مدى موائمة الذكاء الاصطناعي لنظرية العقد
باحثة بماستر قانون
العقود والأنظمة العقارية
كلية العلوم
القانونية والاقتصادية والاجتماعية، جامعة محمد الأول، وجدة.
مقدمة:
يعتبر العقد أهم مصادر الالتزام في جميع التشريعات والأنظمة القانونية على تعاقب العصور وذلك على اختلاف المدارس والعائلات القانونية كما قسمها الفقه الحديث.[1]والملاحظ أن الظاهرة التعاقدية أصبحت منتشرة في المعاملات اليومية للإنسان، إذ اتسع نطاقها وصارت تسود المجتمع أكثر فأكثر، فلا يكاد يمر يوم دون أن يبرم الفرد منا عقدا أو عقدين أو مجموعة من العقود، تتعدّد وتختلف حسب اختلاف حاجاته اليومية من بيع وشراء، وكراء، ورهن، وشغل، ونقل،وزواج وغيرها .... فالعقد يعد الأداة المثلى التي يلجأ إليها الأشخاص لإتمام مختلف العملياتالاقتصادية والاجتماعية، بغية تحقيق تبادل المصالح والخيرات والخدمات فيما بينهم. ومن هذا المنطلق تتضح أهمية العقد وهيمنته على حياة الإنسان خاصة والمجتمع عامة. [2]
ولعل أحدث تعريف للعقد تم وضعه من طرف المشرع الفرنسي بموجب المادة 1101 من
القانون المدني الفرنسي كما تم تعديلها سنة 2016، بكونه: " تعهد إرادتين أو
أكثر على إنشاء أو تعديل أو نقل أو إنهاء التزام".
إن نظام العقود نظام قديم، عرف في فترة المبادلة حيث كانت الأسر تلجأ لسد
حاجاتها إلى التبادل، فتأخذ بقدر ما تعطي، فلم يعرف العقد بمفهومه الحالي، كون أن
القانون آنذاك لم يكن يعنى بتنظيم العقود، ولم يكن همه إلا حفظ السلام.[3]
لقد مر العقد بعدة مراحل، وتأثر بالحركات الاجتماعية إلى أن وصل إلى ما هو
عليه اليوم، حيث أصبح يتجاذب العقد التطور الاجتماعي والاقتصادي. ويعتبر مرآة
ينعكس على النشاط الاقتصادي العام للدولة والأفراد، وينظر إليه كمعيار لقياس مدى
القوة الشرائية، والموازنة بين العرض والطلب، كلما أقبل الناس عليه وإلا انتعشت
المعاملات، وانتقلت الموارد، الأمر الذي من شأنه أن يحدث ازدهار العجلة الاقتصادية
وتحقيق النمو الاجتماعي الاقتصادي، فكلما ازدهرت المعاملات وإلا راحت العقول تبتكر
وتبدع وتطور نمط حياتها، فالعقد يشكلعملية اقتصادية واجتماعية متشابكة تتقابل فيها
عدة عوامل مختلفة.[4]
وليس يخفى أن نظرية العقد تأثرت بشكل كبير بالتكنولوجيا الحديثة وتغيرت
النظرة التقليدية للعقود، وأدى هذا التأثير والتغيير إلى إفراز بعض المفاهيم
الجديدة، حيث ظهر للوهلة الأولى ما يسمى بالعقد الالكتروني،لكن التطور التكنولوجي
لم يتوقف هنا؛ بل إن العالم يشهد الآن سباقا في العولمة، والتي أصبحت تنافس الذكاء
الإنساني، بمعنى أن الاختراعات الإنسانية المرتبطة بقضايا التكنولوجيا
الحديثةأفرزت لنا نوعا جديدا من الاختراعات التي اصطلح عليها بالذكاء الاصطناعي،
والذي يتمثل في عدة خوارزميات وأنظمة متطورة تسهم في إنجاز مختلف المهام التي يقوم
بها البشر، وأخص بالذكرإبرام العقود.[5]
وقد تولد عن الذكاء بروز ما يصطلح عليه بالعقد الذكي " Smart
contract". الذي انبثق عن نظام سلسلة
الكتل "
Blockchain"
حيث يعتبر هذا الأخير الرحم الذي أنجب العقود الذكية.[6]
هذا النوع من العقود، وإن تأخر ظهوره في ميدان القانون على الأقل في الفقه
اللاتيني ليس بالحديث في الولايات المتحدة الأمريكية، إذ يرجع الفضل في ظهوره مطلع
التسعينيات من القرن الماضي، إلى جهود العارفين بتكنولوجيا المعلومات يأتي في
مقدمتهم المعلوماتي ورجل القانون الأمريكي "Nick Szabo" والذي روج لهذا النمط التعاقدي من خلال مقالة صادرة له سنة
1997 تحت عنوان:" العقودالذكية: إضفاء الطابع الرسمي على الشبكات العامة
وتأمينها". [7]حيث
حاول الترويج لها، باستخدام أنظمة وبروتوكولات معلوماتيةوالاستلهام بفكر قانوني
واقتصادي معين، مدعيا أنها ستدعم المسار التعاقدي بمزيدمن الأمان والمردودية، ولعل
الفكرة التي انطلق منها هذا الفقيه، هي التنظير لزوال دور الغير المؤتمن في مسار
العقد، والدعوة إلى أتمتة جميع مراحل المسار التعاقدي بداية من مرحلة الإبرام
والتنفيذ وحتى مرحلة إنفاذ الجزاءات العقدية في حالة ثبوت الإخلال.[8]
غير أن ما يثير الإشكال في هذا الصدد، هو:
ما مدى موائمة المنظومة الحالية للعقد مع الفكر الجديد الذي أتى به الذكاء الاصطناعي؟
وتتفرع عن هذه الإشكاليةالتساؤلات التالية:
كيف يستطيع الذكاء الاصطناعي الذي يقوم على مجموعة من البرامج والخوارزميات
إبرامالعقد؟ وهل سيكون باستطاعة الذكاء الاصطناعي تنفيذ العقد؟ ومسائلته عن الأضرار
التي يلحقها بالغير؟
للإجابة عن هذا التساؤلات، سنقسم هذه
الدراسةإلى محورينوذلك وفق التقسيم التالي:
المحورالأول: أثر الذكاء الاصطناعي على مرحلة تكوين العقد
المحور الثاني: أثر الذكاء الاصطناعي على مرحلة تنفيذ العقد
المطلب الأول: أثر الذكاء الاصطناعي على مرحلة تكوين العقد
عمدت التطورات التكنولوجية الكبرى
التي شهدها العالم إلى فرض العديد من المتغيرات على مرحلة تكوين العقد، بحيث مست
مباشرة بالأسس التقليدية التي كانت تشيد على أساسها العقود من أمد بعيد، فتسببت في
إزالة الغبار عن عدد من المبادئ المكونة للعقد محدثتا ثورة عقدية حفزت وأنعشت بعض
المبادئ وأصابت بالتقهقر مبادئ أخرى.
فكما هو كعلوم، لكي ينشأ العقد صحيحا فانه يتعين فيه أن يكون مستجمعا
لعناصره الجوهرية التي يقوم عليها، فهو بمثابة البناء الذي لابد له من أركان يؤسس
عليها، وتترتب جزاءات في حالة تخلف أحد هذه الأركان، وإذا كانت من مرتكزات العقد
التقليدي الأهلية والتراضي. فهل هي ذاتها مرتكزات العقد الذكي في زمن الذكاء
الاصطناعي؟ وهل سيستطيع الذكاء الاصطناعي إجراء مفاوضات عقدية؟
هذا ما سنتطرق إليه في هذا المحور وفق التقسيم التالي:
الفقرة الأولى: أثر الذكاء الاصطناعي على
المفاوضات العقدية
الفقرة الثانية: أثر الذكاء الاصطناعي على أركان العقد
الفقرة الأولى: أثر الذكاء الاصطناعي على المفاوضات العقدية
المفاوضات العقدية هي مرحلة تمهيدية تسبق إبرام العقد وقد ذهب أحد
الباحثين [9]أن
المفاوضات هي " تبادل لوجهات النظر وتسوية الاختلافات والبحث عن مناطق محل
اتفاق مشترك والمصلحة المتبادلة والوصول لبعض أشكال الاتفاق شفويا أو تحريريا،
رسميا أو غير رسمي، والمفاوضات عملية مواجهة أو تساوم أو مناقشة غرضها الوصول إلى
اتفاق". وعرفها أخر[10]
بأنها: "مرحلة تقوم على المناقشة بهدف الوصول إلى اتفاق مشترك بين الأطراف
لتحقيق حل متفق عليه لحماية مصالح المتعاقدين وحل ما بينهما من خلاف".
فالمفاوضات تعتبر من المراحل المهمة التي تكون بين أطراف
التعاقد، وذلك بسبب ما تمثله من إمكانية إبرام العقد من عدمه، فهي تفرض مناقشة
مشتركة بين طرفين متقابلين من أجل إبرام عقد، حيث تشمل المقترحات الأولية التي
يبديها الطرفيين، كما تمكن الأطراف من الاطلاع على كافة التفاصيل الدقيقة المتعلقة
بالعقد والشروط والالتزامات المترتبة على كلا الطرفين
ورغم
أن المشرع المغربي لم ينظم مرحلة المفاوضات كالمشرع الفرنسي في المادة 1112 من
القانون المدني الفرنسي[11]الذي
نص على أنه" البدء، السير وقطع المفاوضات السابقة على التعاقد تكون حرة. يجب
أن تخضع إلزاما لمتطلبات حسن النية ". فإن الفقه والقضاء حاولا البحث في
مسألة الالتزامات الناشئة عن المفاوضات حيث استقر الجميع على وجوب الالتزام
بالتفاوض بحسن نية، أي أن يتسم سلوك المتفاوض بالشرف والأمانة والنزاهة وأن يمتنع
عن إتباع أساليب احتيالية قد
تدفع الطرف الآخر إلى القبول بإبرام عقد نهائي.[12]
وهنا
نتساءل عن مدى قدرة الذكاء الاصطناعي على إجراء المفاوضات العقدية؟
إن الإجابة على التساؤل تختلف بحسب نوع نظام
الذكاء الاصطناعي:
بالنسبة للأنظمة الذكاء الاصطناعي ذات "النطاق
العام والضيق" فيرى أحد الباحثين[13]أن المبدأ الذي يحكم هذه الأنظمة، هو عدم قدرتها
على إجراء المفاوضات العقدية، لأن هذه الأنظمة تكون مبرمجة في نطاق معين لا يمكنها
الخروج عنه بحيث لا تستطيع إجراء المفاوضات الحرة التي تستلزم محاكاة العقل البشري ولا تستطيع التمييز مابين
ماينفع ومايضر. باستثناء الفرض الذي تصمم فيه هذه الأنظمة على برامج تفاوض معينة
تصمم خصيصاً لإجراء المفاوضات العقدية بشأن مجال معين من المجالات العقدية، حيث
يتم تصميم الآلة الذكية أو النظام الذكي على إجراء المفاوضات في إطار خطوات برمجية
متسلسلة. فمثلاً يجوز برمجة الروبوت الآلية على نظم تفاوضية معينة تقوم بإجرائها
بطريقة خوارزمية معينة لا يكون هناك فيها مجال لإعمال المفاوضات الحرة التي تستلزم
وجود الإدراك البشري كما سبق وأن ذكرنا.
أما بخصوص أنظمة الذكاء
الاصطناعي الفائق، فيرى نفس الباحث[14] أنه إذا أمكن في المستقبل
التوصل إلى هذه الأنظمة في المستقبل، فسوف تستطيع إجراء المفاوضات العقدية، وذلك
لأنها ستكون مزودة ومصممة بقدرات تفوق القدرات البشرية وستكون مسألة إجراء هذه
المفاوضات أمر يسيراً بالنسبة لها.
وهو الأمر الذي تحقق فعلا في نوفمبر 2023،
في سابقة هي الأولى من نوعها، حيث أظهر الذكاء الاصطناعي القدرة على التفاوض على
عقد بشكل مستقل مع
ذكاء اصطناعي آخر دون أي تدخل بشري، حيث عرضت شركة "
Luminance
«برنامج الذكاء الاصطناعي الخاص بها، الذي تفاوض على عقد
في غضون دقائق.[15]
الواضح إذن أن تقنيات الذكاء الاصطناعي أصبحت في تنامي
متسارع وبصورة غير متوقعة، ونرى أن مكنة إجراء المفاوضات العقدية عن طريق هذه
الأنظمة، سيكون في تزايد ملحوظ في المستقبل القريب.
غير أن التساؤل الذي يطرحن فسه في هذا الصدد هو:
إلى أي حد
سيلتزم الذكاء الاصطناعي بالمحافظة على سرية المفاوضات؟
إن أهم التحديات التي تواجه المتعاقدين في عصر الذكاء
الاصطناعي هي قدرة خوارزميات هذا الأخير على جمع المعطيات الشخصية ومعالجة كميات
هائلة من البيانات الشخصية، مثل الأسماء والعناوين والمعلومات المالية، مما يطرح
فرضية استخدامها بشكل غير قانوني وسوء استخدامها أو الوصول غير المصرح به.
وإذا كان المشرع المغربي قد عني بإصدار العديد من
القوانين من أجل حماية المعطيات الشخصية، إلا أنها من وجهة نظري تبقى قاصرة في زمن
الذكاء الاصطناعي. وعلى سبيل المثال، في عام 2018، شهدت شركة فيسبوك فضيحة كبيرة
عندما تبين أن شركة خارجية حصدت البيانات الشخصية لملايين المستخدمين دون
موافقتهم. وقد سلط هذا الحادث الضوء على ضعف حماية البيانات الشخصية في عصر الذكاء
الاصطناعي وأثار مخاوف بشأن الافتقار إلى الشفافية والمساءلة في ممارسات التعامل
مع البيانات.[16]
الفقرة الثانية: أثر الذكاء
الاصطناعي على أركان العقد
لكي ينشأ العقد صحيحا منتجا للآثار المقصودة به فإنه
يتعين أن يكون مستجمعا لعناصره الجوهرية التي يقوم عليها أي يقتضي توافر أركان
يؤسس عليها، وقد أشار المشرع المغربي لهذه الأركان في الفصل الثاني من ق.ل.ع، الذي
جاء فيه بأن: " الأركان اللازمة لصحة الالتزامات الناشئة عن التعبير عن
الإرادة هي:
1- الأهلية للالتزام.
2- تعبير صحيح عن الإرادة يقع على العناصر الأساسية للالتزام.
3- شيء محقق يصلح لأن يكون محلا للالتزام.
4 - سبب مشروع للالتزام".
ويضاف إلى هذه الأركان الشكلية في العقود الشكلية
والتسليم في العقود العينية. [17]
إذا كان ركن السبب والمحل لا يطرح أي إشكال، فإننا نتساءل
عن مدى موائمة ركن التراضي مع الفكر الجديد الذي أتى به الذكاء الاصطناعي، خاصة على مستوى تكوين
العقد الذكي؟
من المعروف أن الرضا يتم عن طريق تبادل الأطراف العقد التعبير عن إرادتهم
بصورة متطابقة بإيجاب وقبول صحيحين إما كتابة أو لفظا...
بينما مع أنظمة
الذكاء الاصطناعي الأمر غير ذلك، فهذه الأنظمة أحدثت نقلة نوعية في التعبير عن الإيجاب والقبول بصورة
رقمية على شكل "كود" تفهمه الآلة، حيث يخزن إيجاب العقد الذكي في "كود" بروتوكول" بواسطة
برمجيات خاصة عالية المستوى. وذلك في شكل" if- then" وفق شروط محددة من خلال تقنية البلوك تشين"، كونه
إرادة أحد الأطراف، ثم يتم نشره
على البلوكشين من قبل الموجب، وعندما يتم نشره على الشبكة، يمكن لأعضاء الشبكة
الراغبين في التعاقد التفاعل معه وقبوله.[18]
و القبول يصدرمن الموجب له عندما يعبر عن موافقته على الايجاب بتوقيع العقد بواسطة مفتاح
التشفير الخاص المتعلق به Private Key Cryptographic.[19]
ففي عقد البيع
مثلا يتم تخزين إرادة البائع بنقل المبيع وفق شروط محددة، كما تخزن إرادة المشتري
بالتملك وفق شروط محددة، فإذا تطابقت الشروط فإن العقد ينفذ تلقائياً، ويشهد على
ذلك عدد من الأجهزة عبر النظام، فهنا قد حصل تراضي وتلاقي إرادتين على إنشاء عند
وترتيب أثر قانوني عليه، وتم تخرين هاتين الإرادتين في برمجيات
خاصة تشرف عليها تقنية البلوك تشين، وتوزع على عدد من الأجهزة المشتركة لتقوم
بتوثيق المعاملة وتصحيحها ومتابعة تنفيذها.[20]
كما أن مجلس
العقد في التعاقد من خلال أنظمة الذكاء فهو تعاقد بين حاضرين من حيث الزمان، فهذا النظام
يحل محل الموجب في العلم بصدور القبول من الموجب له، إلا أنها تعاقد بين غائبين من
حيث المكان، لأن الموجب والموجب له في مكانين مختلفين، فمكان انعقاد العقد هنا هو المكان
الذي يوجد فيه القابل لحظة صدور القبول.[21]
هذا بخصوص ركن التراضي،
فماذا عن ركن الاهلية؟
كما هو معلوم،
فإن القواعد التقليدية لصحة إبرام العقود تشترط صدور الإرادة فيها من ذي الأهلية،
فالفصل الثاني من ق.ل ع المغربي ينص على أن الأركان اللازمة لصحة الالتزامات الناشئة عن
التعبير عن الإرادة هي: الأهلية للالتزام، تعبير صحيح عن الإرادة يقع على العناصر
الأساسية للالتزام...".
والأصل في الشخص
كمال الأهلية ببلوغه سن الرشد القانوني، أما النقصان أو الانعدام فهو عارض واستثناء
سواء كان راجعا لعامل السن أو العقل أو الحكم بعقوبة جنائية تستدعي تجريد المحكوم
عليه من حقوقه المدنية بما في ذلك سحب الأهلية المدنية.[22]
فمتى كانت الأهلية كاملة كان العقد صحيحا، ومتى
انعدمت كان العقد باطلا، وإذا كانت ناقصة كان العقد قابلا للإبطال، وذلك ارتباطا
ببعض العوارض كالسن، والجنون والسفه أو العته...
إلا أنه وارتباطا
بأنظمة الذكاء الاصطناعي فهذا الأمر يصعب التحقق والتأكد منه، سيما وأن هذه
الأنظمة مفتوحة للجميع ولا يشترط للتعامل بها ما وضعه المشرع والفقهاء من شروط لكمال الأهلية.[23]
وهو ما يمكن
اعتباره ثورة في مجال نظرية العقد التي خصصت حيزا كبيرا للأهلية وما قد يشوبها من
عيوب تتراوح بين بطلان العقد، وإبطاله، والمطالبة بفسخه ، بينما الذكاء الاصطناعي
يمنح للكل على قدم المساواة إبرام هذه العقود، حيث يمكن للقاصر دون سن12 سنة أن
يبرم العقود الذكية، والتي تعتبرها نظرية العقد التقليدية تصرفات باطلة وفقا لما
نصت عليه مدونة الأسرة[24]
في المادة 224[25]،
حتى لو كانت من نوع التصرفات النافعة له نفعا محضا، وهو الحال أيضا مع المجنون والمحجور
عليه قضائيا وفقا للمادتين 217[26]
و 225[27]
من مدونة الأسرة.[28]
فما مصير التصرفات التي
يبرمها ناقص الأهلية وفاقدها من خلال هذه الأنظمة خاصة في غياب نصوص قانونية بهذا الشأن؟
إن أنظمة الذكاء الاصطناعي
تضع نظرية العقد التقليدية محل نظر، ذلك أن التصرف القانوني قد يلحقه عيب سواء
تخلف أحد أركانه أو تخلف شرط من شروط صحة الرضي، وهو الأمر الذي يعني أن العقد
أصبح في الوضعية القانونية للبطلان، أو القابلية للإبطال، إذ يعتبر العقد غير قائم
بسبب اختلال تكوينه سواء بتخلف أحد الأركان أو لعدم صحة الإرادة في ركن التراضي،
بينما تغيب كل هذه المعوقات مع الذكاء الاصطناعي، ليمنح بذلك للكل على قدم
المساواة - دون اعتبار العوارض الأهلية الحق في إبرام العقود، والانتفاع بمزاياها
وتحقيق المنفعة والربح المادي. [29]
وكما يصعب في
إطار برامج الذكاء الاصطناعي التحقق من أهلية المتعاقدين فحتى الصفة تطرح إشكالا،
إذ أنه من السهل التحايل وانتحال الصفة في ظل هذه البرمجيات، فعادة عقود الذكاء
الاصطناعي تبرم من خلال دخول الأطراف بأسماء مستعارة، فيكون كل منهما مجهولا للطرف
الآخر، ومن جانب آخر قد يقع أحد المتعاقدين في حالة غلط في شخصية المتعاقد الآخر. وهذا السياقأكدته المحكمة الابتدائية بوجدة حينما أعتبرت أن facebookmessenger ليس
وسيلة اتصال أمنة، وأنه يمكن انتحال الهوية الرقمية باستخدام تقنيات الذكاء الاصطناعي.[30]
فالتأكد من
الهوية الرقمية للشخص المتعاقد وتطابقها مع الهوية الفيزيائية مسألة في غاية
التعقيد، إذ كيف يتم التأكد من وجود
شخصية رقمية تثبت حقيقة الشخص الفيزيائي من خلال البيئة الرقمية وصولا للادعاء من صحة الرضا والقبول.[31]
المطلب الثاني: أثر الذكاء الاصطناعي على مرحلة تنفيذ العقد
عندما يستجمع العقد كافة العناصر
اللازمة لنشأته وفقا لما هو مقرر قانونا نكون أمام عقد صحيح ملزم لأطرافه، في حدود
ما تم الاتفاق عليه في صلب العقد فالأصل في تنفيذ العقود مبدأ القوة الملزمة للعقد
حيث لا يمكن لأحد طرفيه نقضه أو تعديله إلا باتفاق الطرفين أو للأسباب التي يقررها
القانون.
إن مسألة موائمة المنظومة الحالية للعقد مع الفكر الجديد الذي أتى به
الذكاء الاصطناعي، لا تعاني فقط من اختلالات عند إبرامها، بل حتى عند تنفيذ
العقد. كما نتساءل في هذا المحور حتى عن المسؤولية الذكاء الاصطناعي عن الأضرار
التي يلحقها بالغير عند تنفيذ العقد.
وهذا ما سنحاول التطرق إليه من خلال التقسيم التالي:
الفقرة الأولى: إسهام تقنيات الذكاء الاصطناعي في تنفيذ العقد
الفقرة الثانية: مسؤولية الذكاء الاصطناعي
الفقرة الأولى: إسهام تقنيات
الذكاء الاصطناعي في تنفيذ العقد
يعتبر مبدأ القوة الملزمة للعقد من أهم النتائج المترتبة عن قيام العقد
صحيحا ومستوفيا لأركانه، وقد ورد النص على هذا المبدأ في الفصل 230 من ق.ل.ع، والذي
جاء فيه ما يلي: " الالتزامات التعاقدية المنشأة على وجه صحيح تقوم مقام
القانون بالنسبة إلى منشئيها، ولا يجوز إلغاؤها إلا برضاهما معا أو في الحالات
المنصوص عليها في القانون."
فالعقد الرابط بين طرفين يعتبر بمثابة قانون ثنائي ينظم موضوع المعاملة
التي حصل بشأنها الاتفاق، وهذا يعني أن العقد يكون ملزما لأطرافه بما تضمنه من
بنود، وبالتالي فإن أي محاولة للمراجعة الفردية أو إظهار لنية العدول عن مقتضيات
الاتفاق لا يكون لها من أثر إلا إذا حصلت عن طريق تراضي الطرفين.[32]
وتعد خاصية الأتمتة إحدى نقاط القوة الرئيسية لتنفيذ العقود بواسطة الذكاء
الاصطناعي، لما تؤدي إليه ميكانيكيا من التقليل من مخاطر الخطأ البشري في تنفيذ
العقود، أو عدم احترام الالتزامات التعاقدية، وبالتالي تجنب المتعاقد خطر التسبب
في فسخ العقد- بصفة عامة وتقليلا للمنازعات اللاحقة[33]،حيث
تعمل تقنيات الذكاء الاصطناعي على أتمتة العقد تلقائيا بمجرد صدور القبول، أي ينفذ
العقد تلقائيا بواسطة الذكاء الاصطناعي[34].
إن أحد الباحثين ذهب[35]للقول
بأن تقنيات الذكاء الاصطناعي يبقى دورها مهما في الجانب المتعلق بتنفيذ العقد
مقارنة بما هو تقليدي، و أنه حتى رغم غياب
نصوص قانونية تعزز الدور المهم هذا، تبقى القواعد العامة لتنفيذ العقود هي المطبقة
في تنفيذ العقود من عدمه، وتظل آثار عدم تنفيذ العقد تحتكم إلى نصوص القانون
المدني، في حالة ما إذا تم الإخلال بالالتزامات، فإن الجزاء القانوني يكون نفس
الجزاء المقرر في القواعد العامة وهو الفسخ مثلا ... هذا على اعتبار أن المشرع
المدني ما زال لم ينظم بعد هذا النوع من النصوص القانونية، مما يمكن معه القول إنه
لا إشكال في تطبيق القواعد العامة بما يتلاءم مع العقود المبرمة بغض النظر عن
الوسيلة التي تم بها الإبرام هل بطريقة تقليدية أم بطريقة إلكترونية، أم عن طريق
تقنيات الذكاء الاصطناعي،
غير أن لي رأي مخالف، لأنه وبالرغم من الإغراء الذي تجلبه تقنية الأتمتة والتي
تمثل قوة الذكاء الاصطناعي، يمكن أن تكون نقطة ضعفه أيضا، كون هذه الخاصية لا
تتوافق بتاتا مع نظرية العقد[36]، فخاصية الأتمتة ترتب جزاء الفسخ أو الانحلال
العقد بصفة ذاتية، في حين أن الفصل 259 من ق.ل.ع نص على أنه: " لا يقع فسخ
العقد بقوة القانون، وإنما يجب أن تحكم به المحكمة".
كما ينجم عن هذه الخاصية، إزاحة مبدأ حسن النية كونها إحدى أساسيات نظرية
العقد، حيث جاء في الفصل 231 من ق.ل.ع، ما يلي: "كل تعهد يجب تنفيذه بحسن نية..."فلا
يتصور أن الذكاء الاصطناعي سيأخذ في الحسبان حسن نية الأطراف عند تنفيذ العقد.
أضف إلى ذلك هل سيستطيع الذكاء الاصطناعي، عند الشروع في تنفيذ العقود استيعاب
الفصلين [37]268
و269 [38]من
ق.ل.ع والتعرف على الحوادث التي تأخذ حكم القوة القاهرة، والتعامل مع الظروف
الاستثنائية والحادث الفجائي أو الظروف الطارئة، كونها مفاهيم تتنافى مع خاصية
الأتمتة هذه.
ومن جهة أخرى إذا كانت القاعدة المقررة في قانون الالتزامات والعقود
المغربي أن القاضي لا يملك سلطة مراجعة العقد، ولو عن طريق منح مهل قضائية إلا
بمقتضى اتفاق سابق بين المتعاقدين أو بمقتضى نص قانوني كما يقضي بذلك الفصل 128 من
ق.ل.ع والذي ورد فيه: "لا يسوغ للقاضي أن يمنح أجلا أو أن ينظر إلى ميسرة،
مالم يمنح هذا الحق بمقتضى الاتفاق أو القانون. إذا كان الأجل محدداً بمقتضى
الاتفاق أو القانون لم يسع للقاضي أن يمدده مالم يسمح له القانون بذلك". وأنه
استثناء ومراعاة للظروف والأزمات التي قد يمر بها المدين بسبب ظروف اقتصادية عامة
أو ظروف شخصية فإن المشرع المغربي سمح للقضاء بالتدخل في العقد بمنح المدين مهلة
الميسرة، أي مهلة زمنية معقولة للتغلب على هذه الظروف والتي جعلت تنفيذ الالتزام
أمراً صعباً.
والذي عبر عنه المشرع صراحة في الفصل 243 من ق ل ع والمعدل بمقتضى ظهير 18 مارس
1917 حيث نص في الفقرة الثانية على أنه: "ومع ذلك يسوغ للقضاة مراعاة منهم
المركز المدين، ومع استعمال هذه السلطة في نطاق ضيق، أن يمنحوه اجالا معتدلة
للوفاء. وأن يوقفوا إجراءات المطالبة، مع إبقاء الأشياء على حالها".[39]
وأيضا إذا كنت المادة 149 من القانون 31.08[40]تنص
على أن: " بالرغم من أحكام الفقرة 2 من الفصل 243 من الظهير الشريف الصادر في
9 رمضان 1331 12 أغسطس 1913 بمثابة قانون الالتزامات والعقود، يمكن ولاسيما في
حالة الفصل عن العمل أو حالة اجتماعية غير متوقعة أن يوقف تنفيذ التزامات المدين
بأمر من رئيس المحكمة المختصة. ويمكن أن يقرر في الأمر على أن المبالغ المستحقة لا
تترتب عليها فائدة طيلة مدة المهلة القضائية.
يجوز للقاضي، علاوة على ذلك أن يحدد في الأمر الصادر عنه كيفيات أداء
المبالغ المستحقة عند انتهاء أجل وقف التنفيذ، دون أن تتجاوز الدفعة الأخيرة الأجل
الأصلي المقرر لتسديد القرض بأكثر من سنتين غير أن له أن يؤجل البت في: كيفيات
التسديد المذكورة إلى حين انتهاء أجل وقف التنفيذ. "
و التي تجد تطبيقاتها في العديد من المقررات القضائية،وفي
ذلك قضى الرئيس الأول للمحكمة الابتدائية بالقنيطرة ما يلي[41]
: "حيث يهدف الطلب الى الأمر بتأجيل الأقساط الشهرية المترتبة على عقد القرض
المبرم بين المدعي والمدعى عليها – الشركة – تطبيقا للمادة 149 من ظهير
18/02/2011، وحيث أسس المدعي طلبه على كونه ظل يؤدي أقساط القرض الممنوح له من قبل
المدعى عليها، وأنه يمارس مهنة حرة، وأن دخله تأثر بالظروف الصحية التي تمر منها
البلاد من جراء وباء كورونا، وأنه مهدد بالتوقف عن الأداء، وأن الظروف الصحية
المشار إليها لازالت مستمرة وغير معروف مداها، وأنها تعتبر قوة قاهرة وظرف اجتماعي
عير متوقع، وحيث يستشف من ظاهر الوثائق والمستندات المدلى بها، أن المدعي تأثر
دخله بشكل كبير من جراء الظروف الصحية التي تعرفها البلاد، والمتمثلة في جائحة
كورونا، وأنه بسبب ذلك سيتعذر عليه الوفاء بالتزامه تجاه الشركة المقرضة، وبالتالي
نأمر طبقا لمقتضيات المادة 149 من القانون 31.08 التي تمنحنا هذه الصلاحية، بإيقاف تنفيذ التزامات المدين – المدعي –
موضوع عقد القرض المبرم مع المدعى عليها – الشركة – وذلك لمدة ستة أشهر ابتداء من
تاريخ التوقف عن أداء الأقساط الشهرية مع عدم ترتيب الفوائد القانونية خلال هذه
المدة، ويستأنف تنفيذ الالتزامات بعد انصرام المدة المذكورة بنفس الكيفيات والشروط
المنصوص عليها بعقد القرض، مع شمول الأمر بالنفاذ المعجل..."
ولقد
ذهبت المحكمة التجارية بوجدة في نفس السياق، وذلك في شخص رئيسها الذي قضى في أمر[42] له بأن: "... أي مقترض تعرض للفصل من
عمله، وتعذر عليه الوفاء بأقساط القرض الشهرية، يحق له اللجوء الى رئيس المحكمة
بصفته قاضيا للمستعجلات من أجل الايقاف المؤقت لأقساط القرض طبقا لمقتضيات المادة
149 من القانون 31.08.."
فإن هذا يدفعنا للتساؤل حول كيفية إمهال المدين المعسر مع خاصية الأتمتة هذه؟
والإشكال الأخر الذي تطرحه خاصية الأتمتة، هو صعوبة موائمتها مع بعض
المفاهيم المطاطية، ولعل أبرزها مفهوم المعقولية،[43] أو
مفهوم استحالة تنفيذ الالتزام[44]،
أو حتى مفهوم الإخلال الجسيم[45]والخطأ
الفاحش. فكيف نغذي الذكاء الاصطناعي بهذه المفاهيم في إطار الأتمتة التي يعتمدها الذكاء
الاصطناعي؟
الفقرة الثانية: مسؤولية الذكاء الاصطناعي
تعتبر المسؤولية المدنية من أهم الموضوعات القانونية التي اهتم بها الفقه
والقضاء منذ بداية القرن العشرين ولازال هذا الاهتمام في تصاعد مستمر نتيجة تجدد
وتفاقم المخاطر التي يتسبب فيها الإنسان بفعله أو بفعل الأشياء التي في حراسته،
فكما هو معروف فإن الثورة الصناعية أسفرت على تطور هائل في مجال التكنولوجيا
الحديثة التي كان لها وقع جد فعال في تحقيق الآمال البشرية، غير أن هذا التطور
بالقدر الذي أسعد الإنسان، فإنه بالمقابل كان مصدر إزعاج له نتيجة لكثرة المخاطر
التي نجمت عن سوء استعمال هذه الآليات والمنشآت الصناعية.[46]
ومن أبرز هذه الآلات نجد الذكاء الاصطناعي.
وإذا كانت المسؤولية المدنية تشكل أحد مقومات النظام القانوني والاجتماعي، باعتبار
كل إنسان عاقل مسؤول عن أفعاله، أي ملتزم بموجبات معينة إزاء الغير أهمها عدم
الإضرار به، فإذا أخل بهذه الموجبات التزم بإصلاح الضرر وتعويض الضحية[47].
فإننا نتساءل حول مدى جواز ترتيب المسؤولية المدنية عن أنظمة الذكاء الاصطناعي؟ خاصة
أن أنظمة الذكاء الاصطناعي لا تزال برامجها عرضة للأعطال الفنية أو للإصابة بالقرصنة،
الأمر الذي يجعلها في بعض الأحيان تعمل بطريقة غير متوقعة قد تلحق ضررا بالغير.
بالرجوع إلى الفصل 77 من ق.ل.ع على أنه: "كل فعل ارتكبه الإنسان عن
بيئة واختيار، ومن غير أن يسمح له به القانون، فأحدث ضررا ماديا أو معنويا للغير،
ألزم مرتكبه بتعويض هذا الضرر، إذا ثبت أن ذلك الفعل هو السبب المباشر في حصول
الضرر..."
وبالتالي يمكننا القول إن بتوافر أركان المسؤولية المدنية يستحق المضرور
تعويضا لجبر الضرر الذي لحقه بسبب الذكاء الاصطناعي سواء كان الضرر مادي أو
معنويا، كما في حالة قيام الذكاء الاصطناعي بنشر المعطيات شخصية لأحد الأطراف المتعاقدة،
فإذا أثبت المضرور قيام المسؤولية، فإنه يستحق التعويض، الذي يمكن إما أن يكون
عينيا أو تعويضا بمقابل.
إلا أن الأمر ليس بهذه البساطة، كون جانب المسؤولية القانونية للذكاء
الاصطناعي يطرح العديد من التحديات القانونية، تتعلق بالأساس في تحديد المسؤول عن
الضرر الناتج عن الذكاء الاصطناعي.
فذهب بعض الباحثين إلى عدم ملائمة قواعد المسؤولية المدنية عن الخطأ الشخصي
لجبر الإضرار المترتبة عن عمل برامج الذكاء الاصطناعي، بالنظر إلى الاستقلالية
المتزايدة لهذا الكيان الجديد مما تكون معه القواعد التقليدية غير كافية لإقامة
المسؤولية القانونية عن الضرر الذي أحدثه الأنظمة الذكية للغير، لإنها لا تساعد في
تحديد الطرف المسؤول عن الضرر كما أنه ليس بالأمر اليسير إثبات الإخلال الواجب أو
الخطأ المرتكب، بل وحتى العلاقة السببية بينهما قد يصعب إثباته هنا.[48]
وهو نفس التوجه الذي سارت عليه محكمة الاستئناف الفرنسية، والتي ألزمت في
قرار لها مشغل محركGoogle بتعويض الأضرار
التي لحقت ببعض مستعملي الإنترنيت استنادا إلى فكرة الخطأ الشخصي عن فعل الذكاء
الاصطناعي.[49]
ومن زاوية أخرى هل يمكن اعتبار الذكاء الاصطناعي "شيء" حتى
نستطيع أن نسقط عليه قواعد حراسة الأشياء؟ خاصة أنه بقراءة مضمون الفصل 88 من
ق.ل.ع والذي ينص على أن: "كل شخص يسأل عن الضرر الحاصل من الأشياء التي في
حراسته، إذا تبين أن هذه الأشياء هي السبب المباشر للضرر، وذلك ما لم يثبت:
1 -
أنه فعل ما كان ضروريا لمنع الضرر؛
2 - وأن
الضرر يرجع إما لحادث فجائي، أو لقوة قاهرة، أو لخطأ المتضرر"، لا نجد أي
إشارة واضحة إلى المقصود بالشيء. ونفس التساؤل بخصوص مضمون الفصل 1-106 من ق.ل.ع
الذي ينص على أنه: " يعتبر المنتج مسؤولا عن الضرر الناتج عن عيب في منتوجه "فهل
يمكننا اعتبار الذكاء الاصطناعي منتج حتى نسقط عليه المسؤولية عن المنتجات
المعيبة؟
جدير بالذكر أن المشرع الفرنسي بموجب القانون المدني الخاص بالروبوتات
الصادر في 16/07/2017 ابتكر نظرية جديدة لأساس المسؤولية المدنية للربوتات الذكية وسميت
" نظرية النائب الإنساني" "Humain agent"، والقائمة على الخطأ الواجب الإثبات، وهو ما يعني أن
الأضرار الناشئة عن أفعال الربوتات يوجد شخص يتحملها.[50]
والواضح إذن من خلال استعمال مصطلح " النائب" يدل أن الربوت ليس
جمادا ولا شيئا، وبالتالي فإن المسؤولية عن أفعاله تقع على عاتق النائب القانوني، والذي
يعرف حسب القانون الفرنسي بأنه: نائب عن الربوت يتحمل المسؤولية عن تعويض المضرور
جراء أخطأ التشغيل بقوة القانون.[51]
أمام سكوت المشرع عن تقنين الذكاء الاصطناعي يقى من الصعب تحديد ومعرفة ما
إذا كان الضرر وقع نتيجة سلوك تعمله من البيئة التي يستخدم فيها أم كان ذلك بسبب
خلل في تصنيعه، أم أن النائب الإنساني هو من سيتحمل تبعات هذا الضرر.
إن إعمالا لمسؤولية المدنية للذكاء الاصطناعي أثار بعض التساؤلات حتى على
مستوى طرق دفع هذه المسؤولية المدنية وبعض جزاءاتها مثل البطلان والفسخ.[52]
وفيما يتعلق بطرق دفع المسؤولية المدنية، فإنه بالرجوع إلى القواعد العامة
نجد أن المشرع حدد مجموعة من الأسباب التي يؤدي إثباتها إلى الإعفاء من المسؤولية،
وإذا كانت الفقرة الثانية من الفصل 88 من ق.ل.ع، تنص على أن: "...كل شخص يسأل
عن الضرر الحاصل من الأشياء التي تحت حراسته إذا تبين أن هذه الأشياء هي السبب
المباشر في حصول الضرر مالم يتبث:
- فعل ما كان ضروريا لمنع الضرر.
- أن الضرر يرجع إما لحادث فجائي أو قوة قاهرة أو خطأ المضرور. "
يطرح الكثير من التساؤلات عندا
يتعلق الأمر بالذكاء الاصطناعي، منها ما إذا كان بالمكان الاستناد إلى هذا الفصل
لدفع المسؤولية أم لا يمكن ذلك؟
في هذا الشأن ترى إحدى الباحثات[53]،
أنه حتى يكون بقدور حارس الذكاء الاصطناعي التحلل من المسؤولية يتعين عليه أن يثبت
السبب الأجنبي والمتمثل في الحادث الفجائي والقوة القاهرة إضافة إلى خطأ المضرور وخطأ
الغير.
وهو نفس التوجه الذي أكدته باحثة أخرى[54]،
كون أن المسؤول عن الضرر الذي تسببه برامج الذكاء الاصطناعي يستطيع أن يثبت ان
وقوع الضرر كان بسبب أجنبي لا يد له فيه، شريطة أن يكون غير ممكن التوقع ومستحيل
الدفع وأن يشكل السبب الوحيد والمباشر للضرر، أو خطأ المضرور نفسه في التعامل مع
ذلك البرنامج أو تطبيقاتها المادية أو خطأ الغير.
غير أنه يجب الإشارة انه إذا كانت فرضية خطأ المضرور وحده تنفي المسؤولية
كليا، فإنها في حالات أخرى تخفف منها فقط، وذلك عندما يجتمع خطأ المتضرر مع خطأ
المتسبب في الضرر، وهي الحالة التي يصطلح عليه بحالة الخطأ المشترك والتي تؤدي إلى
توزيع أو تشطير المسؤولية، حيث يتحمل كل طرف جزءا من المسؤولية قدر مساهمته في
إحداث الضرر، أما إذا تعذر تحديد نسبة مساهمة كل واحد منهما آنذاك وزعت المسؤولية
بالتساوي[55]
ومعنى ذلك أنه قد يكون الإعفاء جزئيا عندما يكون مجرد سبب من الأسباب التي
ساهمت في إحداث الضرر، حيث تفترض في هذه الحالة تعدد الأسباب التي أدت بدورها إلى
وقوع الضرر، فقد يكون الروبوت هو السبب في الضرر الذي أصاب الغير، كما قد يكون
الضرر ناشئا عن المضرور نفسه،وعلى هذا الأساس فإنه يمكن أن يقع جزءا من المسؤولية
على عاتق المضرور.[56]
خاتمة:
ختاما وعلى ضوء ما تقدم، فإننا قد حاولنا من خلال هذه الدراسة، الإجابة على
إشكالية: ما مدى موائمة المنظومة الحالية للعقد مع الفكر الجديد الذي أتى به
الذكاء الاصطناعي؟ فخلصنا إلى عدم موائمتها، بالنظر للإشكالات الكثيرة التي يطرحها
الذكاء الاصطناعي في علاقته بالعقد، سواء على مستوى مرحلة تكوين العقد أو على
مستوى تنفيذه، دون أن ننسى المسؤولية المدنية للأضرار التي يتسبب فيها الذكاء
الاصطناعي وما تطرحه من تساؤلات.
من خلال ما رصدناه من إشكالات،
يمكننا اقتراح التوصيات التالي:
-
ضرورة تدخل المشرع
المغربي وتقنين الذكاء الاصطناعي.
-
وضع إطار خاص
بالمسؤولية القانونية للذكاء الاصطناعي.
-
وضع إطار قانوني
لمعالجة إشكالية حماية المعطيات الشخصية للمتعاملين مع الذكاء الاصطناعي.
-
تبني مدونة أخلاقيات
الذكاء الاصطناعي، وفرض قيود على الشركات المصنعة لتقنيات الذكاء الاصطناعي إذا لم
تحترم هذه الأخلاقيات.
-
وضع خاصية تسمح لتقنية
البلوك تشين بالتحقق من هوية وأهلية الأشخاص المشتركين فيها.
قائمة المراجع:
المراجع العربية:
المراجع العامة و الخاصة:
1. إدريس الفاخوري ودنيا مباركة، مصادر الالتزام العقد- الإرادة المنفرد دراسة
على ضوء المفاهيم الجديدة لالتزامات العقد الإلكتروني – أثر وباء كورنا كفيد 19
على تنفيذ الالتزامات الطبعة الأولى 2023، مكتبة المعرفة، مراكش.
2. خالد حسن أحمد لطفي " الذكاء الاصطناعي وحمايته من الناحية المدنية
والجنائية "، دار الفكر الجامعي الإسكندرية، مصر، م 2021، ط. الأولى.
3. عبد الرزاق
السنهوري، نظرية العقد، الجزء الأول، الطبعة الثانية، منشورات الحلبي الحقوقية
بيروت لبنان 1998.
4. عبد العزيز حضري، أحكام المسؤولية المدنية، دون ذكر الطبعة والمطبعة، وجدة 2017.
5. عبد القادر العرعاري، " نظرية العقد، الكتاب الأول"، الطبعة الثامنة2023،مطبعة
الأمنية-الرباط.
6. عبد القادر
العرعاري،" مصادر الالتزام"، الكتاب الثاني، المسؤولية المدنية، مطبعة
دار الأمان، الرباط، ط.5، 2016.
الرسائل:
1.
أيوب البلغيتي،
المسؤولية القانونية لروبوتات الذكاء الاصطناعي، رسالة لنيل دبلوم الماستر في
القانون الخاص، تخصص، الوسائل البديلة لفض النزاعات، كلية العلوم القانونية والاقتصاديةوالاجتماعية،
جامعة سيدي محمد بن عبد الله، فاس، الموسم الجامعي: 2021/2022.
2.
سمية زراد،الذكاء
الاصطناعي والمسؤولية القانونية، رسالة لنيل دبلوم الماستر في القانون الخاص، تخصص
القانون الإجرائي وطرق تنفيذ الأحكام، كلية العلوم القانونية والاقتصاديةوالاجتماعية،
جامعة محمد الأول وجدة.
3.
صابر هدام، القانون في
مواجهة الذكاء الاصطناعي – دراسة مقارنة- رسالة لنيل دبلوم الماستر في القانون
الخاص، تخصص الوسائل البديلة لفض المنازعات، كلية العلوم القانونية والاقتصاديةوالاجتماعية،
جامعة سيدي محمد بن عبد الله، فاس، الموسم الجامعي: 2021/2022.
المقالات:
1.
ابراهيم الدسوقي أبو
الليل، العقود الذكية والذكاء الاصطناعي ودورهما في أتمتة العقود والتصرفات
القانونية " دراسة لدور التقدم التقني في تطوير نظرية العقد"، مقال
منشور بمجلة الحقوق العدد 4، الجزء الأول، 2020، الكويت.
2.
المهدي فتح الله، خصوصيات الإمهال القضائي في
القانون 31.08، مقال منشور بالموقع الإلكتروني لمجلة القانون والأعمال الدولية.
3.
أحمد السيد البهي
الشوبري، التفاوض التعاقدي، إطاره القانوني وأثره في الالتزام، مقال منشور بمجلة
كلية الدراسات الإسلامية والعربية للبنات بدمنهور، العدد الرابع، الجزء الأول
2019.
4.
أحمد علي حسن عثمان،
انعكاسات الذكاء الاصطناعي على القانون المدني «دراسة مقارنة"، مجلة البحوث
القانونية والاقتصادية، العدد 72، يونيو 2021.
5.
أشرف الجنوي، حرية
التعاقد والنظم العام العقدي، المؤلف الجماعي: " الحرية: مقاربات
متعددة" منشورات كلية العلوم القانونية والاقتصاديةوالاجتماعية، مراكش، سلسلة
المؤتمرات والندوات، ط. الاولى 2018، المطبعة والوراقة الوطنية، مراكش.
6.
خالد حسن أحمد لطفي
" الذكاء الاصطناعي وحمايته من الناحية المدنية والجنائية "، دار الفكر
الجامعي الإسكندرية، مصر، م 2021، ط. الأولى.
7. حسن السوسي، أثر
الخورزميات على نظرية العقد- العقود الذكية نمودجا-، مقال منشور بمجلة قضاء
المعرفة القانونية، العدد التاسع، ماي 2023
8.
سعاد مجاجي:فكرة العقود الذكية كأحد أهم
تطبيقات البلوك تشين، مقال منشور بمجلة البحوث القانونية والاقتصاديةوالاجتماعية الجزائر،
العدد1.
9.
سعيد بوتشكوشت: تحقيق
العقود الذكية للأمن التعاقدي مقال منشور بالمجلة الإلكترونية للأبحاث القانونية،
العدد10، 2022
10. سليمان محمد إبراهيم: إشكالية تكون العقود التي تتدخل وسائط إلكترونية في
إبرامها، مقال منشور بمجلة تفكر،جامعةبنغازيليبيا2015، العدد5،ص:16.
11. عبد الرزاق أحمد محمد: العقود الذكيةدراسة تحليلية مقارنة، مقال منشور
بموقع:https://www.iasj.net//
12. محمد ابراهيم
عبد المنعم مرسي: مدى ملائمة عقود الذكاء الاصطناعي المبرمة عبر تقنية البلوك تشين
لقانون العقود، مجلة البحوث الفقهية والقانونية، العدد42، يوليو 2023.
13. محمد أحمد المعداوي عبد ربه مجاهد،المسؤولية المدنية عن ربوتات ذات الذكاء
الاصطناعي – دراسة مقارنة- المجلة القانونية، المجلد الثاني، ع9، 2021.
14. معمر بن طرية، العقود الذكية المدمجة في " البلوك تشين": أي
تحديات لمنظومة العقد حاليا؟"، مقال منشور بمجلة كلية القانون الكويتية
العالمية، ملحق خاص، العدد 4، الجزء الأول، مايو 2019.
15. نبيل الركيك، الالتزامات التي تتخلل مرحلة
المفاوضات في العقد المبرم بطريقة الكترونية، مقال منشور بوقع مجلة المنارة
للدراسات القانونية والإدارية.
16.
نجوى رويني، مقارنة في أسس تكوين العقد،
مقال منشور بالمجلة الإلكترونية للأبحاث القانونية 2019، العدد3.
المراجع الأجنبية:
7.
Geiger Glusina, Chief of Staff and Managing
Director of Luminance, in an interview with "CNBC".
8.
Houghton mifflim, harcourt, Webster’s two new
collage dictionary, Boston, USA 3rd édition, 2005.
9.
Nick
Szabo, Smart Contracts: Formalizing and Securing Public Networks, First Monday,
sept. 1997, nº 9.
10. Katie Harbath
andCollier Fernekes, History of the Cambridge Analytica Controversy, Via the
following link : https://bipartisanpolicy.org/blog/cambridge-analytica-controversy/
11. Quinn DuPont,"Le
code est-il vraiment la loi ?" disponnible sur le lien :https://www.internetactu.net/2015/01/30/le-code-est-il-vraiment-la-loi
12. ElaineOu, Smart
ContractsDon'tHave to beDumb, disponible sur le lien :https://www.bloomberg.com/opinion/articles/2016-10-21/smart-contracts-don-t-have-to-be-dumb.
[1]نجوى رويني، مقارنة في أسس تكوين العقد، مقال منشور بالمجلة الإلكترونية
للأبحاث القانونية 2019، العدد3. ص 5.
[2] أشرف الجنوي، حرية التعاقد والنظم
العام العقدي، المؤلف الجماعي: " الحرية: مقاربات متعددة" منشورات كلية
العلوم القانونية والاقتصاديةوالاجتماعية، مراكش، سلسلة المؤتمرات والندوات، ط.
الاولى 2018، المطبعة والوراقة الوطنية، مراكش، ص: 179.
[3] عبد الرزاق السنهوري، نظرية العقد، الجزء الأول، الطبعة الثانية،
منشورات الحلبي الحقوقية بيروت لبنان 1998. ص 87.
[4] عبد الرحمن بلعكيد، وثيقة البيع
بين النظر والعمل، مطبعة النجاح الجديدة، الطبعة الرابعة، 2014، ص. 15. أورده، حسن
السوسي، أثر الخوارزميات على نظرية العقد العقود الذكية نموذجا، مقال منشور بمجلة
قضاء المعرفة القانونية، العدد التاسع، ماي 2023، ص، 464.
[5] صابر هدام، القانون في مواجهة
الذكاء الاصطناعي – دراسة مقارنة رسالة لنيل دبلوم الماستر في القانون الخاص، تخصص
الوسائل البديلة لفض المنازعات، كلية العلوم القانونية والاقتصاديةوالاجتماعية،
جامعة سيدي محمد بن عبد الله، فاس، الموسم الجامعي: 2021/2022، ص:16.
[6] حسن السوسي، م.س، ص: 466.
[7] Nick Szabo, Smart Contracts:
Formalizing and Securing Public Networks, First Monday, sept. 1997, nº 9.
[8]
معمر بن طرية، العقود الذكية المدمجة في " البلوك تشين": أي
تحديات لمنظومة العقد حاليا؟»، مقال منشور بمجلة كلية القانون الكويتية العالمية،
ملحق خاص، العدد 4، الجزء الأول، مايو 2019، ص: 474.
[9] Houghton
mifflim, harcourt, Webster's two new collage dictionary, Boston, USA 3rd
édition, 2005, P 750.
[10] حسن الحسن، التفاوض والعلاقات
العامة، طبعة 1993، المؤسسة الجامعية للدراسات والنشر والتوزيع، بيروت، ص: 11.
أورده أحمد السيد البهي الشوبري، التفاوض التعاقدي، إطاره القانوني وأثره في
الالتزام، مقال منشور بمجلة كلية الدراسات الإسلامية والعربية للبنات بدمنهور،
العدد الرابع، الجزء الأول 2019، ص: 1184.
[11]Réforme du droit des obligations, un supplément Au code civil 2016, A
jour de l'ordonnance no 2016 131 du 10 février 2016.
[12]
نبيل الركيك،الالتزامات
التي تتخلل مرحلة المفاوضات في العقد المبرم بطريقة الكترونية، مقال منشور بوقع
مجلة المنارة للدراسات القانونية والإدارية، تاريخ الاطلاع 2024/02/05.
[13]أحمد علي حسن عثمان، انعكاسات الذكاء الاصطناعي على القانون المدني «دراسة
مقارنة"، مجلة البحوث القانونية والاقتصادية، العدد 72، يونيو 2021، ص 1572
[14] أحمد علي حسن عثمان، نفس المرجع والصفحة.
[15] للمزيد حول هذا الموضوع انظر:
Geiger Glusina, Chief of Staff and Managing Director
of Luminance, in an interview with "CNBC".
[16] للمزيد أنظر:
Katie
Harbath andCollier Fernekes, History of the Cambridge AnalyticaControversy, Via
the followinglink : https://bipartisanpolicy.org/blog/cambridgeanalyticacontroversy/
[17] إدريس الفاخوري و دنيا مباركة،
مصادر الالتزام العقد الإرادة المنفرد دراسة على ضوء المفاهيم الجديدة لالتزامات العقد
الإلكتروني – أثر وباء كورنا كفيد 19 على تنفيذ الالتزامات الطبعة الأولى 2023،
مكتبة المعرفة، مراكش، ص . 88 و89.
[18] سعيد
بوتشكوشت: تحقيق العقود الذكية للأمن التعاقدي، مقال منشور بالمجلة الإلكترونية
للأبحاث القانونية، العدد10، 2022، ص: 72.
[19] سليمان محمد إبراهيم: إشكالية
تكون العقود التي تتدخل وسائط إلكترونية في إبرامها، مقال منشور بمجلة تفكر، جامعةبنغازيليبيا2015،
العدد5، ص:16.
[20] عبد الرزاق أحمد محمد: العقود
الذكية دراسة تحليلية مقارنة، مقال منشور بالموقع الرسمي للمجلة العلمية
الأكاديمية العراقية، تاريخ الولوج: 20/12/2023.
[21] سليمان محمد ابراهيم، م.س، ص:14.
[22] عبد القادر العرعاري، "
نظرية العقد، الكتاب الأول"، الطبعة الثامنة2023، مطبعة الأمنيةالرباط، ص:127.
[23]محمد ابراهيم عبد المنعم مرسي: مدى ملائمة عقود الذكاء الاصطناعي المبرمة
عبر تقنية البلوك تشين لقانون العقود، مجلة البحوث الفقهية والقانونية، العدد42،
يوليو 2023، ص: 945.
[24]ظهير شريف رقم 1.04.22 صادر في 12 من ذي الحجة 14243 فبراير2004 بتنفيذ
القانون رقم 70.03 بمثابة مدونة الأسرة، منشور بالجريدة الرسمية عدد 5184 بتاريخ
14 ذو الحجة 1424 5 فبراير2004، ص:418.
[25] تنص المادة 224 من مدونة الأسرة
على أنه: " تصرفات عديم الأهلية باطلة ولا تنتج أي أثر"
[26] جاء في المادة 217 من مدونة
الاسرة مايلي:" يعتبر عديم أهلية الأداء:
أولا: الصغير الذي لم يبلغ سن التمييز؛
ثانيا: المجنون وفاقد العقل..."
[27] تنص المادة 225 من مدونة الأسرة
على أنه: "تخضع تصرفات الصغير المميز للأحكام التالية:1 تكون نافذة إذا كانت نافعة له نفعا محضا؛2 تكون باطلة
إذا كانت مضرة به؛3 يتوقف نفاذها إذا كانت دائرة بين النفع والضرر
على إجازة نائبه الشرعي ..."
[28] سعيد بوتشكوشت: م.س، ص:73.
[29] سعيد بوتشكوشت، م.س، ص:73.
[30][30] المحكمة الإبتدائية بوجدة، حكم
عدد658، في ملف خلية العنف ضد النساء عدد 352/2115/2023، الصادر بتاريخ 2023/10/03.
غير منشور.
[31] سعاد مجاجي: فكرة العقود الذكية كأحد أهم تطبيقات البلوك تشين،
مقال منشور بمجلة البحوث القانونية والاقتصادية والاجتماعية الجزائر، العدد 01، ص:568.
[32] عبد القادر العرعاري، م.س، ص:
339.
[33] Quinn DuPont,"Le code estil vraiment la loi ?" disponnible
sur le lien : https://www.internetactu.net/2015/01/30/lecodeestilvraimentlaloi
Dernier
accès : 28/09/2024.
[34] ما
تجب الإشارة إليه، أن إسهام تقنيات الذكاء الاصطناعي في تنفيذ العقد لا يتوقف
دورها عند العقود الذكية أو عقود البلوكشين، بل يتعداه إلى تنفيذ العقود
التقليدية، حيث يتم الاعتماد على الذكاء الاصطناعي لتنفيذ بعض العقود والالتزامات
الخطيرة والشاقة على العنصر البشري، مما يتم منحها للروبوتات الآلية. ونستحضر في
هذا الشأن شركة
"اجيليتي روبوتيك" التي وقعت بتاريخ 27/06/2024، صفقة متعددة السنوات مع
شركة GXO، لنشر الروبوتات البشرية في مختلف العمليات اللوجستية.
حيث سيعمل الروبوت "دجيت" على تنفيذ العقد.
للمزيد حول هذا الموضوع يمكنك الرجوع إلى الموقع
الرسمي لشركة: GXO. من خلال الرابط التالي: https://gxo.com/cz/
[35] صابر هدام، م.س،ص:30.
[36] ElaineOu, Smart ContractsDon'tHave to beDumb,
disponible sur le lien: https://www.bloomberg.com/opinion/articles/20161021/smartcontractsdonthavetobedumbdernier
accès 05/10/2024.
[37] جاء في الفصل 268 من ق.ل.عما يلي:
" لا محل لأي تعويض، إذا أثبت المدين أن عدم الوفاء بالالتزام أو التأخير فيه
ناشئ عن سبب لا يمكن أن يعزى إليه، كالقوة القاهرة، أو الحادث الفجائي أو مطل
الدائن."
[38] جاء في الفصل 269 من ق.ل.عما يلي:
"القوة القاهرة هي كل أمر لا يستطيع الإنسان أن يتوقعه، كالظواهر الطبيعية الفيضانات
والجفاف، والعواصف والحرائق والجراد وغارات العدو وفعل السلطة، ويكون من شأنه أن
يجعل تنفيذ الالتزام مستحيلا.
ولا يعتبر من قبيل القوة القاهرة الأمر الذي كان من
الممكن دفعه، ما لم يقم المدين الدليل على أنه بذل كل العناية لدرئه عن نفسه.
وكذلك لا يعتبر من قبيل القوة القاهرة السبب الذي ينتج
عن خطأ سابق للمدين."
[39]إدريس الفاخوري ودنيا مباركة، م.س، :238.
[40] ظهير شريف رقم 1.11.03 صادر في 14
من ربيع الأول 1432 18 فبراير2011، بتنفيذ القانون رقم 31.08 القاضي بتحديد تدابير
لحماية المستهلك، منشور بالجريدة الرسمية عدد 5932ـ بتاريخ 3 جمادى الأولى 1432 7
أبريل 2011، ص: 1072.
[41] أمر
استعجالي عدد 123 صادر عن رئيس المحكمة الابتدائية بالقنيطرة في الملف الاستعجالي عدد 488/1101/2020، الصادر
بتاريخ 08/09/2020.
أورده: المهدي فتح الله، خصوصيات الإمهال القضائي في القانون 31.08، مقال منشور
بالموقع الإلكتروني لمجلة القانون والأعمال الدولية، تاريخ الولوج: 29/09/2024.
[42] أمر استعجالي صادر عن رئيس المحكمة
التجارية بوجدة، عدد 207 في الملف عدد 135/8101/2019،بتاريخ 2019/08/15. أورده: المهدي فتح الله، نفس
المرجع السابق وتاريخ الولوج.
[43] انظر في هذا الشأن الفصل 255 من
ق.ل.ع، والذي جاء فيه ما يلي: «يصبح المدين في حالة مطل بمجرد حلول الأجل المقرر
في السند المنشئ للالتزام. فإن لم يعين للالتزام أجل، لم يعتبر المدين في حالة
مطل، إلا بعد أن يوجه إليه أو إلى نائبه القانوني إنذار صريح بوفاء الدين، ويجب أن
يتضمن هذا الإنذار:
1 طلبا موجها إلى المدين بتنفيذ التزامه في أجل
معقول ....".
1 إذا رفض المدين صراحة تنفيذ التزامه؛
كما جاء في الفصل 763 من ق.ل.عما يلي: «يعتبر الشرط الفاسخ
موجودا بحكم القانون، لصالح رب العمل بعد قيامه بإنذار أجير الصنع:
أ
إذا أرجأ أجير الصنع الشروع في تنفيذه
لأكثر من المدة المعقولة من غير عذر مقبول ..."
وأيضا جاء في الفصل 764 من ق.ل.عما يلي: " ذا كان
ضروريا لتنفيذ العمل، أن يؤدي رب العمل من جانبه شيئا معينا كان لأجير الصنع أن
يدعوه صراحة لأدائه، وإذا مضت مدة معقولة، دون أن يؤدي رب العمل ما يجب
عليه، كان لأجير الصنع الخيار بين أن يبقى على العقد وبين أن يطلب فسخه مع التعويض
في الحالتين إن اقتضى الأمر ذلك."
[44]
ينص الفصل 156 من ق.ل.ع على ما يلي: " لا يكون الإنذار من الدائن
واجبا: ...
2 إذا أصبح التنفيذ مستحيلا."
وجاء أيضا في الفصل 269 من ق.ل.عمايلي: " القوة
القاهرة هي كل أمر لا يستطيع الإنسان أن يتوقعه، كالظواهر الطبيعية الفيضانات
والجفاف، والعواصف والحرائق والجراد وغارات العدو وفعل السلطة، ويكون من شأنه أن
يجعل تنفيذ الالتزام مستحيلا..."
[45] جاء في الفصل 273 من ق.ل.عمايلي:
" ابتداء من الوقت الذي يصبح فيه الدائن في حالة مطل، تقع غليه مسؤولية هلاك
الشيء أو تعيبه، ولا يكون المدين مسؤولا إلا عن تدليسه وخطاه الجسيم."
كما تضمن الفصل 772 من ق.ل.عمايلي: " يبطل كل شرط
موضوعه... أو كانت هذه العيوب ناشئة عن تفريطه الجسيم."
[46] عبد القادر العرعاري،" مصادر الاتزام"، الكتاب الثاني،
المسؤولية المدنية، مطبعة دار الأمان، الرباك، ط.5، 2016، ص:7
[47] مصطفى الموجى، المسؤولية المدنية،
الجزء الثاني، منشورات حلبي الحقوقية، الطبعة الرابعة، بيروت، لبنان،2009، ص:7.
أورده، أيوب البلغيتي، المسؤولية القانونية لروبوتات الذكاء الاصطناعي، رسالة لنيل
دبلوم الماستر في القانون الخاص، تخصص، الوسائل البديلة لفض النزاعات،كلية العلوم
القانونية و الاقتصادية و الاجتماعية، جامعة سيدي محمد بن عبد الله، فاس، الموسم
الجامعي: 2021/2022،ص:12.
[48]
انظر في هذا الشأن:
صابر الهدام،
م.س،98.
سمية
زراد،الذكاء الاصطناعي و المسؤولية القانونية، رسالة لنيل دبلوم الماستر في
القانون الخاص، تخصص القانون الإجرائي و طرق تنفيذ الأحكام، كلية العلوم القانونية
و الاقتصادية و الاجتماعية، جامعة محمد الأول وجدة، ص: 28 و مابعدها
خالد حسن أحمد لطفي " الذكاء الاصطناعي
وحمايته من الناحية المدنية والجنائية " ، دار الفكر الجامعي الإسكندرية،
مصر، م 2021، ط . الأولى، ص 78.
[49] صابر الهدام، م.س، ص: 98.
[50] أيوب البلغتي، م.س، ص: 29.
[51][51] همام القوصي،إشكالية الشخص المسؤول عن تشغيل الروبوت، مجلة جيل
الأبحاث القانونية المعمقة، عدد 25 ماي 20181،
ص: 6، أوردته: سمية زراد، م.س، ص: 37.
[52] ابراهيم الدسوقي أبو الليل،
العقود الذكية و الذكاء الاصطناعي و دورهما في أتمتة العقود و التصرفات القانونية
" دراسة لدور التقدم التقني في تطوير نظرية العقد"،مقال منشور بمجلة
الحقوق العدد 4، الجزء الأول، 2020، الكويت، ص:34.
[53] سمية زراد، م.س، ص: 49
[54] مها رمضان بطيخ، المسؤولية
المدنية عن أضرار أنظمة الذكاء الاصطناعي: دراسة تحليلية مقارنة، المجلة
القانونية، كلية الحقوق، جامعة عين شمس، ع.43، 2020،
[55] عبد العزيز حضري، أحكام المسؤولية
المدنية، دون ذكر الطبعة والمطبعة، وجدة 2017، ص: 37 وما بعدها.
[56] محمد أحمد المعداوي عبد ربه مجاهد
المسؤولية المدنية عن روبوتات ذات الذكاء الاصطناعي – دراسة مقارنة المجلة
القانونية، المجلد الثاني، ع9، 2021، ص: 364.