى محكمة النقض.
في سياق استكمال ورش استقلال
السلطة القضائية واستجابة لتوصيات ميثاق إصلاح منظومة العدالة خصوصا الهدف الفرعي
السابع المعنون باستقلالية النيابة العامة عن السلطة التنفيذية صدر القانون 17.33[24] بنقل اختصاصات السلطة الحكومية المكلفة بالعدل إلى الوكيل العام للملك لدى
محكمة النقض وسن قواعد لتنظيم رئاسة النيابة العامة؛ حيث حل الوكيل العام للملك
محل وزير العدل في إشرافه على النيابة العامة وعلى قضاتها، بما في ذلك إصدار
الأوامر والتعليمات الكتابية القانونية الموجهة إليهم طبقا للنصوص التشريعية
الجاري بها العمل[25].
ثانيا: دور القاضي في تكريس ضمانات المحاكمة
العادلة
إن الأمن القضائي في جميع
دول المعمور هو الذي يعكس الثقة في المؤسسة القضائية، والاطمئنان إلى ما ينتج عنها
وهي تقوم بمهمتها المتجلية في تطبيق القانون على ما يعرض عليها من قضايا أو ما
تجتهد بشأنه من نوازل هذا مع تحقيق جودة أدائها وتسهيل الولوج إليها وعلم العموم
بمجريات عملها القضائي باعتبار المهمة الحمائية للقضاء تتجلى في تعبئة القضاء
بمختلف فروعه للقيام بهذا الدور، سواء كان قضاء عاديا أو إداريا أو دستوريا، بل
حتى قضاء مجموعة دول كما هو الحال بالنسبة للمجموعة الأوروبية، حيث يقوم القضاء
الأوروبي بدور هام في صيانة الأمن القانوني؛ لأنه مهما وضعت النصوص القانونية
الملائمة فإنها تبقى دائما قاصرة عن إيجاد الحلول لكل النوازل والقضايا[26]، لأنها
تبقى أولا من صنع البشر المتسم بطبيعة النقص، ولأنها تتناهى باعتبار عددها
والوقائع لا تتناهى من حيث دلالاتها، فيبقى الملاذ إذن هو القضاء لتدبر هذه
الوقائع اللامتناهية والاجتهاد الخلاق في إيجاد حلول لها، ذلك أن القاضي في
الحالات التي يوجد فيها فراغا في التشريع أو حين يجد نفسه أمام نص مبهم لا يأتي
إعماله على حاله، يضطر إلى سلوك طريق التنظير والتحليل والبحث والتأويل وإعمال
القياس وإجراء المفاضلة بين العلل والنتائج، فإنه يتخطى حدود العمل القضائية
بمفهومه السابق ليمارس بحق عملا ذهنيا، جديرا بأن يلحق به وصف الاجتهاد، يتجاوز
القائم بدائرة العدل إلى البحث عن تحقيق العدالة والإنصاف، وذلك بخلقه وإبداعه
مبادئ وأحكام يبت بموجبها في المنازعات المطلوب منه الفصل فيها، وفي هذه الحالة
فإن القاضي لا يقوم بالتطبيق الآلي والمباشر للنصوص القانونية الجاهزة بحالها على
الوقائع المعروضة[27].
هذا ما يتطلب من القاضي بذل
جهود مضنية، وانفتاحا يقظا على ثقافة عصره، إلى جانب الإحاطة بثقافة وطنه وتراث
أمته، وذلك استنادا إلى عدة عناصر نذكر منها:
1-التضلع
في العلم، ويقصد به التكوين الرصين النظري والعملي الشامل الذي يمكنه من الإحاطة
بأحكام القانون، والتفقه في الدين والفقه والتأمل في فلسفة التشريع في أصوله
وبواعثه وأهدافه وغاياته، والإحاطة بالمذاهب الاخلاقية.
2 -
القدرة على التأويل، أي القدرة على النفاذ إلى روح التشريع واستيعاب فلسفته وتحليل
الوقائع والأسباب المحيطة بها، واستحضار النوازل، ويتطلب ذلك التمكن من قواعد
اللغة وأصول البلاغة والقدرة على ربط المفاهيم اللغوية بمدلولاتها الحقيقية
والمجازية بحسب المعطيات الاقتصادية والاجتماعية.
3 -
التنظير وهي عملية خلق وإبداع، ورياضة ذهنية تبنى على القدرة على الافتراضات
والبداهة في استحضار وتصور الحيل القانونية التي بواسطتها يتمكن القاضي من تقمص
شخصية المشرع، ووضع نفسه محله ليتصرف كما لو كان في الواقع مشرعا[28].
هذه العوامل هي التي تضمن
نجاعة القضاء والتي هي شرط وجوده، إذ لا يمكن أن نتصور قضاء غير فعال، منعدم
الجدوى؛ لأن القاضي هو الذي يزرع الحياة في النص القانوني وينقله من حالة الجمود
إلى حالة الحركة.
فالقاعدة القانونية لا جدوى
منها إذا لم تطبق من طرف القاضي على النازلة المعروضة عليه وتؤدي إلى النتيجة
المتوخاة منها وهي تمكين المتقاضي من استرجاع حق ضاع منه.
فالفعالية والنجاعة صفتان
مطلوبتان في العمل القضائي وإذا لم تتحقق هذه الغاية إما بسبب البطء فيفقد الحق
معناه، إذ أن المتقاضي الذي يطلب حقا ولا يحصل عليه إلا بعد فترة طويلة يفقد
الإحساس الرائع بالعدالة، وكذلك عندما يكون الشخص في محل اتهام أو محتجز لدى سلطات
البحث والتحقيق، وتطول مدة الاعتقال ولا تخضع الإجراءات الجنائية للمدد المعقولة
للفصل النهائي في القضية، فإن الفرد الذي تثبت براءته بعد كل هذه الإجراءات يحس
بفقدان الثقة في العدالة، وعدم الإنصاف وهو ما يشكل مساسا خطيرا بضمانات المحاكمة
العادلة.
خــــــاتمة
:
يعد عنصر الزمن بصورة عامة
والمدد الإجرائية الجنائية بصورة خاصة مظهرا من المظاهر المهمة الملاحظة في قانون
أصول المحاكمات الجنائية وفي الإجراءات المنصوص عليها، إذ تتسم بعض هذه الإجراءات
بالخطورة لمساسها بحقوق وحريات الأفراد الشخصية.
إن من أبرز العوامل المرتبطة
بالإجراءات الجنائية عامل الزمن وما يمكن أن يترتب عليه من آثار ونتائج سلبية في
حالة عدم مراعاته، كإرهاق المتهم ببقائه لمدة طويلة خاضعا للإجراءات مما يولد
الاعتقاد لدى الأفراد بعدم جدية وكفاءة أجهزة العدالة الجنائية وضعفها في أداء
مهامها، ومن تم ازدياد الجرائم ورغبة اللجوء إلى الانتقام والتأثر نتيجة التأخر في
توفير الأمن وتحقيق العدل، مما يستلزم وضع حدود معينة لهذه الإجراءات من مختلف
جوانبها ليتحقق التوافق بين المصلحة التي دعت لهذه الإجراءات والمصلحة التي يمكن
أن تتضرر من جراء مباشرتها.
ولأجل ذلك كان لزاما أن تخضع
الإجراءات الجنائية لمدة معقولة في ممارستها وتعزيزا لضمانات المحاكمة الجنائية
العادلة، وهو ما فرض على المنتظم الدولي تبني الأجل المعقول للإجراءات الجنائية
كمدخل لضمان محاكمة عادلة، وهذا ما بدى بارزا على مستوى تشريعات مختلف الدول التي
جعلت من الأجل المعقول للمحاكمة حقا من حقوق الإنسان.
لائـــحــة الــمـراجـــــع:
-
أحمد اد الفقيه، مركز الاجتهاد القضائي
وأسلوب تدخله في تطوير القاعدة القانونية ، منشور في مجلة المنتدى، سنة 2018.
-
الدكتور شحاته أبو زيد شحاته، مبدأ المساواة
في الدساتير العربية ، طبعة 2011.
-
عبد السلام العماني، "القضاء ورهان
الإصلاح" ، مطبعة طوب بريس، الطبعة الأولى، سنة 2009.
-
عبد المجيد غميجة، مبدأ الأمن القانوني
وضرورة الأمن القضائي، عرض مقدم في اطار الندوة المنظمة من طرف الودادية الحسنية
للقضاة بمناسبة المؤتمر الثالث عشر للمجموعة الافريقية للاتحاد العالمي للقضاة،
سنة 2018.
-
مذكرة للترافع حول اصلاح منظومة العدالة،
تقدمت به جمعية عدالة، منشورة على الموقع الالكتروني التالي www.hespress.ma ،تاريخ الاطلاع 10/12/2019.
-
وزارة العدل والحريات، ندوة صحفية حول أجال
البت في القضايا، بمقر وزارة العدل، 2016.
-
دستور المملكة
المغربية لسنة 2011، الصادر بتنفيذه الظهير الشريف رقم 91-11-1 في 27 شعبان 1423
الموافق ل 29 يوليوز 2011 ،الجريدة الرسمية عدد 5964 مكرر بتاريخ 30 يوليوز 2011م
،ص 3622.
-
منظمة العفو
الدولية، دليل المحاكمة العادلة، مطبوعات منظمة العفو الدلية، الطبعة الثانية،
2014.
-
الإعلان العالمي
لحقوق الانسان الذي أصدرته الجمعية العامة للأمم المتحدة في 10 دجنبر 1948.
-
العهد الدولي للحقوق
المدنية والسياسية ،الجمعية العامة لمنظمة الأمم المتحدة في 16 دجنبر 1966 و دخل
حيز التنفيذ في 23/03/1976.
-
فيفان أوكوبر وكوليت روش، القوانين النموذجية
للإجراءات الجنائية خلال الفترات اللاحقة للصراعات،
المجلد الثاني، الجزء الأول.
-
ظهير شريف رقم 1.16.41 صادر في 14 جمادى
الثانية 1437 ،24 مارس 2016 بتنفيذ القانون التنظيمي رقم 106.13 المتعلق بالنظام
الأساسي للقضاة، الجريدة الرسمية عدد 6456 بتاريخ 6 رجب 1437 الموافق ل 14 أبريل
2016.
-
ظهير شريف رقم
1.16.40 صادر في 14 جمادى الثانية 1437 الموافق ل 24 مارس 2016 بتنفيذ القانون
التنظيمي رقم 100.13 المتعلق بالمجلس الأعلى للسلطة القضائية، الجريدة الرسمية عدد
6456 بتاريخ 6 رجب 1434 الموافق ل 14 أبريل 2016
-
ظهير شريف رقم 75.17.1
بتنفيذ القانون رقم 17.33
والصادر في 8 ذو الحجة 1438 الموافق ل 30 غشت 2017، والمتعلق بنقل اختصاصات السلطة
الحكومية المكلفة بالعدل الى الوكيل العام للملك لدى محكمة النقض بصفته رئيسا
للنيابة العامة وبسن قواعد لتنظيم رئاسة النيابة العامة.
-
ظهير شريف
رقم1.02.255 صادر في 25 رجب 1423 الموافق ل 3 أكتوبر 2002 بتنفيذ القانون رقم
22.01 المتعلق بالمسطرة الجنائية، نشر في الجريدة الرسمية عدد 5078 بتاريخ
30/01/2003، ص 315.
-
مسودة مشروع قانون
يقضي بتغيير وتتميم قانون المسطرة الجنائية، الموقع الرسمي لوزارة العدل www.justice.gov.ma.
[1] منظمة العفو الدولية، دليل المحاكمة العادلة،
الطبعة الثانية، ص: 71.
[2] منظمة العفو الدولية،
دليل المحاكمة العادلة، مرجع سابق، ص: 71.
[3] منظمة العفو الدولية،
نفس المرجع، ص: 59.
[4] فيفان أوكوبروكوليت
روش ،القوانين النموذجية للعدالة الجنائية خلال الفترات اللاحقة للصراعات، المجلد
الثاني، الجزء الأول، ص: 118.
[5] ظهير شريف رقم 1.11.91
الصادر في 27 من شعبان 1432 الموافق ل 29 يوليو 2011، بتنفيذ نص الدستور، ج ر ع
5964 مكرر، بتاريخ 28 شعبان 1432 الموافق ل 30 يوليو 2011، ص 3600.
[6] وزارة العدل والحريات،
ندوة صحفية حول آجال البت في القضايا، ،بمقر وزارة العدل، 7
شتنبر 2016.
[7] القانون التنظيمي رقم 106.13 المتعلق بالنظام الأساسي للقضاة.
[8] القانون التنظيمي رقم 100.13 المتعلق بالمجلس الأعلى للسلطة
القضائية.
[9] فيفان أوكوبروكوليت
روش، القوانين النموذجية للإجراءات الجنائية، مرجع سابق، ص: 118.
[10] فيفان أوكوبروكوليت
روش، نفس المرجع، ص: 120.
[11] المادة 66 من قانون المسطرة الجنائية المغربي.
[12] منظمة العفو الدولية،
دليل المحاكمة العادلة، مرجع سابق، ص: 125.
[13] منظمة العفو الدولية،
نفس المرجع، ص: 98 99.
[14] الأمن القضائي وجودة الأحكام، عدالة من اجل الحق
في محاكمة عادلة، ص: 15.
[15] منظمة العفو الدولية، دليل المحاكمة العادلة، م.س،
ص: 138.
[16] المادة 7 من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان "الناس جميعا
سواء أمام القانون، وهم يتساوون في التمتع بحماية القانون دونما تمييز".
[17] المادة 14 من العهد الدولي للحقوق المدنية والسياسية
"الناس جميعا سواء أمام القضاء".
[18] شحاته أبو زيد شحاته،
مبدأ المساواة في الدساتير العربية، طبعة 2011، ص: 199.
[19] مسودة مشروع قانون يقضي
بتغيير وتتميم قانون المسطرة الجنائية، الموقع الرسمي لوزارة العدل www.justice.gov.ma. تاريخ الاطلاع 17 فبراير 2021.
[20] المادة 4
من القانون التنظيمي رقم13.100 المتعلق بالمجلس الأعلى للسلطة القضائية.
[21] المواد من 62
إلى 64 من نفس القانون.
[22] المادة 65 من نفس
القانون.
[23] المادة 5 من نفس
القانون.
[24] ظهير شريف رقم 75.17.1 صادر في 8 ذي الحجة 1438
30 أغسطس 2017 بتنفيذ القانون رقم 17.33
المتعلق بنقل اختصاصات السلطة الحكومية المكلفة بالعدل إلى الوكيل العام للملك لدى
محكمة النقض بصفته رئيسا للنيابة العامة وبسن قواعد لتنظيم رئاسة النيابة العامة،
ج ر ع 6605، بتاريخ 27 ذو الحجة 1438 الموافق ل 18 سبتمبر 2017، ص 5155.
[25] المادة 2 من نفس القانون.
[26] عبد المجيد غميجة:
"مبدأ الأمن القانوني وضرورة الأمن القضائي"، عرض مقدم في إطار الندوة
المنظمة من طرف الودادية الحسنية للقضاة بمناسبة المؤتمر الثالث عشر للمجموعة
الإفريقية للإتحاد العالمي للقضاة 28 مارس 2018، ص: 16.
[27] عبد السلام العماني،
وكيل الملك لدى المحكمة الابتدائية بالرباط، عضو بالمجلس الأعلى للقضاء
"القضاء ورهان الإصلاح"، مطبعة طوب بريس، الطبعة الأولى
سنة 2009، ص: 35.
[28] أحمد اد الفقيه، مركز
الاجتهاد القضائي وأسلوب تدخله في تطوير القاعدة القانونية، مجلة المنتدى، ع
16، سنة: 2014، ص:34.