إجراءات الدعوى المدنية التبعية المتعلقة بالعلامة التجارية في القانونين
اليمني والمغربي دراسة مقارنة
باحث في سلك الدكتوراه
كلية العلوم
القانونية والاقتصادية والاجتماعية
جامعة سيدي محمد بن
عبد الله. بفاس- المغرب
مقدمة
• ماهية موضوع البحث:
تعد العلامة التجارية من أهم الوسائل التي يُعتمد عليها في نطاق التنافس التجاري، كما أنها أهم عناصر الملكية الصناعية والتجارية، فهي في المقام الأول أداة لحماية حقوق مالكها كما أنها أداة لحماية حقوق المستهلك أيضاً، ونظراً لتنامي دورها في النشاط الاقتصادي بصفة عامة، والنشاط التجاري بصفة خاصة، فقد أدى ذلك إلى زيادة أفعال التعدي عليها، مما دفع كل من اليمن والمغرب إلى سن قوانين خاصة بالعلامة التجارية، تحميها من هذه الأفعال الخطيرة الماسة بها، عن طريق تجريمها ومُعاقبة مرتكبيها وحماية مالكها والمستهلك، من أهمها قانون العلامات التجارية والمؤشرات الجغرافية اليمني رقم23 لسنة 2010م، وقانون حماية الملكية الصناعية المغربي رقم 97. 17 لسنة 2000م وتعديلاته.
ليس هذا فحسب بل
أن المُشرّعين اليمني والمغربي وغيرهما، منحا القضاء الجنائي صلاحية النظر في
الدعوى المدنية تبعاً للدعوى الجنائية، كما منحا الشخص المتضرر من أية جريمة، الحق
في إقامة دعواه المدنية أمام القضاء المدني التجاري وكذلك أمام القضاء الجنائي، ومن
ذلك الحق في رفع دعوى مدنية للمطالبة بالتعويض عن الضرر الناشئ عن وقوع أي من
الجرائم على العلامة التجارية، وذلك في ضوء القواعد الإجرائية ذات الطبيعة
الجنائية، الواردة في كل من القانون اليمني والقانون المغربي، وفق إجراءات تبدأ
برفعها أو مباشرتها أمام الجهة المختصة في أي مرحلة من مراحل سير الدعوى الجنائية؛
متى توافرت شروط قبولها، وانتهاء بالحكم فيها، وهذه الإجراءات من شأنها تعزيز
الحماية الجنائية والمدنية -الإجرائية- للعلامة التجارية.
• أهمية موضوع البحث:
تنبع
أهمية هذا البحث من أهمية الموضوع الذي يتناوله، وهو إجراءات الدعوى المدنية التبعية
المتعلقة بالعلامة التجارية، ويمكن بيان أهمية موضوع البحث في الآتي:
-
أنه يختص بإجراءات
الدعوى المدنية التبعية المتعلقة بالعلامة التجارية في القانونين اليمني والمغربي
-
إنه موضوع لم يحض
باهتمام كافي من قبل فقهاء القانون والمختصين والباحثين في كل من اليمن والمغرب،
رغم اهميته القانونية والاقتصادية.
-
شحة الدراسات والأبحاث
المتخصصة بهذا الموضوع، لاسيما في القانونين اليمني والمغربي، مما يكسبه أهمية
أكبر.
• أهداف البحث:
يسعى الباحث
من خلال هذا البحث إلى تحقيق أهداف عديدة، أهمها ما يلي:
-
دراسة موضوع إجراءات
الدعوى المدنية التبعية المتعلقة بالعلامة التجارية في القانونين اليمني والمغربي
بصورة مُعمّقة ومُفصّلة، للوصول إلى الاستنتاجات والمقترحات التي من شأنها معالجة
أوجه القصور المصاحبة لنصوص القانونين اليمني والمغربي، المتعلقة بهذا الموضوع.
-
إبراز أهمية إجراءات رفع
الدعوى المدنية التبعية المتعلقة بالعلامة التجارية لتعويض الشخص المتضرر من الاعتداء
عليها، وفي مقدمتهم مالك العلامة التجارية، وخاصة الحق في التعويض عن الضرر الذي
لحق به جراء وقوع تلك الأفعال التي جرّمها القانونان اليمني والمغربي.
-
الكشف عن العيوب أو أوجه
القصور، المصاحبة لنصوص القانونين اليمني والمغربي، ذات الصلة بإجراءات الدعوى
المدنية التبعية المتعلقة بالعلامة التجارية.
• اشكالية البحث:
تكمن اشكالية هذا البحث في تحديد المقصود ب إجراءات
الدعوى المدنية التبعية المتعلقة بالعلامة التجارية ، وتحديد المتضرر من جرائم
التعدي على العلامة التجارية، هل هو مالك العلامة التجارية فقط أم يوجد أشخاص
آخرون إلى جانبه، فالمُشرّعين اليمني والمغربي لم يحدّدا كل ذلك -وبصورة صريحة
وواضحة- في نصوص القوانين، مما يخلق مشكلة للجهات المختصة بتطبيق القانون في من
يحق له الحق في تقديم الدعوى المدنية التبعية المتعلقة بالعلامة التجارية لهذا من
الأهمية بمكان بيان إجراءات الدعوى المدنية التبعية المتعلقة بالعلامة التجارية،
من حيث مباشرتها، والجهة المختصة التي تقدم إليها هذه الدعوى، وشروط تقديمها أمام
القضاء الجنائي؟
• منهج
البحث:
تقتضي طبيعة موضوع هذا البحث بوصفه موضوع قانوني،
استخدام المنهج العلمي القائم على الوصف والاستقراء والتحليل والمقارنة
والاستنتاج، وذلك من خلال عرض الآراء الفقهية القانونية بشأن إجراءات الدعوى
المدنية التبعية المتعلقة بالعلامة التجارية، وتحليل هذه الآراء والمقارنة بينها،
وكذلك عرض النصوص القانونية المتعلقة بذلك، والتي تضمنها القانونان اليمني
والمغربي، وشرح القواعد القانونية التي وردت في هذه النصوص، وتحليل مضامينها،
والمقارنة بينها، بغرض الوصول إلى الاستنتاجات التي تسهم في معالجة العيوب أو أوجه
القصور المصاحبة لتلك النصوص القانونية.
• خطة البحث:
منح المُشرّعان اليمني والمغربي الشخص المتضرر من أي من
جرائم التزييف او التعدي على العلامة التجارية، الحق في تقديم دعواه المدنية أمام
القضاء المدني التجاري وكذلك تقديم دعوى مدنية تبعا للدعوى الجنائية، كما منحا
القضاء الجنائي صلاحية النظر في الدعوى المدنية تبعاً للدعوى الجنائية، ويظل هذا
الحق ثابتاً للمتضرر من الجريمة في أية حالة كانت عليها الدعوى حتى صدور القرار
بإقفال باب المرافعة، لذا فإن إجراءات الدعوى المدنية التبعية تبدأ برفعها أو
مباشرتها أمام الجهة المختصة في أي مرحلة من مراحل سير الدعوى الجنائية؛ متى
توافرت شروط قبولها، وانتهاء بالحكم فيها.
وعليه ففي هذا البحث سيتم تبيين إجراءات الدعوى المدنية
التبعية المتعلقة بالعلامة التجارية، وذلك من خلال بيان مباشرة هذه الدعوى أمام كل
من القضاء المدني والقضاء الجنائي، وكذلك الإجراءات التحفظية التي من شأنها حماية
العلامة التجارية، إضافة إلى حكم القضاء في الدعوى المدنية التبعية المتعلقة
بالعلامة التجارية، وذلك في المباحث الثلاثة الآتية:
المبحث الأول: مباشرة الدعوى المدنية التبعية المتعلقة
بالعلامة التجارية.
المبحث الثاني: الإجراءات التحفظية والتدابير الحدودية
لحماية العلامة التجارية.
المبحث الثالث: حكم القضاء في الدعوى
المدنية التبعية المتعلقة بالعلامة التجارية
المبحث
الأول: مباشرة الدعوى المدنية التبعية المتعلقة بالعلامة التجارية.
سبقت الإشارة إلى أن للمتضرر من أي من جرائم الاعتداء
على العلامة التجارية أو تزييفها، الحق في الالتجاء إلى الطريق المدني أو إلى
الطريق الجنائي، أي يجوز له أن يرفع دعواه المدنية أمام المحكمة المدنية التجارية،
كما يجوز له أن يرفع دعواه المدنية أمام المحكمة الجنائية تبعاً للدعوى العمومية الجنائية.
وفي هذا المبحث سيتم تبيين المحكمة المختصة بالنظر في الدعوى المدنية التبعية
المتعلقة بالعلامة التجارية في مطلب أول، وكذلك مباشرة الدعوى المدنية التبعية
المتعلقة بالعلامة التجارية أمام القضاء المدني -التجاري- في مطلب ثاني، إضافة إلى
مباشرة الدعوى المدنية التبعية المتعلقة بالعلامة التجارية أمام القضاء الجنائي في
مطلب ثالث، وذلك على النحو الآتي:
المطلب الأول: المحكمة المختصة بنظر الدعوى المدنية
التبعية المتعلقة بالعلامة التجارية
منح المُشرّعان اليمني والمغربي المتضرر من الجريمة الحق
في إقامة دعواه المدنية التبعية -بصفة عامة- أو دعواه المدنية التبعية المتعلقة
بالعلامة التجارية دعوى التزييف المدنية -بصفة خاصة- أمام المحكمة المختصة، وإذا
كان المُشرّعان قررا أن تنظر المحكمة المختصة في الدعوى المدنية التبعية، بما فيها
الدعوى المدنية التبعية المتعلقة بالعلامة التجارية، إلا أنه يتطلب تحديد هذه
المحكمة المختصة، سواء من حيث اختصاصها النوعي، أم من حيث اختصاصها المكاني، وذلك
على النحو الآتي:
الفرع الأول: الاختصاص النوعي للمحكمة
في هذا الشأن يثور التساؤل الآتي: هل المحكمة التجارية
هي المختصة بالنظر في الدعوى المدنية التبعية المتعلقة بالعلامة التجارية دعوى
التزييف المدنية أم الاختصاص بهذه الدعوى يرجع إلى المحاكم العادية؟ وللإجابة عن
ذلك يجب الرجوع إلى قواعد كل من القانون اليمني والقانون المغربي، الخاصة
بالاختصاص النوعي للمحكمة، لاسيما الاختصاص بالدعوى المدنية التبعية المتعلقة
بالعلامة التجارية دعوى التزييف المدنية.
إن الأصل أن تنظر المحكمة المدنية في الدعاوى المدنية،
بما فيها دعوى الضرر الناشئ عن الجريمة، وكذلك فالأصل أن تنظر المحكمة الجنائية في
الدعاوى الجنائية، إلا أن اختصاص القضاء الجنائي بنظر الدعوى المدنية الناشئة عن
أفعال تعد جرائم، إنما جاء استثناء من الأصل العام في توزيع الاختصاص بين
القضائيين الجنائي والمدني، والذي مؤداه أن تنظر المحاكم المدنية في الدعاوى
المدنية، وتنظر المحاكم الجنائية في الدعاوى الجنائية، ولذلك ينبغي حصر هذا
الاستثناء في الحدود التي رسمها القانون[1].
وقد اعطى المشرع اليمني للمتضرر من الجريمة الحق في
تقديم دعواه إلى المحاكم الجنائية المختصة؛ للمطالبة بالتعويض عن الضرر الناشئ عن
الجريمة؛ لنظرها مع الدعوى الجنائية، حيث نصت المادة 43 من قانون
الإجراءات الجزائية اليمني على أنه: "يجوز لكل من لحقه ضرر من الجريمة رفع
الدعوى المدنية مهما بلغت قيمتها بتعويض الضرر الناشئ عن الجريمة أمام المحاكم
الجزائية لنظرها مع الدعوى الجزائية"، وكذلك نصت المادة 46
من هذا القانون على أنه: "يحصل الادعاء مدنياً إما في الشكوى التي
تقدم إلى النيابة العامة أو أحد مأموري الضبط القضائي، وإما بإعلان المتهم وفقاً
لأحكام قانون المرافعات. كما يجوز ان يتم في الجلسة المنظورة فيها الدعوى إن كان
المتهم حاضراً وإلا وجب تأجيل الدعوى وتكليف المدعي بإعلان المتهم بطلباته. فإذا
كان قد سبق قبوله في التحقيق بهذه الصفة فإحالة الدعوى الجزائية إلى المحكمة تشمل
الدعوى المدنية".
كما منح المُشرّع المغربي المتضرر من الجريمة الحق في
تقديم دعواه المدنية، للمطالبة بالتعويض عن الضرر الناشئ عن الجريمة أمام المحكمة
الزجرية -الجنائية-حيث نصت المادة 9 من قانون المسطرة الجنائية على أنه:
"يمكن إقامة الدعوى المدنية والدعوى العمومية في آن واحد أمام المحكمة
الزجرية المحالة إليها الدعوى العمومية..."، وكذلك نصت المادة 348
من هذا القانون على أنه: "لكل شخص يدعي أنه تضرر من جريمة أن يتقدم
بصفته طرفاً مدنياً أمام هيئة الحكم..."، كما نصت المادة 349
من القانون ذاته على أنه: "يجب أن يستدعى أمام هيئة الحكم الطرف
المدني الذي سبق أن تقدم بطلبه إلى هيئة التحقيق.. "، وأيضاً نصت المادة 354 من القانون
ذاته على أنه: "يمكن إقامة الدعوى المدنية في سائر مراحل المسطرة -الجنائية-
إلى غاية اختتام المناقشات...".
إضافة إلى ذلك، قرر المُشرّع اليمني بشأن الدعوى المدنية
التبعية المتعلقة بالعلامة التجارية أن تختص بنظرها المحكمة التجارية، حيث نصت
المادة 56 من قانون العلامات التجارية والمؤشرات
الجغرافية على أنه: "تختص المحكمة -يقصد بها المحكمة التجارية- بالنظر في
جميع الدعاوى والمنازعات الناشئة عن تطبيق أحكام هذا القانون". والمُشرّع
اليمني لم يكن موفقاً في هذا النص القانوني، حين قرر فيه اختصاص المحكمة التجارية
بالنظر في جميع الدعاوى الناشئة عن تطبيق هذا القانون، أي شمول هذه الدعاوى للدعوى
الجنائية، المتعلقة بالعلامة التجارية، خلافاً لما نص عليه المُشرّع المغربي في
المادة 15 من قانون حماية الملكية الصناعية، حيث
استثنى في هذه المادة اختصاص المحكمة التجارية بالدعاوى الجنائية المتعلقة
بالعلامة التجارية، وقد أصاب المُشرّع المغربي في ذلك.، فالدعوى الجنائية بما فيها
الدعوى المتعلقة بالعلامة التجارية تقام أمام المحكمة الجنائية فقط، وترفعها
وتباشر إجراءاتها النيابة العامة ممثلة عن المجتمع، حيث نصت المادة 321
من قانون الإجراءات الجزائية اليمني على أنه: "تختص المحاكم
الابتدائية -يقصد بها المحاكم الجزائية- بالفصل في جميع الجرائم التي تقع في دائرة
اختصاصها المحلي"، بما فيها جرائم
الاعتداء على العلامة التجارية، كما أن المُشرّع اليمني في المادة 43
من هذا القانون -الآنفة الذكر- أجاز للمتضرر من الجريمة تقديم دعواه
المدنية -ومنها الدعوى المدنية المتعلقة بالعلامة التجارية- أمام المحكمة الجنائية
التي تنظر في الدعوى الجنائية -بما فيها الدعوى الجنائية المتعلقة بهذه العلامة.
وعليه يتعين على المُشرّع اليمني تعديل المادة 56 من
قانون العلامات التجارية والمؤشرات الجغرافية، بحيث تتماشى مع قواعد قانون
الإجراءات الجزائية بهذا الخصوص، وتكون بالصياغة الآتية: "تختص المحكمة
بالنظر في الدعاوى والمنازعات الناشئة عن تطبيق هذا القانون، ماعدا الدعوى
الجنائية فتنظر فيها المحكمة الجزائية المختصة" ، أما فيما يخص التشريع
المغربي، فإنه يلاحظ أن المادة 5 من قانون المحاكم التجارية، لا تنص
بصفة صريحة على منح المحاكم التجارية صلاحية البت في دعاوى الملكية الصناعية، بما
فيها دعاوى العلامة التجارية[2]،
إلا أن الثابت من التطبيق القضائي أنه جعل المحاكم التجارية بعد إنشائها مختصة
نوعياً للبت في قضايا الملكية الصناعية، لاسيما التي تنشأ بين التجار والمتعلقة
بأعمالهم، حيث استندت المحاكم التجارية المغربية في أحكامها أو قراراتها القضائية
المتعلقة باختصاصها في تلك الدعاوى إلى المادة 5 من قانون
المحاكم التجارية[3].
إلا أنه بصدور قانون حماية الملكية الصناعية رقم97-17 المعدل بالقانونين رقم 31.05 و 23.13 قرر فيه
المُشرّع المغربي بصورة صريحة أن تنظر المحكمة التجارية في جميع المنازعات
المترتبة على تطبيق هذا القانون، بما في ذلك الدعوى المدنية التبعية المتعلقة
بالعلامة التجارية دعوى التزييف المدنية، حيث نصت المادة 15 من هذا
القانون على أنه: "تختص المحاكم التجارية
وحدها في البت في المنازعات المترتبة عن تطبيق هذا القانون باستثناء الدعاوي
الجنائية والقرارات الإدارية المنصوص عليها فيه". فالمحكمة التجارية وفقاً
لهذا النص القانوني هي وحدها صاحبة الاختصاص للنظر في الدعوى المدنية المترتبة على
تزييف العلامة التجارية، وذلك أكان طرفاً الدعوى مكتسبين صفة تاجر أم لا[4].
وهذا ما قررته المحكمة التجارية بالدار البيضاء في
حكمها، إذ جاء فيه: "... وحيث أنه بصرف النظر عن كون المدعى عليها تاجرة أو
غير تاجرة، فإن النزاع المعروض على المحكمة يتعلق بتطبيق أحكام القانون رقم 17.97
المتعلق بحماية الملكية الصناعية، كما تم تعديله وتتميمه
بالقانونين رقم 31.05 و 23.13 الذي نظم
العلامة التجارية وطرق حمايتها والجزاءات المترتبة عن خرق القواعد التي تنظمها،
وحيث أنه طبقاً للمادة15 من القانون المذكور، فإن للمحاكم التجارية وحدها
الاختصاص للبت في المنازعات المترتبة عن تطبيق هذا القانون باستثناء القرارات
الإدارية المنصوص عليها فيه"[5].
كما سارت على ذلك محكمة الاستئناف التجارية بالدار البيضاء في قرار صادر عنها، جاء
فيه: "يكون للمحاكم التجارية وحدها الاختصاص للبت في المنازعات المترتبة عن
تزييف وتقليد علامة تجارية في إطار القانون المتعلق بحماية الملكية الصناعية"[6].
إلا أن المادة 205 من قانون حماية الملكية الصناعية
المغربي نصت على أنه: "لا يجوز أن تقام الدعوى العمومية إلا بناء على شكوى من
الطرف المتضرر ماعدا في حالة مخالفة للأحكام المنصوص عليها في البند أ من المادة 24
والمادتين 113 و 135 أعلاه، والتي
يعود فيها الاختصاص للنيابة العامة. في حالة رفع المدعى عليه دعوى مدنية سابقة
لإثبات الضرر أو دعوى بالبطلان أو بالمطالبة بالملكية أو بسقوط الحقوق، لا يجوز
للمحكمة الجنحية أن تبت في شكوى الطرف المتضرر إلا بعد صدور حكم نهائي".
ونستنتج من خلال هذا النص القانوني أن المُشرّع المغربي
لم يجز قيام الدعوى العمومية الجنائية إلا بناء على شكوى من الطرف المتضرر من أي
من جرائم تزييف العلامة التجارية، وهذه الشكوى تعمل على تحريك الدعوى العمومية الجنائية
المتعلقة بالعلامة التجارية أمام المحكمة الجنائية، وفي ذات الوقت تنشئ دعوى تزييف
مدنية أمام هذه المحكمة، كما أن الفقرة الأخيرة من المادة 205
الآنفة الذكر نصت على عدم جواز المحكمة الجنحية أن تبت في شكوى الطرف
المتضرر إلا بعد صدور حكم نهائي، أي بعد صدور حكم نهائي في الدعوى العمومية الجنائية،
وهذا يعني أنه بعد صدور هذا الحكم يجوز للمحكمة الجنحية الجنائية البت في شكوى
الطرف المتضرر من أي من جرائم تزييف العلامة التجارية، أي البت في دعوى التزييف
المدنية.
وعليه فإن للمتضرر من أي من جرائم تزييف العلامة
التجارية الحق في أن يقيم دعواه المدنية أمام المحكمة الجنائية؛ للمطالبة بالتعويض
عن الضرر الذي لحق به جراء وقوع هذه الجريمة. وهذا يتعارض مع ما نصت عليه المادة 15
من القانون ذاته بأن المحاكم التجارية وحدها تنظر في المنازعات المترتبة
على تطبيق هذا القانون، وتقوم المحكمة الجنائية في القانون اليمني، بنظر الدعوى
المدنية التبعية، إذا قدم المتضرر من الجريمة المدعي المدني دعواه إلى النيابة
العامة وتم قبولها، كما تقوم المحكمة الزجرية في القانون المغربي، بنظر الدعوى
المدنية التبعية، إذا قدم المتضرر من الجريمة دعواه إلى قاضي التحقيق وتم قبولها؛
لأن الدعوى الجنائية المرفوعة إلى المحكمة تشمل الدعوى المدنية التبعية.
ويشترط المُشرّع اليمني لقبول الدعوى المدنية أمام
المحكمة الجنائية ألا يترتب على الادعاء تأخير الفصل في الدعوى الجنائية، وهو ما
نصت عليه المادة 45 من قانون
الإجراءات الجزائية اليمني بقولها: "إذا رأت المحكمة أن تدخل المدعي بالحقوق
المدنية يؤخر الفصل في الدعوى الجزائية جاز لها أن تقرر تأجيل نظر الدعوى المدنية
إلى ما بعد الفصل في الدعوى الجزائية أو النظر فيها على حده"، حيث إن الدعوى
الجنائية هي الدعوى الأصلية أمام القضاء الجنائي، ومن ثم لا يجوز تعطيلها بسبب
دعوى تابعة لها[7].
والمحاكم الجنائية التي تقدم إليها الدعوى المدنية هي
محاكم الدرجة الأولى -محاكم ابتدائية- فلا يقبل الادعاء المدني لأول مرة أمام
محكمة الدرجة الثانية - محكمة الاستئناف- وذلك لأن الادعاء المدني مباشرة أمام
محكمة الدرجة الثانية فوت على المتهم التقاضي على درجتين[8]،
وقد حدد المشرع المغربي اختصاصات المحكمة الجنائية فيما يتعلق بالدعوى المدنية
الناشئة عن الجريمة - الدعوى المدنية التبعية- إذ جاء في نص المادة
9 من قانون المسطرة الجنائية: "يمكن إقامة الدعوى
المدنية والدعوى العمومية في آن واحد أمام المحكمة الزجرية المحالة إليها الدعوى
العمومية. تختص هذه المحكمة سواء كان المسؤول عن الضرر شخصاً ذاتياً أو معنوياً
خاضعاً للقانون المدني، كما تختص بالنظر في القضايا المنسوبة لأشخاص القانون العام
في حالة ما إذا كانت دعوى المسؤولية ناتجة عن ضرر تسببت فيه وسيلة من وسائل
النقل".
كما حدد المُشرّع المصري أيضاً اختصاصات المحكمة
الجنائية فيما يتعلق بالدعوى المدنية الناشئة عن الجريمة -الدعوى المدنية التبعية-
إذ جاء في نص المادة 221 من قانون
الإجراءات الجنائية على أنه: "تختص المحكمة الجنائية بالفصل في جميع المسائل
التي يتوقف عليها الحكم في الدعوى الجنائية المرفوعة أمامها، ما لم ينص القانون
على خلاف ذلك".
الفرع الثاني: الاختصاص المكاني للمحكمة
لم
ينص المُشرّع اليمني في قانون العلامات التجارية والمؤشرات الجغرافية على الاختصاص
المكاني للمحكمة المختصة بنظر الدعاوى الناشئة عن تطبيق هذا القانون، بما فيها
الدعوى المدنية للتعويض عن الضرر الناتج عن وقوع أي من جرائم الاعتداء على العلامة
التجارية المنصوص عليها في المادة 47
من ذات القانون، ومن
ثم يتم الرجوع إلى القواعد العامة الواردة في قانون المرافعات والتنفيذ المدني،
حيث نصت المادة 92
من هذا القانون على
أنه: "يكون الاختصاص بحسب المكان للمحكمة التي يقع في دائرتها موطن الخصم
المدعى عليه أو محل إقامته المؤقتة ما لم ينص القانون على خلاف ذلك..."، أي
أن الدعوى المدنية للتعويض عن الضرر الناشئ عن وقوع أي من جرائم الاعتداء على
العلامة التجارية المنصوص عليها في المادة 47 من قانون العلامات التجارية والمؤشرات الجغرافية تتم إقامتها
أمام المحكمة التجارية التي يقع في دائرتها موطن الخصم المدعى عليه أو محل إقامته
المؤقتة، وذلك في حالة إقامة المتضرر من الجريمة لدعواه بصورة مستقلة عن الدعوى
الجنائية المتعلقة بالعلامة التجارية.
أما
في حالة إقامة المتضرر من أي من جرائم الاعتداء على العلامة التجارية، دعواه
المدنية التجارية تبعاً للدعوى الجنائية المتعلقة بالعلامة التجارية، فإن الاختصاص
المكاني للمحكمة الجنائية التي تنظر في الدعوى الجنائية هو المكان الذي وقعت فيه
الجريمة أو المكان الذي يقيم فيه المتهم أو المكان الذي يقبض عليه فيه، والذي يقع
في دائرة الاختصاص المحلي للمحكمة الابتدائية الجزائية. ويثبت الاختصاص المكاني
للمحكمة التي رفعت إليها الدعوى أولاً. وهو ما نصت عليه المادة 234 من قانون الإجراءات الجزائية اليمني.
بينما
المُشرّع المغربي حدد الاختصاص المكاني للمحكمة التي تنظر في الدعوى المدنية
للتعويض عن الضرر الناشئ عن وقوع أي من جرائم تزييف العلامة التجارية، للمحكمة
التي يقع في دائرتها الموطن الحقيقي أو المختار للمدعى عليه، كمبدأ عام ينص عليه
الفصل 27
من قانون المسطرة
المدنية[9]،
إذ جاء فيه: "يكون الاختصاص المحلي لمحكمة الموطن الحقيقي أو المختار للمدعى
عليه..."، وسار على هذا المبدأ قانون حماية الملكية الصناعية في المادة 204 منه، إذ جاء فيها: "المحكمة
المختصة هي المحكمة التابع لها موطن المدعى عليه الحقيقي أو المختار أو المحكمة
التابع لها مقر وكيله أو للمحكمة التابع لها المكان الذي يوجد به مقر الهيئة
المكلفة بالملكية الصناعية إذا كان موطن هذا الأخير في الخارج...". والمقتضى
الأخير الوارد في هذه المادة هو استثناء من القواعد العامة المتعلقة بالاختصاص
المكاني للمحكمة، وهو ما يتماشى مع الطبيعة الخاصة لحقوق الملكية الصناعية التي
تتميز بالطابع الإقليمي والدولي، فالاعتداء عليها قد يتصور وقوعه من جانب أجنبي؛
لأن مجال استعمال هذه الحقوق يتعدى الحدود الوطنية، والمشرع المغربي بهذا التنصيص
حاول تجاوز الإشكال الذي يطرح عندما يكون المدعى عليه لا يتوفر لديه موطن داخل
المغرب، ففي هذه الحالة فإن موطنه هو المكان الذي تتواجد به الهيئة المكلفة
بالملكية الصناعية[10]،
وقد أكدت المحكمة التجارية بالدار البيضاء بأن الاختصاص المكاني في دعوى التزييف
ينعقد للمحكمة التابع لها الموطن الحقيقي أو المختار للمدعى عليه[11].
أما
إذا أقام المتضرر من الجريمة دعواه المدنية أمام المحكمة الزجرية الجنائية، تبعاً
للدعوى العمومية الجنائية، وذلك للمطالبة بالتعويض عن الضرر، فإن الاختصاص المكاني
لهذه المحكمة وفقاً لقانون المسطرة الجنائية المغربي ينعقد للمحكمة التي يقع في
دائرة نفوذها إما محل ارتكاب الجريمة، وإما محل إقامة المتهم أو محل إقامة أحد
المساهمين أو المشاركين معه في الجريمة، وإما محل إلقاء القبض عليهم أو على أحدهم،
ولو كان القبض مترتباً على سبب آخر[12].
ومما تقدم بيانه يمكن القول إن المُشرّع اليمني أجاز
للمتضرر من أي جريمة من جرائم الاعتداء على العلامة التجارية، المنصوص عليها في
المادة 47 من قانون العلامات التجارية والمؤشرات
الجغرافية أن يقيم دعواه أمام المحكمة المدنية التجارية المختصة أو أمام المحكمة
الجنائية المختصة تبعاً للدعوى الجزائية؛ للمطالبة بالتعويض عن الضرر الذي لحق به
جراء وقوع هذه الجريمة، بينما المُشرّع المغربي أجاز للمتضرر من أي جريمة من جرائم
تزييف العلامة التجارية أن يقيم دعواه المدنية أمام المحكمة التجارية وحدها دون
سواها، وهذا يبدو من خلال عبارة تختص المحاكم التجارية وحدها... الواردة في نص
المادة 15 من قانون حماية الملكية الصناعية،
وهذا يتعارض مع ما نصت عليه المادة 205 من القانون
ذاته -الآنفة الذكر- التي أجازت للمتضرر من أي من جرائم تزييف العلامة التجارية
تقديم شكواه أمام المحكمة الجنائية، للمطالبة بالتعويض عن الضرر الذي لحق به جراء
هذه الجريمة دعوى التزييف المدنية؛ لتتحرك بموجب هذه الشكوى الدعوى العمومية الجنائية
المتعلقة بالعلامة التجارية، وكذلك يمكن أن تقام بموجبها دعوى التعويض المدنية
تبعاً للدعوى الجنائية، كما يتعارض ذلك مع القواعد المنظمة للدعوى المدنية التابعة
للدعوى العمومية الجنائية الواردة في قانون المسطرة الجنائية، والتي تجيز للمتضرر
من الجريمة أيٍّ كانت، إقامة دعواه المدنية أمام المحكمة الجنائية تبعاً للدعوى
العمومية الجنائية التي تنظر فيها، مما يقتضي ذلك حذف كلمة وحدها من عبارة تختص
المحاكم التجارية وحدها... الواردة في المادة15 من قانون
حماية الملكية الصناعية المغربي، بحيث يكون للمتضرر من أي من جرائم تزييف العلامة
التجارية حرية الاختيار بين الطريق المدني التجاري والطريق الجنائي، أي له أن يقيم
دعواه المدنية للمطالبة بالتعويض عن الضرر الناشئ عن وقوع تلك الجريمة أمام
المحكمة الجنائية المختصة التي تنظر في الدعوى العمومية الجنائية المتعلقة
بالعلامة التجارية أو أمام المحكمة التجارية المختصة أصلاً في نظر دعواه المدنية التجارية.
المطلب الثاني: مباشرة الدعوى المدنية التبعية أمام
القضاء المدني التجاري
الأصل أن تتم مباشرة الدعوى المدنية، بما فيها الدعوى
المدنية للمطالبة بالتعويض عن الضرر الناشئ عن وقوع الجريمة، ومنها أي من جرائم
الاعتداء على العلامة التجارية المنصوص عليها في القانون اليمني أو من جرائم تزييف
العلامة التجارية التي نص عليها القانون المغربي، أمام القضاء المدني التجاري،
وذلك إذا أتجه المتضرر من الجريمة المدعي المدني إلى المحكمة المدنية التجارية
للمطالبة بالتعويض عن الضرر الذي لحق به جراء وقوع أي من تلك الجرائم، فقد اتجه
إلى الجهة المختصة أصلاً في دعواه، والنتيجة المنطقية لذلك أن يتقيد باتباع ذلك
الطريق فلا يحق له أن يتركه ليرفع دعواه أمام المحكمة الجنائية، وبالتالي تخضع
الدعوى لإجراءات قانون المرافعات المدنية، غير أنه نظراً لوحدة الدعويين الجنائية
والمدنية في النشأة، أي أنه يجمع الدعوى المدنية مع الدعوى العمومية الجنائية سبب
واحد وهو وقوع الجريمة، فإن العلاقة بينهما تظل قائمة ولو رفعت دعوى التعويض أمام
المحكمة المدنية[13]،
فالحال لا يخلو والدعوى المدنية تنظر أمام القضاء المدني التجاري من تأثرها بالحكم
الصادر في الدعوى الجنائية، وهذا التأثير مظهره الرئيس قاعدتان مهمتان في العمل:[14]
القاعدة
الأولى: أن الحكم الجزائي يحوز قوة الشيء المحكوم فيه إزاء
الدعوى المدنية في نطاق معين، وذلك بالقدر الذي يكون كافياً لتحقيق علة الحجية،
وقد حدده البعض بموضوعات ثلاثة هي: وقوع الجريمة، ونسبتها للمتهم، ووصفها
القانوني، وما على ذلك يكون للقاضي المدني التجاري حرية كاملة في تكوين عقيدته.
القاعدة
الثانية: أنه يجب وقف الفصل في الدعوى المدنية حتى يحكم نهائياً
في الدعوى الجنائية المرتبطة بها، وهو ما يعبر عنه بقاعدة الجنائي يوقف المدني،
وذلك لمنع تضارب الأحكام وحماية حقوق الدفاع[15]،
وينتهي الإيقاف وتستأنف إجراءات الدعوى المدنية في حالة صدور حكم بات من القضاء
الجنائي في الموضوع، سواء كان الحكم فاصلاً في الموضوع أو حكماً شكلياً ينتهي به
النزاع، مثل الحكم بعدم الاختصاص أو عدم قبول الدعوى، كما ينتهي الإيقاف بصدور أمر
بأن لا وجه لإقامة الدعوى الجنائية[16].
أما إذا فصل في الدعوى المدنية قبل رفع الدعوى الجنائية،
فإن الحكم المدني لا يحوز أي قوة قانونية على الدعوى الجنائية، لا من ناحية إثبات
وقوع الجريمة، ولا من ناحية ما يكون قد أنتهى إليه من صحة إسنادها للفاعل أو عدم
صحته، فسلطة القاضي في الإثبات تختلف في الحالتين. فالقاضي المدني يتقيد بما يقدمه
الخصوم من أدلة، أما القاضي الجنائي فله حرية البحث واستخلاص الأدلة وتقييمها، بل
تظل المحكمة الجنائية حرة في تكوين عقيدتها من مختلف الأدلة والعناصر، دون أن
تتقيد بالأحكام المدنية التي صدرت، أما المسائل الفرعية، فيتجه الرأي الغالب في
الفقه إلى أن المحكمة الجنائية تتقيد بما يصدر فيها من أحكام غير جنائية التي تفصل
فيها تبعاً للدعوى الجنائية، وتتقيد المحكمة عند الفصل في هذه المسائل بطرق
الإثبات المقررة في القانون المدني[17].
ويستخلص مما تقدم بيانه أن وحدة المنشأ التي تجمع بين الدعويين الجنائية والمدنية،
وهي وقوع الجريمة، تجعل الصلة بينهما قائمة، من حيث إنه إذا أقيمت الدعوى الجنائية
قبل الحكم في الدعوى المدنية، تعين إيقاف النظر فيها حتى يحكم نهائياً في الدعوى
الجنائية، وكذلك من حيث إنه إذا حكم نهائياً في الدعوى الجنائية قبل الحكم في
الدعوى المدنية، كان للحكم الجنائي حجيته على الدعوى المدنية.
المطلب الثالث: مباشرة الدعوى المدنية التبعية أمام
القضاء الجنائي
الأصل أن الادعاء بالحق المدني لا يكون مقبولاً أمام
مأموري الضبط القضائي أو النيابة العامة أو المحكمة إلا إذا كانت هناك دعوى جنائية
قد حركت ابتداء وقائمة أمام إحدى هذه الجهات المختصة، والمشرعان اليمني والمغربي
منحا الشخص المتضرر من الجريمة في أن يقيم نفسه مدعياً بحقوقه المدنية أمام القضاء
الجنائي، وذلك في أي مرحلة من مراحل سير الدعوى الجنائية، سواء كان ذلك أمام مأمور
الضبط القضائي في مرحلة التحري وجمع الاستدلالات أم أمام النيابة العامة في مرحلة
التحقيق الابتدائي أم أمام المحكمة المختصة التي تنظر الدعوى في مرحلة المحاكمة،
إلا أنه يستلزم توافر شروط معينة لقبول الدعوى المدنية التبعية أمام القضاء
الجنائي، وفي حالة قبول هذه الدعوى، هناك إجراءات محددة تبين كيفية مباشرة الادعاء
المدني تبعاً للدعوى الجنائية، لذا سوف نتناول في هذا المطلب مباشرة الدعوى
المدنية التبعية أمام القضاء الجنائي، وذلك على النحو الآتي:
الفرع الأول: شروط قبول الدعوى المدنية التبعية أمام
القضاء الجنائي
لكي تقبل الدعوى المدنية التبعية أمام القضاء الجنائي
ينبغي أن تتوافر شروط معينة، أهمها الآتي:
أولاً: أن يكون
الضرر ناجم عن جريمة وقعت، وهذه الجريمة سبق أن رفعت بشأنها دعوى جنائية، لذا أطلق
على الدعوى المدنية بأنها دعوى تبعية؛ لأنها تابعة للدعوى الجنائية، وكلا الدعويين
سببهما الجريمة ذاتها. وقد نصت المادة 43 من قانون
الإجراءات الجزائية بأنه: "يجوز لكل من لحقه ضرر من الجريمة رفع الدعوى
المدنية مهما بلغت قيمتها بتعويض الضرر الناشئ عن الجريمة أمام المحاكم الجزائية
لنظرها مع الدعوى الجزائية". كما نصت المادة 7 من قانون
المسطرة الجنائية المغربي على أنه: "يرجع الحق في إقامة الدعوى المدنية
للتعويض عن الضرر الناتج عن جناية أو جنحة أو مخالفة، لكل من تعرض شخصياً لضرر
جسماني أو مادي أو معنوي تسببت فيه الجريمة مباشرة".
فالأصل العام أن القضاء الجنائي لا يختص بالدعوى المدنية
استقلالاً، وإنما يختص بها إذا كانت تابعة للدعوى الجنائية ودائرة في فلكها، بحيث
يسعه أن يقضي فيهما معاً بحكم واحد لا تناقض بين الوقت الذي تقضي فيه بعدم قبول
هذه الدعوى أن تقضي بعدم اختصاصها بالدعوى المدنية التابعة للدعوى الجنائية[18]،
وعدم اختصاص القضاء الجنائي بالدعوى المدنية التبعية يتعلق بالنظام العام، ولذلك
تقضي به من تلقاء نفسها، ويجوز الدفع به في أية حالة كانت عليها الدعوى، ولو أمام
محكمة النقض لأول مرة[19].
ثانياً: أن يكون
موضوع الدعوى المدنية التعويض عن الضرر الذي كانت الجريمة سبباً فيه، أي أنها دعوى
تعويض مدني ترتب على ضرر ناجم عن الجريمة التي وقعت، وهي دعوى ترفع تبعاً لدعوى
جنائية سبق أن أقيمت أمام المحكمة الجنائية، فلا يجوز للمحاكم الجنائية قبول دعوى
بتعويض عن ضرر؛ بسبب وقائع لم تقم عنها الدعوى الجنائية[20].
فعدم
ثبوت التهمة كاف لرفض طلب المتضرر من الجريمة أو المدعي المدني المنحصر في فرض
إثبات الوقائع التي ترتب عليها إلحاق الضرر به؛ إذ لا يمكن الحكم بالتعويضات على
شخص ثبتت براءته من جريمة أخذت أساساً لطلب إصلاح الضرر الذي نشأ[21].
ثالثاً: ترفع الدعوى
المدنية بتعويض الضرر على المتهم بالجريمة إذا كان بالغاً، وعلى من يمثله إن كان
ناقص الأهلية، فإن لم يكن له من يمثله جاز للمحكمة أن تعين له من يمثله أو أن
تكتفي بتمثيل النيابة له[22]،
أي أن الدعوى المدنية التبعية يجب أن توجه إلى المتهم -أصلاً- فالفعل الإجرامي
الذي ارتكبه هو الذي سبب الضرر الذي لحق بالمدعي المدني، أي أن هذا الضرر هو سبب
الدعوى المدنية التبعية، أو إلى ولي ناقص الأهلية أو الوصي عليه، وفي حالة عدم
وجود من يمثله ممن سبق ذكره، يجوز عندئذٍ للمحكمة أن تعين من يمثله، وإلا فالنيابة
العامة تقوم بهذه المهمة[23].
رابعاً: أن يكون
الطريق إلى القضاء الجنائي سالكاً، أي لا يوجد أي عائق يعيق المحكمة الجنائية من
قبول الدعوى المدنية بالتبعية للدعوى الجنائية، كما في حالة محكمة الأحداث أو
المحكمة العسكرية أو أن يكون قد أقيمت الدعوى المدنية أمام القضاء المدني، رغم رفع
الدعوى الجنائية أمام المحكمة الجنائية أو غير ذلك[24].
خامساً: أن يكون
الضرر الناشئ عن الجريمة شخصياً ومباشراً ومحققاً، وهي شروط الضرر المستحق
للتعويض، فالضرر الناشئ عن الجريمة يجب أن يكون شخصياً، فلا تقبل الدعوى المدنية
التبعية إلا ممن أصابه الضرر، فإن لم يصبه ضرر فلا حق له في رفع هذه الدعوى، وهو
ما نصت عليه المادة 43 من قانون
الإجراءات الجزائية اليمني؛ إذ جاء فيها: "يجوز لكل من لحقه ضرر من الجريمة
رفع الدعوى المدنية ...."، كما نصت عليه المادة 7 من قانون
المسطرة الجنائية المغربي، إذ جاء فيها: "يرجع الحق في إقامة الدعوى المدنية
للتعويض عن الضرر الناتج عن جناية أو جنحة أو مخالفة لكل من تعرض شخصياً
لضرر..."، فلا تقبل هذه الدعوى من شخص عن ضرر أصاب غيره أو حتى أصاب مصلحة
عامة وامتد الضرر إليه بالضرورة [25].
وأيضاً يجب أن يكون الضرر مباشراً، بمعنى أن يترتب الضرر
مباشرة من الجريمة، أي أن تكون هناك رابطة سببية مباشرة بين الجريمة وبين الضرر
الذي تؤسس عليه الدعوى المدنية التبعية، وهذا ما نصت عليه المادة 7
من قانون المسطرة الجنائية المغربي، إذ جاء فيها: "...، لكل من تعرض
شخصياً لضرر جسماني أو مادي أو معنوي تسببت فيه الجريمة مباشرة".، كما يجب أن
يكون الضرر محققاً، أي حالًا ومؤكداً، فلا تقبل الدعوى المدنية التبعية عن ضرر
محتمل، ما لم يكن مؤكداً وثابتاً، لكن هناك من الأضرار ما تمتد إلى المستقبل،
لكنها مؤكدة، كالضرر الذي يصيب المجني عليه، ويفقده القدرة على العمل مستقبلاً،
بمعنى آخر أن يكون الضرر قد وقع فعلاً أو سيقع حتماً[26].
سادساً: ألا يترتب
على تدخل المدعي بالحقوق المدنية تأخير الفصل في الدعوى الجنائية، بالرغم من توافر
شروط الدعوى المدنية التبعية، إلا أن المُشرّع اليمني قرر في حالة إذا ما كان تدخل
المتضرر من الجريمة أو المدعي المدني سيؤخر الفصل في الدعوى الجنائية، فعندئذٍ
يجوز للمحكمة أن تقرر تأجيل نظر الدعوى المدنية التبعية، وتنظر فيما بعد أمام
القضاء المدني[27].
وأساس هذا الجواز أن الفصل في الدعوى الجنائية مقدم على الفصل في الدعوى المدنية؛
بسبب أن الاعتداء الجنائي يمس مصالح المجتمع، وأن مصلحة ذلك في سرعة الحكم في
الدعوى الجنائية، وهذا يحقق أهداف المحاكمة والعقوبة أيضاً. ومعنى سيؤخر الفصل في
الدعوى الجنائية أن نظر الدعوى المدنية يتطلب إجراءات ووقت وجهد من قبل المحكمة،
سيعيق سرعة الحكم في الدعوى الجنائية. فهنا وكأن الأمر على هذا النحو تستطيع
المحكمة إعمال هذا الجواز والمضي في نظر الدعوى الجنائية، وترك الدعوى المدنية
ليفصل فيها لاحقاً[28].
سابعاً: ألا تكون
الدعوى الجنائية منظورة أمام محكمة الدرجة الثانية -محكمة الاستئناف- فالادعاء
بالحق المدني أمام المحاكم الجنائية لا يكون إلا أمام محكمة الدرجة الأولى
-المحكمة الابتدائية- فلا يجوز الادعاء أمام محكمة الدرجة الثانية -محكمة
الاستئناف- لأن ذلك يؤدي إلى حرمان المدعى عليه -المتهم أو المسؤول عن الحقوق
المدنية- من إحدى درجات التقاضي، كما لا يقبل الادعاء بالحق المدني أمام المحكمة
العليا -محكمة التمييز- فضلا عن عدم جواز قبوله أمام محاكم الدرجة الأولى إذا ورد
نص خاص يمنع الادعاء المدني أمامها، كما هو الحال في محاكم الأحداث، والمحاكم
العسكرية، والنتيجة ذاتها تترتب بعدم قبول الادعاء المدني أمام محكمة الدرجة
الأولى إذا كانت محكمة الاستئناف أو محكمة التمييز قد فسخت الحكم وأحالت الدعوى
ثانية إلى محكمة الموضوع؛ بغرض إعادة الفصل فيها. والمستقر عليه في الفقه والقضاء
المصريين أن الأمر يختلف إذا تم الطعن في الحكم الغيابي الابتدائي بالمعارضة، حيث
يجوز الادعاء المدني أمام المحكمة التي تنظر في المعارضة، إذ هي محكمة الدرجة
الأولى بناء على المعارضة؛ لأن المعارضة وقبولها يترتب عليها إعادة القضية إلى ذات
المحكمة لنظرها من جديد، ولن يضار المتهم بالادعاء المدني؛ لأنه لن تفوت عليه إحدى
درجات التقاضي، أما إذا قررت محكمة المعارضة اعتبارها كأن لم تكن، فلا تنظر
المحكمة الجنائية في موضوع الدعوى المدنية التبعية، مما يوجب المنطق بأن لا تقبل
الدعوى في هذه الصورة، لأن الحكم باعتبار المعارضة كأنها لم تكن يعيد للحكم
الغيابي قوته[29].
الفرع الثاني: كيفية مباشرة الادعاء المدني تبعاً للدعوى
العمومية لجنائية
إذا كانت الإجراءات الجنائية تبدأ من وقت ارتكاب الجريمة
حتى الحكم في الدعوى الجنائية، مالم يصدر فيها أمر حفظ بناء على محضر جمع
الاستدلالات أو قرار بأن لا وجه لإقامتها بعد التحقيق الذي تجريه النيابة العامة
-في القانون اليمني- أو قاضي التحقيق -في القانون المغربي- فإنه يجوز الادعاء
مدنياً في أي حالة كانت عليها الدعوى الجنائية، أي في مرحلة جمع الاستدلالات أو في
مرحلة التحقيق الابتدائي أو في مرحلة المحاكمة أمام محكمة الدرجة الأولى -المحكمة
الابتدائية-، فحق المتضرر من الجريمة أو المدعي المدني في رفع دعواه أمام المحكمة
الجنائية يبدأ من أولى إجراءات مباشرة أعمال الاستدلالات في الدعوى مروراً بمرحلة
التحقيق الابتدائي ومن ثم المحاكمة، فخلال هذه المراحل يستطيع المتضرر من الجريمة
أو المدعي بالحق المدني رفع دعواه، وهذا الادعاء المدني المقدم من الشخص المتضرر
من الجريمة؛ للمطالبة بالتعويض عن الضرر الذي لحق به، يخضع لقواعد إجرائية معينة
نص عليها القانونان اليمني والمغربي. لذا سنبين في هذا الفرع كيفية مباشرة الادعاء
المدني تبعا للدعوى الجنائية في كل مرحلة من مراحل سير الدعوى الجنائية، وذلك على
النحو الآتي:
أولاً:
الادعاء المدني في مرحلة جمع الاستدلالات:
يجوز للمتضرر من الجريمة الادعاء المدني في مرحلة جمع
الاستدلالات، وذلك في البلاغ المقدم عن الجريمة التي وقعت أو في الشكوى سواء قدمها
إلى مأمور الضبط القضائي أم إلى النيابة العامة[30]،
فإذا قدمت الشكوى التي تحتوي على الادعاء المدني إلى أحد مأموري الضبط القضائي،
فإن عليه أن يقوم بتحويلها إلى النيابة العامة مع المحضر الذي يحرره، ويشترط أن
يكون الادعاء بالحق المدني في ذلك البلاغ أو تلك الشكوى صريحاً لا يحتمل اللبس[31]،
والبلاغ أو الشكوى التي لا يصرح فيها المتضرر من الجريمة بالادعاء المدني على
النحو السابق، لا تجعله مدعياً مدنياً، بل مجرد شخص مبلغ عن الجريمة.
والمشرع بذلك لا يريد للشخص المتضرر من الجريمة الانتظار
حتى تعرض الدعوى الجنائية على المحكمة؛ كي يقوم بالادعاء المدني، بل أعطاه هذا
الحق بمجرد أن تبادر سلطة جمع الاستدلالات باتخاذ إجراءات كشف غموض الجريمة، ثم
سلطة التحقيق من بعدها قبل اتصال المحكمة بالدعوى، حتى يتسنى للمتضرر أو للمدعي
المدني مساعدة تلك السلطات في كشف الجريمة، والوصول إلى الحقيقة، وتحقيق العدالة.
ففي مرحلة جمع الاستدلالات يستطيع المتضرر أو المدعي المدني أن يدعي بالتعويض عما
أصابه من ضرر مادي أو معنوي بسبب الجريمة، أما في جرائم الشكوى فهي قيد تمنع
النيابة العامة من رفع الدعوى الجنائية مالم تكن هناك شكوى مقدمة إلى مأمور الضبط
القضائي أو النيابة العامة من المجني عليه أو من يقوم مقامه[32].
والمقصود بالشكوى هنا هي الشكوى التي تتضمن إقامة
المتضرر من الجريمة نفسه مدعياً بحق مدني بصريح العبارة أو كان هذا التصريح لاحقاً
منه في ورقة مستقلة أو إذا طلب في إحداهما تعويضا ما[33]،
وفي هذه الحالات يلزم مأمور الضبط القضائي بضمها إلى أوراق ملف الإجراءات، وتحال
معه إلى النيابة العامة[34]،
وإذا تقدم المتضرر من الجريمة أو المدعي المدني بدعواه في مرحلة جمع الاستدلالات،
فإنه ينشأ له حق إبلاغه بقرار النيابة العامة بحفظ الأوراق، إذا اتخذ مثل هذا
القرار، وكذلك حقه في الطعن[35].
وبخلاف ما قضى به القانون اليمني، فإن القانون المغربي
لم يقض بالطعن في قرار الحفظ هذا؛ إذ هو إجراء إداري وليس قضائي. وهذا ينطبق أيضاً
على القانون المصري، وقد قضت محكمة النقض المصرية: "أن الحكمة من إعلان
المجني عليه والمدعي بالحق المدني بأمر الحفظ ليكون -فقط- على بينة بالتصرف الحاصل
في الشكوى أو البلاغ"[36].
وليس لسلطة جمع الاستدلالات - مأمورو الضبط القضائي في
القانون اليمني أو ضباط الشرطة القضائية في القانون المغربي- أي سلطة تقديرية في
قبول أو رفض الادعاء بالحق المدني، بل يتعين عليهم إثبات هذا الادعاء في المحضر
الذي يحرره، ومن ثم يقوم بتحويله إلى النيابة العامة، كما هو الحال في محاضر
التحري وجمع الاستدلالات التي يحررها رجال الضبط القضائي ويسلموها للجهة المختصة
بالتحقيق للتصرف فيها[37]،
فتلك السلطة التقديرية تركها المشرع لسلطات التحقيق -النيابة العامة في القانون
اليمني أو قاضي التحقيق في القانون المغربي - أو المحكمة المختصة، ولكن يشترط في
الشكوى التي تشمل الادعاء المدني أن تكون عن فعل يعد جريمة بموجب القانون، فهنا
فقط يمكن لمأمور الضبط القضائي كسلطة جمع الاستدلالات أن يباشر اختصاصاته بخصوص
التحريات وجمع الاستدلالات عن الجريمة للوصول إلى مرتكبيها، فإذا كانت الشكوى التي
تشمل الادعاء المدني عن واقعة لا يعاقب عليها القانون أو لا تعد جريمة بموجبه، يجب
أن لا يقبلها مأمور الضبط القضائي، ولا يتخذ فيها أي إجراء[38]،
كما لا يشترط لقبول الادعاء المدني من جانب الشخص المتضرر من الجريمة أمام تلك
السلطة أن يثبت إصابته بالضرر، بل يكفي أن يدعي حصول ذلك الضرر[39].
ثانياً:
الادعاء المدني في مرحلة التحقيق الابتدائي:
إن الادعاء بالحق المدني ينتقل -تلقائياً- إلى مرحلة
التحقيق الابتدائي ما دام قد حصل في مرحلة جمع الاستدلالات، ودون حاجة إلى ادعاء
جديد، مالم تقرر النيابة العامة عدم قبول المدعي بالحق المدني[40]،
أو إذا باشرت النيابة العامة -في القانون اليمني- أو قاضي التحقيق -في القانون
المغربي- التحقيق الابتدائي فيكون الادعاء مدنياً إليها أثناء هذا التحقيق، حيث
نصت المادة 46 من قانون الإجراءات الجزائية اليمني
على أنه: "يحصل الادعاء مدنياً إما في الشكوى التي تقدم إلى النيابة العامة
أو..."، وكذلك نصت المادة 94 من قانون المسطرة الجنائية المغربي على أنه:
"يمكن للطرف المدني أن يتقدم بطلباته بعد فتح التحقيق، وفي أية مرحلة من
مراحله، وكيفما كان نوع الجريمة..."، كما نصت المادة 92 من هذا
القانون على أنه: "يمكن لكل شخص أدعى أنه تضرر من جناية أو جنحة أن ينصب نفسه
طرفاً مدنياً عند تقديم شكايته أمام قاضي التحقيق المختص ما لم ينص القانون على
خلاف ذلك".
وهذا الادعاء المدني يكون عن طريق إبدائه أمام المحقق في
مواجهة المتهم، وبناء على ملتمس محال إلى قاضي التحقيق من النيابة العامة أو بناء
على شكاية مرفقة بتنصيب الشاكي طرفاً مدنياً، وهو ما نصت عليه المادة 54
من قانون المسطرة الجنائية المغربي، فإذ لم يكن المتهم حاضراً وجب إعلانه
بالادعاء المدني الذي أقيم ضده أو يكون الادعاء المدني محالاً من مأمور الضبط
القضائي إلى النيابة العامة مع محضر الواقعة، وهو ما نصت عليه الفقرة 1
من المادة 46 من قانون الإجراءات الجزائية اليمني.
وللنيابة العامة في القانون اليمني أن تتخذ قراراً بعدم
قبول المدعي بالحقوق المدنية، غير قابل للطعن. ومعنى ذلك أن القرار الذي تصدره
النيابة العامة في هذا الشأن لا يقبل الطعن، وإن كان لا يقيد محكمة الموضوع سواء
صدر بالرفض أم بالقبول، وعدم صدور قرار رفض الادعاء المدني يعتبر قبولاً ضمنياً له[41].
وقد نصت المادة 53 من قانون
الإجراءات الجزائية اليمني على أنه: "لا يمنع القرار الصادر من النيابة
العامة في مرحلة التحقيق بعدم قبول المدعي بالحقوق المدنية في الادعاء مدنياً بعد
ذلك أمام المحكمة"، كما لا يترتب على القرار الصادر من المحكمة بقبول الدعوى
المدنية التبعية، بطلان الإجراءات التي لم يشترك فيها المدعي بالحقوق المدنية قبل
ذلك، والقرار الصادر من النيابة العامة بقبول المدعي بالحقوق المدنية لا يلزم المحكمة
المرفوعة أمامها الدعوى، ولم يحدد القانون اليمني السبب الذي يجوز للنيابة العامة
عدم قبول المدعي بالحقوق المدنية في مرحلة التحقيق الابتدائي، بل حتى لم يشترط
تسبيب هذا القرار، وفي اعتقادنا أن ذلك يعد مساسا بحقوق المدعي بالحق المدني، وهو
شريك في الإجراءات إلى الحد الذي اعتبره القانون خصما منضما إلى النيابة العامة في
الخصومة أمام القضاء[42].
وعدم قبول المدعي بالحق المدني في مرحلة التحقيق
الابتدائي يفوت إمكانية إعلانه بقرار النيابة العامة بألا وجه لإقامة الدعوى
الجزائية[43]،
وكذلك يفوت ذلك حقه في الطعن في هذا القرار أمام محكمة الاستئناف[44]، هذا عدا
حضوره كافة إجراءات التحقيق الابتدائي، فإن باشر المحقق إجراء من تلك الإجراءات في
غيبة الخصوم بما فيهم المدعي بالحق المدني في الحالات التي أجاز له القانون ذلك
كان من حق المدعي بالحق المدني كما لغيره من الخصوم الاطلاع على الأوراق المثبتة
لهذه الإجراءات[45].
إضافة إلى ذلك نجد أن المُشرّع المغربي أجاز للمتضرر من
الجريمة أو للطرف المدني استئناف الأوامر التي تمس بمصالحه المدنية، الصادرة أثناء
التحقيق، إذ نصت المادة 224 من قانون المسطرة الجنائية على أنه:
"يمكن للطرف المدني أن يستأنف لدى الغرفة الجنحية الأوامر الصادرة بعدم إجراء
التحقيق، وبعدم المتابعة، وكذا الأوامر التي تمس بمصالحه المدنية".
ثالثاً:
الادعاء المدني في مرحلة المحاكمة:
إذا رفعت الدعوى الجنائية إلى المحكمة الجنائية، فإن
للشخص المتضرر من الجريمة -إذا لم يكن قد أدعى مدنياً في مرحلتي جمع الاستدلالات
والتحقيق الابتدائي- أن يقيم نفسه مدعياً بالحقوق المدنية أمامها، حيث نصت المادة 46
من قانون الإجراءات الجزائية اليمني على أنه: "يحصل الادعاء مدنياً...
كما يجوز ان يتم في الجلسة المنظورة فيها الدعوى إن كان المتهم حاضراً وإلا وجب
تأجيل الدعوى وتكليف المدعي بإعلان المتهم بطلباته. فإذا كان قد سبق قبوله في
التحقيق بهذه الصفة فإحالة الدعوى الجزائية إلى المحكمة تشمل الدعوى
المدنية". وهو ما نصت عليه أيضاً المادة 348 من قانون
المسطرة الجنائية المغربي، إذ جاء فيها: "لكل شخص يدعي أنه تضرر من جريمة أن
يتقدم بصفته طرفاً مدنياً أمام هيئة الحكم ما لم يكن قد سبق له أن انتصب طرفاً
مدنياً أمام قاضي التحقيق وفق الشروط المنصوص عليها في المادة 92
وما بعدها لغاية المادة 96 أعلاه"، وكذلك نصت المادة 349 من هذا
القانون على أنه: "يجب أن يستدعى أمام هيئة الحكم الطرف المدني الذي سبق أن
تقدم بطلبه إلى هيئة التحقيق...". كما نصت المادة 350 من القانون
ذاته على أنه: "يمكن للشخص المتضرر الذي لم يتدخل أمام هيئة التحقيق أن يتقدم
بصفته طرفاً مدنياً أمام هيئة الحكم..."
ويكون للمتضرر من الجريمة الحق في أن يقيم نفسه مدعياً
مدنياً أمام المحكمة الجنائية حتى صدور قرار بإقفال باب المرافعة، وإذا دخلت
الدعوى الجنائية حوزة المحكمة، فإن الدعوى المدنية التابعة لها والتي سبق وأن قبلت
في مرحلة جمع الاستدلالات أو في مرحلة التحقيق الابتدائي تعتبر قائمة فعلياً أمام
المحكمة، وإذا لم تكن قد قبلت في إحدى هاتين المرحلتين كان للمتضرر من الجريمة أو
للمدعي المدني رفع دعواه أمام المحكمة الجنائية التي تنظر الدعوى الجنائية، ولا
تأثير لمسألة أن دعواه لم تقبل من النيابة العامة في مرحلة جمع الاستدلالات أو
مرحلة التحقيق الابتدائي على الإجراءات التي لم يشترك فيها المتضرر من الجريمة أو
المدعي بالحق المدني وقتئذٍ[46].
ويشترط لقبول الادعاء المدني في مرحلة المحاكمة أن يكون قد أقيم أمام محكمة الدرجة
الأولى -المحكمة الابتدائية- قبل قفل باب المرافعة أمامها، بشرط ألا يترتب على
تدخل المتضرر من الجريمة أو المدعي المدني تأخير الفصل في الدعوى الجنائية. فلا
يقبل الادعاء مدنياً في مرحلة المحاكمة إلا أمام محكمة الدرجة الأولى، فلا يجوز
الادعاء مدنياً لأول مرة أمام محكمة الاستئناف، وإلا كان في ذلك تفويتاً لدرجة من
درجات التقاضي، كما لا يجوز بطبيعة الحال لأول مرة أمام محكمة النقض، ولا أمام
محكمة الموضوع عند نظرها للدعوى بناء على نقض الحكم، لأن طبيعة الطعن بالنقض
وأحكامه وإجراءاته لا تسمح بالقول بتدخل المدعي بالحق المدني في الدعوى الجنائية
لأول مرة أمام محكمة الموضوع بعد احالتها من محكمة النقض إلى محكمة الموضوع لإعادة
الفصل فيها بعد نقض الحكم[47].
كما لا يقبل الادعاء المدني بعد اصدار المحكمة لقرارها
بإقفال باب المرافعة، لأن صدور هذا القرار يعني صلاحية الدعوى للحكم، ومن ثم فإن
قبول الادعاء المدني يترتب عليه تأخير الفصل في الدعوى الجنائية، وهو ما نهت عنه
المادة 45 من قانون
الإجراءات الجزائية اليمني بقولها: "إذا رأت المحكمة أن تدخل المدعي بالحقوق
المدنية يؤخر الفصل في الدعوى الجزائية جاز لها أن تقرر تأجيل نظر الدعوى المدنية
إلى ما بعد الفصل في الدعوى الجزائية أو النظر فيها على حدة".
وقد منح المُشرّعان اليمني والمغربي المتضرر من الجريمة
تقديم دعواه المدنية أمام المحكمة الجنائية في أية حالة كانت عليها الدعوى
الجنائية، حيث نصت المادة 46 من قانون الإجراءات الجزائية اليمني
على أنه: "يحصل الادعاء مدنياً إما في الشكوى التي تقدم.... كما يجوز أن يتم
في الجلسة المنظورة فيها الدعوى إن كان المتهم حاضراً وإلا وجب تأجيل الدعوى
وتكليف المدعي بإعلان المتهم بطلباته"، كما نصت المادة 354
من قانون المسطرة الجنائية المغربي على أنه: "يمكن إقامة الدعوى
المدنية في سائر مراحل المسطرة إلى غاية اختتام المناقشات...". والسائد في القوانين الإجرائية الجنائية أنه
يجوز للشخص للمتضرر من الجريمة إقامة دعواه المدنية التبعية أمام المحكمة الجنائية
في أية حالة كانت عليها الدعوى الجنائية، ولغاية صدور قرار بإقفال باب المرافعة
فيها[48].
إن إقامة المتضرر من الجريمة دعواه أمام المحكمة
الجنائية التي تنظر الدعوى الجنائية هي فرصته الأخيرة في ذلك، فإن لم يقمها
أمامها، فلا سبيل له إلى إقامتها إلا أمام القضاء المدني، ويجوز له إقامتها مباشرة
في الجلسة المنظورة فيها الدعوى إن كان المتهم حاضرا، وإلا وجب تأجيل الدعوى
وتكليف المدعي بإعلان المتهم بطلباته. فإذا كان قد سبق قبوله في التحقيق بهذه
الصفة فإحالة الدعوى الجنائية إلى المحكمة تشمل الدعوى المدنية[49].
وإذا طرحت الدعوى المدنية على المحكمة يكون الادعاء مدنياً بإعلان على يد محضر
يوجه إلى المتهم، كما أنه قد يبدي شفوياً في الجلسة وفي حضوره، فإذا كان المتهم غائباً
يتعين إعلانه بالدعوى المدنية التبعية، وتأجيل نظر الدعوى الجنائية لهذا السبب حتى
تتاح له فرصة الدفاع، وإذا كان قد سبق قبول المدعي المدني في مرحلة التحقيق بهذه
الصفة فإحالة الدعوى الجنائية إلى المحكمة تشمل الدعوى المدنية التابعة لها[50].
ولا تلتزم المحكمة أو أطراف الدعوى الجنائية بقبول تدخل
المتضرر من الجريمة أو المدعي بالحق المدني، فقد نصت المادة52 من قانون
الإجراءات الجزائية اليمني على أنه: "لكل من المتهم والمسؤول عن الحقوق
المدنية والنيابة العامة أن يعارض في الجلسة في قبول المدعي بالحقوق المدنية إذا كانت
الدعوى المدنية غير جائزة أو غير مقبولة، وتفصل المحكمة في المعارضة بعد سماع
أقوال الخصوم"، كما قرر المُشرّع اليمني في المادة53 من القانون
ذاته أنه لا يمنع القرار الصادر من النيابة العامة في مرحلة التحقيق بعدم قبول
المدعي بالحقوق المدنية من الادعاء مدنياً بعد ذلك أمام المحكمة.
ويجب على المتضرر من الجريمة أو المدعي بالحق المدني عند
قبوله بهذه الصفة أن يعين له موطناً في البلدة الكائن فيها مقر المحكمة مالم يكن
مقيماً فيها، ويكون ذلك بتقرير في دائرة الكتاب والأصح تسليم الأوراق إليه
بتسليمها إلى هذه الدائرة[51]،
والغرض من ذلك هو إعلان المتضرر من الجريمة أو المدعي المدني بالقرارات التي
يصدرها المحقق عند مباشرة إجراءات التحقيق للطعن فيها إذا كان يرغب في ذلك[52].
كما يجب على المتضرر من الجريمة أو المدعي المدني أن يدفع الرسوم القضائية، وعليه
أن يودع مقدما الأمانة التي تقدرها النيابة العامة أو المحكمة لمواجهة أتعاب
ومصاريف الخبراء والشهود وغيرهم، وعليه أيضا إيداع الأمانة التكميلية التي قد تلزم
أثناء سير الإجراءات[53]،
والإخلال بهذا الالتزام لا يؤدي إلى عدم قبول الدعوى المدنية التبعية أو بطلانها،
وإنما يترتب عليه عدم دخول هذه الدعوى في حوزة المحكمة، فلا تنظرها إلا بعد سداد
الرسوم المقررة[54].
إلا أنه إلى جانب تلك الواجبات التي تقع على عاتق
المتضرر من الجريمة أو المدعي المدني في مرحلة المحاكمة، فإنه تنشأ له حقوق عديدة
مرتبطة بدعواه المدنية المقامة أمام المحكمة الجنائية تبعا للدعوى الجزائية، وأهم
هذه الحقوق: الحق في الاطلاع على أوراق الدعوى، والحق في رد القضاة، والحق في
الإثبات، والفصل في طلباته ...الخ.
إن إقامة الدعوى المدنية التبعية أمام القضاء الجنائي من
حيث الكيفية لا تختلف عن إقامتها أمام القضاء المدني، فهي طلب تعويض عن ضرر أصاب
شخصاً بسبب الجريمة[55]،
ولم يحدد المُشرّع اليمني في قانون الإجراءات الجزائية كيفية محددة لإقامة الدعوى
المدنية التبعية أمام المحكمة الجنائية، لذا يتم الرجوع إلى الأحكام العامة لإقامة
الدعوى المدنية وفقاً لما تضمنها قانون المرافعات والتنفيذ المدني[56].
إلا انه خلافاً لذلك نجد ان المُشرّع المغربي حدد كيفية إقامة الدعوى المدنية أمام
المحكمة الجنائية، وذلك في قانون المسطرة الجنائية المغربي، حيث نصت المادة 349
من هذا القانون على أنه: "يجب أن يستدعى أمام هيئة الحكم الطرف المدني
الذي سبق أن تقدم بطلبه إلى هيئة التحقيق. ويشترط لصحة تقديم طلب التعويض أمام
هيئة الحكم، أن يودع الطرف المدني لزوماً قبل الجلسة بكتابة الضبط أو أثناءها بين
يدي الرئيس مذكرة مرفقة بصورة لوصل أداء الرسم القضائي الجزافي، وأن يحدد مطالبه
الأساسية ومبلغ التعويض المطلوب"، كما نصت المادة 350 من القانون
ذاته على أنه: "يمكن للشخص المتضرر الذي لم يتدخل أمام هيئة التحقيق أن يتقدم
بصفته طرفاً مدنياً أمام هيئة الحكم، إما حسب الشكل المنصوص عليه في المادة
السابقة، وإما بتصريح شفهي يسجله كاتب الضبط بالجلسة. وينذر لأداء الرسم القضائي
الجزافي. إذا أقام الطرف المدني دعواه عن طريق مذكرة، تعين أن تتضمن هذه المذكرة
البيانات الكفيلة للتعريف به، وأن تبين الجريمة المترتب عنها الضرر ومبلغ التعويض
المطلوب، والأسباب المبررة للطلب، وأن تحتوي على تعيين موطن مختار في المكان الذي
يوجد فيه مقر المحكمة ما لم يكن الطالب مقيماً بدائرة نفوذها. في حالة عدم تعيين
الموطن المختار، لا يمكن للطرف المدني أن يحتج بعدم تبليغه الإجراءات التي يتعين
تبليغها له وفق نصوص القانون".
ومع ذلك
يمكن القول إن الادعاء المدني أمام المحكمة الجنائية يتم بأحد طريقين:
الأول: قبل انعقاد
الجلسة، وهو الطريق الرسمي العادي، وذلك من خلال صحيفة دعوى عادية يوضح فيها
المتضرر من الجريمة طلباته[57]،
ويقوم بإعلانها للمتهم على يد محضر وفقا لنصوص قانون المرافعات.
الثاني: بالادعاء
بالحق المدني أثناء الجلسة المنظورة فيها الدعوى الجنائية، بأن يوجه فيها طلباته
إلى المتهم إذا كان حاضراً، أما إذا كان غائباً فتؤجل الدعوى ويكلف المدعي بإعلان
المتهم بطلباته إليه[58].
ويجوز الادعاء المدني أمام المحكمة حتى صدور قرار بإقفال
باب المرافعة، ولكن إذا أعيدت إلى المرافعة من جديد، يجوز عندئذٍ الادعاء المدني
أمام المحكمة؛ لأن الدعوى ما زالت مطروحة أمامها[59].
وتخضع الدعوى المدنية التبعية أمام القضاء الجنائي
لأحكام قانون الإجراءات الجزائية اليمني، وكذلك لقانون المسطرة الجنائية المغربي،
فيما يتعلق بإجراءات المحاكمة وترتيبها، وقواعد الحضور والغياب، ومواعيد تحرير
الأحكام وقواعد التوقيع عليها، وطرق الطعن في الأحكام وإجراءاتها ومواعيدها، فقد
نصت المادة 62 من قانون
الإجراءات الجزائية اليمني على أنه: "يتبع في الفصل في الدعوى المدنية التي
تنظر تبعا للدعوى الجزائية الإجراءات المقررة في هذا القانون".
وبناء على ذلك فإنه متى رفعت الدعوى المدنية أمام
المحكمة الجنائية للفصل فيها تبعا للدعوى الجنائية، فإنه لا يتم تطبيق قواعد قانون
المرافعات على الدعوى المدنية التبعية، وإنما تطبق قواعد قانون الإجراءات
الجزائية. وينبني على ذلك أن قواعد شطب الدعوى ووقف الخصومة وانقطاعها وسقوطها لا
تسري على الدعوى المدنية التبعية، فلا يجوز وقف الدعوى بناء على اتفاق الخصوم على
عدم السير فيها، ولا يقبل من المدعى عليه طلب الحكم بسقوط الخصومة في حالة عدم
السير في الدعوى بفعل المدعي أو امتناعه، ولا يصح للمحكمة الجنائية أن تحكم بانقطاع
سير الخصومة؛ لتغير ممثل المتضرر من الجريمة أو المدعي المدني الذي كان قاصراً
وبلغ سن الرشد[60].
ويلاحظ أن القاعدة الآنفة الذكر مقصورة في تطبيقها على
الإجراءات فقط، أما بالنسبة لموضوع الدعوى المدنية التبعية، كتعويض الضرر، وتحديد
المسؤولية فتتبع بصفة أصلية أحكام القانون المدني[61].
وتجدر الإشارة هنا إلى أن قانون المسطرة الجنائية
المغربي، وكذلك أغلب القوانين الإجرائية الجنائية التي تأخذ بالنظام القانوني
اللاتيني نصت على الادعاء المدني بطريق الادعاء المباشر[62]، إلى جانب
نصها على الادعاء المدني بطريق التدخل، وذلك خلافاً لقانون الإجراءات الجزائية
اليمني الذي نص على هذا الادعاء الأخير من دون الادعاء الأول. والفرق بين هذين
الطريقين أن الأول يحرك في ذات الوقت الدعوى الجنائية، أما الثاني فليس من شأنه
ذلك باعتبار أن الدعوى الجنائية قد حركت من قبل[63].
والعلة من إقرار نظام الادعاء المباشر السماح للمتضرر من
الجريمة أن يلجأ إلى المحكمة الجنائية مباشرة، ويحرك أمامها كل من الدعويين
الجنائية والمدنية معاً، وذلك في حالة عدم مبادرة النيابة العامة برفع الدعوى
الجنائية أو أهملت في اتخاذ إجراءات تحريكها؛ لأن هذا يترتب عليه إلحاق الضرر
بالشخص المتضرر من الجريمة؛ إذ تفوت عليه فرصة الكشف عنها، وإثبات مسؤولية
مرتكبيها، ومن ثم تضيع الحقيقة، ويلحق الضرر بالعدالة، مما يتعين على المشرع
اليمني النص على الادعاء المباشر في قانون الإجراءات الجزائية وتنظيم أحكامه، وفي
حالة قبول الادعاء المدني في أي مرحلة من مراحل سير الدعوى الجنائية، فإن الأثر
المترتب على ذلك يكمن في اكتساب المتضرر من الجريمة حقوق عديدة في كل مرحلة من هذه
المراحل، كالحق في طلب قبوله مدع بالحق المدني، وحقه في حضور جميع إجراءات سير
الدعوى الجنائية، وحق تقديم الدفوع والطلبات، وحق الطعن في القرارات الصادرة أثناء
مراحل سير هذه الدعوى، وحق سماع الشهود ومناقشتهم فيما شهدوا به، وحق الاستعانة
بمحامي وبخبير أيضاً، والحق في الاطلاع على أوراق الدعوى، والحق في الإثبات،
وغيرها من الحقوق[64].
المبحث الثاني: الإجراءات التحفظية لحماية العلامة
التجارية
تعد
الحماية المدنية أو الجنائية للعلامة التجارية، الوسيلة المناسبة لحمايتها من
أفعال التعدي التي قد تقع عليها، إلا أن هذه الحماية قد تستغرق وقتاً طويلاً أمام
القضاء المدني أو الجنائي لتحققها، مما قد يؤدي ذلك إلى وقوع ضرر كبير على مالك
العلامة التجارية، قبل رفع الدعوى القضائية، أو أثناء نظر القضية أمام المحكمة
المختصة، وقبل الفصل فيها بحكم قضائي، وحتى يتمكن مالك العلامة من إيقاف استمرار
التعدي، وتمكينه من إثباته، منحت التشريعات ذوي الشأن سلاحاً فعالاً لحماية حقوقهم
من هذا التعدي، وذلك باتخاذ إجراءات تحفظية سريعة تتميز بطابعها الاستعجالي[65].
ونقصد
بالإجراءات التحفظية هنا الإجراءات التي تأمر بها المحكمة المختصة بناء على طلب
مالك العلامة التجارية أو صاحب المصلحة، الذي رفع الدعوى المدنية التبعية دعوى
التزييف المدنية أو الراغب في رفعها، وبمقتضى أمر يصدر على عريضة؛ لإثبات واقعة
الاعتداء على حقوقه المتعلقة بالعلامة التجارية، بحيث تتضمن هذه الإجراءات عمل حصر
ووصف تفصيلي للأدوات أو الآلات المستخدمة في ارتكاب الفعل المخالف للقانون، وكذلك
للسلع أو البضائع التي وضعت عليها العلامة التجارية المزورة، وتوقيع الحجز عليها،
وغيرها من الإجراءات التحفظية، وهذه الإجراءات التحفظية وإن كانت تهدف إلى حماية
حقوق مالك العلامة التجارية أو غيره من أصحاب المصلحة، فإن من شأنها تعزيز الحماية
الجنائية الإجرائية للعلامة التجارية. لذا قررها المُشرّعان اليمني والمغربي بنصوص
صريحة وواضحة تضمنها كل من قانون العلامات التجارية والمؤشرات الجغرافية اليمني[66]،
وقانون حماية الملكية الصناعية المغربي[67]،
وكذلك قانون المرافعات اليمني[68]،
وقانون المسطرة المدنية المغربي في الأوامر على عرائض[69]،
كما أن هذه الإجراءات التحفظية نصت عليها القوانين العربية والأجنبية الخاصة
بالعلامات التجارية، كالقانون المصري والأردني والعراقي والإماراتي وغيرها من
القوانين[70]،
وكذلك نصت عليها اتفاقية التريبس[71].
وعليه
سيبيّن الباحث في هذا المبحث الإجراءات التحفظية في كل من القانون اليمني،
والقانون المغربي في مطلب أول، واوجه الشبه والاختلاف بين هذين القانونين بشأن
الإجراءات التحفظية في مطلب ثاني، وكذلك أنواع الإجراءات التحفظية، لاسيما الوصف
المفصّل والحجز التحفظي في مطلب ثالث، وذلك على النحو الآتي:
المطلب الأول: الإجراءات التحفظية في كل من القانون
اليمني والمغربي
نظراً
لأهمية الإجراءات التحفظية في حماية العلامة التجارية، فقد أقر المُشرّعان اليمني
والمغربي هذه الإجراءات، في كل من القانون اليمني والقانون المغربي. وذلك على
النحو الآتي:
الفرع الأول: الإجراءات التحفظية في القانون اليمني
بهدف
حماية العلامة التجارية قرر المُشرّع اليمني بشأنها الإجراءات التحفظية، حيث نصت
المادة 41 من قانون العلامات التجارية والمؤشرات الجغرافية على أنه: "أ- يجوز
لمالك العلامة التجارية في أي وقت ولو كان ذلك قبل رفع أية دعوى أمام المحكمة أن
يستصدر بناء على عريضة مشفوعة بشهادة رسمية دالة على تسجيل العلامة، أمراً من
المحكمة باتخاذ الإجراءات التحفظية اللازمة وعلى الشخص ما يلي: 1- إجراء حصر ووصف تفصيلي للآلات
والأدوات التي تستخدم أو التي استخدمت في اي من المخالفات المنصوص عليها في هذا
القانون، وكذلك المنتجات أو السلع وعناوين المحلات أو الأغلفة أو الأوراق وغيرها
مما يكون قد وضع عليها العلامة موضوع المخالفة. 2- توقيع الحجز على الأشياء المذكورة في الفقرة أ/ 1 من هذه المادة على ألا يوقع الحجز
عليها إلا بعد أن يودع طالب الحجز ضمانة مالية لدى المحكمة تقدرها المحكمة تقديراً
أولياً لتعويض المحجوز عليه عند الاقتضاء، ويجوز بعد توقيع الحجز المنازعة في
كفاية الضمانة المالية التي أودعها طالب الحجز وفقاً لأحكام القوانين النافذة. ب-
يجوز أن يشتمل الأمر الصادر من المحكمة بالحجز التحفظي ندب خبير أو أكثر لمعاونة
القائم بالحجز في تنفيذ الإجراءات التحفظية"
يلاحظ من خلال هذا النص القانوني أن
المُشرّع اليمني:
-
أجاز لمالك العلامة التجارية دون غيره
أن يستصدر أمراً من المحكمة باتخاذ الإجراءات التحفظية اللازمة.
-
جعل استصدار الأمر من المحكمة باتخاذ
الإجراءات التحفظية اللازمة في أي وقت ولو كان ذلك قبل رفع أية دعوى أمام المحكمة،
أي يمكن استصدار هذا الأمر بعد رفع أية دعوى أمام المحكمة بما فيها الدعوى المدنية
التبعية أو قبل ذلك.
-
حدد الأساس الذي عليه يتم استصدار
الأمر من المحكمة باتخاذ الإجراءات التحفظية اللازمة، وهو أن يكون بناء على عريضة
مشفوعة بشهادة دالة على تسجيل العلامة التجارية.
-
اشترط أن تكون العلامة التجارية التي
يدعي مالكها بأنه وقع عليها الاعتداء مسجلة في سجل العلامات لدى الجهة المختصة،
لكي تكتسب الحماية اللازمة.
-
حدد صور الإجراءات التحفظية اللازمة
على سبيل المثال، وليس على سبيل الحصر، وذلك من خلال ورود عبارة وعلى الأخص في نص
المادة 41
الآنفة الذكر.
-
حدد الإجراءات التحفظية الآتية على
سبيل المثال: • إجراء حصر ووصف تفصيلي للآلات والأدوات التي تستخدم أو استخدمت في
اي من المخالفات المنصوص عليها في القانون، وكذلك المنتجات أو السلع وعناوين
المحلات أو الأغلفة أو الأوراق وغيرها مما يكون قد وضع عليها العلامة موضوع
المخالفة. • توقيع الحجز على الأشياء المذكورة في الفقرة أ/ 1 من هذه المادة.
-
اشترط لتوقيع الحجز التحفظي على
الأشياء المذكورة في الفقرة أ/ 1
من هذه المادة، أن
يودع طالب الحجز ضمانة مالية لدى المحكمة تقدرها المحكمة تقديراً أولياً لتعويض
المحجوز عليه عند الاقتضاء.
-
أجاز بعد توقيع الحجز التحفظي
المنازعة في كفاية الضمانة المالية التي أودعها طالب الحجز وفقاً لأحكام القوانين
النافذة.
-
أجاز أن يشتمل الأمر الصادر من
المحكمة بالحجز التحفظي ندب خبير أو أكثر لمعاونة القائم بالحجز في تنفيذ
الإجراءات التحفظية.
إضافة
إلى ذلك اعتبر المُشرّع اليمني في المادة 42 من القانون ذاته الإجراءات التحفظية المنصوص عليها في المادة 41 من هذا القانون كأن لم تكن إذا لم
يتبعها رفع دعوى ضد من اتخذت ضده هذه الإجراءات خلال ثمانية أيام من تاريخ توقيع
الحجز.
الفرع الثاني: الإجراءات التحفظية في القانون المغربي
قرر
المُشرّع المغربي الإجراءات التحفظية؛ بهدف حماية العلامة التجارية، حيث نصت
المادة 222
من قانون حماية
الملكية الصناعية، والمعدلة بالقانون رقم 13،23[72]،
على أنه: "يحق لمالك طلب تسجيل علامة، أو مالك علامة مسجلة أو للمستفيد من حق
استغلال استئثاري أن يحصل على أمر يصدره رئيس المحكمة يأذن فيه لمفوض قضائي، في
القيام إما بالوصف المفصل سواء أكان ذلك بأخذ عينات أم بدونه وإما بحجز المنتجات
أو الخدمات التي يدعي انها معلمة أو معروضة للبيع أو مسلمة أو موردة على حسابه
خرقاً لحقوقه. يمكن أن ينجز الوصف المذكور بمساعدة خبير مؤهل. يجوز لرئيس المحكمة
أن يأذن بنفس الأمر، الحجز أو أي شكل آخر من أشكال التحفظ على المواد والأدوات
وعناصر الإثبات الوثائقية، في شكل أصول أو نسخ، ترتبط بإلحاق الضرر وأية معاينة
مفيدة للوصول إلى أصل المخالفة وطبيعتها ومداها. يمكن أن يوقف تنفيذ الأمر المذكور
على إيداع المدعي لمبلغ على سبيل الضمانات لتأمين منح التعويض المحتمل عن الضرر
اللاحق بالمدعى عليه إذا صدر فيما بعد حكم يقضي بعدم ارتكاز دعوى التزييف على
أساس. إذا لم يرفع المدعي القضية إلى المحكمة داخل أجل لا يزيد عن ثلاثين يوماً
يبتدئ من يوم تنفيذ الأمر أعلاه، اعتبر الوصف المفصل أو الحجز باطلاً بقوة القانون
دون إخلال بما يحتمل منحه من تعويضات".
يلاحظ من خلال هذا النص القانوني أن
المُشرّع المغربي:
-
منح الحق لمالك طلب تسجيل علامة، أو
لمالك علامة مسجلة أو للمستفيد من حق استغلال استئثاري أن يحصل على أمر من رئيس
المحكمة بالوصف المفصل أو بالحجز التحفظي.
-
لم يحدد الوقت الذي فيه يتم استصدار
الأمر من رئيس المحكمة باتخاذ الإجراءات التحفظية اللازمة، لذا ممكن أن يكون ذلك
قبل رفع صاحب المصلحة دعواه أمام المحكمة أو بعد ذلك.
-
لم يحدد الأساس الذي عليه يتم استصدار
الأمر من رئيس المحكمة باتخاذ الإجراءات التحفظية اللازمة، وذلك خلافاً للمُشرّع
اليمني، الذي حدد ذلك في أن يكون بناء على عريضة مشفوعة بشهادة دالة على تسجيل
العلامة التجارية.
-
اشترط أن تكون العلامة التجارية التي
يدعي مالكها بأنه وقع عليها الاعتداء مسجلة في سجل العلامات لدى الجهة المختصة،
لكي تكتسب الحماية اللازمة.
-
حدد صور الإجراءات التحفظية اللازمة
على سبيل المثال، وليس على سبيل الحصر، وذلك من خلال ورود عبارة أو أي شكل من
أشكال التحفظ في نص المادة
222
الآنفة الذكر.
-
حدد الإجراءات التحفظية الآتية على
سبيل المثال: • الوصف المفصل سواء أكان ذلك بأخذ عينات أم بدونه. • حجز المنتجات
أو الخدمات التي يدعي صاحب المصلحة أنها معلمة أو معروضة للبيع أو مسلمة أو موردة
على حسابه خرقاً لحقوقه. • الحجز أو أي شكل آخر من أشكال التحفظ على المواد
والأدوات وعناصر الإثبات الوثائقية، في شكل أصول أو نسخ، ترتبط بإلحاق الضرر. •
أية معاينة مفيدة للوصول إلى أصل المخالفة وطبيعتها ومداها.
-
اشترط لتوقيع الحجز التحفظي على
الأشياء المذكورة في الفقرتين الأولى والثانية من المادة 222 الآنفة الذكر، أن يودع المدعي لمبلغ على سبيل الضمانات لتأمين
منح التعويض المحتمل عن الضرر اللاحق بالمدعى عليه إذا صدر فيما بعد حكم يقضي بعدم
ارتكاز دعوى التزييف على أساس.
-
أجاز أن ينجز الوصف المذكور في الفقرة
الأولى من المادة 222
الآنفة الذكر،
بمساعدة خبير مؤهل.
-
اعتبر الوصف المفصل أو الحجز باطلاً
بقوة القانون دون إخلال بما يحتمل منحه من تعويضات، إذا لم يرفع المدعي القضية إلى
المحكمة داخل أجل لا يزيد عن ثلاثين يوماً يبتدئ من يوم تنفيذ الأمر أعلاه.
المطلب الثاني: أوجه الشبه والاختلاف بين القانونين
اليمني والمغربي بشأن الإجراءات التحفظية.
يتضح
جليًا مما أسلفنا أن القانونين اليمني والمغربي اتفقا في بعض الأمور المتعلقة
بالإجراءات التحفظية، بينما اختلفا في البعض الآخر منها، وذلك على النحو الآتي:
الفرع الأول:
أوجه الشبه بين القانونين اليمني والمغربي بشأن الإجراءات التحفظية.
يتشابه القانونان اليمني والمغربي بشأن
الإجراءات التحفظية في أوجه عديدة، أهمها ما يأتي:
-
منحا صاحب المصلحة الحق في أن يستصدر
أمراً من المحكمة المختصة باتخاذ الإجراءات التحفظية اللازمة الوصف المفصل والحجز
التحفظي.
-
اشترطا أن تكون العلامة التجارية التي
يدعي صاحب المصلحة بأنه وقع عليها الاعتداء، مسجلة في سجل العلامات لدى الجهة
المختصة، لكي تكتسب الحماية اللازمة.
-
حددا صور الإجراءات التحفظية اللازمة
على سبيل المثال، وليس على سبيل الحصر، وذلك من خلال ورود عبارة وعلى الأخص في نص
المادة 41
الآنفة الذكر من
قانون العلامات التجارية والمؤشرات الجغرافية اليمني، وأيضاً من خلال ورود عبارة أو
أي شكل من أشكال التحفظ في نص المادة 222 الآنفة الذكر من قانون حماية الملكية
الصناعية المغربي.
-
اعتبرا الوصف المفصل، والحجز التحفظي
إجراءين أساسيين من الإجراءات التحفظية.
-
اشترطا لتوقيع الحجز التحفظي على
الأشياء المذكورة في المادتين 41
و 222 الآنفتين
الذكر، أن يودع طالب الحجز أو المدعي مبلغ من المال كضمانة مالية لدى المحكمة؛
لتعويض المحجوز عليه عند الاقتضاء.
-
أجازا أن يشتمل الأمر الصادر من
المحكمة بالحجز التحفظي ندب خبير مؤهل؛ لمساعدة القائم بالحجز؛ لأنه قد تبرز بعض
المسائل الفنية الدقيقة أثناء تنفيذ هذا الحجز، وهذه المسائل قد لا يعلم بها الشخص
القائم بالحجز، مما تتطلب بطبيعتها وجود خبير فني.
-
اعتبرا الإجراءات التحفظية باطلة بقوة
القانون، إذا لم يتبعها رفع المدعي دعوى إلى المحكمة ضد من أتخذت ضده هذه
الإجراءات، خلال المدة المحددة في القانون. والغرض من رفع الدعوى خلال هذه المدة
الزمنية، هو سرعة تصفية الموقف، وعدم الإفساح للكيد من جانب طالب الإجراءات
التحفظية، بتركه هذه الإجراءات معلقة مدة طويلة[73].
وإذا
تراخى مالك العلامة التجارية أو صاحب المصلحة في رفع دعواه حتى فوات الموعد
المذكور آنفاً، اعتبرت إجراءات الحجز باطلة بحكم القانون، والحكم ببطلان إجراءات
الحجز بسبب ما، لا يترتب عليه لزاماً رفض الدعوى، بل يترتب عليه رفع الحجز عن
الأشياء المحجوزة، وفوات أقوى دليل من أدلة الإثبات على وقوع الجريمة، أما بالنسبة
للدعوى، فيجوز لصاحب الشأن أن يرفعها في أي وقت يشاء[74].
1)
لم يحددا نوعية الدعوى دعوى جنائية أو
مدنية تبعية أو دعوى المنافسة غير المشروعة التي يجب أن يرفعها المدعي إلى المحكمة
ضد من اتخذت ضده تلك الإجراءات التحفظية.
الفرع
الثاني: أوجه الاختلاف بين القانونين اليمني والمغربي بشأن الإجراءات التحفظية
رغم أوجه الشبه الآنفة الذكر بين
القانونين اليمني والمغربي بشأن الإجراءات التحفظية، إلا أنهما يختلفان بخصوصها في
أوجه عديدة، أهمها ما يأتي:
-
أجاز القانون اليمني لمالك العلامة
التجارية دون غيره أن يستصدر أمراً من المحكمة باتخاذ الإجراءات التحفظية اللازمة،
في حين أن القانون المغربي أجاز لكل من مالك طلب تسجيل علامة، ومالك علامة مسجلة،
والمستفيد من حق استغلال استئثاري.
-
نص القانون اليمني على أن صدور الأمر
بالإجراءات التحفظية يكون من المحكمة، أي أن هذا الأمر يمكن صدوره من رئيس المحكمة
قبل رفع الدعوى أو من القاضي المختص بالنظر في الدعوى بعد رفعها، في حين أن
القانون المغربي نص أن يكون ذلك الأمر أو القرار صادراً عن رئيس المحكمة.
-
نص القانون اليمني على أن استصدار
الأمر من المحكمة باتخاذ الإجراءات التحفظية اللازمة ممكن في أي وقت ولو كان ذلك
قبل رفع أية دعوى أمام المحكمة، بينما القانون المغربي لم ينص على ذلك.
-
حدد القانون اليمني الأساس الذي عليه
يتم استصدار الأمر من المحكمة باتخاذ الإجراءات التحفظية اللازمة، وهو أن يكون
بناء على عريضة مشفوعة بشهادة دالة على تسجيل العلامة التجارية، في حين أن القانون
المغربي لم يحدد ذلك.
-
اعتبر القانون اليمني محل الوصف
المفصل والحجز التحفظي -على سبيل المثال-الآلات والأدوات التي تستخدم أو استخدمت
في اي من المخالفات المنصوص عليها في القانون، وكذلك المنتجات أو السلع وعناوين
المحلات أو الأغلفة أو الأوراق وغيرها مما يكون قد وضع عليها العلامة موضوع
المخالفة، بينما اعتبر القانون المغربي محل الوصف المفصل والحجز التحفظي، المنتجات
أو الخدمات التي يدعي صاحب المصلحة أنها معلمة أو معروضة للبيع أو مسلمة أو موردة
على حسابه خرقاً لحقوقه، وكذلك المواد والأدوات وعناصر الإثبات الوثائقية، في شكل
أصول أو نسخ، ترتبط بإلحاق الضرر.
-
أجاز القانون اليمني بعد توقيع الحجز
التحفظي المنازعة في كفاية الضمانة المالية التي أودعها طالب الحجز وفقاً لأحكام
القوانين النافذة، بينما القانون المغربي لم ينص على ذلك.
-
حدد القانون اليمني المدة الزمنية
التي يجب خلالها على المدعي رفع دعوى إلى المحكمة ضد من أتخذت ضده هذه الإجراءات،
بثمانية أيام من تاريخ توقيع الحجز التحفظي، في حين أن القانون المغربي حدد هذه
المدة الزمنية بثلاثين يوماً كحد أقصى من يوم تنفيذ الأمر بالحجز التحفظي.
أما
المُشرّع الفرنسي فقد قرر الإجراءات التحفظية التي يجوز إتباعها لحماية العلامة
التجارية من الاعتداء عليها في نص المادة 716/ 7
من قانون الملكية
الفكرية، إذ أجاز فيها لمالك العلامة التجارية المسجلة وللمستفيد من حق الاستغلال
الحصري للعلامة، وبموجب قرار من رئيس المحكمة وبمعاونة محضري وزارة العدل، الحجز
على المنتجات والخدمات التي تحمل العلامة، أو تلك المعروضة للبيع والتي تشكل ضرراً
لأي منهما؛ ويجوز الحجز العيني بناء على طلب المدعي، وبناء على قرار رئيس المحكمة،
وذلك ضماناً للتعويض المؤقت عن الأضرار التي سببها المدعى عليه، ما لم يقض برفض
الطلب مستقبلاً[75].
وهنا يتبين أن القانون المغربي استلهم من القانون الفرنسي، كما أن اتفاقية التريبس الدولية نصت في المادة 50 منها على الإجراءات التحفظية لحماية
العلامة التجارية، في ثمان فقرات من هذه المادة، وذلك على النحو الآتي:
1) للسلطات
القضائية صلاحية الأمر باتخاذ تدابير مؤقتة فورية وفعالة:
-
للحيلولة دون حدوث تعد على أي حق من
حقوق الملكية الفكرية، لاسيما منع السلع بما فيها السلع المستوردة فور تخليصها
جمركياً من دخول القنوات التجارية القائمة في مناطق اختصاصها.
-
لصون الأدلة ذات الصلة فيما يتعلق
بالتعدي المزعوم.
2) للسلطات
القضائية صلاحية اتخاذ تدابير مؤقتة دون علم الطرف الآخر حيثما كان ذلك ملائماً،
لاسيما إذا كان من المرجح أن يسفر أي تأخير عن إلحاق أضرار يصعب تعويضها بصاحب
الحق، أو حين يوجد احتمال واضح في إتلاف الأدلة.
3) للسلطات
القضائية صلاحية أن تطلب من المدعي تقديم أي أدلة معقولة لديه لكي تتيقن بدرجة
كافية من أن المدعي هو صاحب الحق، وأن ذلك الحق متعرض للتعدي أو على وشك التعرض
لذلك، وأن تأمر المدعي بتقديم ضمانة أو كفالة معادلة بما يكفي لحماية المدعى عليه،
والحيلولة دون وقوع إساءة استعمال الحقوق أو لتنفيذها.
4) حين
تتخذ تدابير مؤقتة دون علم الطرف الآخر، تخطر الأطراف المتأثرة من جراء ذلك دونما
تأخير عقب تنفيذ التدابير، ويجري مراجعة بناء على طلب المدعى عليه، مع حقه في عرض
وجهة نظره، بغية اتخاذ قرار في غضون فترة معقولة عقب الإخطار بالتدابير المتخذة
بشأن تعديل تلك التدابير أو إلغائها أو تثبيتها.
5) يجوز أن
يطلب من المدعي تقديم معلومات أخرى لازمة لتحديد السلع المعنية من جانب السلطة
التي ستقوم بتنفيذ التدابير المؤقتة.
6) دون
الإخلال بأحكام الفقرة 4
تلغى التدابير
المتخذة بناء على أحكام الفقرتين 1،
2 بناء على طلب المدعى عليه، أو بوقف
مفعولها إن لم تبدأ الإجراءات المؤدية لاتخاذ قرار بصدد موضوع الدعوى في غضون فترة
زمنية معقولة تحددها السلطة القضائية التي أمرت باتخاذ التدابير إن كانت قوانين
البلد العضو تسمح بذلك، أو في غياب أي تحديد من هذا القبيل، في غضون فترة لا
تتجاوز 30 أو 31
يوم من أيام السنة
الميلادية، أيهما أطول.
7) للسلطات
القضائية حين تلغي التدابير المؤقتة المتخذة أو تنقضي مدة سريانها نتيجة إجراء أو
إهمال من جانب المدعي أو حين يتضح لاحقاً عدم حدوث أي تعدي أو احتمال حدوث أي تعدي
على حق من حقوق الملكية الفكرية، صلاحية أن تأمر المدعي بناء على طلب المدعى عليه
بدفع تعويضات مناسبة للمدعى عليه من أي ضرر لحق به نتيجة هذه التدابير.
8) تتفق
التدابير المؤقتة التي يؤمر باتخاذها نتيجة الإجراءات الإدارية، قدر إمكان ذلك، مع
مبادئ معادلة من حيث المضمون للمبادئ المنصوص عليها في هذا القسم.
المطلب
الثالث: أنواع الإجراءات التحفظية
يلاحظ
مما تقدم عرضه من نصوص قانونية خاصة بالإجراءات التحفظية، أن هذه الإجراءات تتضمن إجرائين
أساسيين هما: الوصف المفصل، والحجز التحفظي، وبيانهما على النحو الآتي:
إن
إجراء الوصف المفصّل يعد من أنواع الإجراءات التحفظية المتعلقة بالعلامة التجارية،
حيث لمالك العلامة التجارية أو غيره من ذوي الشأن الحق في إجراء الوصف المفصّل؛
لإثبات وقوع جريمة التعدي أو جريمة التزييف على العلامة التجارية، وهذا الإجراء
قرره المُشرّع اليمني في الفقرة 1 من المادة 41 من قانون العلامات التجارية والمؤشرات الجغرافية، حيث نصت على
أنه: "يجوز لمالك العلامة التجارية في أي وقت ولو كان ذلك قبل رفع أية دعوى
أمام المحكمة أن يستصدر بناء على عريضة مشفوعة بشهادة رسمية دالة على تسجيل
العلامة، أمراً من المحكمة باتخاذ الإجراءات التحفظية اللازمة وعلى الأخص ما يلي: 1- إجراء حصر ووصف تفصيلي للآلات
والأدوات التي تستخدم أو التي استخدمت في أي من المخالفات المنصوص عليها في هذا
القانون، وكذلك المنتجات أو السلع وعناوين المحلات أو الأغلفة أو الأوراق وغيرها
مما قد وضع عليها العلامة موضوع المخالفة".
كما
قرر المُشرّع المغربي الوصف المفصّل المتعلق بالعلامة التجارية في المادة 222 من قانون حماية الملكية الصناعية، إذ
جاء فيها: "يحق لمالك طلب تسجيل علامة، أو مالك علامة مسجلة أو للمستفيد من
حق استغلال استئثاري أن يحصل على أمر يصدره رئيس المحكمة يأذن فيه لمفوض قضائي، في
القيام إما بالوصف المفصل سواء أكان ذلك بأخذ عينات أم بدونه وإما بحجز المنتجات
أو الخدمات التي يدعي انها معلمة أو معروضة للبيع أو مسلمة أو موردة على حسابه
خرقاً لحقوقه...". ولبيان الوصف
المفصّل كإجراء تحفظي، ينبغي تعريفه وذكر خصائصه وأنواعه وإجراءاته، وذلك على
النحو الآتي:
أولاً: تعريف الوصف
المفصّل وخصائصه:
يعد
الوصف المفصّل وسيلة فعالة لدى مالك العلامة التجارية أو غيره من ذوي الشأن؛
لإقامة الدليل على وقوع التعدي على العلامة التجارية، لذا يقتضي الأمر تعريف هذا
الوصف المفصّل، وتحديد الخصائص التي يتميز بها، وذلك على النحو الآتي:
1-
تعريف الوصف
المفصّل:
لم
يعرف المُشرّعان اليمني والمغربي الوصف المفصّل، فتعريفه ورد في الفقه القانوني،
حيث عرفه البعض بأنه: "إجراء تحفظي يرمي إلى إثبات واقعة التزييف عن طريق
تكليف أحد الأشخاص من قبل القضاء بمعاينة المنتجات المُدعى أنها مزيفة ووصفها
وصفاً تفصيلياً، مع إمكانية اقتناء عينات من هذه المنتجات للإدلاء بها أمام القضاء
أو حجزها عند الاقتضاء"[76].
يلاحظ
إن هذا التعريف اعتبر الوصف المفصّل نوع من الحجز التحفظي، بينما هو إجراء من
الإجراءات التحفظية، ومستقل عن الحجز التحفظي، كما أن هذا التعريف قصر الوصف
المفصّل على المنتجات المزيفة فقط، أي دون المنتجات المقلدة أو الموضوعة عليها
علامة تجارية مملوكة للغير أو غيرها من الأشياء، وكذلك حدد غرض الوصف المفصّل
بإثبات وقوع فعل التزييف على العلامة التجارية المسجلة دون غيره من أفعال التعدي
التي يمكن أن تقع على هذه العلامة.
كما
عرف البعض الآخر الوصف المفصّل بأنه: "إجراء تحفظي وقتي، يصدر بقرار من رئيس
المحكمة التجارية أو القاضي المختص فيها تبعاً لقضية منظورة أمامه، بناء على طلب
مالك العلامة التجارية المسجلة، بتكليف من تراه المحكمة بمعاينة المنتجات أو السلع
أو الخدمات المُدعى بتقليدها أو تزويرها، ووصفها وصفاً دقيقاً، وحفظ عينة منها عند
اللزوم". ويلاحظ أن هذا التعريف قصر طلب إجراء الوصف المفصّل على مالك
العلامة التجارية فقط، بينما يمكن أن يقدم هذا الطلب غيره من ذوي الشأن، كالمنتقل
إليه الحق في ملكية العلامة التجارية أو المستفيد من حق الاستغلال الاستئثاري
للعلامة التجارية وغيرهم.
ومما
تقدم بيانه يمكن تعريف الوصف المفصّل بأنه: "إجراء تحفظي يصدر بأمر من
المحكمة المختصة بناء على طلب عريضة[77]،
مقدم من مالك العلامة التجارية المسجلة أو غيره من ذوي الشأن، في أي وقت ولو كان
ذلك قبل رفع أية دعوى أمام المحكمة المختصة، بتكليف من تراه المحكمة مناسباً؛
للقيام بمعاينة المنتجات أو السلع أو الأغلفة أو الأوراق أو غيرها من الأشياء
الموضوعة عليها العلامة التجارية المزيفة أو المقلدة، ووصف هذه الأشياء وصفاً
تفصيلياً، وحفظ عينة مختارة منها عند الاقتضاء".
2-
خصائص الوصف
المفصّل:
يتميز
الوصف المفصّل بخصائص عديدة، أهمها ما يأتي:
أ- الوصف المفصّل وسيلة لإثبات وقوع
أفعال التعدي على العلامة التجارية:
يعد
الوصف المفصّل وسيلة من وسائل الإثبات المتعلقة بحقوق الملكية الصناعية أو
التجارية، إذ يمكن لصاحب الحق -كمالك العلامة التجارية أو المنتقل إليه الحق في
ملكيتها أو المستفيد من حق الاستغلال الاستئثاري للعلامة أو غيرهم من ذوي الشأن-
قبل رفع الدعوى الجنائية أو الدعوى المدنية للمطالبة بالتعويض عن الضرر الناشئ عن
الجريمة أو دعوى المنافسة غير المشروعة أمام المحكمة المختصة، من إثبات الاعتداء
الذي وقع على حقوقه التي يحميها القانون.، كما أن الحصول على دليل إثبات بشكل
يقيني، عن طريق الوصف المفصّل، يكون بندب المحكمة أهل الخبرة؛ للمساعدة في ذلك،
وذلك من حيث التعرف على وقائع مجهولة من خلال الواقع المعلوم[78].
وقد
قرر المُشرّع اليمني الوصف المفصّل كوسيلة إثبات وقوع أفعال التعدي على العلامة التجارية
في البند 1
من الفقرة أ من
المادة 41
من قانون العلامات
التجارية والمؤشرات الجغرافية اليمني، كما قرر المُشرّع المغربي الوصف المفصّل
كوسيلة إثبات وقوع أفعال تزييف العلامة التجارية في المادة 222 من قانون حماية الملكية الصناعية،
وهاتان المادتان وردت نصوصهما آنفاً.
والوصف
المُفصّل للمنتجات أو السلع التي تحمل علامة تجارية يُدعى أنها مزيفة أو مقلدة، من
شأنه التعريف بهذه المنتجات أو السلع تعريفاً يقينياً، ودقيقاً نافياً للجهالة،
ويميزها عن غيرها من المنتجات أو السلع المشابهة أو المماثلة، كما أنه بواسطة
الوصف المفصّل يمكن حصر الآلات أو الأدوات التي تستخدم أو قد استخدمت في ارتكاب
أفعال التعدي على العلامة التجارية، وعن طريق الوصف المفصّل يمكن أيضاً وصف عناوين
المحلات والأغلفة أو الوثائق أو غيرها من الأشياء، التي قد تكون وضعت عليها
العلامة المزيفة أو المقلدة، وتحديد مصدر الاعتداء أو التزييف المُدعى به، من صاحب
الحق وطبيعته وحجمه، وعلى أساسه يمكن تقدير مدة الاعتداء على الحق الذي يحميه
القانون، وذلك حتى تتمكن محكمة الموضوع المختصة -المدنية أو الجنائية- التي تنظر
في الدعوى، من إدانة المتهم، وتقدير قيمة التعويض المستحق للمتضرر من الجريمة[79].
وتطبيقاً لذلك: قضت محكمة الاستئناف
التجارية بالدار البيضاء: بأن
محضر الوصف المفصّل من طرف المفوّض القضائي في إطار المادة 222 من قانون حماية الملكية الصناعية رقم 17-97 حجة
كافية على ثبوت التزييف في حق الطاعنة التي تستغل المحل المذكور في ترويج ملابس
تحمل علامة مزيفة للعلامة PAU
ABD SHARK المملوكة
والمسجلة من طرف المستأنف عليها، لدى المكتب المغربي للملكية الصناعية[80].
كما قضت محكمة الاستئناف التجارية بالدار
البيضاء: بأن الثابت من محضر الحجز الوصفي لمنتجات عبارة عن زيوت محرك ومصفي
هواء، يكون قد ارتكب فعل التزييف[81].
وكذلك قررت محكمة الاستئناف التجارية
بالدار البيضاء: "... حيث أنه لما كان المُشرّع قد عدد صور التزييف ضمن
مقتضيات المواد 154،
155 من
قانون الملكية الصناعية، وأوضح صراحة أن التزييف يكون قائماً في حق التاجر الذي
يقوم بعرض بيع منتجات تحمل علامة تجارية مسجلة ومحمية ومملوكة للغير بدون موافقته
أو وجود ترخيص سابق، فإن عرض الطاعن حسب الثابت من محضر الحجز الوصفي لمنتجات
عبارة عن حصار فرامل تحمل علامةMERCEDES BENZ علماً
أن مالك العلامة المسجلة قام عند التسجيل بتعيين نفس المنتجات للحماية من
المنافسة، يكون قد ارتكب فعل التزييف طبقاً للمادة 201 من قانون الملكية الصناعية
17.97 التي تمنع كل مساس بحقوق مالك علامة
مسجلة"[82].
ب- الوصف المفصّل إجراء تحفظي:
يعد
الوصف المفصّل من الإجراءات التحفظية التي قررها المُشرّعان اليمني والمغربي،
لإثبات وقوع أفعال التعدي على العلامة التجارية، وحماية حقوق مالك هذه العلامة أو
غيره من ذوي الشأن، وكذلك تعزيز الحماية الجنائية الإجرائية للعلامة التجارية، ويبدو
الوصف المفصّل كإجراء تحفظي من خلال الغاية التي يهدف صاحب المصلحة إلى تحقيقها،
وهي حفظ دليل يثبت حدوث واقعة التعدي على العلامة التجارية، وعلى حقوقه، والذي
يخشى زوال معالمه واندثاره، إذا ما تم الانتظار إلى أن يحين موعد عرض النزاع أمام
المحكمة المختصة[83].
وتكمن
أهمية الصفة التحفظية للوصف المُفصّل، في الحالة التي يقترن فيها بحجز عينات من
المنتجات أو السلع المُدعى أنها تحمل علامة مزيفة أو مقلدة، فضلاً عن إثبات واقعة
التزييف أو التقليد، فإن ذلك يحول دون قيام الجاني بالتصرف في هذه المنتجات أو السلع،
بصورة تؤدي إلى تسربها إلى الأسواق التجارية، ووصولها إلى المستهلكين، حيث يؤدي
ذلك إلى تفاقم الضرر الواقع على مالك الحقوق[84].
والوصف
المُفصّل في كل من القانونين اليمني والمغربي عبارة عن إجراء يقوم به مالك العلامة
التجارية أو غيره من ذوي الشأن، بهدف المحافظة على دليل إثبات لمصلحته، حتى يتمكن
بواسطته من إثبات وقوع التعدي على العلامة التجارية بالتزييف أو التقليد أو غيرها
من أفعال التعدي على العلامة التجارية، المنصوص عليها في هذين القانونين.
ج- الوصف المفصّل إجراء اختياري:
إن
الوصف المفصّل يعد إجراءاً اختيارياً، أي أن المُشرّعين اليمني والمغربي أجازا
للمتضرر من أي من جرائم التعدي على العلامة التجارية أو جرائم التزييف الواقعة
عليها أن يطلب هذا الإجراء إذا اراد ذلك لإثبات وقوع فعل التعدي على العلامة
التجارية، والحفاظ على حقه، فهو بذلك إجراء ليس وجوبياً.
لذا
يحق للطرف المتضرر من أي من تلك الجرائم الواقعة على العلامة التجارية الاعتماد
على الوصف المفصّل، كدليل لإثبات وقوع هذه الجريمة، كما يمكنه الاستغناء عنه،
وتعويضه بوسائل إثبات أخرى، يعوّل عليها في دعواه المدنية أو الجنائية التي أقامها
أو سيقيمها أمام المحكمة المختصة، كون الوصف المفصّل ليس شرطاً لازماً لإقامة
الدعوى [85].
وتميّز الوصف المفصّل بالطابع الاختياري، يعطي مدعي التزييف أو التقليد أو غيرهما
من أفعال التعدي على العلامة التجارية، إمكانية إثبات ادعائه هذا بأي وسيلة أخرى
من وسائل الإثبات، واستعمال الإمكانيات الأخرى التي يجيزها له القانون [86].
د- الوصف المفصّل إجراء ولائي رئاسي:
يعد
الوصف المفصّل إجراءاً ولائياً، يبدو هذا من حيث كون رئيس المحكمة الذي يصدر الأمر
على عريضة للقيام به، لا يستند على سلطته القضائية، المتمثلة في حسم المنازعات
بإزالة العارض الذي يقف عائقاً أمام تطبيق القانون، أي أنه إجراء يتم اللجوء إليه
في غياب مبدأ المواجهة بين طرفي النزاع، إذ لا يفصل في جوهر القضية، ولا يفصح عن
حكم القانون بالنسبة لمركز قانوني معين[87]،
وإنما يسلك طالب الوصف المفصّل للحصول على وسيلة، لإثبات وقوع فعل التعدي على
العلامة التجارية أو الإدلاء به أمام محكمة الموضوع، ولا يكون فيه القاضي ملزماً
بتسبيبه إلا في حالة الرفض[88].
وبالنسبة
لكون الوصف المفصّل إجراءاً رئاسياً، فإن هذا يبدو من خلال ما أشار إليه المُشرّع
اليمني في المادة 246
من قانون المرافعات
والتنفيذ المدني، حيث اعتبر فيها إجراء الوصف المفصّل من صلاحية رئيس المحكمة، إذا
تم طلبه إبتداءً، أي قبل رفع الدعوى -أياً كانت طبيعتها- أما إذا تم تقديم الوصف
المفصّل تبعاً لدعوى أصلية، أي بعد رفع هذه الدعوى أمام المحكمة المختصة، فيكون من
اختصاص قاضي الموضوع، المنظورة أمامه الدعوى الأصلية، وذلك وفقاً لنص المادة 41 من قانون العلامات التجارية والمؤشرات
الجغرافية، ونص المادة 246
من قانون المرافعات
والتنفيذ المدني.
أما
المُشرّع المغربي فقد اعتبر إجراء الوصف المفصّل من صلاحية رئيس المحكمة التجارية،
وذلك في المادتين 15، 222 من قانون حماية الملكية الصناعية.
والإجراء
الولائي أو الرئاسي في رأي البعض[89]،
عبارة عن تدابير وإجراءات وقتية تحفظية، تحول دون تطبيق القانون، أو تنظيم الخصومة
ولا تكتسب أية حجية، بخلاف العمل القضائي الذي يُتخذ من خلال السلطة المخوّلة
لرئيس المحكمة للبت في نزاع بأمر أو قرار ينهي الخصومة، ويكتسب فصله حجية تتيح
التمسك بأسبقية أمامه، لذا فالإجراء الولائي التحفظي يتم اتخاذه من قبل رئيس
المحكمة أو القاضي المختص بصورة أمراً على عريضة، وليس بصورة حكم قضائي، وهو ما
أكده المُشرّع اليمني في المادة 41 من قانون العلامات التجارية والمؤشرات
الجغرافية، وأيضاً في المادة 246
من قانون المرافعات
والتنفيذ المدني.
ثانياً: أنواع الوصف
المفصّل:
للوصف
المُفصّل أنواع عديدة، حددها المُشرّعان اليمني والمغربي في القوانين المتعلقة بالعلامة
التجارية، وهذه الأنواع ما يأتي:
1-
الوصف المفصّل
بالمعاينة والوصافة:
إن
هذا النوع من الوصف المفصّل أشار إليه المُشرّع اليمني عندما أجاز إجراء الوصف
المفصّل في البند 1
من الفقرة أ من
المادة 41
من قانون العلامات
التجارية والمؤشرات الجغرافية، حيث استخدم عبارة إجراء حصر ووصف تفصيلي ل... في
هذه الفقرة، ويتبيّن من ذلك أن الوصف المفصّل عبارة عن معاينة للأشياء التي تشكل
المحل الذي يقع عليه هذا الإجراء، وهذه الأشياء هي الآلات والأدوات التي تستخدم أو
التي قد استخدمت في ارتكاب أفعال الاعتداء على العلامة التجارية، المنصوص عليها في
المادة 74
من هذا القانون،
وكذلك المنتجات أو السلع وعناوين المحلات أو الأغلفة أو الأوراق وغيرها مما يكون
قد وضع عليها العلامة المزيفة أو المقلدة أو المملوكة للغير، ومن ثم حصر هذه
الأشياء، ووصفها بشكل تفصيلي.
كما
أن هذا النوع من الوصف المفصّل أشار إليه المُشرّع المغربي بصورة صريحة وواضحة في
المادة 222
من قانون حماية
الملكية الصناعية، إذ جاء فيها: "... على القيام إما بالوصف المُفصّل سواء
أكان ذلك بأخذ عينات أم بدونه...". فعلى القائم بتنفيذ أمر أو قرار المحكمة
بشأن الوصف المفصّل، القيام بحصر المنتجات والسلع وعناوين المحلات والأغلفة، وكذلك
الآلات والأدوات التي تستخدم أو استخدمت في ارتكاب أفعال الاعتداء على العلامة
التجارية، وغير ذلك مما ورد في أمر أو قرار رئيس المحكمة أو القاضي المختص، وعليه
أن يتقيد بما ورد في هذا الأمر أو القرار، من حيث تلك الأشياء المذكورة آنفاً،
التي يتطلب معاينتها ووصفها وصفاً تفصيلياً ودقيقاً، من حيث حجمها وشكلها وألوانها
وعددها، وغير ذلك، وكذلك تصويرها فوتوغرافياً وبالفيديو، ووضع هذه الصور بصورة
ورقية أو إلكترونية[90].
2-
الوصف المفصّل بأخذ
عينات من المنتجات:
إن
هذا النوع من الوصف المفصّل يقصد به قيام الشخص المكلف من المحكمة بتنفيذ الوصف
المفصّل بتحرير محضر يوصف فيه المنتجات أو السلع أو غيرها من الأشياء المشكوك في
أنها تحمل علامة تجارية مزيفة أو مقلدة، وصفاً تفصيلياً ودقيقاً، مع أخذه لبعض
العينات منها، وإيداعها لدى كتابة الضبط مع محضر الوصف المفصّل[91]،
وذلك بعد ختمها وتسليم نسخة من الأمر بالوصف المفصّل للمنفذ عليه[92]،
ولذلك فإن محضر الوصف المفصّل المقرون بأخذ عينات من الأشياء محل هذا الوصف، يعتبر
وسيلة لإثبات وقوع فعل التزييف -فعل التعدي- على العلامة التجارية[93].
وفي
هذا الشأن يلاحظ أن المُشرّع اليمني في البند 1 من الفقرة أ
من المادة 41 من قانون العلامات التجارية والمؤشرات
الجغرافية، لم يشر إلى الوصف المفصّل بأخذ عينات من المنتجات أو السلع أو الآلات
والأدوات وغيرها من الأشياء الموضوعة عليها العلامة التجارية المزيفة أو المقلدة
أو المخالفة محل هذا الوصف أو الآلات والأدوات التي استخدمت في تزييف أو تقليد
العلامة التجارية، حيث اكتفى المُشرّع بالوصف المجرد لهذه الأشياء، ومع ذلك يتعين
على الشخص المُكلف من المحكمة بتنفيذ أمرها بالوصف المفصّل، أن يأخذ صور
فوتوغرافية وفيديوهات، وكذلك عينات من الأشياء الخاضعة لهذا الوصف، وتدوين ذلك في
المحضر، وتحريزها وختمها بالشمع الأحمر وحفظها، وتسليمها للمحكمة، للاستفادة منها
كدليل إثبات على وقوع أفعال التعدي على العلامة التجارية، وعلى القاضي عند النظر
في القضية أن يطلب إحضار تلك العينات لمقارنتها على وجه التتابع مع المنتجات أو
السلع أو غيرها من الأشياء التي تحمل العلامة التجارية الحقيقة المسجلة لطالب
الأمر بالوصف المفصّل[94].
ونظراً لأهمية الوصف المفصّل بأخذ عينات من الأشياء محل هذا الوصف، فإنه يقتضي
النص على هذا النوع من الوصف المفصّل في البند 1 من الفقرة أ من المادة 41 من قانون العلامات التجارية والمؤشرات الجغرافية اليمني، وذلك
بإضافة عبارة بأخذ عينات أو بدونه إلى نهاية هذا البند، بحيث يصبح بعد تعديله
بالصياغة الآتية: "أ-... 1-...
وغيرها مما يكون قد
وضع عليها العلامة موضوع المخالفة، وبأخذ عينات منها أو بدونه".
أما
المُشرّع المغربي فقد أشار صراحة إلى الوصف المفصّل بأخذ عينات من الأشياء محل هذا
الوصف في المادة 222
من قانون حماية
الملكية الصناعية، إذ جاء فيها: "يحق لمالك طلب تسجيل علامة، أو مالك علامة
مسجلة أو للمستفيد من حق استغلال استئثاري أن يحصل على أمر يصدره رئيس المحكمة
يأذن فيه لمفوض قضائي، في القيام إما بالوصف المفصّل سواء أكان ذلك بأخذ عينات أم
بدونه...".
وتطبيقاً
لذلك: قررت محكمة الاستئناف التجارية بالدار البيضاء: "... وحيث أنه تبعاً
لذلك، فإن استصدار أمر رئاسي قاضي من أجل وصف المنتجات المتنازع حولها وحجز عينة
كما هو الحال في النازلة،... يعد من قبل معاينة المنتوج ووصفه وصفاً يساعد في
إثبات واقعة التزييف أثناء دعوى الموضوع"[95].
3- الوصف المفصّل المقرون بحجز المنتجات
أو السلع أو غير ذلك:
يقصد
بهذا النوع من الوصف المفصّل، إجراء وصف تفصيلي للمنتجات أو السلع المُدعى أنها
تحمل علامة تجارية مزيفة أو مقلدة، مع إجراء حجز عيني لها.، ورغم أهمية هذا النوع
من الوصف المفصّل، إلا أن المُشرّع اليمني لم ينص عليه في الفقرة أ من المادة 41 من قانون العلامات التجارية والمؤشرات الجغرافية ضمن أنواع
الوصف المفصّل، غير أن ذلك لا يمنع مالك العلامة التجارية من طلب إجراء الوصف
المفصّل استناداً إلى الفقرة أ الآنفة الذكر، ويطلب في العريضة ذاتها التي قدمها
للمحكمة التجارية المختصة الحجز التحفظي استناداً إلى الفقرة ب من المادة ذاتها،
وعندئذٍ يجوز للمحكمة إصدار قرارها بالوصف المفصّل استناداً إلى الفقرة أ، والحجز
التحفظي في ذات الوقت استناداً إلى الفقرة ب.
أما
المُشرّع المغربي فقد منح الحق لكل من مالك طلب تسجيل العلامة، ومالك العلامة
التجارية المسجلة، والمستفيد من الاستغلال الاستئثاري للعلامة، في طلب إجراء الوصف
المفصّل، وطلب إجراء الحجز على المنتجات أو الخدمات، حيث نصت المادة 222 من قانون حماية الملكية الصناعية على
أنه: "... في القيام إما بالوصف المفصّل سواء أكان ذلك بأخذ عينات أم بدونه
وإما بحجز المنتجات أو الخدمات التي يدعي أنها مُعلّمة أو معروضة للبيع أو مُسلّمة
أو مُورّدة على حسابه خرقاً لحقوقه".
ويرى
البعض[96] -وهو ما يؤيده الباحث- بأن الحجز التحفظي في
القانون المغربي ليس نوعاً من أنواع الوصف المفصّل، بل إجراءً مستقلاً بذاته وله
خصائص تختلف عن الوصف المفصّل؛ فيحق للمتضرر من أي من جرائم تزييف العلامة
التجارية، طلب إجراء الحجز التحفظي فقط، ودون أن يطلب إجراء الوصف المفصّل، والقول
بخير ذلك يعني بحسب هذا الرأي أن المُشرّع المغربي لم يقرر الحجز التحفظي منفرداً،
كإجراء من الإجراءات التحفظية الوقتية، وهو قول غير مقبول بحسب هذا الرأي؛ لأن
المُشرّع المغربي نص على الإجراءات التحفظية في المادة 222 من قانون حماية الملكية الصناعية، منها: "... إما بالوصف
المفصّل... وإما بحجز المنتجات أو الخدمات..."، وأما بخصوص أنواع الوصف
المفصّل، فقد نصت عليها هذه المادة، إذ جاء فيها: "... سواء أكان ذلك بأخذ
عينات أم بدونه..."، غير أن الواقع العملي درج على قيام أصحاب العلامات
التجارية على تقديم طلبات الوصف المفصّل مع إجراء الحجز التحفظي بعريضة واحدة، كون
ذلك أفضل لهم، ويحقق حماية تحفظية، ويمنع من الاستمرار في أفعال التعدي، وكذلك
الحصول على دليل يفيدهم في دعوى التزييف، مع حجز لتلك المنتجات أو الخدمات، فضلاً
عن أن الأحكام القانونية المنظمة للوصف المُفصّل هي ذاتها المنظمة للحجز التحفظي،
ولذلك لا يمكن للقضاء المغربي أن يرفض مثل هذا الطلب، بحجة عدم وجود نص قانوني
ينظمه، ومن ثم درج القضاء المغربي على قبول هذين الطلبين: الوصف المفصّل والحجز
التحفظي، وتسميتهما بالحجز الوصفي[97]. وبناء على ما تقدم بيانه، فإن الوصف المفصّل
المقرون بالحجز، عبارة عن وصف للأشياء المحجوزة وصفاً تفصيلياً دقيقاً، ومنع
المحجوز عليه من التصرف فيها إلى أن ينتهي الفصل في موضوع الدعوى.
ثالثاً: إجراءات الوصف المفصّل:
إن
طلب الوصف المفصّل يمر بإجراءات معينة، نص عليها كل من القانون اليمني، والقانون
المغربي. وهذه الإجراءات هي:
1-
تقديم طلب الوصف
المفصّل:
إن
طلب الوصف المفصّل، المقدم ابتداءً لرئيس المحكمة التجارية المختصة، سواء كان
مقدماً من شخص طبيعي أم من شخص اعتباري معنوي، يجب أن يكون مكتوباً وبصورة طلب أمر
على عريضة، وأن يحتوي على مرفقات معينة، حسب ما تنص عليه الفقرة أ من المادة 41 من قانون العلامات التجارية والمؤشرات
الجغرافية اليمني، وكذلك المادة 248
من قانون المرافعات
والتنفيذ المدني اليمني، كما يجب أن تكون العريضة مكونة من نسختين، مع صور بقدر
عدد الخصوم يشتمل على أسانيده ووقائعه وموطن طالب الأمر الأصلي أو المختار وأن
يُرفق به الوثائق اللازمة[98].
وبناء على ذلك، فإنه لتقديم طلب الوصف المفصّل في القانون اليمني، يقتضي أن تتوفر
الشروط الآتية:
- أن يكون
صاحب الطلب مالك العلامة التجارية.
- أن يكون
الطلب مكتوباً، وبصورة طلب أمر على عريضة.
- أن يقدم
الطلب من نسختين وصور بقدر عدد الخصوم.
- أن
يشتمل الطلب على الأسانيد والوقائع ذات الصلة بالموضوع، وموطن طالب الأمر الأصلي
أو المختار، وكذلك يرفق بالطلب الوثائق اللازمة.
- أن يقدم
الطلب للمحكمة التجارية المختصة.
أما
بشأن تقديم طلب الوصف المفصّل في القانون المغربي، فقد اشترط المُشرّع في المادة 13 من القانون المحدث المحاكم التجارية،
أن تكون الدعاوى المقدمة أمام المحكمة مكتوبة، حيث نصت على أنه: "ترفع الدعوى
أمام المحكمة التجارية بمقال مكتوب..."، وقياساً على ذلك يكون طلب إجراء
الوصف المفصّل مكتوباً، ومبيناً فيه بدقة الأماكن التي ينفذ فيها الإجراء، وذلك
حتى لا تثار اشكاليات تعرقل تنفيذ الإجراء التحفظي بالشكل المطلوب، إذ يمكن أن
يختلف مكان الإنتاج عن مكان التوزيع أو العرض، كما يجب إرفاق مع الطلب ما يثبت حق
الاستغلال الاستئثاري[99].
إضافة
إلى ذلك، حدد المُشرّع المغربي في المادة 222 من قانون حماية الملكية الصناعية، الأشخاص الذين يحق لهم طلب
إجراء الوصف المفصّل، وهم: طالب تسجيل العلامة التجارية، مالك العلامة التجارية،
المستفيد من حق الاستغلال الاستئثاري للعلامة، وخلافاً للمُشرّع اليمني الذي منح
في الفقرة أ
من المادة 41 من قانون العلامات التجارية والمؤشرات
الجغرافية، حق تقديم طلب إجراء الوصف المفصّل لمالك العلامة التجارية دون غيره.
2-
القضاء المختص بنظر
طلب الوصف المفصّل:
إن
الاختصاص القضائي في الأوامر على عرائض، يتحدد -في الأصل- بالاختصاص المكاني والنوعي
للمحكمة التي يتبعها[100]،
لذا يجب تقديم طلب إجراء الوصف المفصّل للمحكمة المختصة مكانياً ونوعياً بنظر هذا
الطلب، وتعتبر المحكمة التجارية مختصة نوعياً بذلك، في كل من القانون اليمني،
والقانون المغربي، أما اختصاصها المكاني فتحدده نصوص القانون الخاص بالعلامات
التجارية، وإذا خلت هذه النصوص من تحديد الاختصاص المكاني، فيتم الرجوع إلى
القواعد العامة بشأن ذلك. وعليه يجب بيان كل من الاختصاص النوعي والاختصاص المكاني
للمحكمة، في نظر طلب إجراء الوصف المفصّل المتعلق بالعلامة التجارية على النحو
الآتي:
أ- الاختصاص النوعي:
إن
المُشرّع اليمني منح المحكمة التجارية الابتدائية، صلاحية النظر في طلب إجراء
الوصف المفصّل، كإجراء من الإجراءات التحفظية، وإصدار الأمر على عريضة بشأن إجرائه.
وهذا يتبين من نصوص المواد 2،
41/أ، 56 من قانون العلامات التجارية والمؤشرات الجغرافية، وكذلك نص
المادة 251 من قانون المرافعات والتنفيذ المدني... فإذا كان طلب إجراء الوصف
المفصّل تم تقديمه ابتداءً قبل رفع أي دعوى أمام المحكمة المختصة، فإن الأمر
بإجراء الوصف المفصّل يصدر من رئيس المحكمة، أما إذا تم تقديم طلب إجراء الوصف
المفصّل بعد رفع الدعوى وتبعاً لها، فإن الأمر بإجراء هذا الوصف، يصدر من القاضي
المختص في المحكمة التجارية، الذي ينظر في الدعوى الأصلية المرفوعة أمام المحكمة.
والمُشرّع
اليمني في المادة 41
من قانون العلامات
التجارية والمؤشرات الجغرافية، منح -بصفة عامة- المحكمة التجارية، الاختصاص بإصدار
الأمر بالإجراءات التحفظية، ومنها الوصف المفصّل، ولم يحدد المختص بإصدار هذا
الأمر، في حالة ما إذا كانت القضية منظورة أمام قاضي الموضوع، لذا يتم الرجوع إلى
القواعد العامة المنظمة للأوامر على عرائض، الواردة في المادة 246 من قانون المرافعات والتنفيذ المدني،
وهذه القواعد منحت مقدم طلب إجراء الوصف المفصّل، الخيار بين تقديم طلبه لرئيس
المحكمة أو للقاضي المختص، الذي ينظر في الدعوى الأصلية.
ويرى
البعض [101]- وهو رأي يؤيده الباحث- أن طلب إجراء
الوصف المفصّل في القانون اليمني، يُقدّم للقاضي المختص، الذي ينظر في الدعوى
الأصلية؛ لأن هذا الطلب قد يكون تقديمه بشكل طلب إضافي للدعوى المنظورة أمام
القاضي المختص، وليس بشكل أمر على عريضة، كما أن قاضي الموضوع يكون متبصراً أكثر
من رئيس المحكمة؛ كون القضية منظورة أمامه، وهو أعرف بها.
أما
موقف المُشرّع المغربي من الاختصاص القضائي النوعي، فقد منح صلاحية النظر في طلب
الإجراءات التحفظية، ومنها الوصف المفصّل، وإصدار الأمر بالقيام بها، للمحكمة
التجارية، وهذا يبدو من نص المادة 15
من قانون حماية
الملكية الصناعية، إذ جاء فيها: "يكون للمحاكم التجارية وحدها الاختصاص للبت
في المنازعات المترتبة عن تطبيق هذا القانون، باستثناء القرارات الإدارية المنصوص
عليها فيه..."، كما يبدو ذلك من خلال ما ورد في المادة 222 من القانون ذاته، التي منح فيها
المُشرّع المغربي المحكمة التجارية صلاحية النظر في طلب الإجراءات التحفظية، ومنها
الوصف المفصّل، على أن يصدر قرار إجراء هذا الوصف من رئيس المحكمة.
ب- الاختصاص المكاني:
منح
المُشرّع اليمني في المادة 41/أ من قانون العلامات التجارية،
المحكمة التجارية الاختصاص النوعي في إصدار الأمر على عريضة بشأن الإجراءات
التحفظية، ومنها الوصف المفصّل، غير أنه لم يحدد الاختصاص المكاني، ومن ثم يقتضي
الرجوع إلى القواعد العامة المتعلقة بالاختصاص المكاني بشأن الإجراءات التحفظية،
حيث نصت المادة 98
من قانون المرافعات
والتنفيذ المدني على أنه: "في الدعاوى بطلب اتخاذ إجراء وقتي يكون الاختصاص
لمحكمة موطن المدعى عليه أو للمحكمة التي يتم في دائرتها اتخاذ الإجراء
الوقتي..."، وهذا ينطبق على أي إجراء تحفظي يصدر بأمر على عريضة، بما فيه
الوصف المفصّل والحجز التحفظي.
وبموجب
هذا النص القانوني، يكون للمدعي مالك العلامة التجارية الخيار بين تقديم طلبه
بإجراء الوصف المفصّل لمحكمة موطن المدعى عليه أو للمحكمة التي يتم في دائرة
اختصاصها الإجراء، على أساس قربها من موقع المال، وعليه تختص المحكمة التجارية
التي يقع في دائرتها موطن المتعدي على العلامة التجارية، كما تختص المحكمة
التجارية التي يقع في دائرتها اتخاذ الإجراء التحفظي الوصف المفصّل، ويتمثل ذلك
مثلاً، بالمحكمة التي يقع في نطاق اختصاصها المنتجات أو السلع أو غيرها من الأشياء
المطلوب وصفها أو حجزها، أو المحل الذي يحتوي على هذه المنتجات أو الأشياء، أو
المصنع المنتج لها، أو مكان الأجهزة المستخدمة في إنتاج اللّواصق التي تحمل
العلامة التجارية المخالفة[102].
وكذلك
المُشرّع المغربي فقد منح في المادة 222 من قانون حماية الملكية الصناعية، المحكمة التجارية الاختصاص
النوعي في إصدار الأمر على عريضة بشأن الإجراءات التحفظية، ومنها الوصف المفصّل،
غير أنه لم يحدد الاختصاص المكاني، ومن ثم يقتضي الرجوع إلى القواعد العامة
المتعلقة بالاختصاص المكاني بشأن الإجراءات التحفظية، حيث نصت المادة 11/ف2 من القانون المتعلق بإحداث المحاكم التجارية، على أن الاختصاص
المكاني بشأن إصدار الأمر بالإجراءات التحفظية، ومنها الوصف المفصّل، يكون للمحكمة
التجارية التي يوجد في دائرتها موضوع تنفيذ الإجراءات التحفظية.
إضافة
إلى ذلك، نجد أن المُشرّع المغربي في المادة 204 من قانون حماية الملكية الصناعية، أشار صراحة للاختصاص المكاني
بشأن كافة دعاوى الملكية الصناعية، حيث جاء فيها: "المحكمة المختصة هي
المحكمة التابع لها موطن المدعى عليه الحقيقي أو المختار أو المحكمة التابع لها
مقر وكيله أو المحكمة التابع لها المكان الذي يوجد فيه مقر الهيئة المكلفة
بالملكية الصناعية إذا كان موطن هذا الأخير في الخارج".
ولذلك
يُفضّل أن يتم النص بصورة صريحة في كل من قانون العلامات التجارية والمؤشرات
الجغرافية اليمني، وقانون حماية الملكية الصناعية المغربي، على الاختصاص المكاني
للمحكمة التجارية، في نظر طلب إجراء الوصف المفصّل أو الحجز التحفظي أو غيرهما من
الإجراءات التحفظية الوقتية، المتعلقة بالعلامة التجارية.
3-
البت في طلب الوصف
المفصّل:
لم
يحدد لمُشرّع اليمني في قانون العلامات التجارية والمؤشرات الجغرافية، سلطة
المحكمة في البت في طلب الوصف المفصّل، بل أجاز في المادة 41/أ ، لمالك العلامة التجارية أن يستصدر بناء على العريضة، أمراً من المحكمة باتخاذ
الإجراءات التحفظية، ومنها الوصف المفصّل، لذا يتم الرجوع إلى القواعد العامة
الواردة في قانون المرافعات والتنفيذ المدني بهذا الشأن، حيث نجد أن المُشرّع
اليمني في المادة 247
منه، منح قاضي
الموضوع سلطة تقديرية في إصدار قرار الوصف المفصّل أو رفضه، إذ جاء فيها:
"يصدر الأمر في الأحوال التي ينص عليها القانون وفي كل حالة يُثبت لدى
المحكمة لزوم صدوره شرعاً وقانوناً بناء على طلب ذي المصلحة".
كما
أنه لا يلزم تسبيب قبول الطلب بإجراء الوصف المفصّل أو رفضه، وهو ما أشارت إليه
المادة 249 من القانون ذاته، إذ جاء فيها: "يصدر رئيس المحكمة أمره كتابة على
أصل الطلب في اليوم التالي لتقديمه على الأكثر، ولا يلزم ذكر الأسباب التي بُني
عليها إلا إذا كان مخالفاً لأمر سبق صدوره، فيجب عندئذٍ ذكر الأسباب التي اقتضت
إصدار الأمر المخالف وإلا كان الأمر الجديد باطلاً".
ويلاحظ
من خلال هذا النص القانوني أن المُشرّع اليمني ألزم رئيس المحكمة أن يصدر أمره
بشأن إجراء الوصف المفصّل في اليوم التالي لتقديم طلب إجراء هذا الوصف على الأكثر،
إلا أن هذا الميعاد المحدد لإصدار الأمر بإجراء الوصف المفصّل، يعتبر ميعاداً
تنظيمياً لا يترتب عليه البطلان أو السقوط[103]،
كما يجب أن يكون هذا الأمر مكتوباً على أصل العريضة، وموقعاً عليه، فلا يجوز أن
يصدره شفوياً، سواء بشكل مباشر أم عبر التلفون أو أي وسيلة أخرى.
وإذا
رُفض طلب مالك العلامة التجارية فإن المُشرّع اليمني منحه الحق في التظلم إلى مصدر
الأمر أو إلى المحكمة استقلالاً أو تبعاً للدعوى الأصلية بتقرير تُذكر فيه أسباب
التظلم وإلا رفض طلبه، ويحكم بتأييد الأمر أو تعديله أو بإلغائه[104]،
كما منح المُشرّع اليمني صاحب المصلحة الحق في تجديد طلبه، في حالة رفضه.
ويسقط
الأمر الصادر على عريضة بشأن إجراء الوصف المفصّل إذا لم يقدم للتنفيذ خلال عشرين
يوماً من تاريخ صدوره، إلا ما استثنى بنص خاص، ولا يمنع سقوط الأمر من استصدار أمر
جديد[105].
فمما
تقدم بيانه، يتبيّن أن الأمر بإجراء الوصف المفصّل، يصدر دون سماع أقوال الشخص
المُراد استصدار الأمر ضده؛ لأن القانون لا يشترط إعلان أو سماع أقوال المُراد
استصدار الأمر ضده؛ لأنه قد يكون من مصلحة طالب الوصف المفصّل استصدار الأمر
بإجرائه دون علم خصمه أو لأن إعلان هذا الخصم المُراد استصدار الأمر ضده، قد يؤدي
إلى ضياع حقوق ومصالح طالب الوصف المفصّل[106].
4-
تكليف المحكمة
للقائم بتنفيذ الوصف المفصّل:
إن
المُشرّع اليمني في نص المادة 41/أ من قانون العلامات التجارية
والمؤشرات الجغرافية، ألزم -ضمناً- المحكمة التجارية المختصة، أن تكلف القائم
بتنفيذ الأمر بإجراء الوصف المفصّل، إلا أن هذا النص لم يبين الجزاء المترتب على
إغفال قرار الوصف المفصّل عن بيان القائم بتنفيذه، ويرى البعض[107]،
بأن ذلك لا يترتب عليه البطلان؛ لأن القانون سكت عن بيان جزاء ذلك، فضلاً عن أن
المحكمة بإمكانها تكليف من يقوم بتنفيذ الأمر بالوصف المفصّل بعد صدوره وقبل
تنفيذه، بناء على عريضة يتقدم بها من صدر الأمر لمصلحته يطلب فيها تكليف القائم
بالتنفيذ، وبذلك يتضح أن على المحكمة تحديد القائم بتنفيذ الوصف المفصّل، سواء
بذكره في ذات العريضة الصادر فيها ذلك الأمر، أو بتكليفه بعريضة أخرى بناء على طلب
يقدمه طالب إجراء الوصف المفصّل[108].أما
المُشرّع المغربي، فقد ألزم المحكمة التجارية المختصة -صراحة- بتكليف القائم
بتنفيذ الوصف المفصّل، حيث نصت المادة 222 من قانون حماية الملكية الصناعية على أنه: "... أن يحصل
على أمر يصدره رئيس المحكمة يأذن فيه لمفوض قضائي في القيام إما بالوصف المفصّل
سواء أكان ذلك بأخذ عينات أم بدونه، وإما بحجز المنتجات أو الخدمات...".
وبناء
على ذلك، يجب على القائم بتنفيذ الأمر بالوصف المفصّل أن يحصر المنتجات أو السلع
أو غيرها من الأشياء، ووصفها وصفاً تفصيلياً دقيقاً، وعدم تجاوز المهمة الموكلة
إليه في الأمر على عريضة، وإلا اعتبر الوصف المفصّل باطلاً.
5-
ندب خبير لمساعدة
القائم بتنفيذ الوصف المفصّل:
إن
تنفيذ الوصف المفصّل، قد يتطلب أحياناً الاستعانة بخبير، لاسيما في بعض المسائل
الفنية التي تحتاج إلى معرفة فنية تخصصية، ونظراً لأهمية دور الخبير في هذه
الحالة، إلا أن المُشرّع اليمني في الفقرة ب من المادة 41 من قانون العلامات التجارية والمؤشرات الجغرافية، لم يجز
للمحكمة المختصة ندب خبير لمعاونة القائم بتنفيذ الوصف المفصّل في تنفيذ الإجراءات
التحفظية، خلافاً لجوازه صراحة في ذات الفقرة من هذه المادة، للمحكمة ندب خبير أو
أكثر لمعاونة القائم بتنفيذ الحجز التحفظي في تنفيذ الإجراءات التحفظية، ومع ذلك
يمكن للمحكمة ندب خبير لمعاونة القائم بالوصف المفصّل بصفة عامة، والوصف المفصّل
المقرون بالحجز التحفظي بصفة خاصة، وذلك حين يقتضي الأمر ذلك.
كما
أجاز المُشرّع المغربي لطالب الوصف المفصّل أن يلتمس من رئيس المحكمة المختصة
تعيين خبير، لمعاونة المفوض القضائي في إجراء الوصف المفصّل، حيث نصت الفقرة
الثانية من المادة 222
من قانون حماية
الملكية الصناعية على أنه: "... يمكن أن ينجز ذلك الإجراء بمساعدة خبير مؤهل
للقيام بالوصف المذكور"، ويقصد المُشرّع بعبارة ذلك الإجراء الواردة في هذا
النص القانوني، الوصف المفصّل أو الحجز التحفظي، المنصوص عليهما في الفقرة الأولى
من هذه المادة.
فالخبير
يقوم بعملية فنية للوقائع التي كُلّف بفحصها والتأكد منها ووصفها وتحرير محضر بما
توصل إليه، والتوقيع عليه وتدوين تاريخ قيامه بذلك، لكي يتسم عمله بالصفة الرسمية،
كما يتعين عليه أن يرفق مع المحضر الوثائق التي توضح ما ورد في تقريره، كالصور
الفوتوغرافية، ويجب منح الخبير مقابل أتعابه، وتوفير الحماية له أثناء تنفيذه
لمهمته والقيام بعمله[109].
وندب الخبير للمساعدة في تنفيذ الوصف المفصّل، هو أمر جوازي، متروك للسلطة التقديرية
للمحكمة، فلها أن تندب هذا الخبير، كما لها أن تمتنع عن ذلك.
وتطبيقاً لذلك: قررت محكمة الاستئناف
التجارية بالدار البيضاء: "...
حيث خلافاً لما أثاره الطاعن، فإن الحجز الوصفي يمكن إنجازه من طرف المفوض القضائي
بمفرده دون مساعدة أي خبير طالما أن الأمر المطلوب وصفه ليس مسألة تقنية تتطلب
حضور أهل الخبرة، وإنما مجرد إثبات واقعة مادية تتمثل في التأكد من ترويج الطاعن
لسلع تحمل علامة مملوكة للغير...."[110].
يعد
الحجز التحفظي من أهم أنواع الإجراءات التحفظية، التي تهدف إلى الحفاظ على الحق أو
المصلحة المحمية قانوناً، من أي اعتداء قد يقع عليها، بما في ذلك الحق في ملكية
العلامة التجارية واستئثار استغلالها، ولذلك منح المُشرّعان اليمني والمغربي،
المحكمة التجارية المختصة صلاحية إجراء الحجز التحفظي على المنتجات أو السلع أو
غيرها من الأشياء الموضوعة عليها علامة تجارية مزورة أو مقلدة أو مملوكة للغير،
وذلك بناء على طلب مالك العلامة التجارية أو غيره من ذوي الشأن، بغرض الحصول على
دليل يثبت وقوع التعدي على العلامة التجارية، ولكي يتوقف تداول وتسويق تلك
المنتجات أو السلع أو الأشياء، الذي يؤدي بدوره إلى وقف استمرار التعدي على
العلامة التجارية.
وعليه
حرص المُشرّعان اليمني والمغربي على منح مالك العلامة التجارية أو غيره من ذوي
الشأن الحق في تقديم طلبه للمحكمة المختصة بإجراء الحجز التحفظي، وكذلك منح
المحكمة صلاحية الأمر بإجراء هذا الحجز، كوسيلة من وسائل حماية العلامة التجارية
من أفعال التعدي عليها، هذا نصت المادة 41 من قانون العلامات التجارية والمؤشرات الجغرافية اليمني وكذلك المادة
222
من قانون حماية
الملكية الصناعية المغربي.
ونظراً
لأهمية الحجز التحفظي في حماية العلامة التجارية، فإنه يستلزم بيان هنا تعريفه
وشروطه وإجراءاته، وذلك على النحو الآتي:
أولاً: تعريف الحجز
التحفظي:
لم
يعرف المُشرّعان اليمني والمغربي الحجز التحفظي المتعلق بالعلامة التجارية، في كل
من قانون العلامات التجارية والمؤشرات الجغرافية اليمني، وقانون حماية الملكية
الصناعية المغربي، إلا أن المُشرّع اليمني عرف الحجز التحفظي بصفة عامة في المادة 377 من قانون المرافعات والتنفيذ المدني،
إذ جاء فيها: "الحجز هو وضع المال تحت يد القضاء لمنع صاحبه المحجوز عليه من
أن يقوم بأي عمل مادي أو قانوني من شأنه إخراج هذا المال أو ثماره من ضمان الدائن
الحاجز، ويترتب على حجز المال حجز ثماره، ولا يرتفع الحجز إلا بما يقرره هذا
القانون". وهذا التعريف ينطبق على الحجز التحفظي المتعلق بالعلامة التجارية.
وتطبيقاً
لذلك: عرّفت المحكمة العليا اليمنية الحجز التحفظي بأنه: "عبارة عن إجراء
تحفظي أو وقتي يتم بمقتضاه وضع مال منقول أو عقار تحت يد القضاء بناء على أن هناك
خطراً داهماً وضرراً عاجلاً يهددان ضمان الدائن..."[111].
أما
تعريف الحجز التحفظي في الفقه القانوني، فقد عرفه بعضهم بأنه: "إجراء من
إجراءات التنفيذ، يهدف إلى وضع مال معين من أموال المدين تحت يد القضاء"[112]،
أو هو "جملة من الإجراءات التي تتخذ بهدف وضع مال معين من أموال المنفذ ضده
تحت يد القضاء، بقصد منعه من التصرف فيه تصرفاً يضر بالدائنين الحاجزين"[113].
كما عرّف البعض الحجز التحفظي المتعلق بالعلامة التجارية بأنه: "إجراء تحفظي
وقتي، يتم بمقتضاه وضع المنتجات أو السلع أو الخدمات أو غيرها، الحاملة لعلامات
مماثلة أو مشابهة للعلامة التجارية التي شملها التسجيل، تحت يد القضاء، ومنع
المحجوز عليه من القيام بأي تصرف قانوني أو عمل مادي، حتى يتم البت فيها بحكم أو
قرار قضائي"[114].
ومما
سبق عرضه من تعريفات مختلفة للحجز التحفظي، يمكن تعريف الحجز التحفظي المتعلق
بالعلامة التجارية بأنه: "إجراء تحفظي وقتي، يصدر بأمر على عريضة من رئيس
المحكمة التجارية المختصة قبل رفع أية دعوى أو من القاضي المختص المنظورة أمامه
الدعوى، بناء على طلب مالك العلامة التجارية أو غيره من ذوي الشأن بها الذين حددهم
القانون، بحيث يتم بمقتضاه وضع المنتجات أو السلع أو غيرها من الأشياء التي تحمل
علامة تجارية مزورة أو مقلدة أو مملوكة للغير أو مخالفة، في يد القضاء، ومنع
المحجوز عليه من التصرف فيها، إلى أن يصدر بشأنها حكم أو قرار من المحكمة
المختصة".
ثانياً: شروط الحجز
التحفظي:
من
خلال استقراء نصوص القوانين الخاصة بالعلامات التجارية، ونصوص القوانين الإجرائية
المدنية اليمنية والمغربية، يمكن تحديد الشروط المطلوبة لصدور الحجز التحفظي على
المنتجات أو السلع أو الخدمات أو غيرها من الأشياء التي تحمل علامة تجارية مزورة
أو مقلدة أو مملوكة للغير أو مخالفة، وهذه الشروط هي:
1-
أن يقدم طلب الحجز من مالك العلامة
التجارية أو غيره من أصحاب المصلحة:
إن
المُشرّع اليمني اشترط في المادة 41/أ من قانون العلامات التجارية
والمؤشرات الجغرافية، أن يتم إصدار الأمر القضائي باتخاذ الإجراءات التحفظية، بما
فيها الحجز التحفظي والوصف المفصّل، بناء على طلب مُقدم من مالك العلامة التجارية،
بينما اشترط المُشرّع المغربي في المادة 222 من قانون حماية الملكية الصناعية، لصدور الأمر القضائي بالحجز
التحفظي أو الوصف المفصّل، أن يكون بناء على طلب من مالك طلب تسجيل علامة أو مالك
علامة تجارية مسجلة أو من المستفيد من حق استغلال استئثاري للعلامة.
وبذلك
يكون المُشرّع اليمني قد قصر طلب الحجز التحفظي على مالك العلامة التجارية دون
غيره، سواء كان مالكاً وحيداً للعلامة أم شريكاً مع غيره أم الذي يمثله قانوناً،
بينما المُشرّع المغربي إضافة إلى مالك العلامة التجارية، منح حق تقديم طلب الحجز
التحفظي لكل من مالك طلب تسجيل العلامة، والمستفيد من حق الاستغلال الاستئثاري
للعلامة.
أما
بشأن القوانين العربية المتعلقة بالعلامة التجارية، فإن أغلبها كالقانون الأردني
والعراقي والإماراتي وغيرها[115]،
قصرت حق تقديم طلب بإجراء الحجز التحفظي على مالك العلامة التجارية دون غيره، أسوة
بقانون العلامات التجارية والمؤشرات الجغرافية اليمني، إلا أنه خلافاً لذلك، نجد
أن قانون حقوق الملكية الفكرية المصري، جعل حق تقديم طلب بإجراء الحجز التحفظي
المتعلق بالعلامة التجارية لكل ذي شأن، ودون تحديد شخص معين من ذوي الصفة[116].
ومن
المعروف أن العلامة التجارية تعد نوعاً من أنواع الملكية، لذا يمكن التصرف فيها
بكافة أنواع التصرفات، وذلك من قبل مالكها الأصلي أو من آلت إليه الحق في ملكية
العلامة التجارية بأي وسيلة كانت، سواء عن طريق التنازل أو الميراث أو الهبة أو
الشراء أو الرهن أو غيرها من الوسائل القانونية لانتقال الملكية، وعليه يدخل ضمن
مفهوم مالك العلامة التجارية، الذي منحه المُشرّع اليمني دون غيره، في المادة 41/أ من قانون العلامات التجارية
والمؤشرات الجغرافية، الحق في تقديم طلب إجراء الحجز التحفظي، الشخص الذي آلت إليه
ملكية العلامة التجارية بأي وسيلة من الوسائل الآنفة الذكر، وكذلك النائب القانوني
لمالك العلامة.
أما
بشأن من له حق استغلال استئثاري للعلامة التجارية، فإن الحماية الوقتية في القانون
اليمني، لم تشمله، غير أن له الاستفادة من هذه الحماية في حالة كان لديه توكيل خاص
بذلك من مالك العلامة التجارية[117]،
كما أن عقد الترخيص بالاستغلال الاستئثاري للعلامة، قد يشمل بنداً يسمح للمرخص له
برفع الدعوى، لحماية العلامة التجارية أو اتخاذ الإجراءات القانونية للحفاظ عليها،
فيكون من باب أولى للمرخص له -في حالة وجود توكيل أو بند في عقد الترخيص- الحق في اتخاذ
الإجراءات التي توفر الحماية الإجرائية للعلامة المرخصة، والتي تسبق رفع الدعوى
القضائية أمام المحكمة المختصة[118].
والمُشرّع
اليمني بقصره طلب الحجز التحفظي على مالك العلامة التجارية دون غيره، لم يكن
موفقاً؛ لأنه قد يوجد أشخاص آخرون من ذوي الصفة - كمقدم طلب تسجيل علامة تجارية أو
المستفيد من حق الاستغلال الاستئثاري للعلامة - لهم مصلحة في طلب إجراء الحجز
التحفظي على المنتجات أو السلع أو الخدمات أو غيرها من الأشياء التي تحمل علامة
تجارية مزورة أو مقلدة أو مملوكة للغير أو مخالفة، لاسيما وان هناك قوانين عربية،
كالقانون المغربي والمصري، لم تقصر طلب الحجز التحفظي على مالك العلامة التجارية
دون غيره، بل وسعت نطاق طلب إجراء الحجز التحفظي، ليشمل أولئك الأشخاص من ذوي
الصفة والمصلحة وغيرهم.
وطلب
الحجز التحفظي يجب أن يُقدّم ضد من له صفة، وهو المعتدي على العلامة التجارية، بأي
فعل من أفعال الاعتداء المنصوص عليها في المادة 47 من قانون العلامات التجارية والمؤشرات الجغرافية اليمني، أو
بأي فعل من أفعال التزييف المنصوص عليها في المادة 225 من قانون حماية الملكية الصناعية المغربي، وعليه فإنه يجب على
المحكمة المختصة رفض طلب الحجز التحفظي إذا كان موجهاً ضد من ليس له صفة، أي ضد
غير المعتدي على العلامة التجارية، كالعامل في المحل التجاري، فإذا لم تفعل ذلك
فإن حكمها يكون معرضاً للنقض[119]،
وهذا ما قضت به المحكمة العليا اليمنية في الطعن المقدم على الحكم الصادر بصحة
الحجز التحفظي بشأن علامة تجارية، بعدم قبوله لعدم إرفاق الطاعن ما يثبت أنه عامل
ولعدم إثبات طعنه بأن المحل التجاري ملك والده، وأن السجل التجاري والترخيص باسم
والده [120].
2-
أن تكون العلامة التجارية المعتدى
عليها مسجلة:
لقبول
المحكمة طلب إجراء الحجز التحفظي، المُقدم من مالك العلامة التجارية، اشترط
المُشرّع اليمني في المادة 41/أ من قانون العلامات التجارية
والمؤشرات الجغرافية، أن تكون العلامة التجارية التي وقع عليها الاعتداء مسجلة في
سجل العلامات لدى الجهة الرسمية المختصة، حيث جاء فيها: "... بناء على عريضة
مشفوعة بشهادة رسمية دالة على تسجيل العلامة...". وهذا ما اشترطه أيضاً
المُشرّع المغربي في المادة 222
من قانون حماية
الملكية الصناعية، إذ ورد فيها: "يحق لمالك طلب تسجيل علامة، أو مالك علامة
مسجلة أو للمستفيد من حق استغلال استئثاري...".
يلاحظ
من خلال هذه النصوص القانونية أن المُشرّع اليمني اشترط إرفاق شهادة تسجيل العلامة
التجارية أو صورة طبق الأصل منها، للدلالة على تسجيل العلامة، في حين أن المُشرّع
المغربي لم يشترط ذلك، لكونه وسع نطاق الحماية عن طريق الإجراءات التحفظية، لتمتد
هذه الحماية إلى من ليس لديهم شهادة تسجيل للعلامة، أي إلى من حصلوا على وثيقة تدل
على تقديمهم لطلب تسجيل العلامة، وكذلك لتشمل تلك الحماية أولئك الذين يثبت أن
لديهم حق الاستغلال الاستئثاري للعلامة التجارية، كما أن ذلك يعني أن المحكمة
يمكنها رفض الطلب بإجراء الحجز التحفظي، إذا لم تكن العلامة التجارية التي وقع عليها
الاعتداء بأي من أفعال الاعتداء المنصوص عليها في المادة 47 من قانون العلامات التجارية والمؤشرات الجغرافية اليمني، أو أي
من أفعال التزييف المنصوص عليها في المادة 225 من قانون حماية الملكية الصناعية
المغربي، مسجلة في سجل العلامات لدى الجهة الرسمية المختصة. فالعلامة التجارية
تكتسب الحماية القانونية، لاسيما الحماية الجنائية، بعد تسجيلها في السجل الخاص
بالعلامات لدى الجهة الرسمية المختصة، بما في ذلك حمايتها عن طريق الإجراءات
التحفظية، كالوصف المُفصّل والحجز التحفظي.
3-
إيداع مبلغ من المال كضمانة:
اشترط
المُشرّع اليمني لقبول طلب إجراء الحجز التحفظي، أن يودع طالب الحجز مبلغاً مالياً
لدى المحكمة، تقدره تقديراً أولياً، وذلك كضمانة لتعويض المحجوز عليه عند
الاقتضاء، حيث نصت الفقرة أ/2
من المادة 41 من قانون العلامات التجارية والمؤشرات
الجغرافية على أنه: "... على ألا يوقع الحجز عليها إلا بعد أن يودع طالب
الحجز ضمانة مالية لدى المحكمة تقدرها المحكمة تقدير اً أولياً لتعويض المحجوز
عليه عند الاقتضاء...". كما قرر ذلك الشرط المُشرّع المغربي في المادة 222 من قانون حماية الملكية الصناعية، إذ
جاء فيها: "... يمكن أن يوقف تنفيذ الأمر المذكور -الأمر بالحجز التحفظي- على
إيداع المدعي لمبلغ على سبيل الضمانات لتأمين منح التعويض المحتمل عن الضرر اللاحق
بالمدعى عليه إذا صدر فيما بعد حكم يقضي بعدم ارتكاز دعوى التزييف على
أساس...".
ويلاحظ
من خلال هذه النصوص القانونية أن المُشرّع اليمني كان حكيماً أكثر من نظيره
المغربي، حين جعل تلك الضمانة وجوبية، أي وجوب فرضها من المحكمة المختصة على طالب
الحجز التحفظي، وذلك لما قد يترتب على هذا الحجز من ضرر كبير يمس مصلحة المحجوز
عليه، حيث أوجب المُشرّع اليمني تلك الضمانة المالية، للموازنة بين مصلحة طالب
الحجز، ومصلحة المحجوز عليه؛ ليتمكن هذا الأخير من الرجوع إلى هذه الضمانة في حالة
بطلان الحجز التحفظي أو سقوطه، أو إلغائه لعدم وجود أي اعتداء حقيقي على العلامة
التجارية لطالب الحجز، ومن ثم تكون هذه الضمانة المالية هي الضامن الحقيقي الذي
يحمي المحجوز عليه من أي ضرر قد يلحق به[121].وبذلك
يكون موقف المُشرّع اليمني موفقاً، خلافاً لموقف المُشرّع المغربي الذي جعل تلك
الضمانة جوازية، أي منح المحكمة سلطة تقديرية في فرضها على طالب الحجز التحفظي أو
عدم فرضها عليه، مما قد يترتب على ذلك ضرر يلحق بالمحجوز عليه، في حالة عدم فرض
المحكمة المختصة الضمانة المالية على طالب الحجز التحفظي، مما يتعين على المُشرّع
المغربي إعادة النظر في ذلك، وجعل فرض الضمانة المالية من قبل المحكمة المختصة على
طالب الحجز التحفظي وجوبياً، وذلك منعاً لوقوع أي ضرر على المحجوز عليه، في حالة
بطلان الحجز التحفظي أو سقوطه، أو إلغائه لعدم وجود أي اعتداء حقيقي على العلامة
التجارية لطالب الحجز، وذلك إذا لم يتم ربط الحجز التحفظي بتقديم الضمانة المالية.
ثالثاً: إجراءات الحجز التحفظي:
إن
إجراءات الحجز التحفظي في القانونين اليمني والمغربي، تكاد تكون مشابهة لإجراءات
الوصف المفصّل، لكونها معاً من الإجراءات التحفظية التي نص عليها هذان القانونان،
ولذلك يجب بيان إجراءات الحجز التحفظي بشكل موجز، منعاً للتكرار، وذلك على النحو
الآتي:
1- تقديم
طلب مكتوب بإجراء الحجز التحفظي:
إن
المُشرّع اليمني اشترط أن يكون طلب الحجز التحفظي المقدم ابتداءً لرئيس المحكمة
التجارية المختصة، سواء كان مقدماً من شخص طبيعي أم من شخص اعتباري معنوي، مكتوباً
وبصورة طلب أمر على عريضة، وأن يحتوي على مرفقات معينة، حسب ما تنص عليه الفقرة أ
من المادة 41
من قانون العلامات
التجارية والمؤشرات الجغرافية اليمني، وكذلك المادة 248 من قانون المرافعات والتنفيذ المدني اليمني، كما يجب أن تكون
العريضة مكونة من نسختين، مع صور بقدر عدد الخصوم يشتمل على أسانيده ووقائعه وموطن
طالب الأمر الأصلي أو المختار وأن يُرفق به الوثائق اللازمة[122].
كما
المُشرّع المغربي في المادة 13
من القانون المحدث
المحاكم التجارية اشترط أن تقدم الدعاوى أمام المحكمة مكتوبة، كما يكون طلب إجراء
الحجز التحفظي مكتوباً، وموضحاً فيه بدقة الأماكن التي ينفذ فيها الإجراء، وذلك
حتى لا تنتج مشكلات تعرقل تنفيذ الحجز التحفظي بالشكل المطلوب، إذ يمكن أن يختلف
مكان الإنتاج عن مكان التوزيع أو العرض، كما يحتم إرفاق - مع الطلب- ما يثبت حق
الاستغلال الاستئثاري[123].
وطلب
إجراء الحجز التحفظي في القانون اليمني يجب أن يتضمن الأمور الآتية:[124]
- أن يكون
مكتوباً، وبصورة طلب أمر على عريضة.
- أن يقدم
من نسختين وصور بقدر عدد الخصوم.
- أن
يتضمن البيانات اللازمة، مثل: اسم مقدم طلب الحجز التحفظي، وصفته، وجنسيته،
وموطنه، واسم المقدم ضده الطلب، وصفته وجنسيته وموطنه، والعلامة التجارية المملوكة
لمقدم الطلب، وشهادة تسجيلها، ورقمها وتاريخ صدورها، ومكان صدورها، وتجديدها
وتاريخ انتهاء التجديد، والفئة المسجلة فيها، والمنتجات أو السلع أو غيرها من
الأشياء المراد الحجز عليها، ونوعها، ومكان وجودها، ونوع التعدي على العلامة
التجارية، والأسانيد القانونية لطلب الحجز، وتحديد الطلبات، وتاريخ تقديم الطلب
وتوقيع مقدمه، وغيرها من البيانات اللازمة.
- أن
يحتوي على ما يثبت ملكية مقدم الطلب للعلامة التجارية التي وقع عليها التعدي،
كإرفاق شهادة تسجيل هذه العلامة.
- أن يكون
مشفوعاً بكفالة مصرفية أو نقدية، ومرفقات اخرى، مثل: صورة إثبات للهوية الشخصية
سارية المفعول بطاقة شخصية أو عائلية أو جواز سفر لمقدم الطلب، وكالة رسمية مصادق
عليها من جهة مختصة إذا كان طلب الحجز مقدماً بالوكالة، وصورة من شهادة تسجيل
العلامة التجارية، ونموذج من المنتجات أو السلع أو غيرها من الأشياء التي عليها
العلامة التجارية المراد الحجز عليها، وغيرها من المرفقات المطلوبة.
إضافة
إلى ذلك، منح المُشرّع اليمني في الفقرة أ من المادة 41
من قانون العلامات
التجارية والمؤشرات الجغرافية، حق تقديم طلب إجراء الحجز التحفظي لمالك العلامة
التجارية دون غيره، خلافاً للمُشرّع المغربي الذي حدد في المادة 222 من قانون حماية الملكية الصناعية،
الأشخاص الذين يحق لهم طلب إجراء الحجز التحفظي، وهم: طالب تسجيل العلامة
التجارية، مالك العلامة التجارية، المستفيد من حق الاستغلال الاستئثاري للعلامة.
2- صدور
الأمر بإجراء الحجز التحفظي:
بعد
أن يتم تقديم طلب الحجز التحفظي للمحكمة المختصة، مستوفياً جميع البيانات والوثائق
اللازمة، يجب على رئيس المحكمة التجارية المختصة، أن يصدر الأمر على أصل العريضة،
في اليوم التالي لتقديم هذا الطلب على الأكثر، إذا قُدّم الطلب ابتداءً[125]
-قبل رفع أية دعوى- وهذا يعتبر ميعاداً تنظيمياً لا يترتب عليه البطلان أو السقوط،
كما يجب على القاضي الذي ينظر في الدعوى الأصلية، أن يفصل في ذلك الطلب، إذا قُدّم
تبعاً لهذه الدعوى المنظورة أمامه في أقرب وقت[126].
وقرار
قبول المحكمة للطلب بإجراء الحجز التحفظي أو رفضه، لا يلزم تسبيبه، إلا إذا كان
مخالفاً لأمر سبق صدوره، عندئذٍ يجب على المحكمة أن تذكر الأسباب التي اقتضت إصدار
الأمر المخالف وإلا كان الأمر الجديد باطلاً[127]،
ولو كان صادراً من قاضي آخر[128]،
وذلك للأهمية العملية لهذا الإجراء التحفظي الذي يقتضي السرعة والمباغتة، لاسيما
حين يُقدّم طلب الحجز قبل رفع أية دعوى أصلية أمام المحكمة المختصة.
3- ندب
خبير أو أكثر لمساعدة القائم بالحجز في تنفيذه:
نظراً
لأهمية وجود خبير متخصص ومؤهل عند تنفيذ الحجز التحفظي، لاسيما في المسائل الفنية
المتعلقة بهذا الحجز، والتي تحتاج إلى معرفة وخبرة خاصة، فقد أجاز المُشرّع اليمني
-صراحة- في الفقرة ب من المادة 41
من قانون العلامات
التجارية والمؤشرات الجغرافية، للمحكمة المختصة ندب خبير أو أكثر لمعاونة القائم
بالحجز التحفظي في تنفيذ الإجراءات التحفظية، إذ جاء فيها: "... ب- يجوز أن
يشتمل الأمر الصادر من المحكمة بالحجز التحفظي ندب خبير أو أكثر لمعاونة القائم
بالحجز في تنفيذ الإجراءات التحفظية".
ويلاحظ
من خلال هذا النص القانوني أن المُشرّع اليمني جعل ندب خبير أو أكثر لمعاونة
القائم بالحجز التحفظي، جوازياً وليس وجوبياً، أي ترك الأمر بشأن ذلك للسلطة
التقديرية للمحكمة، في أن تندب خبير للقيام بذلك أو لا تندبه، وذلك بحسب الحاجة
إليه، لاسيما في بعض المسائل الفنية المتعلقة بالحجز التحفظي، أو عدم الحاجة إليه،
أما المُشرّع المغربي، فلم ينص صراحة على ندب خبير لمعاونة القائم بالحجز التحفظي،
بل نص في الفقرة الثانية من المادة 222
من قانون حماية
الملكية الصناعية على إمكانية إنجاز الوصف المفصّل بمساعدة خبير، إذ جاء فيها:...
يمكن أن ينجز الوصف المذكور بمساعدة خبير مؤهل"، أي أن المُشرّع المغربي بذلك
قصر ندب خبير مؤهل على تنفيذ الوصف المفصّل، ودون الحجز التحفظي، رغم أن تنفيذ
الحجز التحفظي، قد يحتاج للاستعانة بخبير مؤهل، لاسيما في بعض المسائل الفنية
المتعلقة به، والتي تحتاج إلى معرفة تخصصية وخبرة عملية معينة، لذا يكون من الأفضل
النص في تلك الفقرة الثانية من المادة 222 الآنفة الذكر، على ندب خبير لمعاونة
القائم بتنفيذ الحجز التحفظي، أسوة بتنفيذ الوصف المفصّل المنصوص عليه في هذه
الفقرة، وذلك بإضافة إليها عبارة أو الحجز، بحيث تصبح بالصياغة الآتية: "...
يمكن أن ينجز الوصف أو الحجز المذكور بمساعدة خبير مؤهل".
ويُستنتج
مما سبق بيانه في هذا المطلب، بأن الإجراءات التحفظية الوصف المفصّل والحجز
التحفظي تتميز بأمور عديدة، أهمها ما يأتي:
1) إنها
تدابير قضائية تحفظية ووقتية نص عليها القانون، وليست جزاءات جنائية أو مدنية أو
إدارية.
2) إن طلب
القيام بهذه الإجراءات، يكون من حق ذوي الشأن أو أصحاب المصلحة، الذين حددهم
القانون. مالك العلامة التجارية في القانون اليمني و مالك طلب تسجيل علامة أو مالك
العلامة المسجلة أو المستفيد من حق استغلال استئثاري للعلامة في القانون المغربي.
3) إن طلب
القيام بهذه الإجراءات، يمكن أن يقدم للمحكمة قبل رفع أية دعوى أمامها أو بعد رفع
الدعوى.
4) إن
الأمر بتنفيذ هذه الإجراءات، يكون على عريضة، وصادراً من رئيس المحكمة التجارية
الابتدائية قبل رفع الدعوى أو من القاضي المختص بنظر الدعوى بعد رفعها.
5) إن محل
هذه الإجراءات، هو المنتجات أو السلع أو الخدمات أو غيرها من الأشياء التي تحمل
علامة تجارية مزورة أو مقلدة أو مملوكة للغير أو مخالفة.
6) إن
بمقتضى هذه الإجراءات، يتم وضع تلك المنتجات أو السلع أو الخدمات أو غيرها من
الأشياء، تحت يد القضاء، ومنع المحجوز عليه من التصرف فيها.
7) إن
تنفيذ هذه الإجراءات، لا يتم إلا بعد أن يودع صاحب الطلب مبلغاً من المال لدى
المحكمة، كضمان لتعويض المحجوز عليه عند الاقتضاء.
8) إن من
يقوم بهذه الإجراءات، هو الشخص المُكلّف أو المُفوّض من المحكمة المختصة، ويجوز
للمحكمة أن تندب خبيراً مؤهلاً لمعاونته في تنفيذ الإجراءات التحفظية.
9) تعتبر
هذه الإجراءات كأن لم تكن إذا لم يتبعها رفع دعوى ضد من اتخذت ضده، خلال المدة
الزمنية التي حددها القانون. وهي ثمانية أيام من تاريخ توقيع الحجز في القانون
اليمني، وثلاثين يوماً من يوم تنفيذ الأمر بالحجز في القانون المغربي.
10)
إن الهدف من هذه الإجراءات، حماية
العلامة التجارية، وحقوق مالكها أو غيره من أصحاب المصلحة، كمالك طلب تسجيل
العلامة التجارية أو المستفيد من حق الاستغلال الاستئثاري لهذه العلامة.
المبحث الثالث: حكم القضاء في الدعوى المدنية التبعية المتعلقة
بالعلامة التجارية
إذا رفعت الدعوى المدنية التبعية المتعلقة بالعلامة
التجارية أمام القضاء الجنائي وقبلت، فإنه يلزم الحكم فيها، مالم تعترض أسباب تمنع
هذا الحكم، كما أن وجود دعويين جنائية ومدنية مرتبطتين بالعلامة التجارية، - وينظر
فيهما قضاء واحد، ويصدر فيهما غالباً حكماً واحداً - هو أمر استثنائي، ومن هنا
كانت قواعد استثنائية أيضا فيما يتعلق بحجية الحكمين، إذا صدرا من قضائيين مختلفين
فيما بينهما[129].
والقاعدة الأساسية في الفصل في الدعوى المدنية التبعية،
أنه يتم النظر والفصل فيها وفقا لأحكام قانون الإجراءات الجزائية[130]،
فهي على أي حال دعوى تبعية، أي دعوى تابعة للدعوى الجنائية، ويترتب على هذه
التبعية مبدئين هامين يتعين مراعاتهما عند الحكم في الدعوى المدنية التبعية، وهما:
مبدأ وحدة الحكم الصادر في الدعويين الجنائية والمدنية، وعدم الفصل في موضوع
الدعوى المدنية التبعية بدون تحريك الدعوى الجنائية[131]،
فالمحكمة الجنائية يجب أن تقوم في الفصل في الدعويين الجنائية والمدنية معاً، ذلك
أن اختصاصها بنظر الدعوى المدنية لا يقوم إلا برفع الدعوى الجنائية أمامها، فهي لا
تختص بنظر الدعوى المدنية استقلالا[132]،
لذا يشجع ذلك المدعين بالحقوق المدنية على رفع دعواهم المدنية أمام القضاء
الجنائي، فالأسباب التي يوردها الحكم لثبوت الجريمة، هي نفس أسباب الحكم بالتعويض
المترتب على ثبوت هذه الجريمة[133]،
إضافة إلى ذلك فإن الحكم الصادر من المحكمة الجنائية بالبراءة هل من شأنه رفض
الدعوى المدنية التبعية أو الحكم بالتعويض؟ وعليه سوف يتم تبيين في هذا المطلب
الحكم في الدعوى المدنية التبعية من قبل القضاء الجنائي، من خلال دراسة مبدأ وحدة
الحكم في الدعويين الجنائية والمدنية المتعلقتين بالعلامة التجارية في مطلب أول،
وكذلك الاستثناءات الواردة على هذا المبدأ في مطلب ثاني، وذلك في الآتي:
المطلب الأول: مبدأ وحدة الحكم في الدعويين الجنائية والمدنية
-التبعية- المتعلقتين بالعلامة التجارية
الأصل العام أنه متى رفعت الدعوى المدنية أمام القضاء
الجنائي تبعاً للدعوى الجنائية، التزمت المحكمة بالفصل في الدعويين الجنائية
والمدنية معاً بحكم واحد، وبما أن المحكمة الجنائية قد نظرت في هاتين الدعويين، وأسهم
الخصوم فيهما في الكشف عن الحقيقة، فيما يخص الواقعة ونسبتها إلى المتهم، وإثبات
الرابطة السببية بين الجريمة وما تسببت به من ضرر للمدعي المدني، فإنها -أي
المحكمة- ملزمة بحكم يفصل في هاتين الدعويين معاً[134]،
إلا أن المُشرّع اليمني لم ينص على مبدأ وحدة الحكم في الدعويين الجنائية والمدنية
-التبعية- بشكل صريح وواضح، خلافاً للمُشرّع المغربي الذي نص على هذا المبدأ في
الفقرة 9 من المادة 365 من قانون
المسطرة الجنائية، إذ جاء فيها: "يجب أن يستهل كل حكم أو قرار أو أمر بالصيغة
الآتية: المملكة المغربية -باسم جلالة الملك وطبقاً للقانون. ويجب أن يحتوي على ما يأتي: ... 9-
بيان مختلف أنواع الضرر التي قبل التعويض عنها في حالة مطالبة طرف مدني
بالتعويض عن الضرر الحاصل بسبب الجريمة..."، كما نصت الفقرة الأخيرة من
المادة 366 من هذا القانون على أنه: "...
إذا صدر الحكم بالإدانة، ينص فيه بالإضافة إلى ما تقدم، على الجريمة التي صرحت
المحكمة بإدانة المتهم من أجلها، وعلى مواد القانون المطبقة، وعلى العقوبة، وإن
اقتضى الحال، على العقوبات الإضافية -التكميلية- والتدابير الوقائية وما قضى به من
حقوق مدنية".
كما أن هذا المبدأ نصت عليه بعض القوانين الإجرائية
الجنائية المقارنة، كالقانون المصري؛ حيث نصت المادة309 من قانون
الإجراءات الجنائية المصري على أنه: "كل حكم يصدر في موضوع الدعوى الجنائية
يجب أن يفصل في التعويضات التي يطلبها المدعي بالحقوق المدنية أو المتهم، وكذلك في
الدعوى المباشرة التي يقيمها المتهم على المدعي بالحقوق المدنية ...".
وأساس ذلك هو تبعية الدعوى المدنية للدعوى الجنائية.
مثال على ذلك: إذا قضت المحكمة الجنائية بالبراءة وشطب الدعوى المدنية، نظراً
لتخلف المتضرر من الجريمة المدعي المدني عن الحضور، فلا يجوز للمحكمة إعادة نظر
الدعوى المدنية إذا ما حضر هذا المتضرر أو المدعي قبل انتهاء الجلسة، حيث لا يمكن
اعتبار الدعوى المدنية عندئذ مرفوعة بالتبعية لدعوى جنائية قائمة [135].
المطلب الثاني: الاستثناءات من مبدأ وحدة الحكم في الدعويين
الجنائية والمدنية -التبعية
قرر المُشرّعان اليمني والمغربي استثناءات معينة من مبدأ
وحدة الحكم الصادر في الدعويين الجنائية والمدنية -التبعية- وهذه الاستثناءات هي:
الفرع الأول: وقف الفصل في الدعوى المدنية -التبعية- حتى يحكم
نهائياً في الدعوى الجنائية:
استثناءاً من ذلك المبدأ الذي سبق عرضه، نصت الفقرة
الأولى من المادة 44 من قانون
الإجراءات الجزائية اليمني على أنه: "يجوز كذلك مباشرة الدعوى المدنية بصفة
مستقلة عن الدعوى الجزائية، وفي هذه الحالة يجب وقف الفصل فيها حتى يحكم نهائيا في
الدعوى الجزائية المقامة قبل رفعها أو في أثناء السير فيها، وللمحكمة أن تقرر ما تراه من
الإجراءات الاحتياطية المستعجلة المناسبة لحماية المضرور". كما نصت المادة 10
من قانون المسطرة الجنائية المغربي على أنه: "يمكن إقامة الدعوى
المدنية، منفصلة عن الدعوى العمومية، لدى المحكمة المدنية المختصة. غير أنه يجب أن
توقف المحكمة المدنية البت في هذه الدعوى إلى أن يصدر حكم نهائي في الدعوى
العمومية إذا كانت قد تمت إقامتها".
يلاحظ من خلال نصوص هاتين المادتين أن الاستثناء من ذلك
المبدأ هو منح المشرعين اليمني والمغربي المحكمة الجنائية حق وقف الدعوى المدنية
-بما فيها الدعوى المدنية المتعلقة بالعلامة التجارية- والحكم في الدعوى الجنائية
لوحدها -بما فيها الدعوى الجنائية المتعلقة بالعلامة التجارية- تطبيقا لمبدأ الجزائي
يعقل المدني، ثم بعد ذلك الحكم في الدعوى المدنية التبعية بصورة مستقلة عن الدعوى
الجنائية، ومعنى ذلك أن للمحكمة الحكم في الدعوى الجنائية، ثم الحكم في الدعوى
المدنية.
الفرع الثاني : الفصل في الدعوى المدنية -التبعية- إذا أوقف
الفصل في الدعوى الجنائية لإصابة المتهم بعاهة عقلية:
هذا الاستثناء نصت عليه الفقرة الأخيرة من المادة
44 من قانون الإجراءات الجزائية اليمني، إذ جاء فيها:
"على أنه إذا أوقف الفصل في الدعوى الجزائية لإصابة المتهم بعاهة عقلية يفصل
في الدعوى المدنية". يتضح من خلال هذا النص القانوني أنه في حالة وقف الدعوى
الجزائية لجنون المتهم، فإن للمحكمة أن تفصل في الدعوى المدنية دون الدعوى
الجنائية. ومعنى ذلك أن للمحكمة الحكم في الدعوى المدنية دون الدعوى الجنائية التي
اوقفت بسبب جنون المتهم، ويكون وقف الفصل في الدعوى الجنائية حتى يتعافى المتهم من
مرضه العقلي ويعود إلى رشده، بينما يكون الفصل في الدعوى المدنية دون الدعوى
الجنائية حتى لا يضار المدعي بالحق المدني من التأخير بسبب لا شأن له فيه.
وفي هذه الحالة يكون لزاماً على المحكمة الجنائية، وفقاً
للقانون وقواعد العدالة التنصيب عن المدعى عليه -المتهم- بالولاية أو الوصاية أو
القوامة بحسب الأحوال للدفاع عن حقوقه ومصالحه القانونية.
الفرع
الثالث: تأجيل نظر الدعوى المدنية -التبعية- إلى ما بعد الفصل في الدعوى الجنائية
أو النظر فيها منفردة، في حالة ما إذا كان تدخل المتضرر من الجريمة يؤخر الفصل في
الدعوى الجنائية:
تضمن قانون الإجراءات الجزائية اليمني استثناء آخر من
ذلك المبدأ العام، وذلك في نص المادة45 منه، إذ جاء
فيها: "إذا رأت المحكمة أن تدخل المدعي بالحقوق المدنية يؤخر الفصل في الدعوى
الجزائية جاز لها أن تقرر تأجيل نظر الدعوى المدنية إلى ما بعد الفصل في الدعوى
الجزائية أو النظر فيها على حده". وبالنظر إلى هذا النص القانوني نجد أن
المشرع اليمني منح المحكمة الجنائية حق تأجيل نظر الدعوى المدنية إلى أن يتم الفصل
في الدعوى الجزائية، ولها أن تنظرها على حده إذا رأت أن تدخل المدعي بالحقوق
المدنية يؤخر الفصل في الدعوى الجنائية. فعندما ترى المحكمة أن الفصل في موضوع
الدعوى المدنية التبعية سيؤخر الفصل في الدعوى الجنائية، وهي الأساس والأهم،
والدعوى المدنية استثناء؛ فتقرر بناء على ذلك تأجيل الفصل في الدعوى المدنية
التبعية إلى ما بعد الفصل في الدعوى الجزائية، وبذلك حرص المشرع اليمني ألا يكون
هذا الاستثناء سبباً في تعطيل الفصل في الدعوى الجنائية.
فمما سبق عرضه يمكن القول إن تلك الاستثناءات الثلاثة
تتعلق بالفصل في الدعوى المدنية التبعية بصورة مستقلة عن الدعوى الجنائية، سواء
قبل الفصل في هذه الدعوى الأخيرة أم بعدها، وذلك في الحالات الواردة في المواد 55،45،44
من قانون الإجراءات الجزائية اليمني، وكذلك في المادتين 12،10
من قانون المسطرة الجنائية المغربي -الآنفة الذكر- إلا أن هذه المواد
الثلاث من هذا القانون اليمني، وكذلك هاتان المادتان من هذا القانون المغربي، لم
تشر إلى حق المحكمة الجنائية في إحالة الدعوى المدنية إلى المحكمة المدنية
المختصة، إلا أن المادة 14 من هذا القانون المغربي أشارت إلى
ذلك، في حالة واحدة فقط، وهي حالة تقادم الدعوى العمومية -الجنائية [136].
إلا أنه خلافاً لذلك فقد نصت بعض القوانين الإجرائية
الجنائية المقارنة، كالقانون المصري والقانون الإماراتي، حيث منح قانون الإجراءات
الجنائية المصري المحكمة في المادة 1309/فمنه الحق في
إحالة الدعوى المدنية إلى المحكمة المدنية بلا مصاريف، وذلك إذا رأت المحكمة أن
الفصل في التعويضات يستلزم إجراء تحقيق خاص ينبني عليه إرجاء الفصل في الدعوى
الجنائية، وهذا ما نصت عليه أيضاً المادة26 من قانون الإجراءات الجزائية الإماراتي، أما في
حالة ما إذا كان تدخل المدعي المدني يؤخر الفصل في الدعوى الجزائية، فإن للمحكمة
أن تحكم بعدم قبول تدخله، وهذا ما نصت المادة 251/الفقرة
الأخيرة من قانون
الإجراءات الجنائية المصري.
ويرى بعض شراح القانون في اليمن أن نص المادة 45 من قانون
الإجراءات الجزائية اليمني -الآنفة الذكر- فيه شيء من الغرابة، مخالفة لآراء
الفقه، وحتى أحكام النقض بهذا الخصوص. فالصحيح وفقاً لهذا الرأي -وهو رأي يؤيده
الباحث- أن المحكمة إن رأت أن الفصل في الدعوى المدنية سيؤثر سلباً على النظر في
الدعوى الجنائية -وهي الأصل- فتحيلها إلى المحكمة المدنية صاحبة الاختصاص الأصيل
في الدعاوى المدنية، وهذا هو المقصود من هذه المادة المذكورة حسب هذا الرأي[137].
ويكون على هذا النحو الفصل في الدعوى المدنية تبعا
للدعوى الجنائية لاحقاً على الفصل في الدعوى الجنائية. وهنا يكون للحكم الجزائي
قوة الشيء المحكوم به على الدعوى المدنية، فلا تملك المحكمة المدنية إلا أن تقتفي
أثر الحكم الجزائي الذي صدر فيما يتعلق بالأساس الذي قامت عليه الدعوى المدنية، أي
وقوع الجريمة ونسبتها إلى المتهم، وتحقق الضرر الشخصي بسببها[138].
والفصل في الدعوى المدنية بإحالتها إلى المحكمة المدنية
مرهون برأي المحكمة الجنائية في أن تدخل المدعي بالحقوق المدنية يؤخر الفصل في
الدعوى الجزائية، وإذا ما فصلت المحكمة في الدعوى الجزائية ولم تفصل في الدعوى
المدنية التبعية، فالأرجح حسب رأي البعض أن هذه المحكمة الجنائية زالت عنها ولاية
الفصل في الدعوى المدنية، أما مبدأ ألا يؤثر في سير الدعوى المدنية التبعية سقوط
الدعوى الجنائية، فهو مجرد استثناء[139].وأما
القول ب "تأجيل نظر الدعوى المدنية إلى ما بعد الفصل في الدعوى
الجزائية"، فهذا لا يكون إلا بعد الحكم في الدعوى الجنائية؛ لأن الفصل في
الدعوى المدنية التبعية سيؤسس -حتماً- على ما قضى به في الدعوى الجنائية، ولن يكون
هذا إلا من قبل المحكمة المدنية المختصة، وأن يكون نظرها "على حده" بحسب
نص المادة 45 الآنفة
الذكر، وهو أن تنظر أمام المحكمة المدنية[140].
ويكاد يتفق فقهاء القانون على أن الحكم في الدعوى
العمومية -الجنائية- يزيل عن المحكمة الجنائية ولاية الفصل في الدعوى المدنية
التبعية، فإن حكم القاضي الجنائي في هذه الدعوى الأخيرة بعد حكمه في الدعوى
الجنائية، يكون باطلاً بطلاناً متعلقاً بالنظام العام[141].
وبهذا الشأن قضت محكمة النقض المصرية بأنه لا يجوز للمحكمة أن تفصل في الدعوى
الجزائية وتؤجل الفصل في الدعوى المدنية، ففي هذه الحالة يزول اختصاص المحكمة
الجنائية بنظر الدعوى المدنية[142].
وبما أن نص المادة 45 من قانون
الإجراءات الجزائية اليمني جاء غير سليم فيما يتعلق بتأجيل نظر الدعوى المدنية
التبعية إلى ما بعد الفصل في الدعوى الجنائية، بدلا من إحالتها إلى المحكمة
المدنية المختصة للنظر والفصل فيها، وذلك في حالة رأت المحكمة الجنائية أن تدخل
المدعي بالحقوق المدنية يؤخر الفصل في الدعوى الجزائية، وكذلك لوجود عبارة غير
واضحة المعنى في نص المادة 45 وهي أو النظر
فيها على حده، فإنه يتعين على المشرع اليمني تعديل نص هذه المادة بحيث تكون
بالصياغة الآتية بعد تعديلها: "إذا رأت المحكمة الجزائية أن الفصل في
التعويضات التي يطلبها المدعي بالحقوق المدنية أو المتهم يستلزم إجراء تحقيق خاص
يترتب عليه إرجاء الفصل في الدعوى الجزائية أحالت الدعوى المدنية إلى المحكمة
المدنية المختصة، وكذلك إذا رأت أن تدخل المدعي بالحقوق المدنية يؤخر الفصل في
الدعوى الجزائية حكمت بعدم قبول تدخله، وإحالة الدعوى المدنية إلى المحكمة المدنية
المختصة للنظر فيها على حده"؛ لأنه لا يجوز للمحكمة الجنائية أن تحكم في
الدعوى الجزائية، وتؤجل الحكم في الدعوى المدنية للأسباب التي ذكرناها آنفاً، وإذا
فعلت ذلك فلا يؤثر في صحة الحكم الجزائي الذي يبقى سليماً، ولكن هذه المحكمة
الجنائية لا تملك بعد ذلك صلاحية الحكم في الدعوى المدنية التبعية بحكم مستقل، فلا
يبقى أمامها إلا أن تحيلها إلى المحكمة المدنية أو أن يرفع المتضرر من الجريمة أو
المدعي المدني دعواه من جديد أمام المحكمة المدنية.
أما إذا أغفلت المحكمة الجنائية بعض طلبات الدعوى
المدنية التبعية -وليس كل الدعوى- فعندئذ لا يزال اختصاصها قائماً في الحكم فيما
أغفلته[143]،
وأصل هذا الحكم قانون المرافعات والتنفيذ المدني اليمني؛ حيث نصت المادة
232 منه على أنه: "إذا أغفلت المحكمة الحكم في بعض
الطلبات الموضوعية جاز لصاحب المصلحة من الخصوم استدعاء خصمه للحضور أمامها بالطرق
المقررة لرفع الدعوى لنظر هذا الطلب والحكم فيه". ومن المعروف أنه تطبق أحكام
قانون المرافعات على إجراءات الدعوى الجزائية فيما لا يتعارض مع نص في قانون
الإجراءات الجزائية أو فيما لم ينظمه هذا القانون الأخير[144].
وهو حكم مكمل للحكم الأصلي، أي أن ذلك نوع من تصحيح الحكم الذي تملكه دائما
المحكمة الذي أصدرته، ولذلك فإنه يمكن لذات المحكمة التي أصدرته أن تنظر فيما
أغفلته[145].
الفرع
الرابع : انقضاء الدعوى الجنائية دون تأثير على الدعوى المدنية –التبعية:
يعد من الاستثناءات من مبدأ وحدة الحكم في الدعويين
الجنائية والمدنية -التبعية- معاً حالة ما إذا أنقضت الدعوى الجنائية لأي سبب من
الأسباب الخاصة بانقضائها، فالأصل العام هو انقضاء الدعوى المدنية التبعية بانقضاء
الدعوى الجنائية، بناء على علاقة التبعية التي تربط الدعوى المدنية بالدعوى
الجنائية، إلا أن المشرع رأى للحيلولة دون إطالة الإجراءات بدون مبرر للخروج على
هذا الأصل ببعض الاستثناءات التي يجوز فيها الفصل في الدعوى المدنية التبعية
وحدها، رغم انقضاء الدعوى الجزائية[146].
وهذا الاستثناء نص عليه المُشرّع اليمني في الفقرة
الأخيرة من المادة 55 من قانون
الإجراءات الجزائية اليمني، إذ جاء فيها: "... وإذا أنقضت الدعوى الجزائية
بعد رفعها لسبب من الأسباب الخاصة بها فلا تأثير لذلك في سير الدعوى المدنية
المرفوعة معها"، كما نص عليه المُشرّع المغربي في المادة 12
من قانون المسطرة الجنائية المغربي، إذ ورد فيها: "إذا كانت المحكمة
الزجرية تنظر في الدعوى العمومية والدعوى المدنية معاً، فإن وقوع سبب مسقط للدعوى
العمومية يترك الدعوى المدنية قائمة، وتبقى خاضعة لاختصاص المحكمة الزجرية"[147].
ويلاحظ من خلال هذه النصوص القانونية أنه يتطلب لاستمرار
سير الدعوى المدنية التبعية، أن تكون قد رفعت على وجه سليم أمام المحكمة الجنائية،
ثم تنقضي بعد ذلك الدعوى الجنائية لسبب من الأسباب الخاصة بها، كوفاة المتهم أو
مضي المدة التقادم أو صدور عفو عام أو خاص[148]،
وفي هذه الأحوال تنقضي الدعوى الجنائية بقوة القانون، ويكون الحكم الصادر بانقضائها
مقررا لا منشئا[149].
وفي حالة انقضاء الدعوى الجنائية بعد رفعها لسبب من
الأسباب الخاصة بها، فإن المحكمة الجنائية تلتزم بالفصل في الدعوى المدنية
المرفوعة أمامها، لأن انقضاء الدعوى الجزائية لا يؤثر في سير الدعوى المدنية
التبعية حسب نص المادة 55 من قانون
الإجراءات الجزائية اليمني، وكذلك نص المادة 12 من قانون
المسطرة الجنائية المغربي الآنفتين الذكر. ويعلل الحكم السابق بأن التلازم بين
الدعويين الجنائية والمدنية -التبعية- لا يكون مشروطاً إلا وقت رفع الدعوى، وأن
التلازم شرط إلى أن تنتهي إحدى الدعويين، وقد استعمل المتضرر من الجريمة أو المدعي
المدني حقاً خوله القانون إياه مستوفياً في ذلك شرط استعمال ذلك الحق، وتعلق حقه
بالمحكمة الجنائية تعلقاً صحيحاً، فإذا كانت الدعوى المدنية لم ترفع قبل انتفاء
الدعوى الجنائية، فإن الاختصاص يكون للمحاكم المدنية وحدها[150].
والعلة أن الانتفاء هنا كان بتصرف إرادي صادر من المجني
عليه المتضرر، فلا يصح أن يسمح له بالتحايل على قواعد الاختصاص النوعي المتعلق
بالولاية بإقامة دعواه المدنية التابعة للدعوى الجزائية، ولكن ذلك لا يحول للمجني
عليه للمطالبة بالتعويض أمام المحاكم المدنية[151].
إلا أنه خلافاً لذلك نجد أن المُشرّع المغربي قرر أنه في حالة تقادم الدعوى
العمومية -الجنائية- فلا يمكن إقامة الدعوى المدنية إلا أمام المحكمة المدنية، وهو
ما نصت عليه الفقرة الثانية من المادة 14
من قانون المسطرة الجنائية المغربي.
كما أن بعض القوانين الإجرائية الجنائية المقارنة،
كالقانون الإماراتي نصت على عدم جواز نظر المحكمة الجنائية للدعوى المدنية التبعية
وإحالتها إلى المحكمة المدنية المختصة في حالة توافر سبب من الأسباب الخاصة
بانقضاء الدعوى الجزائية؛ حيث نصت المادة 29 من قانون
الإجراءات الجزائية الإماراتي على أنه: "إذا انقضت الدعوى الجزائية بعد رفعها
لسبب من الأسباب أحالت المحكمة الدعوى المدنية المرفوعة أمامها إلى المحكمة
المدنية، إلا إذا كانت قد تهيأت للحكم في موضوعها".
أما انتفاء الدعوى الجنائية لأسباب الخاصة ، كالتنازل عن
الشكوى، الذي يترتب عليه انتفاء الدعوى الجنائية بنص صريح، يرى بعض أهل الفقه أن
هذه الأسباب الخاصة يترتب عليها انتفاء الدعوى المدنية التابعة للدعوى الجنائية
أيضا لانتفاء هذه الأخيرة أمام المحكمة الجنائية[152].
وقد أجاز المشرع اليمني في نص المادة
31 من قانون الإجراءات الجزائية اليمني لمن له الحق في
الشكوى في الحالات المنصوص عليها في المادة 27 من القانون
ذاته أن يتنازل عنها في أي وقت. وهذه الحالات الجرائم التي نصت عليها المادة
27 والمسماة بجرائم الشكوى[153]؛
حيث أجاز المشرع فيها للشاكي أن يتنازل عن شكواه في أي وقت. ويقصد هنا المشرع بهذا
الوقت أية مرحلة من مراحل سير الدعوى الجنائية، بل حتى في مرحلة تنفيذ الحكم،
ويترتب على ذلك إنهاء الدعوى الجنائية برمتها، ومن ثم تنتهي الدعوى المدنية
التابعة لها.
الفرع
الخامس: الطعن في الحكم المتعلق بالدعوى المدنية التبعية دون الدعوى الجنائية
وصدور حكم مستقل فيها نتيجة هذا الطعن:
هناك استثناء آخر من مبدأ وحدة الحكم الصادر في الدعويين
الجنائية والمدنية -التبعية- وهذا الاستثناء يتعلق بالطعن بطريق الاستئناف أو
النقض في الحكم الصادر من المحكمة الابتدائية -محكمة أول درجة- في الدعوى المدنية
التبعية دون الدعوى الجنائية، مما يترتب عليه طرح الدعوى المدنية التبعية وحدها
أمام محكمة الاستئناف أو أمام محكمة النقض، وصدور حكم فيها، وذلك حسب الأحوال[154].
وفي هذا الخصوص نصت المادة 417 من قانون
الإجراءات الجزائية اليمني على أنه: "يجوز لكل من النيابة العامة والمتهم
والمدعي الشخصي والمدعي بالحقوق المدنية والمسؤول عنها أن يستأنف الأحكام الصادرة
في الجرائم من المحاكم الابتدائية واستئناف المدعي بالحقوق المدنية والمسؤول عنها
لا يطرح على محكمة الاستئناف إلا الدعوى المدنية"، وكذلك نصت المادة
416 من القانون ذاته على أنه: "1- لا يجوز
الطعن في الجزء من الحكم المتعلق بالدعوى المدنية وحدها إلا بالطرق المقررة في
قانون الإجراءات الجزائية. 2- وفي هذه
الحالة تقتصر المحكمة التي تنظر الطعن على نظر موضوع الدعوى المدنية ولا يؤثر ذلك
على تنفيذ الإجراءات الجنائية الواردة في الحكم المطعون فيه". كما نصت المادة
410 من قانون المسطرة الجنائية المغربي
على أنه: "يقصر استئناف الطرف المدني أو المسؤول عن الحقوق المدنية نظر غرفة
الجنح الاستئنافية على مصالح المستأنف المدنية ويتيح للمحكمة تقدير حقيقة الوقائع
المتسببة في الضرر المدعى به. لا يخول هذا الاستئناف للمحكمة إلا تأييد الحكم أو
تعديله أو إلغائه لفائدة المستأنف. لا يكون للحكم الصادر بعد هذا الاستئناف سواء
قضى بالحقوق المدنية أو برفضها أي تأثير على الدعوى العمومية، إذا كان الحكم
الصادر بناء على متابعة النيابة العامة قد اكتسب قوة الشيء المقضي به".
ويلاحظ مما سبق بيانه أنه قد يصدر الحكم في الدعويين
الجنائية والمدنية -التبعية- من محكمة الدرجة الأولى-المحكمة الابتدائية- ولا تكون
هناك مصلحة للنيابة العامة أو المتهم في الطعن في الحكم الصادر في الدعوى
الجنائية، بينما قد يرى المتضرر من الجريمة أو المدعي المدني أو المتهم أو المسؤول
عن الحقوق المدنية الطعن في الحكم الصادر في الدعوى المدنية التبعية، ولما كان لأي
واحد منهم حق التظلم من الحكم الصادر في غير مصلحته، كان مقتضى هذا أن يترتب على
طعنه طرح الدعوى المدنية التبعية وحدها أمام محكمة الدرجة الثانية -محكمة الاستئناف-
فإذا كان الطعن من المتضرر من الجريمة أو المدعي المدني، فإن طعنه بالاستئناف لا
يتناول من الحكم المطعون به إلا الجزء المتعلق بالتعويض، وهذا ما نصت عليه الفقرة 1
من المادة 416 من قانون الإجراءات الجزائية اليمني،
وكذلك المادة 410 من قانون المسطرة الجنائية المغربي
الآنفتين الذكر.
وطعن المتضرر من الجريمة أو المدعي المدني لا أثر له على
الدعوى الجنائية[155]،
ويقتصر على الجزء الخاص بالدعوى المدنية؛ لأن الدعوى الجنائية يكون الطعن فيها من
اختصاص النيابة العامة والمتهم، والقول بغير ذلك يؤدي إلى اعتبار الدعوى الجنائية
تابعة للدعوى المدنية مع أن الأخيرة هي التي تتبع الأولى.
وإذا نظرت محكمة الاستئناف الدعوى المدنية وحدها بناء
على طعن المتضرر من الجريمة أو المدعي المدني، فإنها تستطيع أن تلغي أو تعدل حكم
محكمة الدرجة الأولى-المحكمة الابتدائية- من الناحية المدنية لمصلحة المستأنف، ولا
يجوز لها أن تتعرض للناحية الجزائية ومسؤولية المتهمين فيها، وتقتصر على نظر
الواقعة فقط، باعتبارها فعلاً ضاراً يرتب للمتضرر الحق في التعويض [156].
الخاتمة
تم في هذا البحث دراسة موضوع إجراءات الدعوى المدنية
التبعية المتعلقة بالعلامة التجارية من فعل التزوير في القانونين اليمني والمغربي،
دراسة قانونية مُفصّلة ومُعمّقة ومقارنة، بينا فيها إجراءات الدعوى المدنية
التبعية المتعلقة بالعلامة وتوصلنا فيها لبعض النتائج والتوصيات أهمها ما يلي:
أولًا النتائج:
1)
لم يكتف
المُشرّعان اليمني والمغربي بتوفير الحماية الجنائية الموضوعية والإجرائية للعلامة
التجارية، بل سعيا إلى ضمان حق المتضرر من أي اعتداء أو تزييف للعلامة التجارية في
رفع الدعوى المدنية التابعة للدعوى الجنائية ضد المعتدي؛ للمطالبة بالتعويض عن
الضرر الذي لحق به جراء وقوع الجريمة، وذلك بهدف جعل الحماية الجنائية للعلامة
التجارية أكثر فعالية واكتمالاً، لما من شأنه الإسهام في كفالة حقوق مالك العلامة
التجارية، وكذلك حقوق المستهلك.
2)
إن الدعوى
المدنية التبعية -بصفة عامة- والدعوى المدنية التبعية المتعلقة بالعلامة التجارية دعوى
التزييف المدنية -بصفة خاصة- هي: "دعوى ناشئة عن الجريمة -عموماً-أو عن أي من
جرائم الاعتداء على العلامة التجارية -خصوصاً- وتابعة للدعوى العمومية الجنائية
المنظورة أمام القضاء الجنائي، ومرفوعة من الشخص المتضرر من الجريمة المدعي ضد
المدعى عليه، للمطالبة بتعويضه عن الضرر الذي أصابه بسبب وقوع أي من جرائم التعدي
على العلامة التجارية.
3)
تهدف الدعوى
المدنية التبعية المتعلقة بالعلامة التجارية دعوى التزييف المدنية إلى تعويض الضرر
المترتب على الجريمة، وهي دعوى تقام أمام المحكمة المدنية التجارية أو أمام
المحكمة الجنائية، إضافة إلى أنها دعوى مختلطة من حيث طبيعتها القانونية.
4)
إن علة تخيير
المتضرر من الجريمة بين سلوك الطريق المدني أو الطريق الجنائي، أي بين رفع دعواه
المدنية أمام المحكمة المدنية التجارية أو رفعها أمام المحكمة الجنائية؛ للمطالبة
بالتعويض عن الضرر الذي لحق به، جراء وقوع أي من جرائم التعدي على العلامة
التجارية أو جرائم تزييف هذه العلامة، تكمن في أن الاختصاص الأصيل في دعاوى
التعويض هو المحكمة المدنية التجارية، أما المحكمة الجنائية فلأنها وهي بصدد نظر
الدعوى الجنائية، تكون قادرة على بحث وتمحيص وإثبات الواقعة -مصدر الدعويين
الجنائية والمدنية- بما أتاح لها قانون الإجراءات الجزائية اليمني أو قانون
المسطرة الجنائية المغربي أو غيرهما من القوانين الجنائية الإجرائية من صلاحيات،
وهي بهذا تكون أقرب من يكون إلى معرفة دقيقة بالأضرار التي سببتها الجريمة، ومنها
الضرر الذي أصاب المتضرر أو المدعي المدني.
5)
إن وحدة
المنشأ التي تجمع بين الدعويين الجنائية والمدنية، وهي وقوع الجريمة، تجعل الصلة
بينهما قائمة، من حيث إنه إذا أقيمت الدعوى الجنائية قبل الحكم في الدعوى المدنية،
تعين إيقاف النظر في هذه الدعوى الأخيرة، حتى يحكم نهائياً في الدعوى الجنائية،
وهو ما يعبر عنه بقاعدة الجنائي يوقف المدني، وذلك لمنع تضارب الأحكام وحماية حقوق
الدفاع، وكذلك من حيث أنه إذا حكم نهائياً في الدعوى الجنائية قبل الحكم في الدعوى
المدنية، كان للحكم الجنائي حجيته على الدعوى المدنية.
6) في حالة قبول
الادعاء المدني المتعلق بالعلامة التجارية في أي مرحلة من مراحل سير الدعوى
الجنائية، فإن الأثر المترتب على ذلك يكمن في اكتساب المتضرر من أي من جرائم
التعدي على العلامة التجارية المسجلة،
المنصوص عليها في القانون، حقوق عديدة في كل مرحلة من هذه المراحل، كالحق
في طلب قبوله مدع بالحق المدني، وحقه في حضور جميع إجراءات سير الدعوى الجنائية،
وحق تقديم الدفوع والطلبات، وحق الطعن في القرارات الصادرة أثناء مراحل سير هذه الدعوى، وحق سماع الشهود ومناقشتهم فيما
شهدوا به، وحق الاستعانة بمحامٍ وبخبير أيضاً، والحق في الاطلاع على أوراق الدعوى،
والحق في الإثبات، وغيرها من الحقوق.
7)
منح المُشرّع
اليمني في قانون الإجراءات الجزائية، المتضرر من الجريمة، أيٍّ كانت، بما فيها
جرائم الاعتداء على العلامة التجارية، الحق في رفع دعواه المدنية أمام المحكمة
الجنائية، تبعاً للدعوى العمومية الجنائية المنظورة أمامها، أو رفعها أمام المحكمة
المدنية التجارية؛ للمطالبة بالتعويض عن الضرر الذي لحق به؛ جراء وقوع أي من تلك
الجرائم على العلامة التجارية المسجلة، كما منح المُشرّع المغربي في قانون المسطرة
الجنائية، المتضرر من الجريمة -أياً كانت- الحق في تقديم دعواه المدنية، للمطالبة
بالتعويض عن الضرر الناشئ عن الجريمة، أمام المحكمة الزجرية الجنائية، إلا أنه
خلافاً لذلك نجد أن قانون العلامات التجارية والمؤشرات الجغرافية اليمني، وكذلك
قانون حماية الملكية الصناعية المغربي، لم ينصا على حق المتضرر من أي من جرائم
الاعتداء على العلامة التجارية أو من جرائم تزييف هذه العلامة، في إقامة دعواه
المدنية أمام المحكمة الجنائية، تبعاً للدعوى العمومية الجنائية؛ للمطالبة
بالتعويض عن الضرر الذي لحق به، والناشئ عن أية جريمة من هذه الجرائم، بل نصا على
أن جميع الدعاوى أو المنازعات الناشئة عن تطبيق هذين القانونيين، تختص بالنظر فيها
المحكمة التجارية -بالنسبة للقانون اليمني- والمحكمة التجارية وحدها -بالنسبة
للقانون المغربي- ماعدا الدعوى الجنائية، الذي استثناها قانون حماية الملكية
الصناعية المغربي، بينما لم يستثنها قانون العلامات التجارية والمؤشرات الجغرافية
اليمني.
8)
رغم أن قانون
العلامات التجارية والمؤشرات الجغرافية اليمني نص على صلاحية المحكمة التجارية في
نظر جميع الدعاوى المترتبة على تطبيقه، إلا أنه لم يمنع من إقامة الدعوى المدنية
التبعية أمام المحكمة الجنائية، تبعاً للدعوى الجزائية المتعلقة بالعلامة
التجارية، وذلك للمطالبة بالتعويض عن الضرر الناشئ عن أي من جرائم الاعتداء
الواقعة على العلامة التجارية، بينما منع ذلك قانون حماية الملكية الصناعية
المغربي، وهذا يبدو من خلال ورود لفظ وحدها في العبارة تختص المحاكم التجارية
وحدها في البت في المنازعات المترتبة عن تطبيق هذا القانون الواردة في نص المادة 15
من القانون ذاته، أي أنه للمحكمة التجارية دون غيرها، صلاحية النظر في أية دعوى
ناشئة عن تطبيق هذا القانون، بما فيها الدعوى المدنية المطالبة بالتعويض عن الضرر
الناشئ عن أي من جرائم تزييف العلامة التجارية المنصوص عليها في ذات القانون،
والتابعة للدعوى العمومية الجنائية المتعلقة بهذه العلامة، ماعدا هذه الدعوى
الأخيرة، التي استثناها، حيث تختص بالنظر فيها المحكمة الزجرية الجنائية.
9) إن المُشرّعين
اليمني والمغربي منحا مالك العلامة التجارية، وكذلك طالب تسجيل علامة أو المستفيد من
حق استغلال استئثاري للعلامة بالنسبة للمُشرّع المغربي، الحق في تقديم طلب للمحكمة
المختصة في أي وقت ولو كان ذلك قبل رفع الدعوى المدنية التبعية أو الدعوى الجنائية
أو دعوى المنافسة غير المشروعة أمام المحكمة، لاتخاذ الإجراءات التحفظية، لاسيما
الوصف المفصّل والحجز التحفظي، للمنتجات أو السلع أو الأغلفة أو الأوراق أو غيرها
من الأشياء، المُدعى أنها تحمل علامة تجارية مزيفة أو مقلدة؛ بغرض إثبات وقوع
أفعال التعدي على العلامة التجارية أو تزييفها أو تقليدها، ووقف استمرار هذه
الأفعال، لما من شأنه الحفاظ على حقوق مالك العلامة التجارية أو غيره من ذوي
المصلحة.
10)
جعل المُشرّع
اليمني في المادة 41/أ من قانون العلامات التجارية والمؤشرات الجغرافية، فرض الضمانة
المالية من قبل المحكمة المختصة على طالب الحجز التحفظي المتعلق بالعلامة التجارية
وجوبياً، بينما جعل المُشرّع المغربي ذلك جوازياً، في نص المادة 222 من قانون
حماية الملكية الصناعية، وموقف المُشرّع اليمني أكثر حكمة من نظيره المغربي، وذلك
لما قد يترتب على هذا الحجز من ضرر كبير يمس مصلحة المحجوز عليه، ولكي يتمكن من
الرجوع إلى هذه الضمانة في حالة بطلان الحجز التحفظي أو سقوطه، أو إلغائه لعدم
وجود أي اعتداء حقيقي على العلامة التجارية لطالب الحجز، ومن ثم تكون هذه الضمانة
المالية هي الضامن الحقيقي الذي يحمي المحجوز عليه من أي ضرر قد يلحق به.
11)
نظراً لأهمية
وجود خبير متخصص ومؤهل عند تنفيذ الوصف المُفصّل أو الحجز التحفظي، لاسيما في
المسائل الفنية المتعلقة بهذا الوصف أو الحجز، والتي تحتاج إلى معرفة وخبرة فنية
خاصة، فقد أجاز المُشرّع اليمني -صراحة- في الفقرة ب من المادة 41 من قانون
العلامات التجارية والمؤشرات الجغرافية، للمحكمة المختصة ندب خبير أو أكثر لمعاونة
القائم بالحجز التحفظي في تنفيذ الإجراءات التحفظية، بينما لم ينص في هذه الفقرة
على ندب خبير أو أكثر لمعاونة القائم بالوصف المُفصّل، ومع ذلك يمكن للمحكمة
اليمنية المختصة ندب خبير لمعاونة القائم بالوصف المفصّل بصفة عامة، والوصف
المفصّل المقرون بالحجز التحفظي بصفة خاصة، وذلك حين يقتضي الأمر ذلك. أما
المُشرّع المغربي فقد نص في الفقرة الثانية من المادة 222 من قانون حماية الملكية
الصناعية، على ندب خبير لمعاونة القائم بالوصف المُفصّل، في حين أنه لم ينص على
إمكانية إنجاز الحجز التحفظي بمساعدة خبير، أي أن المُشرّع المغربي بذلك قصر ندب
خبير مؤهل على تنفيذ الوصف المفصّل، ودون الحجز التحفظي، بينما المُشرّع اليمني
على عكس ذلك، قصر ندب خبير مؤهل على الحجز التحفظي، دون الوصف المُفصّل، رغم أن
تنفيذ الوصف المُفصّل أو الحجز التحفظي، قد يحتاج للاستعانة بخبير مؤهل، لاسيما في
بعض المسائل الفنية المتعلقة بهذا الوصف أو الحجز، والتي تحتاج إلى معرفة تخصصية
وخبرة عملية معينة، مما يتطلب النص في القانونين اليمني والمغربي على ندب خبير
مؤهل، لمعاونة كل من القائم بتنفيذ الوصف المُفصّل، والقائم بتنفيذ الحجز التحفظي.
12)
إن المُشرّع اليمني
لم يكن موفقاً في نص المادة 56 من قانون العلامات التجارية والمؤشرات الجغرافية،
حين قرر فيه اختصاص المحكمة التجارية بالنظر في جميع الدعاوى الناشئة عن تطبيق هذا
القانون، أي شمول هذه الدعاوى لكل من الدعوى الجنائية، والدعوى المدنية التابعة
لها، والمتعلقة بالعلامة التجارية، فالدعوى الجنائية بما فيها الدعوى المتعلقة
بالعلامة التجارية تقام أمام المحكمة الجنائية فقط، وترفعها وتباشر إجراءاتها
النيابة العامة ممثلة عن المجتمع، وهو ما أكدته المادة 321 من قانون الإجراءات
الجزائية، كما أن المُشرّع اليمني في المادة 43 من هذا القانون أجاز للمتضرر من
الجريمة تقديم دعواه المدنية -ومنها الدعوى المدنية المتعلقة بالعلامة التجارية-
أمام المحكمة الجنائية.
13)
إن المُشرّع اليمني
بقصره طلب الوصف المُفصّل أو الحجز التحفظي على مالك العلامة التجارية دون غيره،
لم يكن موفقاً؛ لأنه قد يوجد أشخاص آخرون من ذوي الصفة، كمقدم طلب تسجيل علامة
تجارية أو المستفيد من حق الاستغلال الاستئثاري للعلامة، لهم مصلحة في طلب إجراء
الوصف المُفصّل أو الحجز التحفظي على المنتجات أو السلع أو الخدمات أو غيرها من
الأشياء التي تحمل علامة تجارية مزورة أو مقلدة أو مملوكة للغير أو مخالفة، لاسيما
وأن هناك قوانين عربية، كالقانون المغربي والمصري، لم تقصر طلب الحجز التحفظي على
مالك العلامة التجارية دون غيره، بل وسعت نطاق طلب إجراء الحجز التحفظي، ليشمل
أولئك الأشخاص من ذوي الصفة والمصلحة وغيرهم.
14)
إن المُشرّع المغربي
أجاز في المادة 15 من قانون حماية الملكية الصناعية، للمتضرر من أي جريمة من جرائم
تزييف العلامة التجارية أن يقيم دعواه المدنية أمام المحكمة التجارية وحدها، وهذا يعني
عدم جواز رفع الدعوى المدنية أمام المحكمة الجنائية، تبعاً للدعوى الجنائية
المنظورة أمامها؛ للمطالبة بالتعويض عن الضرر الذي لحق به جراء وقوع أي من جرائم
تزييف العلامة التجارية، وهذا يبدو من خلال عبارة تختص المحاكم التجارية وحدها
بالبت في المنازعات المترتبة عن تطبيق هذا القانون الواردة في نص المادة 15 الآنفة
الذكر، وهذا يتعارض مع ما نصت عليه المادة 205 من القانون ذاته التي أجازت للمتضرر
من أي من جرائم تزييف العلامة التجارية تقديم شكواه أمام المحكمة الجنائية،
للمطالبة بالتعويض عن الضرر الذي لحق به جراء هذه الجريمة دعوى التزييف المدنية؛
لتتحرك بموجب هذه الشكوى الدعوى العمومية الجنائية المتعلقة بالعلامة التجارية،
وكذلك يمكن بموجبها قيام الدعوى المدنية أمام المحكمة الجنائية، تبعاً للدعوى
الجزائية المنظورة أمامها؛ للمطالبة بالتعويض عن الضرر الناتج عن الجريمة، التي
تعد سبباً مشتركاً لنشوء هاتين الدعويين معاً، كما يتعارض ذلك مع القواعد المنظمة
للدعوى المدنية التابعة للدعوى العمومية الجنائية الواردة في قانون المسطرة
الجنائية، والتي تجيز للمتضرر من الجريمة، إقامة دعواه المدنية أمام المحكمة
الجنائية تبعاً للدعوى العمومية الجنائية التي تنظر فيها.
ثانيًا التوصيات: يوصي الباحث المشرعين اليمني والمغربي
بالآتي:
1) النص بصورة صريحة وواضحة في كل من قانون العلامات
التجارية والمؤشرات الجغرافية اليمني، وقانون حماية الملكية الصناعية المغربي، على
حق المتضرر من أي من جرائم الاعتداء على العلامة التجارية أو جرائم تزييف هذه
العلامة المنصوص عليها في القانون، في إقامة دعواه المدنية أمام المحكمة الجنائية
تبعاً للدعوى العمومية الجنائية؛ للمطالبة بالتعويض عن الضرر الذي لحق به جراء
وقوع هذه الجريمة، بحيث يتماشى ذلك مع ما نص عليه قانون الإجراءات الجزائية
اليمني، وقانون المسطرة الجنائية المغربي، بشأن حق المتضرر من أي جريمة في إقامة
دعواه المدنية؛ للمطالبة بالتعويض عن الضرر الذي لحق به جراء وقوع الجريمة أمام
المحكمة الجنائية أو المحكمة المدنية.
2) النص بصورة صريحة وواضحة في كل من قانون العلامات
التجارية والمؤشرات الجغرافية اليمني، وقانون حماية الملكية الصناعية المغربي، على
الاختصاص المكاني للمحكمة التجارية، في نظر طلب إجراء الوصف المفصّل أو الحجز
التحفظي أو غيرهما من الإجراءات التحفظية الوقتية، المتعلقة بالعلامة التجارية.
3)
يوصي المُشرّع اليمني بتعديل المادة 56 من قانون العلامات
التجارية والمؤشرات الجغرافية، بحيث تتماشى مع قواعد قانون الإجراءات الجزائية
بهذا الخصوص، وتكون بالصياغة الآتية: "تختص المحكمة بالنظر في الدعاوى
والمنازعات الناشئة عن تطبيق هذا القانون، ماعدا الدعوى الجنائية فتنظر فيها
المحكمة الجزائية المختصة، كما يجوز للمتضرر من الجريمة إقامة دعواه المدنية تبعاً
للدعوى الجنائية أمام المحكمة الجزائية".
4) يوصي المُشرّع اليمني بعدم قصر الطلب لإجراء الحجز
التحفظي في المادة 41/أ من قانون العلامات التجارية والمؤشرات الجغرافية، على مالك
العلامة التجارية دون غيره، بل يتعين توسيع نطاق ذلك، بحيث يشمل إلى جانب مالك
العلامة التجارية المسجلة، مقدم طلب تسجيل العلامة، والمستفيد من حق الاستغلال
الاستئثاري للعلامة، كما فعل المُشرّع المغربي في المادة 222 من قانون حماية
الملكية الصناعية، أو بحيث يشمل ذلك كل ذي شأن أو مصلحة، كما فعل المُشرّع المصري
في المادة 115 من قانون حقوق الملكية الفكرية.
5) يوصي المُشرّع اليمني بالنص في الفقرة ب من المادة 41 من
قانون العلامات التجارية والمؤشرات الجغرافية، على ندب خبير لمعاونة القائم بتنفيذ
الوصف المُفصّل، أسوة بتنفيذ الحجز التحفظي، المنصوص عليه في هذه الفقرة، وذلك
بإضافة إليها عبارة بالوصف المُفصّل قبل عبارة بالحجز التحفظي، وكذلك إضافة كلمة بالوصف
قبل كلمة بالحجز بحيث تصبح هذه الفقرة بالصياغة الآتية: " ب-يجوز أن يشتمل
الأمر الصادر من المحكمة بالوصف المُفصّل أو الحجز التحفظي ندب خبير أو أكثر
لمعاونة القائم بالوصف أو الحجز في تنفيذ الإجراءات التحفظية".
6) يوصي المُشرّع المغربي بحذف كلمة وحدها من عبارة تختص
المحاكم التجارية وحدها بالبت في المنازعات المترتبة عن تطبيق هذا القانون الواردة
في المادة 15 من قانون حماية الملكية الصناعية، بحيث يكون للمتضرر من أي من جرائم
تزييف العلامة التجارية حرية الاختيار بين الطريق المدني التجاري والطريق الجنائي،
أي له أن يقيم دعواه المدنية للمطالبة بالتعويض عن الضرر الناشئ عن وقوع أي من هذه
الجرائم أمام المحكمة الجنائية المختصة التي تنظر في الدعوى العمومية الجنائية
المتعلقة بالعلامة التجارية وفقاً لنص المادة 9 من قانون المسطرة الجنائية أو أمام
المحكمة التجارية المختصة أصلاً في نظر دعواه المدنية التجارية وفقاً لنص المادة 15
من قانون حماية الملكية الصناعية.
7) يوصي الباحث المُشرّع المغربي بجعل فرض الضمانة المالية من
قبل المحكمة المختصة على طالب الحجز التحفظي المتعلق بالعلامة التجارية وجوبياً، بدلاً
من كونه جوازياً في نص المادة 222 من قانون حماية الملكية الصناعية، وذلك منعاً لوقوع
أي ضرر على المحجوز عليه، في حالة بطلان الحجز التحفظي أو سقوطه، أو إلغائه لعدم
وجود أي اعتداء حقيقي على العلامة التجارية لطالب الحجز، وذلك إذا لم يتم ربط ذلك
الحجز التحفظي بتقديم الضمانة المالية.
8) يوصي الباحث المُشرّع المغربي بالنص في الفقرة الثانية من
المادة 222 من قانون حماية الملكية الصناعية، على ندب خبير لمعاونة القائم بتنفيذ
الحجز التحفظي، أسوة بتنفيذ الوصف المفصّل المنصوص عليه في هذه الفقرة، وذلك
بإضافة إليها عبارة أو الحجز، بحيث تصبح بالصياغة الآتية: "... يمكن أن ينجز
الوصف أو الحجز المذكور بمساعدة خبير مؤهل".
قائمة المراجع
أولًا: الكتب القانونية العامة
? أحمد
أبو الوفاء: إجراءات التنفيذ في المواد المدنية والتجارية، ط10، منشأة المعارف،
الإسكندرية- مصر، 1991م.
? أحمد
السيد صاوي، أسامة أحمد شوقي المليجي: الإجراءات المدنية للتنفيذ الجبري في قانون
المرافعات المصري، دار النهضة العربية، القاهرة- مصر، 2001م.
? أحمد
فتحي سرور: الوسيط في قانون الإجراءات الجنائية، الكتاب الأول، ط10، دار النهضة
العربية، القاهرة- مصر، 2016م.
?
إدريس العلوي العبدلاوي: الوسيط في شرح المسطرة المدنية، الجزء الأول، ط1، مطبعة
النجاح الجديدة، الدار البيضاء- المغرب، 1998م.
?
إلهام محمد حسن العاقل: الإجراءات الجنائية اليمني، الجزء الأول، الدعوى الجزائية
والدعوى المدنية، ط1، مؤسسة الثورة للصحافة والطباعة والنشر، صنعاء- اليمن، 1999م.
?
توفيق لويس توفيق: ذاتية الدعوى المدنية الناشئة عن الجريمة. "دراسة
مقارنة"، د.ن، 2004م.
? حسن
صادق المرصفاوي:
&
المرصفاوي في أصول الإجراءات الجنائية، منشأة المعارف، الإسكندرية- مصر، 2007م
& الدعوى
المدنية أمام المحاكم الجنائية، منشأة المعارف، الاسكندرية، د.ط، 1997م.
? رؤوف
عبيد: مبادئ الإجراءات الجنائية في القانون المصري، دار الجيل للطباعة، القاهرة-
مصر، 1982م.
? سعيد
البرك السكوتي: شرح قانون الإجراءات الجزائية اليمني، ط1، دون دار نشر، المكلا-
اليمن، 2022م.
?سعيد خالد
علي جباري الشرعبي: الموجز في أصول قانون القضاء المدني، دراسة في أساسيات قانون
المرافعات المدني رقم 40 لسنة 2003م، ط3، مكتبة الصادق، صنعاء- اليمن، 2004-
2005م.
? صلاح
زين الدين: شرح التشريعات الصناعية والتجارية، دار الثقافة للنشر والتوزيع، عمّان-
الأردن، 2007م.
? عبد
الوهاب عرفة: الموسوعة العملية في حماية الملكية الفكرية، دار المطبوعات الجامعية،
الإسكندرية- مصر، 2015م.
? علي
بن صالح القعيطي: الوجيز في شرح قانون المرافعات اليمني، ط1، مكتبة الجيل الجديد،
صنعاء- اليمن، 1435ه/ 2014م.
علي جمال
الدين عوض: القانون التجاري، دار النهضة العربية، القاهرة- مصر، 1988م
? عمر
السعيد رمضان: مبادئ قانون الإجراءات الجنائية، الجزء الأول، مطبعة جامعة القاهرة
والكتاب الجامعي، القاهرة، 1985م.
?
مأمون محمد سلامة:
&
الإجراءات الجنائية في التشريع المصري، ج2، دار النهضة العربية، القاهرة- مصر،
2007م- 2008م.
& قانون
الإجراءات الجنائية، معلقاً عليه بالفقه وأحكام النقض، الجزء الثاني، مراجعة: د.
رفاعي سيد سعد، سلامة للنشر والتوزيع، القاهرة- مصر، 2017م.
? محسن
شفيق: الوسيط في القانون التجاري المصري، الجزء الأول، ط2، دار النهضة العربية،
القاهرة- مصر، 1955م.
? محمد
أحمد قشاش: شرح قانون الإجراءات الجزائية اليمني، مكتبة ومركز الصادق للطباعة
والنشر والتوزيع، صنعاء- اليمن، 2023م.
? محمد
بن محمد سيف شجاع: شرح قانون الإجراءات الجزائية اليمني، مكتبة ومركز الصادق
للطباعة والنشر والتوزيع، صنعاء، ط6، 2009م.
? محمد
زكي أبو عامر: الإجراءات الجنائية، دار المطبوعات الجامعية، الإسكندرية، د.ط،
1984م.
? محمد
صبحي نجم: الوجيز في قانون أصول المحاكمات الجزائية، ط1، دار الثقافة للنشر
والتوزيع، عمّان- الأردن، 2006م.
? محمد
محمد سيف شجاع: شرح قانون الإجراءات الجزائية اليمني، ط6، مكتبة مركز الصادق
للطباعة والنشر والتوزيع، صنعاء- اليمن، 2009م.
?
محمود مصطفى: شرح قانون الإجراءات الجنائية المصري، مطبعة القاهرة والكتاب
الجامعي، القاهرة، ط12، 1998م.
?
محمود نجيب حسني: شرح قانون الإجراءات الجنائية، ط3، دار النهضة العربية، القاهرة-
مصر، 1998م.
? نظام
توفيق المجالي: نطاق الادعاء بالحق الشخصي أمام القضاء الجزائي، دار الثقافة للنشر
والتوزيع، عمان- الأردن، ط1، 2006م.
? يسر
أنور علي، د. آمال عبد الرحيم عثمان: شرح قانون الإجراءات الجنائية، دار النهضة
العربية، القاهرة- مصر، 1997م.
ثانياً: الكتب القانونية المتخصصة
? بدر
الحلامي: دعوى تزييف العلامة التجارية بين التشريع والقضاء، ط1، دار السلام للنشر
والتوزيع، الرباط- المغرب، 2014م.
? عبد
الله زوقة: حماية حقوق الملكية الصناعية، العلامات نموذجاً، وفق مقتضيات القانون
13- 23 والعمل القضائي، مطبعة النجاح الجديدة، الدار البيضاء- المغرب، 1439ه-
2018م.
? فؤاد
معلال: دليل منازعات العلامة التجارية، ط1، دار الآفاق المغربية للنشر والتوزيع،
الدار البيضاء- المغرب، 2017م.
? محمد
محبوبي: النظام القانوني للعلامات في ضوء التشريع المغربي المتعلق بحقوق الملكية
الصناعية والاتفاقيات الدولية، ط2، دار أبي رقراق للطباعة والنشر، الرباط- المغرب،
2011م.
ثالثاً: الاطروحات والرسائل الجامعية
أ- اطروحات الدكتوراه:
? أحمد
الدوماني: حماية العلامة التجارية من التزييف، رسالة دكتوراه، ط1، مكتبة النجاح،
الدار البيضاء- المغرب، 1435ه- 2014م.
? عبد
السلام عبد الله أحمد الشرفي: الحماية القانونية للعلامة التجارية في ظل التشريع
اليمني، واتفاقية التريبس TRIPS، دراسة مقارنة، رسالة دكتوراه مقدمة إلى
كلية الحقوق، جامعة عين شمس، 1441ه- 2019م.
? معمر
سيف أنعم عبده: العلامة التجارية وحمايتها جنائياً بين التشريعين اليمني والمغربي دراسة
مقارنة، رسالة دكتوراه قدّمت إلى كلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية،
بجامعة عبد المالك السعدي، بطنجة- المغرب، 2020م.
ب- رسائل الماجستير والدبلوم العالي:
? حياة نجدوي: الدعاوى القضائية في مادة الملكية الصناعية،
دبلوم الدراسات العليا المعمقة، جامعة الحسن الثاني، كلية العلوم القانونية
والاقتصادية والاجتماعية، الدار البيضاء، المغرب، السنة الجامعية 2009- 2010م.
? عبد
العزيز قنار: الإجراءات الوقتية في مجال حماية الملكية الصناعية، رسالة لنيل دبلوم
الماستر في قانون الأعمال، كلية الحقوق، الدار البيضاء- المغرب، 2009/ 2010م.
?
نادية الشلوشي: دور القضاء الزجري في الحماية القانونية للملكية الصناعية، العلامة
التجارية نموذجاً، دبلوم الماستر، جامعة عبد المالك السعدي، كلية العلوم القانونية
والاقتصادية والاجتماعية، طنجة- المغرب، 2014/ 2015م.
رابعاً: البحوث والمقالات العلمية
? سعيد البرك السكوتي: حقوق المدعي بالحق المدني تبعاً
للدعوى الجنائية -تشريعاً وتطبيقاً، بحث منشور في مجلة الشارقة للعلوم الشرعية
والقانونية، دولة الإمارات العربية المتحدة، المجلد 11، العدد 2، ديسمبر 2014م.
? كمال
محرر: الحماية القانونية لحقوق الملكية الصناعية بالمغرب، العلامة التجارية
نموذجاً، بحث منشور في مجلة القضاء والقانون، العدد 151 ، المملكة المغربية، وزارة
العدل، 2005م.
خامساً: التشريعات
أ- التشريعات الوطنية:
v التشريع
اليمني:
§
قانون العلامات التجارية والمؤشرات الجغرافية رقم 23 لسنة 2010م، وزارة الشؤون
القانونية، الجمهورية اليمنية، ديسمبر 2010م.
§
قانون الإجراءات الجزائية رقم 13 لسنة 1994م، الصادر بتاريخ 12/ أكتوبر/ 1994م،
والمنشور في الجريدة الرسمية، العدد 19، الجزء الرابع، لسنة 1994م.
§
قانون المرافعات والتنفيذ المدني رقم 40 لسنة 2002م، المنشور في الجريدة الرسمية،
العدد التاسع عشر، الصادر بتاريخ 8 شعبان 1423ه، الموافق 15 اكتوبر 2002م، والمعدل
بالقانون رقم 2 لسنة 2010م، المنشور في الجريدة الرسمية، العدد 2 لسنة 2010م.
v التشريع
المغربي:
§
قانون حماية الملكية الصناعية رقم 17.97 الصادر بتنفيذه الظهير الشريف رقم 1.00.19
بتاريخ 9 ذي القعدة، الموافق 15 فبراير 2000م، والمعدل بالقانون رقم 31.05 الصادر
بتنفيذه الظهير الشريف رقم 1.05.190 بتاريخ 14 فبراير 2006م، وكذلك المعدل
بالقانون رقم 23.13 الصادر بتنفيذه الظهير الشريف رقم 1.14.188 بتاريخ 21 نوفمبر
2014م.
§
قانون المسطرة الجنائية رقم 22.01، الصادر بتنفيذه الظهير الشريف رقم 1.02.255
بتاريخ25/ رجب/ 1423ه، الموافق 3/أكتوبر/ 2002م، وتعديلاته إلى عام 2019م بالقانون
رقم 32.18، الصادر بتنفيذه الظهير الشريف رقم 1.19.92 بتاريخ 5 ذي القعدة
1440ه، الموافق 8 يوليو 2019م، الجريدة الرسمية عدد 6796 بتاريخ 15 ذو القعدة
1440ه، الموافق18 يوليو 2019م.
§
قانون المسطرة المدنية، الصادر بالظهير الشريف بمثابة قانون رقم 1.74.447
بتاريخ11 رمضان 1394ه، الموافق 28 سبتمبر 1974م وتعديلاته، والمنشور في
الجريدة الرسمية، عدد3230 مكرر، بتاريخ 13 رمضان 1394ه، الموافق 30 سبتمبر
1974م
§
القانون رقم 95- 53 بشأن إحداث محاكم تجارية الصادر بموجب الظهير الشريف رقم 1.97.65
بتاريخ 4 شوال 1417ه، الموافق 12 فبراير 1997م وتعديلاته.
v التشريعات
العربية:
² القوانين العربية
الخاصة بالعلامة التجارية:
§ القانون
الأردني رقم 33 لسنة 1952م بشأن العلامات التجارية، والمعدل بالقانون رقم 34 لسنة
1999م، والقانون رقم 29 لسنة 2007م
§
القانون العراقي رقم 21 لسنة 1957م بشأن العلامات والبيانات التجارية، والمعدل
بالقانون رقم 80 لسنة 2004م، والقانون رقم9 لسنة 2010م.
§
القانون الإتحادي الإماراتي رقم 37 لسنة 1992م بشأن العلامات التجارية، والمعدل
بالقانون رقم 19 لسنة 2000م، والقانون رقم 8 لسنة 2002م.
§
القانون المصري الخاص بحماية حقوق الملكية الفكرية رقم 82 لسنة 2002م.
² القوانين الجنائية
العربية العامة:
- قوانين الإجراءات الجنائية:
§ القانون
المصري بشأن الإجراءات الجنائية رقم 150 لسنة 1950م وتعديلاته.
§
القانون الأردني بشأن أصول المحاكمات الجزائية رقم 9 لسنة 1961م وتعديلاته.
§
القانون الإتحادي الإماراتي بشأن الإجراءات الجزائية رقم 35 لسنة 1992م وتعديلاته.
ب- الاتفاقيات والمعاهدات الدولية:
§
اتفاقية الجوانب المتصلة بالتجارة من حقوق الملكية الفكرية، والمعروفة باسم TRIPS لسنة 1994م.
سادساً: الأحكام القضائية
أ- الأحكام القضائية اليمنية:
v الأحكام
القضائية اليمنية غير المنشورة:
-
طعن تجاري يمني، رقم 33181 ، صادر بتاريخ 25/ 3/ 1430ه، الموافق 22/ 3/ 2009م.
ب- الأحكام القضائية المغربية:
v الأحكام
القضائية المغربية المنشورة:
-
قرار محكمة الاستئناف التجارية بالدار البيضاء رقم 2189/ 2012 بتاريخ 17/ 4/ 2012،
ملف رقم 1416/ 2012م، منشور في مجلة بدائل للقانون والاقتصاد، العدد 2، 2015م.
-
قرار محكمة الاستئناف التجارية بالدار البيضاء رقم 3769/ 2010 بتاريخ 27/ 4/
2010م، في ملف عدد 3034/ 2010، منشور في مجلة رحاب المحاكم، العدد6 يونيو
2010م.
v الأحكام
القضائية المغربية غير المنشورة:
-
حكم المحكمة التجارية بالدار البيضاء رقم 696 بتاريخ 13/ 5/ 2008م، ملف رقم 14/
200/ 2220.
-
حكم المحكمة التجارية بالرباط الصادر بتاريخ 27/ 10/ 1998م، ملف رقم 4/ 525/ 98.
-
قرار محكمة الاستئناف التجارية بالدار البيضاء، الصادر بتاريخ 4/ 7/ 2000م، ملف
عدد 1/ 2000/ 4.
-
حكم المحكمة التجارية بالدار البيضاء رقم 08-6580 بتاريخ 2/ 6/ 2008م، ملف
رقم2007-16-8072.
-
حكم محكمة الاستئناف التجارية بالدار البيضاء رقم 3287 بتاريخ 31/ 5/ 2017م، ملف
رقم 1384/ 8211/ 2017.
-
حكم محكمة الاستئناف التجارية بالدار البيضاء رقم 3280 بتاريخ 31/ 5/ 2017م، ملف
رقم 1845/ 8211/ 2017.
-
قرار محكمة الاستئناف التجارية بالدار البيضاء- المغرب، رقم 3124، بتاريخ 24/05/
2017، ملف رقم 1698/ 8211/ 2017.
-
قرار محكمة الاستئناف التجارية بالدار البيضاء- المغرب، رقم 3277، بتاريخ 31/ 05/
2017، ملف رقم 1000/ 8211/ 2017.
سابعاً: المواقع الإلكترونية
-
موقع المكتبة القانونية https://www.legal-library-books. Com
-
موقع المكتبة القانونية العربية: https://www.bibliotdroit.com
-
موقع https://lawyeregypt.net
-
موقع https://www.mohamy.online
-
موقع مجموعة عرب للقانون في الإنترنت، جهة الأحكام القضائية المختارة: www.arablaw.org
[1] عمر السعيد رمضان: مبادئ قانون الإجراءات الجنائية،
الجزء الأول، مطبعة جامعة القاهرة والكتاب الجامعي، القاهرة مصر، 1985م،
ص213.
[2] ينظر: نص المادة 5
من القانون المغربي رقم 95 53 بشأن
إحداث محاكم تجارية الصادر بموجب الظهير الشريف رقم 1.97.65
بتاريخ4
شوال 1417ه، الموافق12
فبراير
1997م وتعديلاته.
[3] ينظر: حكم المحكمة التجارية بالرباط الصادر بتاريخ 27/10/1998م،
ملف رقم 04/525/98. غير منشور، وكذلك قرار محكمة الاستئناف التجارية بالدار
البيضاء، الصادر بتاريخ 04/07/2000 م، ملف عدد 01/2000/4 غير منشور.
[4] محمد محبوبي: النظام القانوني للعلامات في ضوء التشريع
المغربي المتعلق بحقوق الملكية الصناعية والاتفاقيات الدولية، ط2، دار أبي رقراق
للطباعة والنشر، الرباط المغرب، 2011م ، ص 160، وكذلك بدر الحلامي: دعوى تزييف
العلامة التجارية بين التشريع والقضاء، ط1، دار السلام للنشر والتوزيع، الرباط
المغرب، 2014م، ص 88.
[5] ينظر: حكم المحكمة التجارية بالدار البيضاء رقم 696 بتاريخ 13/ 5/
2008م، ملف رقم 14/
200/ 2220.
حكم غير منشور.
[6] قرار محكمة الاستئناف التجارية بالدار البيضاء رقم 2189/ 2012 بتاريخ 17/ 4/
2012، ملف رقم 1416/
2012 ، منشور في مجلة بدائل للقانون والاقتصاد، العدد 2، 2015م، ص 138.
[7] أحمد فتحي سرور: الوسيط في قانون الإجراءات الجنائية،
الكتاب الأول، ط10، دار النهضة العربية، القاهرة مصر، 2016م ، ص 255،256.
[8] محمد أحمد قشاش: محمد أحمد قشاش: شرح قانون الإجراءات
الجزائية اليمني، مكتبة ومركز الصادق للطباعة والنشر والتوزيع، صنعاء اليمن، 2023م،
ص 162.
[9] قانون المسطرة المدنية المغربي،
الصادر بالظهير الشريف بمثابة قانون رقم 1.74.447 بتاريخ
11 رمضان 1394ه، الموافق 28 سبتمبر 1974م.
[10] حياة نجدوي: الدعاوى القضائية
في مادة الملكية الصناعية، دبلوم الدراسات العليا المعمقة، جامعة الحسن الثاني،
كلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية، الدار البيضاء، المغرب، السنة
الجامعية 2009 2010م، ص 116.
[11] حكم المحكمة التجارية بالدار
البيضاء رقم 086580 بتاريخ 2/ 6/ 2008م، مله رقم 2007168072. حكم
غير منشور.
[12] ينظر: نص المادة 259 من قانون المسطرة الجنائية المغربي.
[13] محمد صبحي نجم: الوجيز في قانون أصول المحاكمات
الجزائية، ط1، دار الثقافة للنشر والتوزيع، عمّان الأردن، 2006م.، ص 172.
[14] رؤوف عبيد: مبادئ الإجراءات الجنائية في القانون
المصري، دار الجيل للطباعة، القاهرة مصر، 1982م. ص 220.
[15] يسر أنور علي، د. آمال عبد الرحيم عثمان: شرح قانون
الإجراءات الجنائية، دار النهضة العربية، القاهرة مصر، 1997م.، ص 256.
[16] محمد أحمد قشاش: شرح قانون الإجراءات الجزائية اليمني،
مرجع سابق، ص 168.
[17] محمد أحمد قشاش: المرجع السابق، ص 169.
[18] من أهم حالات عدم قبول الدعوى الجنائية: أن تكون قد
رفعت من غير ذي صفة أو ألا تقدم الشكوى أو الطلب أو الإذن المتطلب لتحريكها أو
تقدم بعد الموعد المحدد لذلك، أو تكون هذه الدعوى قد انقضت بسبب من أسباب
انقضائها، ولكن أبرز حالات عدم اختصاص القضاء الجنائي أن يتبين له أن النزاع مدني
محض، وأنه قد البس ثوباً جنائياً ظاهرياً، إذ يكون ذلك نوعاً من الاحتيال على
قواعد الاختصاص لا يجوز أن ينبني عليه تغييرها، ولا يصح أن ينخدع به القضاء. ينظر:
محمود نجيب حسني: شرح قانون الإجراءات الجنائية، ط3، دار النهضة العربية، القاهرة
مصر، 1998م، ص312.
[19] نقض مصري بتاريخ 22/مايو/1944م، مجموعة القواعد القانونية، ج6، رقم 356، ص489. أشار
إليه محمود نجيب حسني: المرجع السابق، ص313
[20] رؤوف عبيد: المشكلات العملية الهامة في الإجراءات
الجنائية، مرجع سابق، ص807.
[21] نقض مصري في تاريخ 20/يناير/1900م، مج1، س185. أشار
إليه سعيد البرك السكوتي: شرح قانون الإجراءات الجزائية اليمني، مرجع سابق، ص136.
[22] ينظر: نص المادة
48
من قانون الإجراءات الجزائية
اليمني.
[23] سعيد البرك السكوتي: شرح قانون الإجراءات الجزائية
اليمني، ط1، دون دار نشر، المكلا اليمن، 2022م.، ص 136.
[24] سعيد البرك السكوتي: المرجع السابق، ص136.
[25] إلهام محمد حسن العاقل: الإجراءات الجنائية اليمني،
الجزء الأول، الدعوى الجزائية والدعوى المدنية، ط1، مؤسسة الثورة للصحافة والطباعة
والنشر، صنعاء اليمن، 1999م، ص184.
[26] محمد صبحي نجم: الوجيز في قانون أصول المحاكمات
الجزائية، مرجع سابق، ص147.
[27] ينظر: نص المادة
45
من قانون الإجراءات الجزائية
اليمني.
[28] سعيد البرك السكوتي: شرح قانون الإجراءات الجزائية
اليمني، مرجع سابق، ص137.
[29] حسن صادق المرصفاوي: المرصفاوي في أصول الإجراءات
الجنائية، منشأة المعارف، الإسكندرية مصر، 2007م، ص284، وكذلك
عبد الوهاب حومد: أصول المحاكمات الجزائية، مرجع سابق، ص383.
[30] ينظر: نص المادة46
من
قانون الإجراءات الجزائية اليمني.
[31] محمد زكي أبو عامر: الإجراءات الجنائية، دار المطبوعات
الجامعية، الإسكندرية، د.ط، 1984م، ص607.
[32] ينظر: نص المادة
27
من قانون الإجراءات الجزائية
اليمني.
[33] ينظر: نص المادة
97
من القانون ذاته.
[34] سعيد البرك السكوتي: شرح قانون الإجراءات الجزائية
اليمني، مرجع سابق، ص138.
[35] ينظر: نص المادة
113
من قانون الإجراءات الجزائية
اليمني.
[36] ينظر: أحكام النقض س7،ق109، ص369.
أشار إليه حسن صادق
المرصفاوي: المرصفاوي في قانون الإجراءات الجنائية، مرجع سابق، ص231.
[37] ينظر: نص الفقرة الأخيرة من المادة 92 من قانون
الإجراءات الجزائية اليمني، ونص الفقرة الثانية من المادة 23
من قانون المسطرة الجنائية
المغربي.
[38] توفيق لويس توفيق: ذاتية الدعوى المدنية الناشئة عن
الجريمة. "دراسة مقارنة"، د.ن، 2004م، ص528.
[39] حسن صادق المرصفاوي: اختصاص القضاء الجنائي بالفصل
بالدعوى المدنية، مرجع سابق، ص287.
[40] ينظر: نص المادة
53
من قانون الإجراءات الجزائية
اليمني.
[41] محمد زكي أبو عامر: الإجراءات الجنائية، مرجع سابق، ص608.
[42] ينظر: نص المادة
24
من قانون الإجراءات الجزائية
اليمني.
[43] ينظر: نص المادة
218
من القانون ذاته.
[44] ينظر: نص المادة
224
من القانون ذاته.
[45] ينظر: نص المادة
122
من القانون ذاته. وكذلك سعيد
البرك السكوتي: المرجع السابق، ص139.
[46] ينظر: نص المادة
53
من قانون الإجراءات الجزائية
اليمني.
[47] محمد زكي أبو عامر: الإجراءات الجنائية، مرجع سابق، ص611.
[48] ينظر: نص المادة 251/ف2
من قانون الإجراءات الجنائية
المصري، ونصوص المادتين 58،55 من قانون أصول المحاكمات الجزائية الأردني، ونص المادة 22 من
قانون الإجراءات الجزائية الإماراتي، وغيرها من القوانين.
[49] ينظر: نص المادة 46/ف2،
3
من قانون الإجراءات الجزائية
اليمني، ونص المادة 349 من قانون المسطرة الجنائية المغربي.
[50] محمد بن محمد سيف شجاع: شرح قانون الإجراءات الجزائية
اليمني، مرجع سابق، ص215.
[51] ينظر: نص المادة
50
من قانون الإجراءات الجزائية
اليمني، وكذلك نص المادة 350
من قانون المسطرة الجنائية
المغربي.
[52] حسن صادق المرصفاوي: اختصاص القضاء الجنائي في الفصل
في الدعوى الجنائية، مرجع سابق، ص279.
[53] ينظر: نص المادة
51
من قانون الإجراءات الجزائية
اليمني.
[54] محمد بن محمد سيف شجاع: شرح قانون الإجراءات الجزائية
اليمني، مكتبة الصادق للطباعة والنشر والتوزيع، صنعاء، ط6، 2009م.، ص216.
[55] سعيد البرك السكوتي: شرح قانون الإجراءات الجزائية
اليمني، مرجع سابق، ص140.
[56] ينظر: نص المادتين 104،103
من قانون المرافعات والتنفيذ
المدني اليمني رقم 40 لسنة
2002م وتعديلاته.
[57] ينظر: نص المادة 43
من قانون الإجراءات الجزائية
اليمني، وكذلك نص المادة 350 من قانون المسطرة الجنائية المغربي.
[58] ينظر: نص المادة
46
من قانون الإجراءات الجزائية
اليمني، وكذلك نص المادة 354 من قانون المسطرة الجنائية المغربي.
[59] حسن صادق المرصفاوي: الدعوى المدنية أمام المحاكم
الجنائية، منشأة المعارف، الاسكندرية، د.ط، 1997م، ص301.
[60] محمود مصطفى: شرح قانون الإجراءات الجنائية المصري،
مطبعة القاهرة والكتاب الجامعي، القاهرة، ط12، 1998م، ص197.
[61] محمود مصطفى: المرجع السابق، ص197.
[62] يعتبر الادعاء المباشر من آثار النظام الاتهامي أو
نظام الاتهام الفردي الذي كان فيه المجني عليه ومن لحقه ضرر من الجريمة يتولى
الاتهام بنفسه، ويقوم برفع الدعوى العمومية الجزائية ومباشرتها ضد المتهم. ينظر: الإجراءات
الجنائية في التشريع المصري، ج2، دار النهضة العربية، القاهرة مصر، 2007م 2008م.،
ص215.
[63] محمود نجيب حسني: شرح قانون الإجراءات الجنائية، مرجع
سابق، ص314.
[64] ينظر في هذه الحقوق تفصيلاً: سعيد البرك السكوتي: حقوق
المدعي بالحق المدني تبعاً للدعوى الجنائية تشريعاً وتطبيقاً، بحث منشور في مجلة
الشارقة للعلوم الشرعية والقانونية، دولة الإمارات العربية المتحدة، المجلد 11،
العدد 2، ديسمبر 2014م، ص ١٢ وما بعدها.
[65] معمر
سيف أنعم عبده: العلامة التجارية وحمايتها جنائياً بين التشريعين اليمني والمغربي دراسة
مقارنة، رسالة دكتوراه قدّمت إلى كلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية،
بجامعة عبد المالك السعدي، بطنجة المغرب، 2020م، ص 139.
[66] ينظر: نصوص المواد 41 إلى 46 من قانون العلامات التجارية والمؤشرات الجغرافية اليمني.
[67] ينظر: نص المادة 222 من قانون حماية الملكية الصناعية المغربي.
[68] ينظر: نصوص المواد 385 إلى 391 من قانون المرافعات والتنفيذ المدني رقم 40 لسنة 2002م. وتعديلاته.
[69] ينظر: نصوص المواد 452 إلى 458
من قانون المسطرة المدنية المغربي.
[70] ينظر: نص المادة 179 من قانون حقوق الملكية الفكرية المصري، ونص المادة 39 من قانون العلامات التجارية الأردني، ونص المادة 37 من قانون العلامات
والبيانات التجارية العراقي، ونص المادة 41 من قانون العلامات التجارية الإماراتي،
ونص المادة 716/7 من قانون الملكية الفكرية الفرنسي.
[71] ينظر: نص المادة 50 من اتفاقية التريبس الدولية بشأن الجوانب المتصلة بالتجارة من حقوق الملكية
الفكرية، والمنبثقة عن اتفاقية جات.
[72] وردت هذه المادة ضمن مواد القسم
1 وعنوانه الدعاوى المدنية من الفصل
الخامس الذي يحمل عنوان علامات الصنع أو التجارة أو الخدمة من الباب الثامن
وعنوانه الدعاوى القضائية من قانون حماية الملكية الصناعية المغربي رقم 17.97، والمعدل بالقانونين رقم 23.13
و.31.05
[73] علي جمال الدين عوض: القانون
التجاري، دار النهضة العربية، القاهرة مصر، 1988م، ص 306.
[74] ينظر: محسن شفيق: الوسيط في
القانون التجاري المصري، الجزء الأول، ط2، دار النهضة العربية، القاهرة مصر، 1955م،
ص 240.
.Michel Pedamon, Hugues Kefack, op. cit, p356 [75]
أشار إليه
عبد السلام عبد الله أحمد الشرفي: الحماية القانونية للعلامة التجارية في ظل
التشريع اليمني، واتفاقية التريبس TRIPS، دراسة مقارنة، رسالة دكتوراه
مقدمة إلى كلية الحقوق، جامعة عين شمس، 1441ه 2019م، ص 277.
[76] عبد العزيز قنار: الإجراءات
الوقتية في مجال حماية الملكية الصناعية، رسالة لنيل دبلوم الماستر في قانون
الأعمال، كلية الحقوق، الدار البيضاء المغرب، 2009م/ 2010م، ص 10.
[77] عرّف المُشرّع اليمني الأوامر
على العرائض في المادة 246 من قانون المرافعات والتنفيذ المدني،
إذ جاء فيها: "الأوامر على العرائض هي عبارة عن قرارات وقتية أو تحفظية تصدر
في غير خصومة وفي غياب من صدر الأمر ضده بمقتضى السلطة الولائية لرئيس المحكمة أو
القاضي المختص لا تمس موضوع الحق وقد تتعلق به أو بتنفيذه وتتضمن إذناً أو تكليفاً
أو إجازة للإجراء أو تنظيمه".
[78] إدريس العلوي العبدلاوي: الوسيط
في شرح المسطرة المدنية، الجزء الأول، ط1، مطبعة النجاح الجديدة، الدار البيضاء
المغرب، 1998م، ص 519.
[79] نادية الشلوشي: دور القضاء
الزجري في الحماية القانونية للملكية الصناعية، العلامة التجارية نموذجاً، دبلوم
الماستر، جامعة عبد المالك السعدي، كلية العلوم القانونية والاقتصادية
والاجتماعية، طنجة المغرب، 2014/ 2015م، ص 74، 75.
[80] حكم محكمة الاستئناف التجارية
بالدار البيضاء رقم 3287 بتاريخ
31/ 5/ 2017م، ملف رقم 1384/
8211/ 2017. حكم غير منشور.
[81] حكم محكمة الاستئناف التجارية
بالدار البيضاء رقم 3280 بتاريخ 31/ 5/ 2017م، ملف رقم 1845/
8211/ 2017. حكم غير منشور.
[82] ينظر: قرار محكمة الاستئناف التجارية
بالدار البيضاء – المغرب، رقم 3124، بتاريخ 24/05/2017، ملف رقم 2017/8211/1698.
[83] ينظر: صلاح زين الدين: شرح
التشريعات الصناعية والتجارية، دار الثقافة للنشر والتوزيع، عمّان الأردن، 2007م،
ص 87.
[84] ينظر: عبد الله زوقة: حماية
حقوق الملكية الصناعية، العلامات نموذجاً، وفق مقتضيات القانون 13 23 والعمل
القضائي، مطبعة النجاح الجديدة، الدار البيضاء المغرب، 1439ه 2018م، ص 27.
[85] ينظر: أحمد الدوماني: حماية
العلامة التجارية من التزييف ، رسالة دكتوراه، ط1، مكتبة النجاح، الدار البيضاء
المغرب، 1435ه 2014م.، ص 330.
[86] معمر سيف أنعم عبده: مرجع سابق،
ص 206.
[87] تنص المادة 246 من قانون المرافعات والتنفيذ المدني على أن: "الأوامر على العرائض هي
عبارة عن قرارات وقتية أو تحفظية تصدر في غير خصومة وفي غياب من صدر الأمر ضده
بمقتضى السلطة الولائية لرئيس المحكمة أو القاضي المختص لا تمس موضوع الحق وقد
تتعلق به أو بتنفيذه وتتضمن إذناً أو تكليفاً أو إجازة للإجراء أو تنظيمه".
[88] ينظر: عبد الله زوفة: مرجع
سابق، ص 31، نادية الشلوشي: مرجع سابق، ص 74، 75.
[89] محمد سلام: اختصاصات رئيس
المحكمة التجارية بصفته تلك، بحث منشور في مجلة المحاكم المغربية، العدد 96،
أكتوبر 2002م، ص 15. أشار إليه معمر سيف أنعم
عبده: مرجع سابق، ص 208.
[90] ينظر: معمر سيف أنعم عبده: مرجع
سابق، ص 216.
[91] ينظر: عبد الله زوقه: مرجع
سابق، ص 34.
[92] كمال
محرر: الحماية القانونية لحقوق الملكية الصناعية بالمغرب، العلامة التجارية
نموذجاً، بحث منشور في مجلة القضاء والقانون، العدد 151 ، المملكة المغربية، وزارة
العدل، 2005م، ص 147.
[93] ينظر: فؤاد معلال: دليل منازعات
العلامة التجارية، ط1، دار الآفاق المغربية للنشر والتوزيع، الدار البيضاء المغرب،
2017م، ص 190.
[94] معمر سيف أنعم عبده: مرجع سابق،
ص 214.
[95] قرار محكمة الاستئناف التجارية
بالدار البيضاء رقم 3769/
2010 بتاريخ 27/ 4/ 2010م، في ملف عدد 3034/ 2010، منشور في مجلة رحاب المحاكم، العدد 6 يونيو 2010م، ص 121.
[96] معمر سيف أنعم عبده: مرجع سابق،
ص 220، 221.
[97] ينظر: معمر سيف أنعم عبده: مرجع
سابق، ص 220.
[98] ينظر: نص المادة 248 من قانون المرافعات والتنفيذ المدني اليمني.
[99] عبد الله زوقه: مرجع سابق، ص 45.
[100] فؤاد معلال: دليل منازعات
العلامة التجارية، مرجع سابق، ص 159.
[101] معمر سيف أنعم عبده: مرجع سابق،
ص 234.
[102] ينظر: معمر سيف أنعم عبده: مرجع
سابق، ص 231.
[103] سعيد
خالد علي جباري الشرعبي: الموجز في أصول قانون القضاء المدني، دراسة في أساسيات
قانون المرافعات المدني رقم 40 لسنة 2003م، ط3، مكتبة الصادق، صنعاء اليمن، 2004
2005م، ص 645.
[104] ينظر: نص المادة 251 من قانون المرافعات والتنفيذ المدني اليمني.
[105] ينظر: نص المادة 252 من قانون المرافعات والتنفيذ المدني اليمني.
[106] ينظر في هذا المعنى: علي بن
صالح القعيطي: الوجيز في شرح قانون المرافعات اليمني، ط1، مكتبة الجيل الجديد،
صنعاء اليمن، 1435ه/ 2014م، ص 194.
[107] معمر سيف أنعم عبده: مرجع سابق،
ص 237.
[108] معمر سيف أنعم عبده: مرجع سابق،
ص 237.
[109] ينظر: معمر سيف أنعم عبده: مرجع
سابق، ص 239.
[110] ينظر: قرار محكمة الاستئناف
التجارية بالدار البيضاء – المغرب، رقم 3277، بتاريخ 31/05/2017 ملف رقم 2017/8211/1000.
[111] ينظر: طعن تجاري يمني، رقم 33181،
صادر بتاريخ 25/ 3/ 1430ه، الموافق 22/ 3/ 2009م. حكم غير منشور.
[112] أحمد أبو الوفاء: إجراءات
التنفيذ في المواد المدنية والتجارية، ط10، منشأة المعارف، الإسكندرية مصر، 1991م،
ص 472.
[113] أحمد السيد صاوي، أسامة أحمد
شوقي المليجي: الإجراءات المدنية للتنفيذ الجبري في قانون المرافعات المصري، دار
النهضة العربية، القاهرة مصر، 2001م، ص 257.
[114] معمر سيف أنعم عبده: مرجع سابق،
ص 147.
[115] ينظر: نص المادة 39 من قانون العلامات التجارية الأردني، ونص المادة 37 من قانون العلامات والبيانات التجارية العراقي، ونص المادة 41 من قانون العلامات التجارية الإماراتي، وغيرها من القوانين.
[116] ينظر: نص المادة 115 من قانون حقوق الملكية الفكرية المصري.
[117] ينظر: معمر سيف أنعم عبده: مرجع
سابق، ص 148.
[118] عبد
الوهاب عرفة: الموسوعة العملية في حماية الملكية الفكرية، دار المطبوعات الجامعية،
الإسكندرية مصر، 2015م ، ص 114، 115.
[119] ينظر: معمر سيف أنعم عبده: مرجع
سابق، ص 150.
[120] حكم المحكمة العليا اليمنية في
الطعن التجاري رقم 27973 لسنة 1427ه، الصادر بتاريخ 28/شوال/1428ه، الموافق 19/11/2006م. حكم غير منشور أشار إليه معمر سيف أنعم
عبده: مرجع سابق، ص 150.
[121] ينظر: معمر سيف أنعم عبده: مرجع
سابق، ص 155، 156.
[122] ينظر: نص المادة 248 من قانون المرافعات والتنفيذ المدني اليمني.
[123] عبد الله زوقه: مرجع سابق، ص 45.
[124] ينظر: نص المادة 41/أ من قانون العلامات التجارية والمؤشرات الجغرافية اليمني، ونص المادة 248 من قانون المرافعات والتنفيذ المدني اليمني.
[125] ينظر: نص المادة 249 من قانون المرافعات والتنفيذ المدني اليمني.
[126] معمر سيف أنعم عبده: مرجع سابق،
ص 167.
[127] ينظر: نص المادة 249 من قانون المرافعات والتنفيذ المدني اليمني.
[128] ينظر: سعيد خالد الشرعبي: مرجع
سابق، ص 646.
[129] ينظر: سعيد البرك السكوتي: شرح قانون الإجراءات
الجزائية اليمني، ص 160.
[130] ينظر: نص المادة
62
من قانون الإجراءات الجزائية
اليمني.
[131] إلهام محمد حسن العاقل: الإجراءات الجنائية اليمني،
الجزء الأول، مرجع سابق، ص218.
[132] محمود نجيب حسني: شرح قانون الإجراءات الجنائية، مرجع
سابق، ص321.
[133] نقض مصري بتاريخ
12 مايو 1906م، استقلال6، ص55، وبتاريخ
26 يوليو 1913م، مج15، س5. أشار
إليه جندي عبد الملك: الموسوعة الجنائية، دار إحياء التراث العربي، لبنان، المجلد
الثالث، د.ت، ص731.
[134] سعيد البرك السكوتي: شرح قانون الإجراءات الجزائية
اليمني، مرجع سابق، ص160،161.
[135] أحمد فتحي سرور: الوسيط في قانون الإجراءات الجنائية،
مرجع سابق، ص265،266.
[136] ينظر: نص المادة 14
من قانون المسطرة الجنائية
المغربي.
[137] ينظر: سعيد البرك السكوتي: شرح قانون الإجراءات
الجزائية اليمني، مرجع سابق، ص161.
[138] سعيد البرك السكوتي: المرجع السابق، ص161.
[139] مأمون محمد سلامة: قانون الإجراءات الجنائية، معلقاً
عليه بالفقه وأحكام النقض، الجزء الثاني، مراجعة: د. رفاعي سيد سعد، سلامة للنشر
والتوزيع، القاهرة مصر، 2017م، ص913.
[140] سعيد البرك السكوتي: المرجع السابق، ص162.
[141] ينظر: مأمون محمد سلامة: قانون الإجراءات الجنائية
معلقا عليه بالفقه وأحكام النقض، الجزء الثاني، مرجع سابق، ص913.
[142] نقض مصري بتاريخ
24 إبريل 1956م، مجموعة الأحكام، س7، رقم180، ص646، 22 مايو
1984م، س35، ص799.
أشار إليه أحمد فتحي سرور:
الوسيط في قانون الإجراءات الجنائية، الكتاب الأول، مرجع سابق، ص495.
[143] ينظر: أحمد فتحي سرور: الوسيط في قانون الإجراءات
الجنائية، الكتاب الأول، مرجع سابق، ص495.
[144] تنص المادة
564
من قانون الإجراءات الجزائية
اليمني على أنه: "يرجع في كل ما لم يرد فيه نص في هذا القانون إلى أحكام
قانون المرافعات وقانون الإثبات الشرعي والقواعد العامة الشرعية".
[145] مأمون محمد سلامة: قانون الإجراءات الجنائية معلقا
عليه بالفقه وأحكام النقض، الجزء الثاني، مرجع سابق، ص915.
[146] أحمد فتحي سرور: الوسيط في قانون الإجراءات الجنائية،
مرجع سابق، ص269.
[147] وهذا الاستثناء نصت عليه أيضاً المادة 259/2 من قانون الإجراءات الجزائية المصري، وكذا المادة
337
من قانون أصول المحاكمات
الجزائية الأردني.
[148] ينظر في انقضاء الدعوى الجزائية في القانون اليمني:
المواد من 36 إلى 42 من قانون الإجراءات الجزائية اليمني.
[149] أحمد فتحي سرور: المرجع السابق، ص270.
[150] حسن صادق المرصفاوي: المرصفاوي في الدعوى المدنية أمام
المحاكم الجنائية، مرجع سابق، ص467.
[151] رؤوف عبيد: مبادئ الإجراءات الجنائية، مرجع سابق، ص205
[152] نظام توفيق المجالي: نطاق الادعاء بالحق الشخصي أمام
القضاء الجزائي، دار الثقافة للنشر والتوزيع، عمانالأردن، ط1، 2006م، ص181
[153] تنص المادة
27
من قانون الإجراءات الجزائية
على أنه: "لا يجوز للنيابة العامة رفع الدعوى الجزائية أمام المحكمة إلا بناء
على شكوى المجني عليه أو من يقوم مقامه قانونا في الأحوال الآتية: 1 في
جرائم القذف والسب وإفشاء الأسرار الخاصة والإهانة والتهديد بالقول أو بالفعل أو
الإيذاء الجسماني البسيط مالم تكن الجرائم وقعت على مكلف بخدمة عامة أثناء قيامه
بواجبه أو بسببه. 2 في الجرائم التي تقع على الأموال فيما بين الأصول
والفروع والزوجين والأخوة والأخوات. 3
في جرائم الشيكات. 4 في
جرائم التخريب والتعييب واتلاف الأموال الخاصة وقتل الحيوانات بدون مقتضى أو
الحريق غير العمدي وانتهاك حرمة ملك الغير، وكذلك في الأحوال الأخرى التي ينص
عليها القانون".
[154] أحمد فتحي سرور: الوسيط في قانون الإجراءات الجنائية،
مرجع سابق، ص271.
[155] محمود نجيب حسني: قوة الحكم الجنائي في إنهاء الدعوى
الجنائية، دار النهضة العربية، القاهرة، 1977م، ص192.
[156] نظام توفيق المجالي: نطاق الادعاء بالحق الشخصي أمام
القضاء الجزائي، مرجع سابق، ص182.