دور النيابة العامة في الصلح الأسري على ضوء مدونة الأسرة – دراسة مقارنة -

 

دور النيابة العامة في الصلح الأسري على ضوء مدونة الأسرة – دراسة مقارنة -

محسن البقالي الحسني

أستاذ باحث

 

مقدمة:

لا مراء أن الشرع الإسلامي الحنيف حث على إصلاح ذات البين، حيث ورد الصلح في العديد من الآيات القرآنية وفي السنة النبوية، يقول الله تعالى ﴿ولا تجعلوا الله عرضة لأيمانكم أن تبروا وتتقوا وتصلحوا بين الناس والله سميع عليم﴾[1]؛ وقوله تبارك وتعالى ﴿وإن خفتم شقاقا بينهما فابعثوا حكما من أهله وحكما من أهلها إن يريدا إصلاحا يوفق الله بينهما إن الله كان عليما خبيرا[2]؛ وقوله عز وجل ﴿لا خير في كثير من نجواهم إلا من أمر بصدقة أو معروف أو إصلاح بين الناس﴾[3]؛ وقوله عز من قائل ﴿وإن امرأة خافت من بعلها نشوزا أو إعراضا فلا جناح عليهما أن يصالحا بينهما صلحا والصلح خير وأحضرت الأنفس الشح وإن تحسنوا وتتقوا فإن الله كان بما تعملون خبيرا﴾[4]؛ وقوله تعالى ﴿يسألونك عن الأنفال قل الأنفال لله والرسول فاتقوا الله وأصلحوا ذات بينكم وأطيعوا الله ورسوله إن كنتم مؤمنين﴾[5]؛ ويقول الله عز وجل ﴿إنما المؤمنون إخوة فأصلحوا بين أخويكم واتقوا الله لعلكم ترحمون﴾[6]

 وأما السنة النبوية الشريفة، فقد بوأت مؤسسة الصلح منزلة عظمى، وقدرتها أسمى تقدير في القول والعمل والتقرير، مما يؤكد، بما لا مجال للشك، أن الشريعة الإسلامية الغراء والسمحاء، تنبذ كل أسباب الشنآن والخصام، وتنشر مبادئ السلام والوئام؛ وتحفظ مؤسسة الأسرة من التفكك والتشرذم، التي تعتبر حجر زاوية المجتمع، وقاعدته الأساسية، وعلى كاهل أفرادها، تبنى المجتمعات، ويؤرخ للحضرات.

 وكما هو معلوم أن قرار رقم 40/34/1، الصادر عن الجمعية العامة لهيئة الأمم المتحدة، بتاريخ 29 نوفمبر 1985، بشأن المبادئ الأساسية لتوفير العدالة لضحايا الجريمة واستعمال السلطة، نص في مادته السابعة على إعمال الآليات غير الرسمية لحل النزاعات، بما في ذلك الوساطة والتحكيم والوسائل العرفية لإقامة العدل، أو استعمال الممارسات المحلية، عند الاقتضاء، لتسهيل استرضاء الضحايا وإنصافهم.[7]

ومن المعروف أيضا أن التوجه الذي اعتمده مؤتمر الأمم المتحدة لمنع الجريمة ومعاملة المجرمين، والذي أقره في إعلان فيينا في بحر شهر أبريل من عام 2000، قد قرر استحداث " خطط عمل وطنية وإقليمية ودولية لدعم ضحايا الجريمة تشمل آليات للوساطة والعدالة التصالحية "؛ وقرر أن يكون عام 2002 هو الموعد المستهدف لتراجع فيه الدول ممارستها في هذا الشأن.

وعلى هذه الأسس، اتجه المشرع المغربي، في ظل مدونة الأسرة، نحو سن آليات جديدة، تروم رأب الصدع، الذي قد يستهدف العلاقات الزوجية والأسرية، في أفق إصلاح ذات البين، وجبر الضرر وحسم النزاعات، وبالتالي وضع حد للاضطرابات الاجتماعية، في إطار يراعي خصوصيات المجتمع المغربي، وتقاليده العريقة، وأعرافه المجيدة، المستقاة من مبادئ الشريعة الإسلامية السمحاء، ومن الموروث الحضاري العريق لبلدنا.

كما اتجه المشرع المغربي في إطار القانون رقم 22.01 المتعلق بالمسطرة الجنائية نحو القضاء الفوري على آثار الجريمة، والحفاظ على الوضعيات التي كانت قائمة قبل ارتكابها، كما سن آليات جديدة، تروم رأب الصدع الذي قد يستهدف العلاقات الاجتماعية، فردية كانت أم نزاعية، في أفق إصلاح ذات البين، وجبر الضرر، وإنهاء النزاعات، وبالتالي وضع حد للاضطرابات.[8]

وتشمل هذه الآليات الجديدة، لمكافحة الجريمة، وحماية الضحايا، عدة صور، يمكن إجمالها في: إرجاع الحالة إلى ما كانت عليه في حالة الاعتداء على الحيازة العقارية، ورد الأشياء المحجوزة لمن له الحق فيها[9]؛ والصلح بين الخصوم[10]، وإيقاف سير الدعوى العمومية[11]، والسند التنفيذي للنيابة العامة في المخالفات[12]، ثم الأمر القضائي في الجنح[13]. والجدير بالذكر، من باب المقارنة، أن العديد من التشريعات الجنائية، سبقت التشريع المغربي، في إقرار آليات بديلة لأنظمتها القضائية التقليدية، من أجل حل المنازعات، والتي تتمثل في نظام الوساطة[14] ونظام التحكيم[15] ومسطرة الصلح[16].

وهكذا، فقد عمد المشرع المصري بموجب التعديل الذي أدخل على قانون الإجراءات الجزائية لسنة 1998 إلى اعتماد مسطرة الصلح في الجنح والمخالفات، المعاقب عليها بالغرامة فقط، وفي بعض الجنح الأخرى، المحددة على سبيل الحصر.

أما المشرع الفرنسي فقد أخذ بمسطرة الصلح بمقتضى القانون رقم 515.99 الصادر في 23/6/1999 في المادة 41 من ق.م.م. الفرنسي؛ وفي إيطاليا أخذ القانون بنظام المصالحة منذ سنة 1989، نفس الشيء بالنسبة للتشريع البلجيكي، الذي خول لوكيل الملك القيام بالوساطة بين المتهم والضحية، متى كانت الأفعال الجرمية لا يعاقب عليها أكثر من سنتين حبسا أو بعقوبة أشد.[17]

وصفوة القول، بشأن موقف التشريعات المقارنة، من نظام الصلح، يلاحظ أنها كرست مسطرة الصلح في قوانينها، فمن الدول من أسند هذه الصلاحية للنيابة العامة، ومنها من أسندها للقضاء، ومنها من أسندها إلى أشخاص محايدين، يتم تعيينهم وفق مسطرة خاصة.[18]

أما بالنسبة لقانون المسطرة الجنائية المغربي رقم 22.01، فإن مسطرة الصلح تتم بمسعى من النيابة العامة في حالات محددة، ووفق شروط معينة، غايته من ذلك قيام هذه المؤسسة القضائية بإصلاح الخصوم، وجبر خاطر الضحية، وتخفيف وطأة الفعل الجرمي عليه، وبالتالي يكون دورها هنا دور الموفق والمصالح، والداعية إلى الوئام والتآخي، في إطار يراعي خصوصيات المجتمع المغربي، وتقاليده العريقة، وأعرافه المجيدة، المستقاة من مبادئ الشريعة الإسلامية السمحاء، ومن تراث بلدنا العتيد[19].

وما من شك في أن آليات الصلح والوساطة، توطد العلاقات الإنسانية بصفة عامة، والأسرية بصفة خاصة، وتنبذ البغضاء والحقد والانتقام، وتبث قيم التسامح، والعفو عند المقدرة، مما تكون له انعكاسات إيجابية على مختلف الأطراف والمتدخلين، ومكونات الأسرة، إن على مستوى المعاملات، أو على صعيد الأسرة، ولعل هذا مع تسعى إليه النيابة العامة الأسرية، في ظل مباشرتها لوظيفتها الإدارية والقضائية، وفق أحكام مدونة الأسرة، ويتجلى ذلك من خلال المهام التي تزاولها، من منطلق تفعيل آليات الصلح الأسري؛ وهذا الجانب الأخير هو ما تناوله هذا البحث بالدراسة والتحليل، من خلال إبراز ومناقشة المهام التي تقوم بها النيابة العامة، في باب الصلح الأسري، على ضوء أحكام مدونة الأسرة المغربية...   

من هنا تبدو أهمية موضوع دور النيابة العامة في الصلح الأسري، والذي ارتأيت تناوله من خلال مقتضيات المادة 53 من مدونة الأسرة، وعلى ضوء أحكام أخرى لمدونة الأسرة، التي أقرت آليات الصلح الأسري، خلال مباشرة إجراءات إنهاء العلاقة الزوجية.

فإلى أي حد ساهمت أحكام مدونة الأسرة في تمكين النيابة العامة من آليات وصلاحيات كفيلة بإحقاق عدالة أسرية تصالحيه، صونا لعرى الزوجية، بصفة خاصة، وحفاظا على العلاقة الأسرية والعائلية، بصفة عامة؛ وما مدى تفعيل مسطرة الصلح، بين ذات البين من الزوجين، من قبل مؤسسة النيابة العامة؟

تلكم تبدو هي الإشكالية المحورية للموضوع، الذي آثرت معالجته من خلال مبحثين اثنين، ألا وهما: تدخل النيابة العامة لإرجاع الزوج ة المطرود ة إلى بيت الزوجية المبحث الأول، ودور النيابة العامة خلال مرحلة انحلال ميثاق الزوجية المبحث الثاني.

 

 

 

المبحث الأول: التدخل لإرجاع الزوج ة المطرود ة إلى بيت الزوجية

إيمانا منه بضرورة توفير سبل النجاح، والتطبيق السليم لمدونة الأسرة، أسند المشرع المغربي للنيابة العامة، مهام جديدة وهامة، في قضايا مدونة الأسرة، لكونها طرف رئيس وأصيل، في جميع القضايا الرامية إلى تطبيق أحكام المدونة، عملا بالمادة الثالثة منها[20]، وذلك بغية الحرص على حسن تطبيق القانون، والمحافظة على التوازن بين حقوق الأفراد والمجتمع، والمساهمة، بفعالية، في مساطر الصلح الأسري.

ومن هذا المنطلق، فإن تدخل النيابة العامة من أجل إرجاع المطرود من الزوجين إلى بيت الزوجية، يجد سنده القانوني في المادة 53 من مدونة الأسرة، التي نصت على ما يلي: " إذا قام أحد الزوجين بإخراج الآخر من بيت الزوجية دون مبرر، تدخلت النيابة العامة من أجل إرجاع المطرود إلى بيت الزوجية حالا، مع اتخاذ الإجراءات الكفيلة بأمنه وحمايته ".

والواقع أن هذه المادة اعتبرت بحق من أهم المستجدات التي أتت بها المدونة، وقد أسالت الكثير من المداد، الذي لم يجف بعد، وكانت مثار أبحاث الباحثين، ودراسة الدارسين، وممارسة الممارسين، لما أثارته من نقاشات فقهية وقانونية، وتعليقات قضائية، وذلك بالنظر لأهمية المادة المرجعية، التي لم يكن لها نظير في مدونة الأحوال الشخصية؛ بعدما خول المشرع المغربي، من خلالها للنيابة العامة صلاحية معالجة واقع أسري مشوب بمعاناة أحد طرفيه الأساسيين، ألا وهما الزوجة والزوج، والتي تكمن في قيام أحدهما بطرد الآخر من بيت الزوجية، بدون مبرر، وألى على عاتقها مسؤولية معالجة هذه الظاهرة الاجتماعية، والأسرية المأساوية، بإرجاع الزوج الضحية إلى البيت الأسري، حيث دفئ الأسرة، وحنان الأمومة، وعطف الأبوة؛ في الوقت الذي لم يكن قبل سن هذا المقتضى التشريعي الهام، بمقدور قضاة النيابة العامة التدخل القانوني، بغية إرجاع المطرود من الزوجين إلى حيث بيتهما؛ حيث كان أحد الزوجين، وغالبا ما تكون الزوجة، التي تلجأ إلى النيابة العامة في حالة يرثى لها، مجردة من كل حاجياتها الضرورية، وهي مكلومة ومحبطة، وآثار العنف بادية عليها...  

بيد أن صدمتها تكون كبيرة، حينما تفاجأ بقرار النيابة العامة بحفظ شكايتها، لانعدام الأساس القانوني لتدخلها، وتكون النتيجة بقاء الزوج في غيه وعدوانه، وتشرد الزوجة وأطفالها، في ظل طول تعقد مسطرة قضائية، تهم دعوى الرجوع إلى بيت الزوجية، والتي قد يؤول الحكم الصادر بشأنها إلى امتناع الزوج عن التنفيذ.

لهكذا الاعتبارات وغيرها، خرج إلى الوجود هذا المولود القانوني الجديد، ليدعم منظومة القانون المغربي، ويضع أحكاما لمعالجة حالات اجتماعية واقعية، التي كانت تنطوي على معاناة المطرود من الزوجين، من تداعيات الطرد من بيت الزوجية، وهو تصرف يمس مساسا صارخا بالنظام العام، وبالحقوق الأساسية للفرد، وبالمصلحة الفضلى للطفل، فكان أن منح المشرع للنيابة العامة حق التدخل، وفق صلاحيات محددة...

وغني عن البيان، أن هذا التوجه التشريعي يحمل في كنهه استجابة كبيرة للمطالب المجتمعية المتعددة، الداعية إلى مراعاة التعسفات الواقعية، الحاصلة في هذا المجال [21]؛ فكيف تتدخل النيابة العامة في مسألة طرد أحد الزوجين من بيت الزوجية؟ وما هو سندها في ذلك؟ وما هي الآليات التي تشتغل بها في هذا المجال؟ وما هي الإشكاليات القانونية والعملية التي تواجهها؟ وما هي الحلول التي تبديها؟ هذا ما تناولناه، بالدراسة والتحليل، من خلال: المسطرة المتبعة في إرجاع الزوج المطرود إلى بيت الزوجية المطلب الأول، والإشكاليات المطروحة والحلول المقترحة المطلب الثاني.

المطلب الأول: المسطرة المتبعة في إرجاع الزوج المطرود إلى بيت الزوجية

إن تدخل النيابة العامة من أجل إرجاع المطرود من الزوجين إلى بيت الزوجية، يجد سنده القانوني، كما سبقت الإشارة، في المادة 53 من مدونة الأسرة؛ وهو اختصاص يدخل ضمن مهام النيابة العامة الحمائية التي تستهدف حماية كيان الأسرة، وصون كرامة أفرادها؛ وهكذا أضحى من حق لأي واحد من الزوجين المطرود من بيت الزوجية، بدون مبرر، اللجوء إلى النيابة العامة، التي يوجد بدائرتها مقر سكناهما، بهدف إرجاعه إليه حالا، بعد اتخاذ الإجراءات الكفيلة بأمنه وحمايته.

ومن حيث الممارسة القضائية، يقدم الطلب في ثلاث نسخ، إلى النيابة العامة المختصة محليا، حيث يبادر وكيل الملك شخصيا، أو أحد نوابه، المكلف بتلقي الشكايات وتتبع مسارها، إلى استقبال الضحية والاستماع إليها، حول موضوع شكايتها، لتحديد طبيعة الوقائع، ثم تضمين التعليمات بأصل الشكاية، وكذا الإشارة عند الموجب، إلى ما عاينه على الضحية من اعتداء و آثار العنف، ثم يذيلها بتوقيعه، وخاتمه الرسمي، المتضمن اسمه الكامل وصفته؛ ثم تباشر الإجراءات الموالية، المتمثلة في قيام الموظف المكلف بتسجيل الشكاية في سجل رسمي رقمي، مخصص للشكايات، وأيضا في سجل خاص محدث، ثم يرفق نسخة من الشكاية بأصل الإرسالية، وتحال فورا على الضابطة القضائية المختصة، بمقتضى سجل التداول، قصد التعجيل بتنفيذ تعليمات النيابة العامة؛ أما النسخة الثانية فتسلم للزوجة المطرود ة أو لدفاعه، إن كان، بعد تدوين مرجع النيابة العامة، وتاريخ التسجيل، في إطار الضبط والتتبع، بينما يحتفظ بأصل الشكاية، ونسخة من الإرسالية الموجهة للضابطة المعنية، مع ترتيبها ضمن أصول الشكايات، التي هي في طور البحث، في غلاف مرقم، وحافظة مرقمة، إلى حين رجوع إفادة الجهة الباحثة، مع تضمين جميع المعطيات بقاعدة البيانات، الخاصة بنظام التطبيق المعلومياتي، من طرف الموظفين المختصين.

لكن في غالب الأحيان، يتم الاستماع إلى الزوج الضحية، من لدن قاضي النيابة العامة، بمساعدة المساعدة الاجتماعية[22]، وذلك بمقر خلية التكفل القضائي بالنساء والأطفال ضحايا العنف، التابعة للنيابة العامة، وذلك بموجب محضر قانوني، تضمن فيه هويتها الكاملة، وتصريحاتها حول الواقعة، يوقعه قاضي النيابة العامة، إلى جانب المساعدة الاجتماعية والطرف المشتكي، وبعد مباشرة الإجراءات الموالية، المتعلقة بالتسجيل والتضمين في السجلات، المعدة لهذا الغرض، تحال المسطرة على الضابطة القضائية المختصة، قصد العمل على تطبيق أحكام المادة 53 من المدونة.

وبعد انتهاء الأبحاث القضائية، تقرر النيابة العامة حفظ القضية، وذلك بعد إرجاع الزوج المطرود إلى بيت الزوجية، وإصلاح ذات البين؛ أوْ إقامة الدعوى الجنائية في حق الزوج المعتدي، الذي قام بطرد زوجه من بيت الزوجية، أو امتنع من إرجاعه إليه، وذلك في حالة إصرار الزوج الضحية على المتابعة[23]، وغالبا ما تكون الزوجة، أوْ حفظ القضية لتعذر تنفيذ تعليمات النيابة العامة؛ كما لو لم يتأت العثور على الزوج المشتكى به، حيث تشعر الزوجة المطرودة، بقرار الحفظ فورا ، في حالة حضورها إلى مقر النيابة العامة، أوْ داخل أجل 15 يوما من تاريخ اتخاذ الإجراء [24].

وغني عن البيان، أن تدخل النيابة العامة، في إطار تطبيق المادة 53 من المدونة، يصنف ضمن مهام النيابة العامة الحمائية، والتي تستهدف حماية مؤسسة الأسرة، وصون كرامة أفرادها، والدفاع عن عرضهم وشرفهم وممتلكاتهم، والمسندة للجنة المحلية للتكفل القضائي بالنساء والأطفال ضحايا العنف، المحدثة بجميع المحاكم الابتدائية، حيث يتم مراعاة العناصر التكوينية للمادة المرجعية، والمتمثلة أساسا في الآتي:

-        قيام أحد الزوجين بإخراج الآخر من بيت الزوجية؛

-        أن يكون هذا الطرد دون مبرر؛

-        أن تتدخل النيابة العامة حالا من أجل إرجاع الزوج المطرود إلى بيت الزوجية؛

-        أن تتخذ كافة الإجراءات الكفيلة بأمنه وحمايته؛

-        أن تراعي في مبادرتها مصلحة الأسرة، أولا وقبل كل شيء، وعدم التسرع في اتخاذ إجراءات قد تزيد في توتر العلاقة الزوجية، الأمر الذي قد تكون له انعكاسات سلبية.

وبعبارة أخرى، فإنه مطلوب من قاضي النيابة العامة، وهو ينظر ويدرس قضية الطرد من بيت الزوجية، أو الامتناع عن إرجاع الزوج المطرود إلى بيت الزوجية، أن يتثبت من توفر الجريمتين المذكورتين على عناصرهما التكوينية الأساسية، ألا وهي: فعل مادي وقوامه طرد أحد الزوجين من بيت الزوجية، أو الامتناع من إرجاعه إليه؛ وصفة الجاني والمجني عليه، وقوامه أن يقترف الفعل المادي أحد الزوجين في حق الزوج الآخر؛ ثم القصد الجنائي، أي العمد في اقتراف الفعل الجرمي، مع غياب المبرر؛ مع ضرورة تقديم الزوج المطرود شكاية في مواجهة زوجه المرتكب لجريمة الطرد من بيت الزوجية، أو الامتناع عن إرجاعه إلى بيت الزوجية...[25]

وصفوة ما قيل، بخصوص المسطرة المتبعة، من طرف النيابة العامة، بشأن أحكام المادة 53 من المدونة، كمظهر من مظاهر حماية مؤسسة الأسرة في المدونة، أن التفعيل الأمثل والمطلوب للمادة المرجعية، مرتبط أساسا، بمدى حسن تطبيق مبدأ الملاءمة من لدن قضاة النيابة العامة، في هذا المقام الخصوصي، ذي الحساسية الاستثنائية، لصلته الوثيقة بنظام الأسرة، ومن ثم فإنه يبقى حري اتخاذ الإجراء الملائم، درءا لما من شأنه تعكير صفاء العلاقة الزوجية، بصفة خاصة، والأسرة بصفة عامة، وبالتالي تعقيد المشاكل القائمة، عوض حلها وتيسيرها، مما يفضي إلى نتائج وخيمة، إن لم نقل كارثية، بجميع المقاييس.

نخلص إلى أن من بين أهم المستجدات التي جاءت بها مدونة الأسرة، نلفي المادة 53 منها، وقد تم سن هذه الأحكام، في سياق الضمانات التي منحها المشرع لحماية حق كل من الزوجين في المساكنة الشرعية، ومحاربة مظاهر العنف الذي يمارسه أحد الزوجين، في حق الآخر، بطرده من بيت الزوجية؛ ثم إن إسناد إنفاذ هذه المقتضيات القانونية للنيابة العامة، ينسجم مع مهامها القضائية والولائية، والإدارية الجديدة، التي أضحت تحتلها مؤسسة النيابة العامة في قضايا الأسرة، سعيا منها لتحقيق المصلحة العامة، وحماية المراكز القانونية، وصون الروابط الأسرية.

ومن نافلة القول، إن النيابات العامة لدى المحاكم الابتدائية، في إطار تفعيلها للمادة 53 من المدونة، وتطبيقها التطبيق الأحسن والسليم، مطالبة بموافاة السيد رئيس النيابة العامة قطب النيابة العامة المتخصصة والتعاون القضائي، بصفة دورية، وعلى رأس كل ثلاثة أشهر، بإحصائيات دقيقة عن الحالات التي تم فيها إرجاع الزوج ة المطرود ة، إلى بيت الزوجية، داخل دائرة نفوذها الترابي، وذلك وفق نموذج محدد[26]؛ بيد أن المهام الوظيفية التي تباشرها النيابة العامة بمقتضى السند القانوني المنوه به آنفا، تعتريها بعض الإشكاليات القانونية والعملية، قد تعوق حسن القيام بها، لكن الواقع العملي، وإن عرف هذه الإشكالات، فإنه أبان عن حلول اقترحت لحلها، وهذا ما عالجناه في ضوء مضامين المطلب الآتي.

المطلب الثاني: الإشكاليات المطروحة والحلول المقترحة

ما من شك في أن الهدف الأسمى والغاية المثلى من سن المادة 53 من المدونة، هو حماية الأسرة، وضمان استقرارها، بالنظر لما تتوفر عليه النيابة العامة من صلاحيات مهمة، تكفل لها سرعة التدخل واتخاذ المبادرات المطلوبة، إما بصفة شخصية، أو عن طريق الضابطة القضائية المختصة؛ بيد أن عمل قضاء النيابة العامة لدى مختلف المحاكم الابتدائية المغربية، سجل ملاحظات عدة [27]، بخصوص المادة 53 أعلاه، التي تبرر التدخل لحماية أحد الزوجين المطرود من بيت الزوجية؛ بعدما أثارت إشكاليات عملية؛ والتي نذكر من جملتها الآتي:

-  عبارة " دون مبرر" الواردة في النص يكتنفها غموض بخصوص كنهها ومعناها؛

-  تدخل النيابة العامة من أجل إرجاع الزوج المطرود إلى بيت الزوجية حالا؛

-  عدم تنصيصها على الإجراءات الكفيلة بضمان أمن وحماية المطرود من الزوجين؛

-  تغيير أقفال بيت الزوجية، أو فسخ عقد الكراء الرابط بين الزوج والغير؛ إعادة طرد الزوجة من بيت الزوجية بعد إرجاعها إليه، وتعريضها للاعتداء؛

-  التوجس خيفة على سلامة الزوجة، وسلامة الأولاد عند إرجاعها دون رغبة الزوج؛ قد يكون بيت الزوجية في ملكية عائلة الزوج، التي ترفض إرجاع الزوجة.

أما بالنسبة للإشكالية الأولى المتمثلة في أن يكون الطرد من بيت الزوجية دون مبرر، فإنه وإن كانت واقعة الطرد لا تثير أي إشكال، ذلك أن قيام أحد الزوجين بإخراج الآخر من بيت الزوجية، أو منعه من الدخول إليه، والاستقرار به؛ أمر يبدو جليا، وميسر إثبات وقوعه، بيد أن الإشكال يثور حول مدى تبرير الطرد من عدمه، ومن ثم يطرح تساؤل وجيه، يكمن في طبيعة هذا المبرر، الذي يبرر تدخل النيابة العامة، أما إذا كان الطرد غير مبرر، كان لزاما على النيابة العامة التدخل، ثم لمن يرجع أمر تقدير ما إذا كان الطرد مبررا أم لا، فضلا عن أن هذا التقدير يعد نسبيا، إذ لا يخضع لمعايير وعناصر محددة، حيث ما قد يعتبره البعض طردا مبررا، يعده الطرف الآخر غير كذلك ...

وهكذا، تساءل البعض عما إذا كانت هناك أسباب مبررة لحالة الطرد، والتي تحول دون تدخل النيابة العامة، موضحا أنه مهما كان الأمر، فإن تقدير ذلك موكول للسلطة التقديرية للنيابة العامة، حسب كل حالة على حدة، كما لو كان الزوج المطرود مصابا بخلل عقلي أو مرض نفسي، الأمر الذي يشكل خطرا على الطرف الآخر، مما يحول دون تدخل النيابة العامة من أجل إرجاع الزوج المطرود إلى بيت الزوجية، أو أن يكون الزوج المطرود قد أقدم على فعل فيه مساس بالأخلاق الحميدة وبالنظام العام، كأن يكون في حالة سكر أو تخدير، أو أنه يقوم بالاستيلاء على ممتلكات زوجته، خلسة أو جهرا، ويبادر إلى بيعها دون موافقة زوجته، ويتكرر فعله، دون أن ينتهي، ويتوب عن جرمه، الذي اقترفه...[28]

وهي أفعال قد ترتب عليها النيابة العامة رفضها إرجاع الزوج المطرود إلى بيت الزوجية، بعلة أن من أخطأ عليه أن يتحمل وزر خطيئته، ويقبل بنتائج أخطائه، وإعمالا لقاعدة " أخف الضررين "؛ ذلك أنه لا يعقل دفع ضرر صغير، قد يسقط مع مرور وقت قصير، بضرر فادح، قد تدفع الأسرة كل فاتورته، بمعنى أنه قد تمتنع النيابة العامة من تفعيل مقتضيات المادة 53 من المدونة، رغم انعدام مبرر الطرد، إذا تبين لها أن من شأن إرجاع الزوج المطرود التسبب في وقوع جريمة مثلا، ويبقى لها اتخاذ أي إجراء وقائي أو احترازي آخر، كإسكان الزوج المطرود لدى أقاربه أو بأحد المرافق العمومية، التي لا يخشى فيها على حياته، أو حياة الأطفال الذين معه، إلى حين إيجاد تسوية نهائية للنزاع.

كما أن مقتضى تدخل النيابة العامة من أجل إرجاع الزوج المطرود إلى بيت الزوجية حالا، فإنه يصطدم بجملة من الصعوبات والمعوقات، ذلك أنه قد يحدث هذا الطرد في الليل؛ مما يستوجب معه تواجد النيابة العامة في حالة مداومة مستمرة، لمواجهة كل حالة على حدة، وفي كل وقت وحين؛ حتى لا يبقى المطرود من الزوجين، بدون مأوى، وعرضة للتشرد؛ فضلا عن وجود إشكال آخر، يتعلق بعدم تنصيص المادة 53 من المدونة، على الإجراءات الكفيلة بضمان أمن وحماية المطرود من الزوجين [29].

ويبدو من خلال قراءة متأنية للنص المرجعي، أن هذه المبررات لا تنهض، منفردة أو مجتمعة، سببا كافيا، يبرر عدم تدخل النيابة العامة من أجل تطبيق المادة المذكورة، إعمالا لقاعدة "إعمال النص خير من إهماله"، ذلك أنه إذا كان الزوج المطرود مختلا عقليا، أو مصابا بمرض نفسي أو عصبي، ينتابه بين الفينة والأخرى، ثم يتوب إليه عقله، ويستقيم أمره، فإن على الطرف الآخر أن لا ينسى الفضل بينهما، ويبادر إلى تعقيد الأمور وتأجيج الصراع، أو المزيد من معاناة المطرود، وإنما الشرع والقانون يفرضان عليه سلوك المسطرة القانونية الواجبة الإتباع، والمتمثلة في اللجوء إلى السلطات المحلية المختصة لإيواء الزوج، المصاب بخلل عقلي، ظاهر وخطير، بمؤسسة الأمراض العقلية والنفسية، المعدة خصيصا لهذا الغرض، وذلك إلى حين تماثله للشفاء، وبإمكانه أيضا سلوك مسطرة الطلاق أو التطليق، إذا ثبت أن العلاج مستعصي وقد يطول، مما يلحق ضررا فادحا بالزوج الماكث ببيت الزوجية، والذي سيجد آذانا صاغية، وحلولا ناجعة لمشكلته، لا أن يعمد الزوج إلى طرد زوجه من بيت الزوجية، وإنما عليه أن يلجأ إلى النيابة العامة، لتقديم شكاية في إطار السكر العلني البين مثلا، وإعطاء القدوة السيئة للأطفال، حيث تتدخل النيابة العامة في هذه الحالة، بغية تقويم الزوج المطرود، قصد تأهيله ما أمكن، ومن أجل إرجاعه إلى بيت الزوجية.

وصفوة ما قيل، إن المبرر القانوني الوحيد الذي يمكن أن نتصور معه إمكانية إبعاد الزوجة، خاصة، من بيت الزوجية، هو المستفاد من المادة 121 من مدونة الأسرة، وهي الحالة التي يكون فيها النزاع بين الزوجين، معروضا على القضاء، في إطار مسطرة الطلاق، وتبين تعذر المساكنة الشرعية بينهما، فتتخذ المحكمة تدبيرا مؤقتا، يحدد للزوجة محلا للسكن، بعيدا عن بيت الزوجية، مع ضرورة ربطه لزوما باختيارها.

أما بالنسبة لمقتضى تدخل النيابة العامة، من أجل إرجاع الزوج المطرود إلى بيت الزوجية حالا، فإنه يصطدم بجملة من الصعوبات والمعوقات، التي قد لا تخرج عن الإشكاليات المومأ إليها آنفا، ذلك أنه قد يحدث هذا الطرد في الليل، مما يستوجب معه تواجد النيابة العامة في حالة مداومة مستمرة، لمواجهة كل حالة على حدة، وفي كل وقت وحين، حتى لا يبقى المطرود من الزوجين، عرضة للتشرد، وبدون مأوى، وهذا يتطلب أن يبقى ممثل النيابة العامة المكلف بالمداومة، على أهبة التدخل، لتصحيح هذا الوضع الشاذ، ولو بتفعيل آلية الاتصال الهاتفي، في حالة ظرف الليل، وبالتالي إعطاء التعليمات المناسبة، بشأن الموضوع للضابطة القضائية المختصة، التي يجب عليها أن تكون في مستوى الحدث، وتباشر مسؤوليتها، بكل حزم وجد وفورية، وفق يقتضيه القانون...

ثم إن أي تردد للنيابة العامة في إرجاع الزوج المطرود إلى بيت الزوجية، فيه إهدار للقيمة القانونية، التي ابتغى المشرع ترسيخها في حياة الأسرة، وداخل المجتمع ككل، وأن عدم الحزم والصرامة والفورية، والمبادرة الخلاقة في هذا الشأن، قد يفضي إلى بقاء مقتضيات المادة 53 المرجعية، حبرا على ورق، ومن ثم تفتقد الثقة في السلطة القضائية، وفي باقي المؤسسات المؤهلة، وحتى التشكيك في الأحكام القانونية، الواجبة التطبيق.

لكن حري بقضاة النيابة العامة أن يراعوا في عملهم هذا، مصلحة الأسرة، مع عدم التسرع في اتخاذ إجراء ما، قد يزيد في توتر العلاقة بين الزوجين المعنيين، لأن المأمول هو السرعة لا التسرع، فالتطبيق الأمثل والسليم للنص المرجعي أعلاه، رهين بحسن إعمال مبدأ الملاءمة، ويرتبط أساسا بفطنة وحيوية، وجدية وحزم واستقامة، من أوكل إليهم مهمة إنفاذ القوانين.

أما بالنسبة للإشكال المتعلق بعدم تنصيص المادة 53 من المدونة، على الإجراءات الكفيلة بضمان أمن وحماية المطرود من الزوجين، فإن الأمر يبقى متروكا للسلطة التقديرية لقاضي النيابة العامة المكلف، تبعا لظروف وملابسات الحالة المطروحة، كأن يتعهد الطرف المعتدي، بعدم تكرار ما قام به، من فعل طرد زوجته من بيت الزوجية، تحت طائلة اتخاذ المتعين قانونا في حقه؛ ذلك أنه ليس المقصود من اتخاذ الإجراءات، الكفيلة بأمن وحماية الزوج، الذي أرجع إلى بيت الزوجية، بأن تكلف النيابة العامة أحد رجال القوة العمومية، ليضرب حراسة أمنية أمام البيت المذكور، تحسبا لأي طارئ، وحتى يكون على الاستعداد التام من أجل التدخل، كلما تم المساس بشخص الزوج المستفيد من الحماية، فهذا الإجراء لن يتأتى تطبيقه، إن لم نقل يستحيل إعماله، وليس هو هدف المشرع وغايته، وإنما الذي يبدو من فلسفة المشرع في سن هذه المسطرة، أنه في حالة تعذر إرجاع المطرود من الزوجين إلى بيت الزوجية، لعدم إمكان التوفيق بينهما، ولتعنت الطرف الآخر، وتشبثه بموقفه المتصلب، الرافض إرجاع شريك حياته إلى حيث بيت المودة والرحمة، على النيابة العامة إيجاد حلول أخرى لحماية المطرود، ومن قبيل ذلك حثه على الإقامة مع أقاربه، أو أقارب الزوج، إن تسنى ذلك، ريثما يتم القيام بالمطلوب قانونا، فإن لم يكن للزوج الضحية قريب، اتخذت النيابة العامة ما تراه ملائما حسب الإمكانيات المتاحة؛ الأمر الذي يتطلب أكثر من أي وقت مضى، إحداث مراكز الإيواء لمثل هذه الحالات الطارئة، بكل دائرة قضائية، مع تسجيل أهمية مبادرة المجتمع المدني بهذا الخصوص، ويبقى المعول عليه، عند التعامل مع هذا الإطار القانوني الهام، أن تقوم النيابة العامة بالإجراءات اللازمة، لحماية المعني بالأمر من خلال:

-   الحرص على الوقوف على كافة الاعتداءات التي لحقت بالمعتدى عليه المطرود، وغالبا ما تكون الزوجة، وإصدار التعليمات المناسبة إلى الضابطة القضائية، من أجل مباشرة المعاينات والأبحاث اللازمة، وتحريك الدعوى العمومية في حق المعتدي، عند الاقتضاء؛

-   معاينة حالة الزوج المطرود، وتحرير محضر بشأن ذلك، تضمن فيه الوضعية التي وجدت عليها الأطراف المعنية، وإجراء بحث قضائي في حالة وقوع اعتداء بالعنف والتهديد، أو ما شابه ذلك، في حق الزوج المطرود.

أما على مستوى النظام القضائي المقارن، فقد أسند المشرع المصري للنيابة العامة، بمقتضى المادة 18 مكررا ثالثا من المرسوم بقانون رقم 25 لسنة 1929 المضافة بالقانون رقم 100 لسنة 1985 بتعديل بعض أحكام قوانين الأحوال الشخصية، صلاحيات إصدار قرارات فيما ينشب من منازعات، بين المطلق والحاضنة؛ بشأن حيازة مسكن الزوجية، إلى حين فصل المحكمة المختصة في النزاع[30]، وبذلك يكون المشرع قد حسم خلافا كبيرا في الفقه والقضاء؛ حول مشروعية القرارات التي تصدرها النيابة العامة في منازعات الحيازة التي لا تشكل جريمة، إذ أصبح هذا النص سندا تشريعيا، للقرارات المتعلقة بالنزاعات التي تحدث بين الحاضنة والمطلق[31].

ونيابة شئون الأسرة بمصر، حينما تتدخل في هذا المجال، فهي مطالبة بأن تأخذ بعين الاعتبار حكم المحكمة الدستورية العليا الصادر بتاريخ 18 يناير 1996 في القضية رقم 5 لسنة 8 قضائية «دستورية»[32] الذي قضى بعدم دستورية المادة 18 مكرر ثالثا أعلاه، «وذلك فيما نصت عليه وتضمنته من:

أولا: إلزامها المطلق بتهيئة مسكن مناسب لصغاره من مطلقته وحاضنتهم ولو كان لهم مال حاضر يكفي لسكناهم، أوْ كان لحاضنتهم مسكن تقيم فيه، مؤجرا أوْ غير مؤجر.

ثانيا: تقييدها حق المطلق- إذا كان مسكن الزوجية مؤجرا- بأن يكون إعداده مسكنا مناسبا لصغاره من مطلقته وحاضنتهم، واقعا خلال فترة زمنية لا يتعداها، نهايتها عدة مطلقته»؛ وبذلك أضحى من الجائز للمطلق في هذه الحالة إعداد مسكنا آخر للحضانة في أي وقت ولو بعد انتهاء العدة[33].

والمقرر في قضاء محكمة النقض المصرية «إن مؤدى قضاء المحكمة الدستورية العليا في القضية رقم 5 لسنة 8 ق دستورية بتاريخ 6/1/1996 والمنشور في الجريدة الرسمية بالعدد رقم 3 بتاريخ 18/1/1996 بعدم دستورية المادة 18 مكررا ثالثا – المضافة بالقانون رقم 3 لسنة 1985 بتعديل بعض أحكام قوانين الأحوال الشخصية إلى المرسوم بقانون رقم 25 لسنة 1929 ببعض أحاكم الأحوال الشخصية - وذلك فيما نصت عليه وتضمنته من: أولا: إلزامها المطلق بتهيئة مسكن مناسب لصغاره من مطلقته وحاضنتهم ولو كان لهم مال حاضر يكفي لسكناهم، أوْ كان لحاضنتهم مسكن تقيم فيه، مؤجرا أوْ غير مؤجر... أنه يتعين لاستقلال الحاضنة بمسكن الحضانة سواء كان مسكن الزوجية أوْ مسكنا مناسبا يوفره المطلق ألا يكون لصغاره مال حاضر يكفي لسكناهم وألا يكون للحاضنة مسكن تقيم فيه سواء كان هذا المسكن مملوكا لها أوْ مؤجرا»[34].

وحري بقضاة النيابة العامة، عند نظرهم في هذه المنازعات، التثبت من سن الحضانة؛ حيث «ينتهي حق حضانة النساء ببلوغ الصغير أوْ الصغيرة سن الخامسة عشرة ويخير القاضي الصغير أوْ الصغيرة بعد بلوغ هذه السن في البقاء في يد الحاضنة دون أجر حضانة وذلك حتى يبلغ الصغير سن الرشد وتتزوج الصغيرة»[35].

أما الإجراءات المتبعة بهذا الشأن، فتتمحور حول قيام النيابة الجزئية لشئون الأسرة بنظر المنازعة، وفحصها وتحقيقها؛ عند الاقتضاء، تحقيقا قضائيا، وإرسال الأوراق إلى النيابة الكلية لشئون الأسرة؛ التي تتولى إصدار قرار مؤقت مسبب بشأن المنازعة والإشراف على تنفيذه، وإذا كان أحد طرفي القضية أجنبيا، فإنها تبادر إلى إحالة الملف إلى النيابة العليا لشئون الأسرة؛ باعتبارها هي المختصة بإصدار القرار الوقتي المناسب في هذه الحالة  [36].

وتفصيل ذلك، أن منازعات حيازة مسكن الزوجية تطبق عليها أحكام المادة 44 مكررا من قانون المرافعات في المواد المدنية والتجارية[37]، من حيث اختصاص النيابة العامة؛ وإجراءات نظرها، وإصدار القرارات فيها والتظلم منها، حيث يتعين على النيابة العامة لشئون الأسرة، سماع أقوال أطراف النزاع؛ وإجراء كافة التحريات اللازمة للاستجلاء الحقيقة، بما في ذلك الاستماع للشهود، وطلب تحريات أعوان الضبط القضائي؛ والقيام بالمعاينة المفيدة، عند الاقتضاء، ودراسة المستندات المقدمة؛ للتدليل على الحيازة، والتثبت مما إذا كانت هذه الأخيرة، حيازة مادية، فعلية ظاهرة وهادئة ومستمرة؛ حتى يتأتى لعضو النيابة العامة، بدرجة رئيس نيابة على الأقل، إصدار قرار وقتي مسبب، بشكل كاف؛ من خلال عرض الوقائع، وبسط الأسانيد القانونية، وتضمين أقوال أطراف المنازعة؛ وطلباتهم وأوجه دفوعه ودفاعهم، وشهادة الشهود، وتحريات رجال الإدارة؛ ومعاينة النيابة العامة، مع بيان تاريخ ومكان صدوره، واسم وصفة من أصدره، وذلك تحت طائلة البطلان[38].

ويخضع هذا القرار للسلطة التقديرية للنيابة العامة، حيث قد ترى حفظ الشكوى، أوْ إبقاء الحالة على ما هي عليه؛ أوْ تمكين من انتزعت حيازته من حيازة المسكن، أوْ إصدار قرار بالتمكين المشترك للزوجين، في حالة قيام العلاقة الزوجية؛ أوْ في حالة طلاق رجعي، مع عدم انقضاء فترة العدة، أوْ تمكين المطلقة الحاضنة؛ من استمرار إقامتها بمسكن الزوجية، دون الزوج المطلق، إلى غير ذلك من القرارات؛ التي قد يستقر عليها رأي النيابة العامة، استنادا لظروف وملابسات، ومعطيات القضية؛ ووسائل الإثبات المؤيدة.

على أنه يتعين على نيابة شئون الأسرة، إعلان القرار المتخذ للمعنيين بالأمر، خلال ثلاثة أيام من تاريخ صدوره؛ استنادا للمادة 44 مكرر أعلاه، عن طريق المحضرين بالمحاكم[39]، والذي يكون واجب التنفيذ فورا، مع إمكانية التظلم منه؛ لكل ذي مصلحة، أمام قاضي الأمور المستعجلة المختص محليا، وذلك عن طريق دعوى ترفع؛ وفق القواعد والإجراءات المقررة في المادة 13 من قانون إنشاء محاكم الأسرة، في ميعاد خمسة عشر يوما من تاريخ إعلانه بالقرار، تحت طائلة سقوط الحق في التظلم؛ لمن أعلن بالقرار وتضرر منه، والذي تصرح به المحكمة من تلقاء نفسها، لتعلقه بالنظام العام؛ لكن إذا قررت النيابة العامة حفظ الشكوى، فإن للمتضرر إمكانية التظلم من هذا القرار، إلى الدرجة الأعلى للنيابة العامة المصدرة للقرار[40].

ويبت قاضي الأمور المستعجلة في التظلم بحكم وقتي، قد يقضي برفض التظلم وتأييد قرار النيابة العامة لشئون الأسرة، أوْ بقبوله وتعديل القرار أوْ إلغاءه؛ وهو مختص أيضا بإصدار حكم بإيقاف القرار المتظلم منه، ريثما يفصل في التظلم، وذلك بناء على طلب المتظلم [41].

والمقرر في قضاء محكمة النقض «أن منازعات الحيازة على مسكن الزوجية. صدورها من النيابة العامة. انعقاده أمام القاضي المختص بالأمور المستعجلة بدعوى ترفع بالإجراءات المستعجلة. لا محل لتخصيصه أوْ تقييده. خروج مسكن الحاضنة عن ذلك. المادة 18 مكررا ثالثا من المرسوم بقانون رقم 25 لسنة 1929 المضافة بقانون رقم 100 لسنة 1985 بتعديل بعض أحكام قانون الأحوال الشخصية. علة ذلك النص الخاص يقيد النص العام الوارد في المادة 44 مكررا مرافعات المعدلة. مخالفة الحكم المطعون فيه وإقامة قضائه بعدم قبول التظلم لرفعه بغير الطريق الذي رسمه القانون على علة أن القرار المتظلم منه قد صدر من النيابة العامة فيكون التظلم منه أمام الجهة الأعلى لمصدر القرار خطأ» [42].

أما المشرع الفرنسي، فقد أقر تدابير حمائية خاصة لبيت الزوجية، حيث نص على منع كل تصرف منفرد لأحد الزوجين بشأن بيت الزوجية، دون موافقة الزوج الآخر، ولو كان مالكا له، مع ترتيب البطلان على هذا التصرف، وفقا لأحكام الفصل 215 من القانون المدني الفرنسي؛ وقد كرست محكمة النقض الفرنسية هكذا الحماية، بمقتضى قرارات عدة، إذ اعتبرت في قرارها الصادر بتاريخ 22/5/2019، أن تبرع الزوج بسكن العائلة دون موافقة الزوجة يعطيها الحق في إبطال هذا العقد...[43]

أما التشريع الجنائي المغربي، فقد سن حماية جنائية لأموال الزوجين، بعدما جرم وعاقب كل من الزوج والزوجة، في حالة قيام أحدهما بتبديد وتفويت أمواله، بسوء النية وبغاية الإضرار بالزوج الآخر أو بالأولاد، أو التحايل على أحكام مدونة الأسرة، المتعلقة بالنفقة أو السكن، وبالمستحقات المترتبة عن انفصام الرابطة الزوجية، أو باقتسام الممتلكات، بيد أنه لا تجوز المتابعة إلا بناء على شكاية المتضرر من الجريمة؛ ثم إن التنازل عن الشكاية يضع حدا للمتابعة، ولآثار المقرر القضائي المكتسب لقوة الشيء المقضي به[44].   

ومسك ختام تدخل النيابة العامة الناجح في إعمال مقتضيات المادة 53 من مدونة الأسرة، وتطبيقها السليم والحسن، الإشارة إلى آلية قانونية على جانب من الأهمية، من حيث النتائج المثمرة التي قد تؤتي أكلها كل حين، ألا وهي آليات الوساطة الأسرية والصلح الأسري، انسجاما مع تعاليم ديننا الإسلامي الحنيف، التي تحث على إصلاح ذات البين، ذلك أن الصلح خير، ولا يأتي إلا بالخير، لما ينجم عنه من تربية النفس على التآخي، والتواد والتسامح، وتجاوز شائبة الخطأ، ودافع الانتقام في السلوك الزوجي؛ ومن ثم فإن قضاة النيابة العامة مطالبون بالسعي لإيجاد حلول، كفيلة بمعالجة النزاعات الزوجية، المطروحة عليهم، باعتبارها مشكلات اجتماعية وبشرية، تهم الأسرة بجميع مكوناتها؛ مما يتطلب التحلي بالجرأة والشجاعة اللازمتين، في معالجة هكذا نوازل، وأن يضعوا نصب أعينهم، أولا وقبل كل شيء، مصلحة الأسرة كأولوية رئيسة، وأن لا يألوا جهدا، بغية الحفاظ على كيانها ولم شملها، في ضوء رؤيتهم الشمولية، للقضايا المعروضة عليهم، وبنظرة ثاقبة، قوامها التقصي والتحري، بهدف استجلاء الحقيقة، واتخاذ الإجراء القانوني المناسب، تبعا للمعطيات المتوفرة، ولظروف وملابسات الواقعة، ونتيجة الأبحاث المنجزة، وذلك في إبانه، بالنظر لخصوصية، وطبيعة قضايا الطرد من بيت الزوجية.

وهي أمور تتطلب مجتمعة أن يكون قاضي النيابة العامة المكلف متشبعا بثقافة التصالح، ومتوفرا على قدر كاف من المؤهلات القانونية والثقافية، وهي صفات تؤهله لتفعيل مهام وظيفية أخرى، خلال مرحلة انحلال ميثاق الزوجية، هذا ما تطرقنا إليه، من خلال المبحث الموالي.

المبحث الثاني: دور النيابة العامة في تفعيل الصلح الأسري خلال مرحلة انحلال ميثاق الزوجية

سوف نعالج هذا المبحث من خلال التطرق إلى دور النيابة العامة، في تفعيل آليات الصلح الأسري، في ضوء قضايا الطلاق المطلب الأول، ثم بحث دورها في تفعيل مسطرة الصلح، في ظل دعاوى التطليق المطلب الثاني.

المطلب الأول: دور النيابة العامة في مسطرة الصلح خلال مرحلة الطلاق

يمكن القول، إن أبرز تجليات تدخل النيابة العامة في مسطرة الصلح، ذات الصلة بمسائل الطلاق، تكمن في مساعدة المحكمة في إجراءات التبليغ، خلال مرحلة الصلح الفرع الأول، ثم المساهمة في إصلاح ذات البين بين الزوجين الفرع الثاني.

 الفرع الأول: مساعدة النيابة العامة للمحكمة في إجراءات التبليغ

إن الحد من التعسف في استعمال حق إنهاء العلاقة الزوجية، وتوفير الحماية للأسرة، وصيانة لحقوقها، وتفادي ما قد ينجم عن انفصام عرى الزوجية، من أضرار بالغة الأثر، والتمكن من فتح مجال لتطبيق مسطرة التحكيم العائلي، في النزاع القائم بين الزوجين، واتخاذ الإجراءات القضائية، الهادفة إلى التوفيق والتسديد، وإقرار الدور التصالحي للقضاء، وفقا لأحكام مدونة الأسرة، بغية المحافظة على استقرار الأوضاع الأسرية، وصونها من التفكك والانحلال، غايات كانت جميعها أساسا لأن تسن مدونة الأسرة مسطرة خاصة للطلاق، وجعل تطبيقها تحت مراقبة القضاء[45]، لكون الطلاق أبغض الحلال إلى الله[46]، وأن الصلح خير من الفراق، وعلاجا وقائيا، كلما حدث ما من شأنه أن يزعزع تماسك الأسرة وتوازنها، حتى ينعم كل أفرادها بالاستقرار والاطمئنان.

وبالنظر لهذه الأهمية التي تكتسيها مسطرة الصلح، فقد أوكلت مدونة الأسرة للنيابة العامة، مهمة السهر على إجراءات التبليغ المتعلقة بهذه المسطرة؛ ويتجلى ذلـك في مظهرين اثنين، أما المظهر الأول، فيكمن في تفعيل نص الفقرة الثالثة من المادة 81 من المدونة؛ الذي جاء فيه: «إذا توصلت الزوجة شخصيا بالاستدعاء ولم تحضر، ولم تقدم ملاحظات مكتوبة، أخطرتها المحكمة عن طريق النيابة العامة بأنها إذا لم تحضر فسيتم البت في الملف».

وتدخل النيابة العامة في هذه المرحلة، يجد سنده في كون المحكمة تستدعي الزوجين، لمحاولة الإصلاح بينهما؛ سواء كان الزوج هو الذي تقدم بطلب الإذن بالإشهاد على الطلاق، أوْ كانت الزوجة هي التي تقدمت بهذا الطلب، في حالة إذا كان زوجها ملكها حق إيقاع الطلاق؛ فإذا توصل الزوج المعني شخصيا بالاستدعاء ولم يحضر، اعتبر ذلك تراجعا منه عن طلبه، وإذا توصل شخصيا بالاستدعاء وحضر؛ باشرت المحكمة، بحضور الطرفين، الإجراءات المنصوص عليها في المادة 82 وما يليها من المدونة.

أما إذا لم يحضر، ولم يقدم ملاحظات مكتوبة، بواسطة مذكرة تتضمن وسائل دفاعه؛ أخطرته المحكمة عن طريق النيابة العامة، بأنه[47] إذا لم يحضر فيتم البت في الملف في غيبته؛ وتمارس النيابة العامة هذه المهمة، بجميع الوسائل المتوفرة؛ إما بواسطة أحد أعوان كتابة الضبط، أوْ عن طريق أحد المفوضين القضائيين، أوْ تكليف الضابطة القضائية المختصة الشرطة أوْ الدرك الملكي؛ أوْ السلطة المحلية، لتبليغ الإشعار، وذلك إعمالا لأحكام المادتين 81 و82 من مدونة الأسرة [48].

والجدير بالذكر أن التوصل الشخصي يقتضي أن يسلم الاستدعاء إلى الشخص نفسه، بعد التأكد من هويته، بواسطة الوثائق الإدارية المعتمدة لذلك، وتوقيعه توقيعا مفتوحا على شهادة التسليم، مع الإشارة إلى رقم الوثيقة الإدارية المثبتة لهويته، فإن كان عاجزا عن التوقيع استعاض عنه بالإبصام، على أن يعمد  المكلف بالتبليغ، إلى الإشارة إلى هذه الملاحظة بشهادة التسليم، أما إن رفض المتسلم التوقيع، تم تضمين ذلك أيضا في المحضر، وإذا تم التبليغ عن طريق الضابطة القضائية، فإن هذه الأخيرة تقوم بتحرير محضر للرجوع إليه عند الحاجة، فضلا عن التقيد ببيانات شهادة التسليم.

أما المظهر الثاني، من تجليات تدخل النيابة العامة، في إجراءات التبليغ خلال مرحلة الصلح؛ فيكمن فيما قرره المشرع المغربي من أحكام بمقتضى المادة 81 من المدونة، التي قضت أنه «إذا تبين أن عنوان الزوجة مجهول استعانت المحكمة بالنيابة العامة، للوصول إلى الحقيقة وإذا ثبت تحايل الزوج، طبقت عليه العقوبة المنصوص عليها في المادة 361 من القانون الجنائي بطلب من الزوجة».

يستشف من هذه الأحكام التشريعية، أن المدونة جاءت بصلاحيات جديدة للنيابة العامة، في مسائل الطلاق والصلح؛ تكمن في أن المحكمة، سعيا منها إلى استجلاء الحقيقة، بخصوص ما ورد بالإفادة التي توصلت بها؛ من كون الزوجة مجهولة، فإنها تستعين بالنيابة العامة، التي غالبا ما تفتح بحثا حول الموضوع؛ بواسطة الضابطة القضائية، وذلك بإجراء كافة التحريات، اللازمة المفيدة؛ في الوصول إلى الحقيقة، وعليه إذا تبين من البحث تعذر معرفة عنوان الزوجة، بثت المحكمة في طلب الزوج؛ الرامي إلى الإذن بالإشهاد على الطلاق.

أما إذا ثبت للهيئة القضائية المكلفة بالقضية أن الزوج تحايل على العدالة بإدلائه عمدا بمعلومات غير صحيحة، كما لو أدلى بعنوان غير حقيقي، أو أن الزوجة ظلت مجهولة بالعنوان المدلى به، أو أن يستهدف التدليس والتحايل هوية الزوجة، فإن المحكمة تحيل الملف بجميع الوثائق على النيابة العامة، التي تتولى فتح بحث مستعجل حول الموضوع، بناء على طلب من الزوجة المتضررة، وذلك بواسطة الشرطة القضائية، بعدما تصدر إليها تعليمات مناسبة، وتحدد لها الإجراءات الواجب القيام بها.

هذا، وبعد انتهاء البحث، يحال المحضر المنجز بشأنه على النيابة العامة، مع تقديم الأطراف المعنية عند الاقتضاء، تبعا للتعليمات الصادرة، حيث تحرك النيابة العامة، عند الموجب، الدعوى العمومية في حق المتهم، وتتابعه من أجل الجرائم المنصوص عليها في الفصل 360 من ق.ج، وعلى عقوبتها في الفصل 361 من نفس القانون، وفقا لأحكام المادة 81 من مدونة الأسرة، لكن تحريك الدعوى العمومية ضد الزوج في هذه الحالة، يبقى رهينا بتقديم شكاية من طرف الزوجة، مع إصرارها وتأكيدها على متابعة زوجها، لكن سحب هذه الشكاية قبل تحريك الدعوى العمومية يفضي حتما إلى حفظ القضية.

أما إذا سحبت الزوجة شكايتها، فإن النيابة العامة تقرر حفظ القضية، وإذا بادرت إلى تقديم التنازل خلال مرحلة المحاكمة؛ فإن المحكمة تقضي بسقوط الدعوى العمومية، في حق الزوج المتهم، وإذا صدر حكم نهائي في القضية؛ وتنازلت الزوجة، فإن ذلك يؤدي قانونا إلى وضع حد للتنفيذ، والسند القانوني في ذلك؛ المادة الرابعة من قانون المسطرة الجنائية المغربي [49].

وحري بالذكر، أن هذه الأحكام الزجرية، الواردة في المادة 81 من مدونة الأسرة؛ تطبق أيضا في حق الزوجة، في حالة تقديمها طلب الإذن بالإشهاد على طلاقها من زوجها، الذي ملكها حق الطلاق؛ شريطة تقديم طلب من الزوج المتضرر، كما تطبق في حق المشارك في اقتراف أفعال التدليس والتحايل.

أما إذا بادرت الزوجة إلى تقديم التنازل خلال مرحلة المحاكمة، فإن المحكمة تقضي بسقوط الدعوى العمومية في حق الزوج المتهم، وإذا صدر حكم نهائي في القضية، وتنازلت الزوجة، فإن ذلك يؤدي قانونا إلى وضع حد للتنفيذ، والسند القانوني في ذلك المادة الرابعة من ق.م.ج، التي نصت في الفقرة الأخيرة منها على أن" الدعوى العمومية تسقط أيضا بتنازل المشتكي عن شكايته، إذا كانت الشكاية شرطا ضروريا للمتابعة، ما لم ينص القانون على خلاف ذلك"، مع الإحالة على المادة 81 أعلاه، التي تستوجب تقديم طلب من الزوج كشرط لتحريك المتابعة في حق زوجها المشتكى به، والنتيجة أن سحب الطلب يؤدي ضمنيا إلى وضع حد للمتابعة وإلى سقوط الدعوى العمومية، إذ لم تنص هذه المادة صراحة على خلاف ذلك.

وهكذا يستبان مما سبق تفصيله، أن المشرع المغربي عمد إلى صون مسطرة التبليغ بحماية جنائية، بالنظر لأهمية هذه المسطرة في حماية حقوق الأزواج والأطفال، وفي تجهيز الملفات، وتسريع وثيرة البت فيها، وتفعيل بنود المدونة، وهو نفس النهج الذي سلكه في مسطرة التعدد المنظمة بمقتضى المادة 43 من المدونة، حيث أحاطها بأحكام زجرية؛ لذا فإن ما قيل عن الإشكاليات التي طرحت بشأن تطبيق المادة 43 أعلاه، في علاقتها بالفصل 361 من القانون الجنائي، بخصوص تقديم الطلب أو الشكاية وسحبه، يقال عن المادة 81 الآنفة الذكر، وينسحب على الإشكاليات التي تثيرها عند التطبيق.

وحري بالذكر، أن المقتضيات الزجرية الواردة في المادة 81 من مدونة الأسرة، تطبق أيضا في حق الزوجة، في حالة تقديمها طلب الإذن بالإشهاد على طلاقها من زوجها الذي ملكها حق الطلاق، شريطة تقديم طلب من الزوج المتضرر، كما تطبق في حق المشارك في اقتراف فعل التدليس والتحايل، في إطار الفصل 129 من القانون الجنائي...

الفرع الثاني: مساهمة النيابة العامة في الإصلاح بين الزوجين

بالنظر لأهمية مؤسسة الصلح الأسري في نبذ أسباب الشنآن والخصام، ونشر مبادئ السلام والوئام، ووضع حد لدابر النزاعات، ابتغاء حماية كيان الأسرة من التفكك والانهيار، وتفادي ترك الأطفال عرضة للتشرد والضياع، فقد بوأت مدونة الأسرة هذه الآلية مكانة خاصة، وقدرتها حق تقدير في القول والعمل والإقرار، ويتجلى ذلك في مجال الطلاق من خلال سن مقتضيات قانونية ملزمة لقضاة الأسرة ولأطراف القضية.

وحرصا منها على تفعيل هذه المقتضيات القانونية أحسن تفعيل، وتطبيقها التطبيق السليم، من لدن القائمين على إنفاذ القوانين، وتطوير مهاراتهم في تسيير وتيسير مسطرة الصلح، حتى تؤتي ثمارها المرجوة، التي تكمن في إصلاح ذات البين، بادرت وزارة العدل بالمملكة المغربية، بتعاون مع المعهد العالي للقضاء وبشراكة مع وزارة الأسرة بالدنمارك، ورابطة التربية على حقوق الإنسان، والمؤسسات الجامعية، وغير ذلك من المنظمات والجمعيات ذات الصلة بالموضوع، إلى تنظيم ندوات ولقاءات وأيـام دراسية حـول وسائل الصلح والوساطة في قضايا الأسرة.

ولأجل انفتاح القضاء على محيطه للاستفادة من خدمات وكفاءات بعض الفاعلين المؤهلين في مجال الصلح خولت مدونة الأسرة للمحكمة انتداب من تراه مؤهلا لإصلاح ذات البين؛ ونظرا لكون المجالس العلمية تضم علماء وفقهاء لهم كفاءات متنوعة تؤهلهم للقيام بهذه المهمة النبيلة، على أحسن وجه، انطلاقا من مرجعية دينية وغيرها، مما يساعد على الصلح بين الزوجين، تحقيقا لفلسفة المشرع من إقراره مؤسسة الصلح، ورعيا لكون المجلس العلمي الأعلى قد رحب بإشراك المجالس العلمية المحلية في هذا المسعى النبيل، فقد وقع التأكيد من طرف وزارة العدل على ضرورة التنسيق بين المجالس العلمية المحلية، من أجل التعاون معها بشأن إصلاح ذات البين بين الزوجين في قضايا الأسرة، بما فيها الطلاق والتطليق[50]؛ وسيرا على هذا الهدي، وإعمالا لأحكام المادة 82 من مدونة الأسرة، التي تخول قسم قضاء الأسرة إمكانية انتداب من تراه مؤهلا لإصلاح ذات البين بين الزوجين، فقد بادرت مختلف المحاكم الابتدائية بالمملكة المغربية، إلى عقد اجتماعات ولقاءات تنسيقية مع المجالس العلمية المحلية، في إطار التعاون بينها، وبين قسم قضاء الأسرة، على تسوية الخلافات الزوجية، وإصلاح ذات البين بين الزوجين...

وعلى مستوى الممارسات القضائية والمبادرات العملية، فقد بادرت المحكمة الابتدائية بالعرائش، بالتنسيق مع المجلس العلمي الإقليمي بالعرائش، إلى إحداث خلية تابعة لذات المجلس، منتدبة لإصلاح ذات البين بين الزوجين، في إطار النزاعات الأسرية، خلال مرحلة تقديم الشكايات أمام الخلية، وذلك بمقر قسم قضاء الأسرة التابع للمحكمة الابتدائية بالعرائش؛ ذلك أنه انسجاما مع تعاليم ديننا الإسلامي الحنيف، التي تحث على إصلاح ذات البين، وبناء على مقتضيات المادة 92 من مدونة الأسرة والتي تنص على أنه يمكن للمحكمة أن تنتدب من تراه مؤهلا لإصلاح ذات البين بين الزوجين؛ وبالنظر إلى ارتفاع عدد حالات الطلاق والتطليق، وبالنظر لكون المجالس العلمية تضم علماء وفقهاء، لهم كفاءات متنوعة، تؤهلهم للقيام بهذه المهام النبيلة، على أحسن وجه؛ وتفعيلا للمنشور الوزاري[51]، بخصوص التنسيق بين أقسام قضاء الأسرة، والمجالس العلمية المحلية، من أجل التعاون على إصلاح ذات البين بين الزوجين؛ فقد بادرت مكونات المحكمة الابتدائية بالعرائش إلى عقد عدة اجتماعات مع السيد رئيس المجلس المحلي بالعرائش، أفضى إلى وضع خطة تروم إعمال المقتضيات المذكورة، وتشكيل لجنة علمية بهذا الخصوص، حيث بدأت التجربة يوم 24مارس 2016 بانتداب أعضاء المجلس العلمي المحلي، المكلفين من طرف المحكمة، بناء على قرار صادر عنها، مع إعداد تقرير مفصل حول ما آلت إليه محاولة الصلح، التي كانت تجري داخل المجلس العلمي، غير أن هذه التجربة لم تعط الثمار المرجوة منها، على أكمل وجه، نظرا لعدم استجابة الزوجين للاستدعاءات الموجهة إليهم، من طرف المجلس العلمي،

فضلا عن التأخير في إعداد التقارير، حول مآل الصلح، والتي كان لها التأثير السلبي على تصريف قضايا الطلاق والتطليق بالمحكمة.

ولتجاوز مثل هذه الإشكالات والصعوبات، فقد أصبحت الحاجة ملحة إلى إيجاد حلول عملية، كفيلة بمعالجة الإشكالية العملية المطروحة، وهكذا تبلورت مبادرة تم تنزيلها على أرض الواقع بتاريخ  تستهدف مباشرة إجراءات الصلح، من طرف المجلس العلمي، داخل قسم قضاء الأسرة بالعرائش، في إطار تفعيل تقريب القضاء من المتقاضين، وتبسيط مساطر الولوج للعدالة، وتيسير الإجراءات، حيث تقرر وبتنسيق بين مكونات المحكمة أعلاه، والمجلس العلمي المحلي، عقد جلسات للصلح، أيام الثلاثاء والأربعاء والخميس، من كل أسبوع انتدب لها أعضاء المجلس المذكور، من بينهم سيدتين، داخل فضاء خاص ببناية قسم قضاء الأسرة، حيث تم إعداد مكاتب مخصصة، بكامل تجهيزاتها لهذا الغرض، على أن تجري مسطرة الصلح بمجرد تسجيل الملف، وإدراجه بأول جلسة، وخلال هذه الفترة تباشر الإجراءات الأولية لمسطرة الصلح، على أن يتم إعداد تقرير حول مآل محاولة الصلح، قبل مباشرة النظر في الملف، من طرف القاضي المقرر، وهيئة المحكمة؛ ولقد أثمرت هكذا المبادرة الثمار المرجوة منها، بعدما تمكنت هيئة العلماء- المنتدبة بمباشرة مسطرة الصلح بين الزوجين المقبلين على الطلاق بمقر قسم قضاء الأسرة التابع لهذه المحكمة- من إصلاح ذات البين من الزوجين، في مجموعة من قضايا الطلاق والتطليق، بلغت 12 ملفا، من أصل 67 ملفا، موضوع الإحالة على الهيئة المذكورة. 

ولما كانت هذه التجربة الحسنة، والمبادرة الفضلى، أضحت تعطي الثمار المرجوة منها، من خلال التمكن من إصلاح ذات البين في عدة حالات، فقد ارتأت المحكمة الابتدائية بالعرائش  واللجنة المحلية للتكفل القضائي التابعة لها، أن لا ينحصر الدور الإصلاحي لخلية المجلس العلمي المحلي بالعرائش فقط، في دعاوى الطلاق والتطليق، وإنما يمتد ليشمل الصلح بين أفراد الأسرة، خلال مرحلة تقديم الشكايات أمام خلية التكفل القضائي بالنساء والأطفال، ضحايا العنف، وذلك بمقرها الخاص بقسم قضاء الأسرة، متى استطاعت تحقيق هذا الخير العميم، لا سيما عندما يتعلق الأمر بحالات إنسانية عائلية خاصة؛ حيث تم إحداث سجل خاص لإصلاح ذات البين في إطار الشكايات والنزاعات الأسرية؛ انسجاما مع أحكام الشريعة الإسلامية الغراء والسمحاء، التي تحث على إصلاح ذات البين، حيث ورد الصلح في العديد من الآيات القرآنية وفي السنة النبوية، لما ينتج عن المصالح من آثار إيجابية في نبذ كل أسباب الشنآن والخصام، والإسهام في نشر مبادئ السلام والوئام، وصون مؤسسة الأسرة من التفكك والتشرذم، وتفعيلا لأحكام مدونة الأسرة في مجال الصلح، بادرت خلية التكفل القضائي بالنساء والأطفال بهذه المحكمة إلى اعتماد آليات جديدة تروم رأب الصدع الذي قد يستهدف العلاقات الأسرية، في أفق إصلاح ذات البين، وجبر الضرر، وإنهاء النزاعات، وبالتالي وضع حد للاضطرابات الاجتماعية، في إطار يراعي خصوصيات المجتمع المغربي، وتقاليده العريقة، وأعرافه المجيدة، المستقاة من مبادئ الدين الإسلامي الحنيف، ومن الموروث الحضاري لبلدنا، وذلك عبر إحداث سجل خاص لإصلاح ذات البين، في إطار الشكايات والنزاعات الأسرية، حيث تبادر مكونات الخلية في كل حالة إلى طرح فضيلة الصلح بين الأطراف المتخاصمة، وتبذل قصارى جهدها، للوصول إلى الغايات المرجوة، وتحقيق الأهداف المنشودة، ألا وهي إصلاح ذات البين الأسري، إيمانا منها بأن آليات الوساطة والصلح، توطد العلاقات الأسرية، وتنبذ البغضاء، وتبث قيم التسامح والعفو عند المقدرة،، مما تكون له انعكاسات إيجابية على مختلف مكونات الأسرة، حيث كللت مبادرتها الحميدة بالتوفيق والسدد في كثير من الحالات، التي تسجل في السجل الخاص المنوه به آنفا، إذ تم توثيق عدة حالات لنجاح المصالحة، منذ انطلاق العمل بهذه التجربة الحسنة، خلال نهاية سنة 2016 [52]

والآن ننتقل للحديث عن دور النيابة العامة، في تفعيل إجراءات الصلح بين الزوجين، والذي يتجلى من خلال حضور ممثلها في جلسة الصلح؛ التي تعقدها المحكمة، أوْ قد يقع انتدابه للقيام بهذه المهمة، حيث يسعى إلى إبراز الآثار الوخيمة؛ التي تنجم عن انفصام ميثاق الزوجية، والمصير المأساوي، والمؤلم الذي ينتظر الأطفال؛ ويعمل على تقريب وجهة نظر الزوجين، وإيجاد حلول للنزاع القائم بينهما، بعدما يعمد إلى تقصي ومعرفة أسبابه؛ دون أن يغوص في التفاصيل الدقيقة، التي من شأنها إحراج الطرفين أوْ أحدهما، مما قد يدفعهما إلى الاحتراز عن الانسجام معه؛ مستعينا في ذلك، بمؤهلاته القانونية والعلمية، وخبرته العملية؛ وما اكتسبه من مهارات الوساطة، والتواصل مع الآخرين، فضلا عما ينبغي أن يتحلى به من دماثة الأخلاق؛ وسعة الصدر، وحسن الإصغاء، وحس إنساني متميز،  وتملك  مهارة تدبير  الحوار ...

وعلاوة على ذلك، فإنه حري قاضي النيابة العامة لدى قسم قضاء الأسرة، الاسترشاد بالمبادئ الأخلاقية التوجيهية، التي ترتكز عليها الوساطة التسهيلية في القضايا الأسرية، ألا وهي: الحياد، النزاهة، الكفاءة، مع الاستعانة ببعض تقنيات الوساطة في إجراء الصلح بين ذات البين من الزوجين...[53]

 وفي حالة انتداب المحكمة لحكمين، بغية الإصلاح بين الزوجين المتخاصمين، أمكن لقاضي النيابة العامة المختص؛ التماس التريث في اختيار الحكمين، والتمعن والتدقيق في ذلك، والتحقق من كونهم من ذوي المروءة والحكمة؛ ولهما تأثير معنوي على الزوجين.

وفي حالة تعذر وجود حكمين من أهلهما، حق لقاضي النيابة العامة المكلف، أن يلتمس من المحكمة تعيين شخص مؤهل؛ للقيام بهذه الرسالة الهادفة، والاستعانة أيضا بمجلس العائلة، أوْ التماس انتداب أحد أعضاء الهيئة القضائية؛ للقيام بمهمة الصلح، وأن يلتمس أيضا الاستماع للشهود، ولمن يرى فائدة في الاستماع إليه؛ أما إذا كان للزوجين أطفال، فإن النيابة العامة تلتمس وجوبا إجراء محاولتين للصلح، تفصل بينهما مدة لا تقل عن 30 يوما؛ مع التماس تحرير محضر وقوع الصلح إن تم، تشهد عليه المحكمة للرجوع إليه عند الحاجة[54]

وللنيابة العامة أن تلتمس من المحكمة انتداب هيئة المجلس العلمي المحلي للإصلاح بين الزوجين، بالنظر لكون المجالس العلمية، تضم علماء وفقهاء؛ لهم كفاءات متنوعة، تؤهلهم للقيام بهذه المهمة النبيلة، على أحسن وجه؛ انطلاقا من مرجعية دينية وغيرها، مما يساعد على الصلح بين الزوجين، تحقيقا لفلسفة المشرع من إقراره مؤسسة الصلح.[55]

المطلب الثاني: دور النيابة العامة في تفعيل مسطرة الصلح في ظل دعاوى التطليق

يعد التطليق من بين الأسباب المنهية للعلاقة الزوجية، والمحكمة هي التي تقرره بناء على طلب أحد الزوجين، وقد وسعت مدونة الأسرة من حالات حق طلب التطليق؛ حيث أتت بأحكام خاصة في المادة 94، تبيح لأحد الزوجين طلب التطليق بسبب الشقاق، أوْ بسبب إخلال الزوج بشرط من شروط عقد الزواج؛ استنادا إلى المادتين 98 و99 من نفس المدونة، وهو شرط مقترن بميثاق الزوجية، وفق أحكام المواد: 47-48 و49 من مدونة الأسرة؛ ويعد هذا الإخلال ضررا، وبذلك وقع توسيع في مفهوم الضرر، المبرر للمطالبة بالتطليق، إلى جانب هذين السببين؛ هناك خمس أسباب أخرى، إذا توفر أحدها حق للزوجة اللجوء إلى المحكمة لطلب التطليق، ألا وهي: الضرر، عدم الإنفاق، الغيبة؛ العيب، الإيلاء، والهجر.[56]

وتوخيا لسرعة البت في دعاوى التطليق، فقد أناطت مدونة الأسرة بالنيابة العامة مهام وظيفية تكمن في مساعدة المحكمة في إجراءات التبليغ والبحث، بالوسائل الممكنة، وكذا مباشرة التحريات اللازمة للتأكد من واقعة الغيبة وصحة ادعاء الزوجة، وتفعيل مسطرة القيم.

الفرع الأول: المساهمة في إجراءات التبليغ والبحث

خولت مدونة الأسرة في مادتها 102 للزوجة حق طلب التطليق بسبب إخلال الزوج بالنفقة الحالة الواجبة عليه، حيث تتولى المحكمة اتخاذ إجراءات مسطرية في ضوء الحالات الآتية:

الحالة الأولى: إذا كان للزوج مال ظاهر يمكن أخذ النفقة منه، فإن المحكمة تتولى تلقائيا تحديد طريقة تنفيذ نفقة الزوجة عليه، كالأمر بالاقتطاع من راتبه إذا كان موظفا أوْ مستخدما، أوْ الأمر بتحويل مبلغ النفقة من ريع له، أوْ من حسابه البنكي إلى الزوجة[57]؛ ومن ثم فإنها لا تستجيب لطلب التطليق لعدم الإنفاق.

الحالة الثانية: إذا أثبت الزوج عسره، أمهلته المحكمة مدة لا تتعدى 30 يوما من أجل الإنفاق، فإن لم يف بذلك طلقت عليه زوجته؛ إلا في حالة وجود ظرف قاهر أوْ استثنائي، وتقدير ذلك موكول للمحكمة.

الحالة الثالثة: إذا كان الزوج موسرا، أوْ ادعى أنه في حالة إعسار ولم يثبت ذلك، وامتنع عن الإنفاق في أي من الحالتين؛ طلقت المحكمة زوجته، بشكل آني وفوري دون إمهاله، حسب منطوق المادة 102 من مدونة الأسرة.[58]

وحسب مدونة الأسرة، فإن هذه الأحكام تطبق على الزوج الحاضر والغائب في مكان معلوم، بعد توصله بمقال الدعوى؛ أما إذا كان محل غيبته مجهولا، بحيث لا يعرف مكان إقامته، فإن المحكمة تتأكد من ذلك ومن صحة دعوى الزوجة؛ وذلك بمساعدة النيابة العامة، عملا بأحكام المادة 103 من المدونة، ذلك أنه قد تلجأ الزوجة إلى الإدلاء بعنوان غير صحيح لزوجها؛ بغية تضليل العدالة، وبالتالي تكون النتيجة إصدار المحكمة حكما لفائدتها، بتطليقها من زوجها لعدم الإنفاق في غيبته؛ حتى لا يتأتى له الحضور أمام المحكمة والإدلاء بمقالته.

وما ينبغي التأكيد عليه، هو أن النيابة العامة في دعوى التطليق لعدم الإنفاق، تقوم بدور مساعدة المحكمة في إجراءات التبليغ والبحث؛ والذي تترتب عنه نتائج بالغة الأثر، حيث تبت المحكمة على ضوء نتيجة البحث الذي باشرته النيابة العامة، ومن خلال مستندات الملف؛ مما يستوجب القيام بكافة التحريات اللازمة، واتخاذ المتعين قانونا وقضائيا، بهدف استجلاء حقيقة الأمر.

الفرع الثاني: المساهمة في إجراء الصلح خلال دعاوى التطليق

إن دور النيابة العامة في دعوى التطليق، لا يقتصر على مساعدة المحكمة في إجراءات البحث، المرتبطة بدعوى التطليق لعدم الإنفاق، وإنما يمتد إلى مرحلة الإصلاح بين ذات البين من الزوجين.

وما يمكن قوله بخصوص هذه المسألة، هو أن مدونة الأسرة لم تنص صراحة على أي دور للنيابة العامة في إطار مسطرة التطليق، بيد أنه إذا سلمنا أن النيابة العامة طرف أصلي في جميع القضايا؛ الرامية إلى تطبيق أحكام المدونة، أمكن القول بأهمية تدخل النيابة العامة في مسطرة الصلح بين الزوجين، خلال مرحلة التطليق؛ مهما كان السبب المؤسس عليه، باستثناء حالة الغيبة.

وعليه، فسواء تعلق الأمر بدعاوى التطليق بسبب الشقاق، أوْ دعاوى التطليق المؤسسة على سبب من الأسباب المنصوص عليها في المادة 98 من المدونة، باستثناء حالة الغيبة؛ فإن قاضي النيابة العامة بإمكانه أن يكون له دور مؤثر في مسطرة الصلح بين الزوجين، من خلال التماسه من المحكمة إعمال إحدى وسائل الصلح، المتمثلة في انتداب حكمين؛ أوْ من تراه مؤهلا لذلك، لقوله عز وجل ﴿وإن خفتم شقاق بينهما فابعثوا حكما من أهله وحكما من أهلها إن يريدا إصلاحا يوفق الله بينهما إن الله كان عليما خبيرا﴾[59]؛ أوْ أن يلتمس الاستعانة بمجلس العائلة[60]، أوْ انتداب أحد أعضاء الهيئة القضائية للقيام بمهمة التصالح، أوْ التماس إجراء تحقيق تكميلي من طرف المحكمة؛ كإجراء البحث والمعاينة والخبرة، وأمر تقدير هذه الوسائل متروك لسلطة المحكمة، أما إذا تعلق الأمر بخلاف بين زوجين أبوين، في إطار مسطرة التطليق للشقاق، فإن ممثل النيابة العامة يلتمس إجراء محاولتين للصلح؛ تفصل بينهما مدة لا تقل عن ثلاثين يوما؛ إعمالا لأحكام المادتين 99 و100 من مدونة الأسرة.[61]

وبعبارة أخرى، فإنه تفعيلا منها لدورها في مسطرة الصلح، خلال رفع دعاوى التطليق الآنفة الذكر، فإن النيابة العامة قد تسعى إلى استقصاء أسباب الشقاق بين الزوجين، وطرح حلول قد تكون ناجعة لمعالجتها، فتكون النتيجة إصلاح ذات البين، وكذا الشأن بالنسبة لتقصي نوع  الإخلال الذي اقترفه الزوج بشرط من شروط عقد الزواج، حتى يعتبر ضررا مبررا لطلب التطليق، وفق لما ورد في المادة 99 من مدونة الأسرة؛ والاستفسار أيضا عن نوع الضرر كسبب ثاني مبرر لطلب التطليق، كأن يتصرف الزوج تصرفا غير لائق، أو يصدر عنه سلوك مشين أو مخل بالأخلاق الحميدة، يلحق بزوجته إساءة مادية أو معنوية، مما يجعل استمرار العلاقة الزوجية بينهما متعذرة، ويمكن إثبات ذلك بكل وسائل الإثبات الممكنة كالقرائن، وشهادة الشهود أمام المحكمة؛ وعلاوة على ذلك، بإمكان النيابة العامة التماس إجراء تحقيق تكميلي من طرف المحكمة، كإجراء البحث والمعاينة والخبرة، وأمر تقدير هذه الوسائل متروك لسلطة المحكمة.

أما بالنسبة لدعوى التطليق للإيلاء والهجر، فإنه بإمكان قاضي النيابة العامة المكلف أن يلتمس من المحكمة تحري أسباب نفور الزوج من زوجته، وهجره لها، في إطار مسطرة الصلح التي تجريها بين الزوجين، بهدف رأب الصدع وتسوية الخلاف، فتكون النتيجة المرغوب فيها، رجوع الزوج إلى رشده، وعودته إلى أسرته، ومعاشرة زوجته بالمعروف، بعدما تحدد له المحكمة أجل أربعة أشهر ليرجع عن موقفه، فإذا لم يفئ طلقت عليه زوجته مصداقا لقوله تعالى :  ﴿ للذين يولون من نسائهم تربص أربعة أشهر فإن فاءوا فإن الله غفور رحيم، وإن عزموا الطلاق فإن الله سميع عليم ﴾[62] .

أما بالنسبة للنظام القضائي المصري، فقد أصل المشرع المصري للصلح الأسري في دعاوى الولاية على النفس بمقتضى المواد 18 و19 و20 من قانون تنظيم بعض أوضاع وإجراءات التقاضي في مسائل الأحوال الشخصية، الصادر بقانون رقم 1 لسنة 2000[63]؛ كما قرر إحداث مكتب أوْ أكثر لتسوية المنازعات الأسرية بدائرة اختصاص كل محكمة جزئية، وذلك بمقتضى المادة السادسة من القانون رقم 10 لسنة 2004 المعدل بالقانون رقم 215 لسنة 2017 بإصدار قانون إنشاء محاكم الأسرة، حيث نصت الفقرة الأولى من المادة الخامسة على ما يلي: «تنشأ بدائرة اختصاص كل محكمة جزئية مكتب أوْ أكثر لتسوية المنازعات الأسرية، يتبع لوزارة العدل ويضم عددا كافيا من الأخصائيين القانونيين والاجتماعيين والنفسيين الذين يصدر بقواعد اختيارهم قرار من وزير العدل بعد التشاور مع الوزراء المعنيين»؛ حيث يجب على من يرغب في إقامة دعوى بشأن إحدى مسائل الأحوال الشخصية التي تختص بها محاكم الأسرة، أن يقدم طلبا لتسوية النزاع إلى مكتب تسوية النزاعات الأسرية المختص، وذلك في غير دعاوى الأحوال الشخصية التي لا يجوز فيها الصلح، والدعاوى المستعجلة، ومنازعات التنفيذ، والأوامر الوقتية[64].

ومن التطبيقات القضائية لمحكمة النقض المصرية في مسائل الصلح، «المقرر - في قضاء هذه المحكمة – أن المشرع قد أوجب في المادة 18 من القانون رقم 1 لسنة 2000 بتنظيم بعض أوضاع وإجراءات التقاضي في مسائل الأحوال الشخصية في دعاوى الطلاق أوْ التطليق، أن تبذل جهدا في محاولة الصلح بين الزوجين، فإذا كان لهما ولد تلتزم بعرضه مرتين على الأقل تفصل بينهما مدة لا تقل عن ثلاثين يوما ولا تزيد على ستين يوما إلا أنه لم يرسم طريقا معينا لبذل الجهد في محاولة الصلح، وكان في عرض المحكمة الصلح على الطرفين وما يبديه كل منهما من قبوله أوْ رفضه ما يتضمن في طياته بذلا لجهدها للحيلولة دون فصم عرى الزوجية»[65].

أما التشريع الأسري الأردني، فقد بادر أيضا إلى مأسسة الصلح الأسري، بإحداث نظام مكاتب الإصلاح والتوفيق الأسري، وأنشأ في دائرة قاضي القضاة مديرية الإصلاح والتوفيق الأسري، تتولى الإشراف على مكاتب الإصلاح، وفي كل محكمة شرعية يتم إحداث مكتب التوفيق والإصلاح الأسري، عند الاقتضاء، ابتغاء " إنهاء النزاعات الأسرية بالطرق الودية وبالتوعية والتثقيف بالحقوق والواجبات الزوجية وتقديم الإرشاد الأسري"، يتكون المكتب من رئيس وعدد من الأعضاء، ويتولى رئاسة المكتب قاض شرعي بتنسيب من قاضي القضاة وقرار من المجلس القضائي الشرعي أو موظف من موظفي الدائرة الحاصلين، على الأقل، على شهادة جامعية في الشريعة أو الشريعة والقانون من ذوي الخبرة والكفاءة، ويراعى في اختيار العضو الخبرة والكفاءة والقدرة على الإصلاح، وأن يكون حاصلا على شهادة جامعية في الشريعة أو الشريعة والقانون أو علم الاجتماع أو علم النفس أو التربية...[66]         

خاتــــــــمة:

إن نظام الصلح كآلية حضارية جديدة، التي أحدثتها مدونة الأسرة ، تبتغي تربية النفس على التآخي، والتواد والتسامح، وتجاوز شائبة الخطأ، ودافع الانتقام في السلوك الإنساني، والحفاظ على كيان الأسرة من التفكك، وما من شك في أنه إذا ما تمت مأسسة الوساطة الأسرية، وتطبيق الأحكام المنظمة للصلح الأسري، تطبيقا سليما، وتفعيلها التفعيل الأمثل، سيكون له الأثر الإيجابي على تصريف القضايا، وتدبير النزاعات أمام القضاء الأسري، حيث يفضي الصلح إلى تهدئة النفوس وجبر الخواطر، والقضاء على الغل والحقد، ويسود الود والوئام بين أفراد الأسرة، وعلى إثر ذلك يستعيد الضحية اعتباره كعضو مؤثر في سير الخصومة الجنائية، والمشتكى به يدرأ عن نفسه متاعب المحاكمة، وآثارها الوخيمة؛ ولذلك فإن دور النيابة العامة في إنجاح هذه المسطرة يعتبر دورا مؤثرا في إعادة الألفة لأفراد الأسرة الواحدة ورأب الصدع، وجبر المخاطر، والحفاظ على التماسك الأسري والاجتماعي.

والواقع أن تفعيل النيابة العامة لآليات الصلح الأسري في ضوء مدونة الأسرة، يتطلب مراعاة عدة اعتبارات، من ضمنها: 

-        إن نجاح مؤسسة النيابة العامة في التفعيل الأمثل لآليات الصلح الأسري، يقاس بمدى نجاحها في التعامل مع نظام الصلح، وما تبذله من مجهودات وتضحيات، في أفق تحقيق نسبة تصالح على جانب من الأهمية، وهو ليس بالأمر الهين، لما يتطلبه من توفر قاضي النيابة العامة على مؤهلات المصالح المحنك، من سرعة البديهة، ومهارات اتصال عالية، وقوة الإقناع وحسن الاستماع، والقدرة على طرح أكثر من حل للنزاع، مع التحلي بالحلم والصبر، فضلا عن مؤهلات الفطنة والذكاء...؛

-        تدعيم النيابة العامة بالموارد البشرية الكافية، من قضاة وموظفين ومساعدين اجتماعيين متخصصين، المؤهلة تأهيلا يلائم طبيعة وخصوصية نظام الصلح، والمتشبعة بالفلسفة الجديدة لمدونة الأسرة، التي قوامها العدل والإنصاف، والمساواة ورأب الصدع، ورفع الضرر وجبره، وتبسيط المساطر، والنجاعة القضائية، وجودة الخدمات والأحكام، ابتغاء تحقيق الأهداف المثلى للمدونة ألا وهي:" رفع الحيف عن النساء، وحماية حقوق الأطفال، وصيانة كرامة الرجل "؛  

-        إحداث ضابطة قضائية متخصصة في البحث والتقصي والتحري، تعمل إلى جانب النيابة العامة، في مباشرة الأبحاث القضائية الأسرية، وتسوية الخصومات بين أفراد الأسرة، فضلا عن تفعيل دور المجتمع المدني في هذا المجال؛

-        تحسين بنية الاستقبال، لإضفاء الطابع غير القضائي على مسطرة الصلح، بغية التمكين للطرق البديلة لتسوية النزاعات الأسرية؛

-        ضرورة التأهيل الأسري للمقبلين على الزواج، وذلك باجتياز دورات تكوينية وتأهيلية، في تدبير العلاقة الزوجية، وتملك مهارات حل المشكلات والنزاعات الأسرية، وتحمل المسؤولية وأعباء الزواج، واكتساب معلومات، لا غنى عنها، تهم الجوانب الشرعية والتربوية، والاجتماعية والنفسية، بهدف الرفع من منسوب التوعية الزوجية والأسرية؛ سعيا إلى الحفاظ على استقرار العلاقة الزوجية، والحيلولة دون التفكك الأسري، والنتيجة انخفاض نسبة انحلال العلاقة الزوجية، وصون الأولاد من الضياع والتشرد؛ حيث يرى خبراء وتربويون ومتخصصون أهمية فرض رخصة الزواج، أو شهادة أو دبلوم التأهيل الزوجي والأسري، يستجيب لأهداف الأسرة والتخطيط للحياة الزوجية والعائلية، يسلمه معهد متخصص معتمد، على أن يكون وثيقة إلزامية، ضمن مستندات ملف الحصول على إذن بتوثيق عقد الزواج، على غرار بعض النظم التشريعية والقضائية المقارنة[67]؛ طالما أن الزواج منظومة قيم ومفاهيم، تتعدى تلبية الرغبة، وتحقيق المتعة؛ مما يستدعي إيجاد مناهج أسرية في المؤسسات التربوية، والتعليمية والجامعات، كمقررات اساسية للطلاب؛ مع وضع الخطط العريضة لمعالجة العنف الأاسري وأسبابه، وطرق حماية الطفولة من هذا العنف؛ فضلا عن تدريب المدربين والمستشارين الأسريين، لتوعية المتزوجين حديثا؛ ونتساءل مع المتسائلين كيف يتم سن إلزامية الحصول على رخصة السياقة لسياقة مركبة، ولا يتم إقرار إلزامية التوفر على الرخصة لقيادة الأسرة...   

وأخيرا وليس بأخير، فإن الصلح الأسري في ظل مدونة الأسرة، لن يكتب له النجاح المأمول، إلا بتظافر جهود جميع المتدخلين، وانخراطهم الإيجابي والفعال في هذه المنظومة القضائية المتميزة، مع نشر ثقافة التصالح والتسامح، وإيثار المصلحة العامة على المصالح الذاتية الظرفية؛ في أفق التشريع للوساطة الأسرية، كمؤسسة قائمة الذات؛ على غرار بعض الأنظمة القضائية المقارنة...




[1]  سورة البقرة الآية 224.

[2]  سورة النساء الآية 35.

[3]  سورة النساء الآية 114.

[4]  سورة النساء، الآية 128.

[5]  سورة الحجرات الآية 9.

[6]  سورة الحجرات الآية 10.

[7] أستاذنا محمد عبد النباوي " الصلح دور إنساني واجتماعي جديد للنيابة العامة " عرض ألقي بندوة الطرق البديلة لتسوية المنازعات التي نظمت بتعاون بين وزارة العدل وشعبة القانون الخاص بكلية الحقوق بفاس وهيأة المحامين بفاس، أبريل 2003، منشورات جمعية نشر المعلومة القانونية والقضائية، سلسلة الندوات والأيام الدراسية، العدد 2، 2004، الطبعة الأولى، مطبعة فضالة، ص 106.

[8]  ديباجة قانون المسطرة الجنائية، منشورات وزارة العدل، سلسلة نصوص قانونية، مطبعة فضالة، المحمدية، المغرب، 2003، ص 13و14.

[9]  انظر: المادتين 40 و49 من قانون المسطرة الجنائية المغربي.

[10]  راجع المادة 41 من نفس القانون.

[11]  انظر المادة 372 من ذات القانون.

[12]  تراجع: المواد 375 إلى 382 من نفس القانون.

[13]  راجع المادة 383 من ذات القانون.

[14]  الوساطة médiation   "وسيلة اختيارية يقوم بها طرف ثالث يسمى الوسيط لمساعدة الطرفين على تدبير الخلاف بينهما والوصول منهما إلى التسوية الودية". انظر: لايزة دولنه، حميد فضلي، عمر لمين، نادية لمزاوير وعبد الله جوشوى صبيح. مدخل إلى الوساطة التسهيلية في مجال الأسرة. المعهد العالي للقضاء، المملكة المغربية. إدارة الدولة بالدنمارك. مركز كفينفو KVNFO CENDER DIVERSITY. INFORMATION EQUALITY.THE DANISH CENTRE FOR RESEARCH AND INFORMATION ON CENDER EQUALITY AND DIVERSITY   طبعة 2015 ، صفحة 23، 24، 25، 33و 98.

  وتعرف الوساطة اصطلاحا أيضا بأنها: "أسلوب من أساليب الحلول البديلة لحل النزاعات تقوم على إيجاد حل ودي للنزاع خارج مرفق القضاء عن طريق الحوار وتقريب وجهات النظر بمساعدة شخص محايد "؛ وبأنها: "عملية إجرائية تتضمن تدخل طرف بين أطراف النزاع بطلبهما أو بموافقتهما للتوصل إلى حل الخصومة صلحا في محل قابلا له"؛ أما الوساطة القضائية في القضايا الأسرية فتعرف بأنها: "مؤسسة اختيارية غير قضائية لحل جميع النزاعات الأسرية يقوم بها طرف ثالث محايد وكفء بمساعدة الأطراف بطلب منهم أو بإحالة من قضاء الأسرة للتوصل إلى حل رضائي توافقي لا يتعارض مع القانون ومع النظام العام في إطار إجراءات سرية لا يطلع عليها إلا الأطراف أو الجهة القضائية الآمرة بإنجازها ولا يحتج بنتائجها ولا بما أدلي فيها في نزاع آخر". التعريف الأول والتعريف الثاني الذي خلصت إليه الورشة التشاركية بين وزارة العدل المغربية ومنظمة الأمم المتحدة ومنظمة اليونيسيف، أوردتهما: حليمة بوكروشة وأسماء اكليمقالة.2020. الوساطة القضائية في القضايا الأسرية في ماليزيا: تحديات التطبيق، وآفاق التطوير. تاريخ الاطلاع: 17/4/2024. 13.05

Judicial Mediation in Family Issues in Malaysia : Implementation Challenges and Develoment Prospects.

JOURNAL OF ESLAM in ASIA.INTERNATIONAL ISLAMIC UNIVERSITY MALAYSIA. N 3. 2020. p 5 et 6

[15]   التحكيمarbitration  اصطلاحا " فعل ومسار عرض نزاع أمام طرف ثالث محايد الحكم – يقوم أطراف النزاع بتقديم أدلتهم أمامه للبت فيها. ويقوم الحكم بإصدار قراره أو حكمه الذي قد يكون ملزما".  لايزة دولنه، حميد فضلي، عمر لمين، نادية لمزاوير وعبد الله جوشوى صبيح. " مدخل إلى الوساطة التسهيلية في مجال الأسرة ". نفس المرجع، ص 25.

[16]  الصلح والإصلاح والمصالحة: " إنهاء الخصومة، وقطع المنازعة، مأخوذ من صلح الشيء إذا حسن وكمل، خلاف الفساد ". انظر: عبد الله الدرقاوي. دور الصلح كوسيلة من وسائل حل النزاع بين الخصوم. دراسة مقارنة بين الفقه الإسلامي والقانون الوضعي والاجتهاد القضائي. مطبعة دار القلم، الرباط، الطبعة الأولى 2020، ص 19. و" لا يتم الصلح عادة إلا بترك جزء من الحق والتنازل عنه من بعض الخصوم على وجه المداراة للوصول إلى باقي الحق". راجع: مدونة الفقه المالكي، ج 3، ص 706. ورد في نفس المرجع.

   للتوسع بخصوص خصوصية الصلح في المادة الأسرية، راجع: عبد الله الدرقاوي. دور الصلح كوسيلة من وسائل حل النزاع بين الخصوم. ذات المرجع، الصفحة 71 وما بعدها.   

[17]  يراجع في هذا الصدد، أستاذنا محمد عبد النباوي ، المرجع السابق، ص 106.

[18]  مديرية الدراسة والتعاون والتحديث – وزارة العدل – المملكة المغربية، "الصلح الزجري، دراسة للمادة 41 من المسطرة الجنائي الجديد، مقتبس من الموقع الالكتروني لوزارة العدل justice.gov.ma

[19]  أنظر بهذا الخصوص: أستاذنا محمد عبد النباوي: " الدور الاجتماعي للنيابة العامة في ظل قانون المسطرة الجنائية المغربي الجديد "، مجلة الملحق القضائي، العدد 37، منشورات المعهد العالي للقضاء بالمملكة المغربية.

     للتوسع بخصوص الصلح الزجري ومهمة النيابة العامة، انظر: مقالنا "دور النيابة العامة في مسطرة الصلح على ضوء قانون المسطرة الجنائية الجديد". منشور بموقع وزارة العدل، نافذة عدالة. www.justice.gov.ma

 

[20]  لقد نصت المادة الثالثة من مدونة الأسرة على ما يلي: »تعتبر النيابة العامة طرفا أصليا في جميع القضايا الرامية إلى تطبيق أحكام هذه المدونة«

[21] راجع في هذا الإطار: خالد برجاوي. مدى استجابة مدونة الأسرة الجديدة لمطالب المجتمع المدني والسياسي المغربي، الطبعة الأولى، سلسلة دليل قانون الأسرة بالمغرب، الرباط: دار القلم للطبع والنشر والتوزيع، صفحة 13.

[22]  إن المساعد ة الاجتماعية هو موظف تابع للنيابات العامة لدى محاكم الاستئناف والمحاكم الابتدائية، يتم اقتراحه من طرف المسؤولين القضائي والإداري، لدى المحاكم المذكورة، في إطار برنامج توزيع الأشغال، أو يتم تعيينه مباشرة من طرف وزارة العدل في إطار التوظيف النوعي؛ وذلك استنادا إلى شروط معينة، الواجب توفرها فيه؛ منها على سبيل المثال: استعداده التام للعمل في هذا المجال، ثم ما يتوفر عليه من مؤهلات قانونية، وكفاءة مهنية، فضلا عن اهتمامه بقضايا المرأة والطفل، ومدى نشاطه في هذا الحقل...وذلك بناء على توجهات الدليل العملي للمعايير النموذجية للتكفل القضائي بالنساء والأطفال ضحايا العنف، مرجع سابق.

 يقصد بهؤلاء المسؤولين القضائيين والإداريين وكلاء الملك لدى المحاكم الابتدائية، ورؤساء كتابة الضبط، ورؤساء كتابة النيابة العامة لديها، والوكلاء العامين للملك لدى محاكم الاستئناف، ورؤساء كتابة الضبط، ورؤساء كتابة النيابة العامة لديها. 

 والملاحظ أن القانون رقم 38.15 المتعلق بالتنظيم القضائي المغربي الجديد، تعرض في المادة 50 لمهام المساعدين الاجتماعيين المنتمين لهيئة كتابة الضبط، بمكتب المساعدة الاجتماعية، بكل من المحاكم الابتدائية ومحاكم الاستئناف، حيث حدد المهام التي يمارسونها، بتكليف من الجهات القضائية المختصة، والتي تتجسد في ما يلي: استقبال الفئات المشمولة بالتكفل القضائي، والاستماع إليها وتوجيهها ومواكبتها؛ إجراء الأبحاث الاجتماعية؛ القيام بالوساطة والصلح في النزاعات الأسرية المعروضة على القضاء؛ القيام بزيارات تفقدية لأماكن الإيداع وأماكن الإيواء؛ تتبع تنفيذ العقوبات والتدابير القضائية؛ ثم تتبع وضعية ضحايا الجرائم؛ ومواكبة النساء المعنفات؛ وذلك فضلا عن المهام المسندة إليهم بمقتضى النصوص التشريعية والتنظيمية الجاري بها العمل.

كما أناطت المادة 50، من نفس القانون أعلاه، بمكتب المساعدة الاجتماعية مسؤولية رفع تقارير إلى المسؤولين القضائيين والإداريين بالمحكمة، تضمن بها الإحصائيات والدراسات المطلوبة، والصعوبات المرصودة، والإكراهات المطروحة؛ وذلك كل سنة، ومتى طلبت الهيئة القضائية المختصة ذلك؛ وعلاوة على ذلك، ينجز مكتب المساعدة الاجتماعية تقارير إدارية سنوية، ترفع إلى وزارة العدل، بشأن سير العمل، والصعوبات والإشكاليات المثارة، مع إبراز الحلول القمينة بتحسين مستوى الأداء، وتطوير مناهج العمل.

لقد نصت المادة المذكورة في فقرتها الأخيرة على أن تنظيم مكتب المساعدة الاجتماعية يتم بمقتضى النص التنظيمي الوارد ذكره في المادة 22 من نفس القانون رقم 38.15، والذي ورد فيه أن الهيكلة الإدارية للمحاكم تحدد بنص تنظيمي بعد استطلاع رأي المجلس الأعلى للسلطة القضائية ورئاسة النيابة العامة. يقصد بهؤلاء المسؤولين القضائيين والإداريين وكلاء الملك لدى المحاكم الابتدائية، ورؤساء كتابة الضبط، ورؤساء كتابة النيابة العامة لديها، والوكلاء العامين للملك لدى محاكم الاستئناف، ورؤساء كتابة الضبط، ورؤساء كتابة النيابة العامة لديها.  انظر الجريدة الرسمية عدد 7108 – 14 ذو الحجة 1443 14 يوليوز 2022، ص 4568.

[23] وذلك تطبيقا للفصل 1 480 من القانون الجنائي المغربي الذي نص على ما يلي: يعاقب بالحبس من شهر واحد إلى ثلاثة أشهر وغرامة من 2000 إلى 5000 درهم، عن الطرد من بيت الزوجية أو الامتناع عن إرجاع الزوج المطرود من بيت الزوجية، وفقا لما هو منصوص عليه في المادة 53 من مدونة الأسرة، وتضاعف العقوبة في حالة العود؛ لا يجوز رفع هذه الدعوى إلا بناء على شكاية من الزوج المطرود الفصل 481 من القانون الجنائي المغربي.

[24] تطبيقا للفقرة الأخيرة من المادة 40 من قانون المسطرة الجنائية التي جاء فيها: "يتعين على وكيل الملك إذا قرر حفظ الشكاية، أن يخبر المشتكي أو دفاعه بذلك خلال خمسة عشر يوما تبتدئ من تاريخ اتخاذه قرار الحفظ."

[25]  للتوسع بخصوص العناصر التكوينية لجريمتي الطرد من بيت الزوجية، أو امتناع عن إرجاع الزوج المطرود، انظر: ياسين العمراني مقالة. 2021. حماية بيت الزوجية من خلال مقتضيات المادة 4801 من القانون رقم 13.103. مجلة رئاسة النيابة العامة. العدد الثاني يونيو 2021. ص 103 وما بعدها.

[26]  تعكس الإحصائيات معطيات حول تدخل النيابة العامة، في قضايا الطرد من بيت الزوجية، والامتناع عن إرجاع الزوج المطرود إلى بيت الزوجية، كما يبين عدد الطلبات المقدمة من طرف الزوجة، وتلك المقدمة من قبل الزوج، وعدد حالات الإرجاع، وعدد الحالات التي تقرر فيها الحفظ، وكذا عدد الأشخاص المتابعين.

     بالرجوع إلى التقرير السنوي الثاني لنشاط النيابة العامة لدى المحكمة الابتدائية بتطوان، برسم سنة 2022، مرجعه بهذه الأخيرة: 332/ر.ن.ع/23، فإن عدد القضايا المتعلقة بحالات الطرد من بيت الزوجية وصل 89 قضية، عدد الأشخاص: 178 شخص، عدد حالات الامتناع عن إرجاع الزوج المطرود إلى بيت الزوجية: 12حالة، وعدد المتابعين: 12 متابع، وعدد حالات الإرجاع المنفذة: 35 حالة، الإرجاع مع الصلح: 35 حالة، في حين لم تسجل أية قضية تهم الإحالة على محكمة أخرى للاختصاص، وكذا الشأن بالنسبة لعدد المحاضر التي تقرر بشأنها الحفظ.

أما بالنسبة للتقرير السنوي الثالث لنشاط النيابة العامة لدى المحكمة الابتدائية بتطوان، برسم سنة 2023، مرجعه بهذه الأخيرة: 332/ر.ن.ع. ع/24، فإن عدد القضايا المتعلقة بحالات الطرد من بيت الزوجية وصل 74 قضية، عدد الأشخاص: 148 شخص، عدد حالات الامتناع عن إرجاع الزوج المطرود إلى بيت الزوجية: 21 حالة، وعدد المتابعين: 12 متابع، وعدد حالات الإرجاع المنفذة: 20 حالة، الإرجاع مع الصلح: 20 حالة، الإحالة على محكمة أخرى للاختصاص: 7 قضية، عدد المحاضر التي تقرر بشأنها الحفظ، وصل ثلاث حالة...

المستخلص: انخفاض عدد القضايا المتعلقة بحالات الطرد من بيت الزوجية، المسجلة برسم سنة 2023 بنسبة 15 حالة، مقارنة مع سنة 2022، والنتيجة هي انخفاض في عدد الأشخاص بنسبة 30 شخص، ونفس الشيء بالنسبة لعدد حالات الامتناع عن إرجاع الزوج المطرود إلى بيت الزوجية، الذي انخفض بتسع حالة، ونفس الشيء بالنسبة لعدد المتابعين، في حين تم تسجيل ارتفاع في عدد حالات الإرجاع المنفذة سنة 2022، بخمس عشر حالة، مقارنة مع سنة 2023، بينما لم تسجل أية قضية إحالة للاختصاص على محكمة أخرى، سنة 2023، مقارنة مع سنة 2022، وكذا الشأن بالنسبة لعدد المحاضر التي تم حفظها...

أما على الصعيد الوطني فقد سجلت المحاكم الابتدائية المغربية، ما مجموعه 1371 قضية الطرد من بيت الزوجية، سنة 2022، توبع من أجلها 1372 شخصا، فيما ناهز عدد قضايا الامتناع عن إرجاع الزوج برسم ذات السنة 275، توبع بشأنها 275 شخصا، بينما بلغ عدد طلبات الإرجاع إلى بيت الزوجية، المسجلة لدى النيابات العامة، ما مجموعه 3813 طلبا، منها 3605 ، تقدمت بها الزوجات بنسبة 94.54 %  فيما بلغ عدد الطلبات المقدمة من طرف الزوج 208 طلبا، أي بنسبة 5.45 %  من مجموع الطلبات المقدمة، وهو ما يؤشر على أن جنحة الطرد من بيت الزوجية، إنما تقترف أصلا من لدن الزوج، وليس الزوجة؛ وقد تأتى للنيابة العامة تنفيذ 2269 طلبا، بالإرجاع إلى بيت الزوجية، من بينها 757 حالة، تمت بعد حصول الصلح بين الزوجين. انظر بهذا الشأن: التقرير السادس لرئاسة النيابة العامة لسنة 2022، ص159 و160. منشور بموقع رئاسة النيابة العامة www.pmp.ma

 [27] راجع في هذا الإطار: وزارة العدل المغربية 2010. دليل عملي للمعايير النموذجية للتكفل القضائي بالنساء والأطفال. الرباط: طبع ردمك، صفحة 39 و40. نسخة متاحة بموقع رئاسة النيابة العامة المغربية، www.pmp.ma

 [28] انظر: محمد الصخري. تدخل النيابة العامة في قضاء الأسرة. سلسلة الندوات واللقاءات والأيام الدراسية، العدد 5، الأيام الدراسية حول مدونة الأسرة، الرباط: مطبعة دار السلام للطباعة والنشر والتوزيع،  صفحة 87.

[29] للتوسع بهذا الخصوص، راجع: مراد بولعيش 2019، مارس. مصير الزوجة المطرودة من بيت الزوجية بين مقتضيات القانون وإكراهات الواقع. مقالة، مجلة استشراف للدراسات والأبحاث القانونية، عدد خاص، طنجة: مطبعة إفزارن، صفحة 173 وما بعدها.

[30] نصت المادة 18 مكررا ثالثا أعلاه على ما يلي: «على الزوج المطلق أن يهيئ لصغاره من مطلقته ولحاضنتهم المسكن المستقل المناسب فإذا لم يفعل خلال مدة العدة، استمروا في شغل مسكن الزوجية دون المطلق مدة الحضانة.

وإذا كان مسكن الزوجية غير مؤجر كان من حق الزوج المطلق أن يستقل به إذا هيأ لهم المسكن المستقل المناسب بعد انقضاء مدة العدة. ويخير القاضي الحاضنة بين الاستقلال بمسكن الزوجية وبين أن يقدر لها أجر مسكن مناسب للمحضون ولها.

فإذا انتهت مدة الحضانة فللمطلق أن يعود للمسكن مع أولاده إذا كان من حقه ابتداء الاحتفاظ به قانونا. وللنيابة العامة أن تصدر قرارات فيما يثور من منازعات بشأن حيازة مسكن الزوجية المشار إليه حتى تفصل المحكمة فيها».

[31] انظر: محمد عربي البكري. موسوعة الفقه والقضاء في الأحوال الشخصية، المجلد الثالث، الطبعة الرابعة والعشرين. القاهرة، مصر: دار محمود للنشر والتوزيع ، صفحة 241 و242.

[32] نشر بالجريدة الرسمية المصرية – العدد 3 في 18 يناير سنة 1996.

[33] راجع: محمد عربي البكري. موسوعة الفقه والقضاء في الأحوال الشخصية، المجلد الثالث، نفس المرجع، صفحة 225.

[34] طعن رقم 5378 لسنة 74 ق – جلسة 3/12/2014، مشار إليه في: محمد عربي البكري. موسوعة الفقه والقضاء في الأحوال الشخصية، المجلد الثالث، المرجع السابق، صفحة 199.

[35] الفقرة الأولى من المادة 20 من المرسوم بقانون لسنة 1929 المعدل بالقانون رقم 100 لسنة 1985 بعد استبدالها بالقانون رقم 4 لسنة 2005. الجريدة الرسمية – العدد 9 مكرر في 8 مارس سنة 2005.

[36] انظر:  الكتاب الدوري رقم 20 لسنة 2004 بشأن اختصاصات نيابات شئون الأسرة، دار الكتب القانونية، مصر  المحلة الكبرى.

للتوسع أكثر حول القرارات التي تصدرها النيابة العامة لشئون الأسرة بمصر في المنازعات المتعلقة بحيازة مسكن الزوجية وسكنى الحضانة، راجع: محمد عربي البكري. موسوعة الفقه والقضاء في الأحوال الشخصية، المجلد الثالث، المرجع السابق، الصفحة 241 إلى الصفحة 263.

[37] راجع أحكام هذه المادة، التي أضيفت بموجب القانون رقم 23 لسنة 1992، نشر بالجريدة الرسمية في أول يونيه 1992  العدد 22 مكرر.

[38] للتوسع أكثر، انظر: أحمد هندي 2019. قانون المرافعات المدنية والتجارية، مصر الإسكندرية: دار الجامعة الجديدة، صفحة 222 إلى صفحة 227.

راجع أيضا: أحمد نصر الجندي 2006. نيابة شئون الأسرة ودورها أمام محاكم الأسرة، مرجع سابق، توجيهات النائب العام بشأن المنازعات الخاصة بمسكن الزوجية ومسكن حضانة الصغير، صفحة 249 إلى251.

[39] تنص المادة 15 من قانون إنشاء محاكم الأسرة على ما يلي: «تنشأ بكل محكمة أسرة إدارة خاصة لتنفيذ الأحكام والقرارات الصادرة منها أو من دوائرها الاستئنافية، تزود بعدد كاف من محضري التنفيذ المؤهلين المدربين الذين يصدر بتحديدهم قرار من رئيس المحكمة.

ويتولى الإشراف على هذه الإدارة قاض التنفيذ تختاره الجمعية العمومية للمحكمة من بين قضاة محكمة الأسرة في دائرة تلك المحكمة».

[40] راجع بهذا الخصوص: أحمد هندي 2019. قانون المرافعات المدنية والتجارية، المرجع السابق، صفحة 228 إلى 232.

انظر كذلك: أحمد نصر الجندي 2006. نيابة شئون الأسرة ودورها أمام محاكم الأسرة، مرجع سابق، توجيهات النائب العام بشأن المنازعات الخاصة بمسكن الزوجية ومسكن حضانة الصغير، صفحة 252 إلى 261.

[42] الطعن رقم 1810 لسنة 78 ق – جلسة 24/5/2008. أورده: أسامة أنوار 2019. قوانين وتشريعات المرافعات والإثبات والتحكيم في المواد المدنية والتجارية معلق عليها بأحكام النقض. سلسلة التشريعات والقوانين المصرية 12 الإصدار الأول. القاهرة: مصر، دار العربي للنشر والتوزيع، صفحة 46.

[43]  انظر: ياسين العمراني. حماية بيت الزوجية من خلال مقتضيات المادة 4801 من القانون رقم 103.13. مرجع سابق، ص 108 وما بعدها.

     جاء في الفصل 215 من القانون المدني الفرنسي ما يلي:

« Les époux ne peuvent l’un sans l’autre disposer des droits par lesquels est assuré le logement de la famille, ni des meubles meublants dont il est garni. Celui des deux qui n’a pas donné son consentement à l’acte peut en demander l’annulation: l’action en nullité lui est ouverte dans l’année à partir du jour où il a eu connaissance de l’acte, sans pouvoir jamais ȇtre intentée plus d’un an aprѐs que le régime matrimonial s’est dissous »

[44]  تراجع مقتضيات الفصل 1526 من القانون الجنائي المغربي.

[45] انظر بهذا الصدد: وزارة العدل المغربية 2004. المقتضيات الجديدة لمدونة الأسرة، منشورات جمعية نشر المعلومة القانونية والقضائية، سلسلة الشروح والدلائل، العدد 4، سلا، المغرب: مطبعة إليت، صفحة 127.

[46]  لقد اختلف العلماء في صحة حديث: «أبغض الحلال إلى الله الطلاق»، يقول الشيخ بن باز رحمه الله: حديث صحيح رواه النسائي وجماعة بإسناد صحيح ." أخرجه ابن ماجه في سننه، كتاب الطلاق، باب حدثنا سويد بن سعيد برقم 2008، وأبو داود في سننه، كتاب الطلاق، باب كراهية الطلاق برقم 1863. وهو يدل على أن ترك الطلاق أفضل إذا لم تدع الحاجة إليه. "نشر في مجلة الدعوة العدد 1569، بتاريخ 17 رجب 1417ه. مجموعة فتاوى ومقالات الشيخ ابن باز 25/253. تطبيق موسوعة الفتاوى البازية. تاريخ الاطلاع: 12/05/2024. 16.30.

   وورد: أن حديث «أبغض الحلال إلى الله الطلاق» رواه أبو داود وابن ماجه وصححه الحاكم ورجح بعض أهل العلم أنه مرسل وضعفه الشيخ الألباني في إرواء الغليل. تطبيق إسلام ويب. Islamweb.net . تاريخ الاطلاع: 12/05/2024. 16.45.

[47]  الزوج أو الزوجة حسب من تقدم منهما بطلب إيقاع الطلاق.

[48] راجع: محمد الأزهر 2019. شرح مدونة الأسرة، الطبعة العاشرة، الرباط: المغرب: مطبعة وادي الذهب. صفحة 168 و169 و170؛ وأيضا: محمد الكشبور 2018. الواضح في شرح مدونة الأسرة – انحلال ميثاق الزوجية، الطبعة الرابعة، مطبعة النجاح الجديدة الدار البيضاء، صفحة 73 وما يليها.

[49] يراجع: الفصلين 360 و361 من القانون الجنائي المغربي، والمادة الرابعة من المسطرة الجنائية؛ مرجع سابق.

[50]  راجع: منشور وزير العدل عدد 24س2 وتاريخ 24/12/2010، الذي توصلت به جميع محاكم المملكة. نشر بموقع وزارة العدل المغربية. www.justice.gov.ma

[51]  منشور وزير العدل عدد 24س2 وتاريخ 24/12/2010. نفس المرجع.

 

[52]  انظر: تقرير لجنة إصلاح ذات البين. "الإصلاح عزيمة راشدة، ونية خيرة، وإرادة مصلحة". المجلس العلمي المحلي للعرائش، الطبعة الأولى 1439 ه/2018 م.

[53]  للتفصيل بهذا الشأن راجع: الوساطة médiation   "وسيلة اختيارية يقوم بها طرف ثالث يسمى الوسيط لمساعدة الطرفين على تدبير الخلاف بينهما والوصول منهما إلى التسوية الودية". انظر: لايزة دولنه، حميد فضلي، عمر لمين، نادية لمزاوير وعبد الله جوشوى صبيح. مدخل إلى الوساطة التسهيلية في مجال الأسرة. مرجع سابق، ص 89، 96 و97. – حسب ذات المرجع يمكن إجمال تقنيات الوساطة التي يستعين بها قاضي الأسرة المكلف بمسطرة الصلح، فيما يلي: التذكير بقدسية الزواج – تحسيس الزوجين بأن الخلاف بينهما بسيط – وصف الخلاف بأنه عادي بين الزوجين – الاستشهاد بعدة مرجعيات دينية واجتماعية وثقافية وقانونية وتراثية – الاستشهاد بأحاديث نبوية في الصلح – التذكير بالآثار السلبية للطلاق على الأسرة – تنبيه الزوجين إلى التغافل عن بعض السلوكات – التركيز على الأحاسيس والمشاعر – وجوب تكرار محاولة الصلح بين الزوجين عند وجود أطفال...

[54]   يراجع: دليل عملي لمدونة الأسرة، في شرحه للمواد 82 إلى 89 من مدونة الأسرة، مرجع سابق، صفحة 64 وما بعدها؛ وانظر أيضا: محمد الأزهر 2019. شرح مدونة الأسرة، مرجع سابق، صفحة 169 وما بعدها.

راجع كذلك: عبد الله ابن الطاهر السوسي التناني2007. مدونة الأسرة في إطار المذهب المالكي وأدلته، الكتاب الثاني، الطلاق. الطبعة الأولى، طبع: إمارسي مطبعة فنون القرن 21، الدار البيضاء، المغرب، صفحة 93 وما يليها.

[55]  وذلك تفعيلا لمنشور وزير العدل المغربي عدد 24 س2 وتاريخ 24/4/2011، بشأن التنسيق بين أقسام قضاء الأسرة والمجالس العلمية من أجل التعاون على إصلاح ذات البين بين الزوجين. منشور بموقع وزارة العدل المغربية؛ وفي هذا الإطار، أصدرت لجنة إصلاح ذات البين، المنتدبة لدى قسم قضاء الأسرة التابع للمحكمة الابتدائية بالعرائش شمال المغرب، تقريرا بشأن إجراءات الصلح التي باشرتها. الإصلاح عزيمة راشدة، ونية خيرة، وإرادة مصلحة. الطبعة الأولى: 1439/2018. المملكة المغربية: المجلس العلمي الأعلى – الأمانة العامة – المجلس العلمي المحلي للعرائش.

[56]  انظر: دليل عملي لمدونة الأسرة، مرجع سابق، صفحة 71 وما بعدها؛ وأيضا: محمد الأزهر 2019. شرح مدونة الأسرة، مرجع سابق، صفحة 184 و185 و194 وما بعدها؛ وكذلك: عبد الله ابن الطاهر السوسي التناني. مدونة الأسرة في إطار المذهب المالكي وأدلته، الكتاب الثاني، الطلاق. نفس المرجع، صفحة 146 وما يليها؛ وكذلك: محمد الكشبور 2018. الواضح في شرح مدونة الأسرة – انحلال ميثاق الزوجية، مرجع سابق، صفحة 194 وما بعدها، والصفحة 178 وما يليها، والصفحة 200 وما بعدها. راجع: المواد 4 و5 و6 و8 و9 و10 و11 من القانون رقم 25 لسنة 1920 الخاص بأحكام النفقة وبعض مسائل الأحوال الشخصية، نشر بالوقائع المصرية العدد وجه واحد في 15/7/1920 كما وقع تعديله؛ والمواد 6 و11 مكرر و12 و13 و14 من مرسوم بقانون رقم 25 لسنة 1929 خاص ببعض أحكام الأحوال الشخصية، نشر بالوقائع المصرية العدد 27 في 25/3/1929؛ وللتوسع انظر: محمد عربي البكري 2018. موسوعة الفقه والقضاء في الأحوال الشخصية. المجلد الرابع. الطلاق أسباب التطليق – الخلع – العدة، القاهرة: دار محمود للنشر والتوزيع، صفحة 246 وما بعدها التطليق لعدم الإنفاق، و261 وما بعدها التطليق للعيب، و294 وما يليها التطليق للضرر، و387 وما بعدها التطليق للزواج من أخرى، و452 وما يليها التطليق للغيبة، و469 وما بعدها التطليق لحبس الزوج؛ وراجع أيضا: جابر عبد الهادي سالم الشافعي، أحكام الأسرة، الإسكندرية: مطابع السعدني، جامعة الإسكندرية، كلية الحقوق، مكتبة الطالب، الرقم العام: 67441 – الرقم الخاص: 254. صفحة 346 وما بعدها التفريق لعدم الإنفاق، وصفحة 354 وما يليها التفريق للعيوب، وصفحة 362 وما يلها التطليق لسوء العشرة، وصفحة 365 وما بعدها التطليق لتعدد الزوجات، وصفحة 370 وما يليها التطليق للغيبة وحبس الزوج.

 

[57]  راجع: دليل عملي لمدونة الأسرة، مرجع سابق، صفحة 76.

[58]  يراجع: محمد الأزهر 2019. شرح مدونة الأسرة، مرجع سابق، صفحة 204 و205 و206. انظر كذلك: عبد الله ابن الطاهر السوسي التناني. مدونة الأسرة في إطار المذهب المالكي وأدلته، الكتاب الثاني، الطلاق. مرجع سابق، صفحة 163 وما يليها.

[59]  سورة النساء، الآية 35.

[60]  بخصوص تكوين مجلس العائلة ومهامه، راجع المرسوم رقم 2.04.88 صادر بتاريخ 25 ربيع الآخر 1425 24 يونيو 2004، بشأن تكوين مجلس العائلة وتحديد مهامه، الجريدة الرسمية عدد: 5233 بتاريخ 21/6/2004.

 

[61]  راجع: دليل عملي لمدونة الأسرة، مرجع سابق، صفحة 73 و74.

[62]  سورة البقرة، الآية 226227.

[63]  للتوسع بهذا الشأن، انظر: حسن حسن منصور. شرح إجراءات محكمة الأسرة، مرجع سابق، صفحة 135 وما بعدها.  راجع أيضا: فايز أحمد عبد الرحمن خليل. محاكم الأسرة، مرجع سابق، صفحة 121 وما يليها.

[64]  للتوسع أكثر، انظر: محمد عربي البكري.  موسوعة الفقه والقضاء في الأحوال الشخصية. المجلد السادس. قانون إنشاء محاكم الأسرة، القاهرة، مصر: دار محمود للنشر والتوزيع، الطبعة الرابعة والعشرين ، صفحة 121 إلى الصفحة 173.

[65] الطعن رقم 578 لسنة 75 ق «أحوال شخصية»  جلسة 18/6/2007؛ ورد في: المستحدث من المبادئ الصادرة من دائرة الأحوال الشخصية بمحكمة النقض 2006 – 2007، صفحة 56، مرجع سابق.  

[66]  انظر:  المواد 3أ، 4 – أ، 5أ، 7، 8، 9 – أ، 11 – أ من نظام رقم 17 لسنة 2013 المتعلق بمكاتب الإصلاح والتوفيق الأسري. الجريدة الرسمية الأردنية بدون عدد  صفحة 912 وما بعدها – وأيضا تعليمات أعضاء مكاتب الإصلاح والتوفيق الأسري، صادرة عن قاضي القضاة بتاريخ 26/7/2014 . الموقع الرسمي لدائرة قاضي القضاة المملكة الأردنية الهاشميةsjd.gov.jo   تاريخ الاطلاع: 13/5/2024 13.30                

[67]  كما هو الشأن بالنسبة للتجربة الماليزية الرائدة، التي أثبتت جدارتها وأكدت جدواها في صون العلاقات الزوجية والحفاظ على الاستقرار الأسري نتيجة انخفاض نسبة الطلاق... انظر بهذا الشأن: حليمة حليمة بوكروشة وأسماء اكليمقالة.2020. الوساطة القضائية في القضايا الأسرية في ماليزيا: تحديات التطبيق، وآفاق التطوير. مرجع سابق.

     النظر: التجربة الماليزية في وسائل استقرار الأسرة وإصلاحها في ضوء الشريعة الإسلامية مقالة. 2022. مجلة إدارة وبحوث الفتاوى. تاريخ الاطلاع: 25/02/2024. 16:16.

The Malysian experience in means of family stability and reform in the light of Islamic Law.

 SPECIAL EDITION/JAN 20222/VOL. 27/NO.2. www.jfatwa.usim.edu.my. Department of Sharah, Faculty Of Islamic Studies. University Sultan Azlan Shah